فريق الإيقاد سواء في مكتب السودان أو مكتب جنوب السودان قاسموا الصحفيين الحضور المبكر والانتظار الطويل (جلوسا) فيما كان الصحفيون (وقوفاً) من فرط ضيق القاعة المخصصة للمباحثات. الضيق والتبرم من الوقوف قطعه بداية وصول الوفد التفاوضية، فكان أول من برز بعد بوابة التفتيش وفد الحركة الشعبية المعارضة (IO) أشخاص يتقدمهم نائب رئيس الحركة هنري ادوارد، وزوجة مشار انجلينا تينج، ومناوا بيتر، كان ذلك عند في ال11 والربع، تبعهم بعد ربع ساعة د.لام أكول بمعية قيادات وفد التحالف. المفاجأة كانت في وصول ربيكا ديمبيور زوجة الأب الروحي للحركة الشعبية د.جون قرنق دي مابيور، وكشفت ربيكا ل(السوداني) أمس، عن أنها جاءت من المطار مباشرة إلى مقر المفاوضات حرصاً على المشاركة في تحقيق السلام. أيضاً كان لوجود رئيس مجموعة العشرة وحضوره المبكر، وزير الخارجية لجنوب السودان السابق دينق ألور أثره بحكم ما يشكله دينق ألور من ثقل وأهمية ورمزية في مجموعات المعارضين. والجميع غارق في تفاصيله جاء وفد الحكومة المفاوض يتقدمهم مستشار الرئيس للشؤون السياسية نيال دينق نيال، وفي الواحدة وعشر دقائق ولج إلى القاعة مدير جهاز الأمن والمخابرات صلاح قوش بمعية وزيري الخارجية والدفاع. بعدهم بقليل كان وصول الرئيسين البشير وسلفاكير بمعية مشار. البشير: هذه (...) مسؤوليتي الرئيس البشير فاجأ الحضور في فاتحة حديثه بإعلانه مسؤوليته الأخلاقية تجاه أي مواطن في جنوب السودان، لجهة أنه كان رئيسا للبلاد وبحكم أنه حارب من أجل الجنوب كما أنه رئيس للحكومة التي وقعت على اتفاقية السلام الشامل لأن الهدف كان تحقيق السلام لكل المواطنين السودان شماله وجنوبه وشرقه وغربه. وأكد البشير أن الاتفاقية أعادت هيكلة الحكم في السودان وخاطبت كل المطالب وعالجت كل المظالم لأبناء السودان، وأضاف: في إطار حرصنا والتزامنا بالاتفاقية نفذناها رغم الألم الذي شعرنا به لأننا لم نتمنَّ أن ينفصل الجنوب في عهدنا، مبررا لذلك بأنه كان في سبيل السلام، وأضاف: من أجل السلام ضحينا بوحدة السودان. وتابع: ولأجل السلام رضينا أن يسجل التاريخ أن السودان انقسم في عهدنا. وأضاف: بكل أسف كل هذه التضحية كانت نتيجتها أننا لم نحصل على السلام، بل تدهورت الأوضاع بأكثر مما كانت إبان الحرب، مؤكدا أن حجم الضحايا في الصراعات الأخيرة فاق كل الأرقام التي حدثت أثناء الحرب.. واستدرك البشير: لكن الآن لا بد أن نتحرك ونتحمل مسؤوليتنا ولن نقف ويجب خلال أسبوعين الوصول إلى سلام. وقطع البشير بأن الزعيم الحقيقي هو الزعيم الذي يضحي من أجل شعبه، وأضاف: لا زعامة لشخص يضحّي بشعبه من أجل تحقيق مصالح أو أهداف خاصة؛ واعتبر أن وجود القيادات الجنوبية في الخرطوم مختلف عن وجودهم في أي مكان آخر، وقال: "وجودكم في الخرطوم غير وجودكم في أي عاصمة لأن الخرطوم هي عاصمتكم الأولى ونحن شعب واحد في دولتين، ورأيتم كيف استبشر الجميع خيراً لأن السودان وطنكم ووطن لكل جنوب السودان". وجدد البشير إعلانه استثنائية المواطن الجنوبي في السودان، وقال: "أنا أعلنتها قبل ذلك: المواطنون الجنوبيون هم أهلنا وأشقاؤنا ويعيشون ظروفا استثنائية، وستتم معاملتهم معاملة استثنائية لأنهم في ظروف صعبة ومن واجبنا تجاههم أن نساعدهم ونقف معهم لتخفيف آلامهم". وفاجأ البشير الحضور بإعلان فتح الحدود بين الدولتين لتسهيل حركة المواطنين والتجارة. دموع التماسيح من جهته، جدَّدَ رئيس دولة جنوب السودان، سلفا كير ميارديت، الإشادة بمساعي الرئيس البشير لتحقيق السلام في بلاده، مؤكداً ثقته في البشير، وقال: ليس لديّ الكثير لأقوله إلا أنني أثق في البشير لأننا عملنا مع بعض ولا أُزكّيه لأنني أؤمن بقدرته، فالبشير حمل على عاتقه تحدياً كبيراً عن الإيقاد، وهو تحدٍّ ليس بالسهل ويتمثل في جمع الجنوبيين، مؤكداً تفاؤله، وقال إنهم سينجحون في مساعيهم لدعم التقدم والسلام من أجل إنسان جنوب السودان، وأضاف: "أعلم أن هناك من يذرفون دموع التماسيح عندما نوقع الاتفاق، أريد أن نسير في المسار الصحيح ليعرف إنسان الجنوب ما سيحدث اليوم وغداً". الكلام بعد صمت وفي حديث، هو الأول له منذ بدء المفاوضات، كشف رئيس المعارضة الجنوبية المسلحة د.رياك مشار عن تسلمه في وقت متأخر من مساء أمس مسودة اتفاق مقترحة، مؤكداً أنه لم يطّلع عليها بشكل جيد، طالباً إمهاله 48 ساعة للتفاكر مع بقية الفصائل قبل التوقيع عليها. وابتدر مشار حديثه بأن إطلاق سراحه تم قبل خمسة أيام منذ يوليو 2016م وأنه لم تُتح له فرصة المشاركة إلا بمجيء هذه الفرصة للانخراط في المفاوضات موجها شكره لرئيس وزراء اثيوبيا ابي أحمد والإيقاد والرئيس البشير لجهودهم في تسهيل انخراطه في هذه المفاوضات. وأكد مشار رغبته الملحة وحرصه على إنفاذ السلام، مجددا الشكر للبشير على استضافة القمة وعلى إسهاماته القوية والإيجابية لجعلها ممكنة، وأضاف: كلي ثقة في البشير لأنه يعرف معظمنا وخدمنا معاً في نفس المكتب إبان السودان الموحد. وتابع مشار: وصلنا إلى تفاهمات بحضور البشير في العديد من القضايا لتوقيع إعلان الخرطوم أمس ولكنني طلبت تأجيله إلى اليوم حتى أتمكّن من مشاورة زملائي في تحالف المعارضة وتحالف المعتقلين السياسيين حتى يكون التوقيع شاملا، مؤكدا ثقته في أن الفرقاء الجنوبيين سيصلون إلى اتفاق شامل ومقبول وقابل للتنفيذ لأنه لا يمكن التوقيع على اتفاقات لا يمكن إنفاذها. العصا الأمريكية القائم بالأعمال الأمريكية ممثلا لدول الترويكا شكر جهود السودان التي قام بها من أجل إنجاح القمة، وثمن دور الإيقاد فيما يلي سلام الجنوب، وقال: "نحن نؤمن بضرورة مفاوضات تؤسس للثقة وتمكن اللاجئين والنازحين من العود إلى قراهم ونشدد على ضرورة معاقبة الذين يعرقلون السلام ويذكون نيران الحرب منذ خمس سنوات، ونحن نريد سلاماً شاملاً وكاملاً لا يكون محدوداً بين المعارضة والحكومة ويشمل جميع الأطراف يخاطب القضايا الأمنية ووضع جدول زمني دقيق واضح لإنقاذ اتفاق السلام".