الخبير الدبلوماسي الطريفي كرمنو اعتبر ظاهرة استهداف المقار الدبلوماسية جزء من تطور آليات الصراع ما بين الدول أو معارضي انظمة تلك السفارات، مشيرا في حديثه ل(السوداني) أمس، إلى أنه على الرغم من أن حماية المقار الدبلوماسية يقع على عاتق الدول المضيفة استنادا على اتفاق فيينا، إلا أنه ورغم ذلك يتمكن مستهدفو السفارة من الوصول إليها، وأشار إلى ما حدث لسفارة السعودية في السودان في سبعينيات القرن الماضي \o "السعودية" عندما تعرضت إلى هجوم مفاجئ من قبل ما يعرف بمجموعة "أيلول الأسود" أيلول الأسود حيث اعتدت مجموعة ملثمة تنتمي للمنظمة الفلسطينية أثناء حفل وداع القائم بأعمال السفارة الأمريكية "كيرتس مور (الصفحة غير موجودة)" كيرتس مور). ونوه كرمنو إلى أن ما حدث في تلك الأمسية اعتبر سابقة خطيرة. تطور الحماية التطورات لاحقا أفضت لتصفية الطواقم الدبلوماسية ناهيك عن المقار، وأصبحت المقار ومن فيها هدفا مباحا وفي مرمى النيران، لذلك بدأت الدول في تعزيز حماية بعثاتها كلما استشعرت الخطر نتيجة مواقف بعينها، ويذهب الطريفي إلى أن الحكومة السودانية عززت من حماية بعثتها في طهران إبان حرب العراق وإيران في ثمانينيات القرن الماضي نتيجة موقفها الداعم لرئيس العراق صدام حسين. وقائع مماثلة استدعاها الرجل، وذهب إلى ما قام به سودانيون غاضبون بسبب فيلم أمريكي مسيء للنبي محمد (صلى الله عليه وسلم) أضرموا النار في العام 2012م على مقر السفارة الإلمانية بالخرطوم وأحدثوا بها ضررا، كما قاموا برشق مقر السفارة الأمريكية بالحجارة على الرغم من وجود حماية لتلك المقار من السودان. ولفت إلى أن الأزمة التي نشبت ما بين الحكومة التنزانية وبعثة السفارة السودانية في دار السلام والعنف الذي تعاملت به دار السلام بسبب تفجير السفارة الأمريكية بتنزانيا واتهمت الخرطوم كطرف في الأزمة، واعتبر كرمنو الاستهداف الذي طال مقر بعثة السودان في بانغي بأنه ربما كان رسالة للحكومة واتهامها بأنها من تدعم مسلمي أفريقيا الوسطى، ويلفت إلى أنها جرت في وقت زار فيه رئيس بانغي الخرطوم في وقت سابق. الخرطوم في مرمى النيران: وبحسب معلومات (السوداني) فإنه في أواخر تسعينيات القرن الماضي، وأبان أن أزمة محاولة تصفية الرئيس المصري السابق حسني مبارك، تعرضت السفارة السودانية بالقاهرة لهجوم من قبل مواطنين مصريين، لتُسارع الخرطوم بإجلاء بعثتها من مصر. استهداف مقار البعثات السودانية تجدد مرة أخرى في الألفية الجديدة، ففي يونيو من العام 2014م تعرضت السفارة السودانية بالعاصمة الليبية طرابلس لاعتداء مسلح من قبل مجهولين، الأمر الذي تسبب في وقوع أضرار كبيرة بمبنى السفارة بعد تبادل لإطلاق النار بين المهاجمين وطاقم الحراسة. المعتدون حينها استخدموا أسلحة ثقيلة في الهجوم، وتم تفسير الاعتداء كرسالة من أطراف ردا على إعلان الخرطوم بأنها دعمت الثوار لإسقاط الرئيس القذافي. الاستهداف لم يتوقف لمقار بعثات الخرطوم، وهددت ميليشيات ليبية مسلحة قنصل السودان في الكفرة بالتصفية وطالبوه بمغادرة المنطقة فورا، في وقت شكل فيه التدهور الأمني في ليبيا حاجزا لمعرفة الجناة. ذات الهجوم تواصل مرة أخرى في محاولة لتفجير قنبلة عن بعد في فبراير من العام 2015 لكن فريق من وزارة الداخلية الليبية نجح في تفكيك القنبلة وإبطالها، وتم تشكيل لجنة تحقيق لكشف الملابسات؛ وقتها قال المتحدث باسم الخارجية السودانية يوسف الكردفاني، إن السفارة السودانية في طرابلس تباشر مهامها كالمعتاد، بعد أن نجح فريق من الداخلية الليبية في تفكيك القنبلة، موضحاً أن السلطات الليبية شكلت فريقاً للتحقيق حول الحادثة. الخرطوم وعاصفة الحزم طبقا للوقائع، فإن بعثات السودان بليبيا لم تكن وحدها المستهدفة، بل برز استهداف متكرر من قِبَلِ مجموعة الحوثيين على مقر السفارة السودانية في صنعاء حيث صارت جزءاً من ثمن دفعته الحكومة السودانية نتيجة تحالفاتها في عاصفة الحزم في العام 2015م، لتنقل الخرطوم بحسب الوزير حينها علي كرتي المقر إلى منطقة آمنة. لاحقاً تواصلت محاولات دك مقر السفارة السودانية في صنعاء أربع مرات، آخرها العام المنصرم على الرغم من إجلاء البعثة إلى الرياض ومزاولة نشاطها من هناك. حكومة صنعاء الرسمية دعت المجتمع الدولي لإدانة سلوك الحوثيين المتكرر على مقار الدبلوماسية السودانية ووصفته بأنه سقوط (أخلاقي). السفراء أيضاً وزير الخارجية السابق إبراهيم أيوب، يقول إن الاستهداف تجاوز في أحيان كثيرة المقار إلى الطواقم الدبلوماسية نفسها، ويلفت في حديثه ل(السوداني) أمس للانتهاكات التي تعرض لها خلال الأزمة السودانية المصرية الوزير المفوض حينها بشير محمد الحسن في السفارة السودانية بالقاهرة من قبل الأجهزة الأمنية المصرية لاعتقادها بأنه يتبع الأجهزة الأمنية السودانية، وكذلك ولنفس الأسباب قام أمن الرئيس الإثيوبي الراحل منقستو هايلي ماريام بالاعتداء على نائب السفير الوزير المفوض ميرغنى جاويش؛ كما تعرض مقر تعرضت السفارة السودانية في أسمرا إلى اعتداء قوى الأمن إبّان تدهور العلاقات بين الدولتين حيث طُرِدَ الدبلوماسيون وسُلِّم مقر البعثة للمعارضة السودانية. ويواصل أنه سبق أن طلبت حكومة مالي بطرد البعثة السودانية من أراضيها لشكوكها في نوايا حكومة السودان.