قبل أيام من وصول مني اركو مناوي لدارفور حاكماً عاماً، تحولت أرض المحمل إلى أرض تغلي بالمرجل؛ بعد الصراعات الدموية التي شهدتها عدة مدن ومناطق في شمال وجنوب دارفور خلفت عددا من القتلى والجرحى، مما يعني ضمنياً أن مناوي سيجلس على صفيح ساخن خلال فترة حكمه القادمة بسبب الاضطرابات الأمنية العنيفة التي بدأت تطل برأسها في الإقليم المثخن بالجراحات طوال السنوات الماضية. ألغام في طريقه الطريق نحو حكم دارفور لن يكون مفروشاً بالورد أمام مني اركو مناوي؛ بسبب تركيبة الإقليم الديموغرافية وهي تركيبة كانت جزءا من صراعات مممتدة منذ العام 2003م وحتى العام 2021م، صراعات يعلو لهيبها ويخفت حسب ثيرميتر الحكم في الخرطوم، مؤخراً عادت الصراعات القبلية لدارفور وبشكل يشير لأيام قاتمة ربما يعيشها الإقليم الجريح، صراعات طرفها قبائل ومجموعة مسلحة، وهو أول امتحان سيكون أمام الحاكم الجديد المنتمي لأحد المكونات الديموغرافية المتصارعة في الإقليم، مما يتطلب منه أن يسير فوق حقل الألغام لنزع فتيل اي أزمة تنشب يكون طرفا فيها قبيلته أو حركته المسلحة المنتشره في أصقاع دارفور، حتى لافتة القوات الأمنية المشتركة لمنع التفلتات. ويرى مراقبون أن انحدار مناوي من مكون كان جزءا من الصراع بدارفور يعد أبرز تحد يواجهه مستقبلاً في حكم الأقليم، وهذه الفرضية ذهب إليه المختص في الشأن الدارفوري دكتور محمد تورشين قائلًا: إن مناوي سيعاني في إيقاف الاصطراع في دارفور؛ سيما وأنه ينتمي لأحد المكونات المتصارعة، وقال إن حاكم إقليم دارفور سيعاني في إيقاف نزيف الدماء الحالي. ومضى تورشين في حديثه ل (السوداني) إلى أن القوات الأمنية المشتركة لحفظ السلام التي تضم جزءا من جيوش الحركات المسلحة لن تنصاع لأوامر مناوي مستقبلاً وستواصل في تفلتاتها الأمنية، مشيراً إلى وجود حركات مسلحة موقعة على السلام لا تقبل بحكم مناوي للإقليم. واضاف تورشين عقبة أخرى للعقبات التي تنتظر مناوي تتمثل في كيفية إدارة العلاقة بينه والمركز، مشيرًا إلى عدم وجود تشريعات واضحة تبين العلاقة بين الإقليم والمركز، فضلاً عن غياب رؤية المركز في توفير أموال لتنفيذ اتفاقية السلام بدارفور، ووضع تورشين عقبة أخيرة في طريق مناوي قال إنها تحتاج لحل جذري وهي عقبة الحركات غير الموقعة على اتفاقية السلام، قائلاً إن بعض الحركات غير الموقعة لا تثق في مناوي وهذا يعتبر مؤشراً لتدهور مستقبلي للوضع الأمني بدارفور. فيما يرى استاذ العلوم السياسية بالجامعة الإسلامية د. صلاح الدومة أن أكبر العقبات أمام مناوي هي دعوته للمصالحة مع المؤتمر الوطني، مشيرًا إلى أن دعوات المصالحة لن تكون مقبولة من الكيانات السياسية والاجتماعية في دارفور، سيما وأن المؤتمر الوطني أسقط بثورة شعبية. كيف يعبر مناوي؟ ثمة أسئلة مفصيلة حول كيفية عبور مني اركو مناوي لحقل الألغام في دارفور، سيما المتعقلة بالاضطرابات الأمنية، وهنا يقول د. صلاح الدومة إن مناوي سيكون دوره تنسيقياً فقط بين السلطة المركزية والولائية، وأضاف بالقول: سلطات الحكم الآن أربعة مستويات "المركزية والإقليمية والولائية والمحلية"، وان السلطة الإقليمية منزوعة الصلاحيات حسب الوثيقة الدستورية التي لم توضح مهامها، بالتالي سيكون دور مناوي أقرب للتنسيق بين السلطات المنصوص عليها في الوثيقة الدستورية. فيما يقول د. محمد تورشين إن حال نجاح مناوي في استتباب الأمن وإقناع الحركات المسلحة بالتوقيع على اتفاق السلام وحشد الدعم المالي لاتفاقية السلام مسار دارفور؛ فإن هذه الخطوات ستكون بمثابة كوبري عبور لمناوي. ثمة من يعتقد أن التفلتات الأمنية يمكن حسمها بهيبة الدولة وهذا ما قاله ل (السوداني) عضو المجلس السيادي الطاهر حجر، مشيرًا إلى أن هيبة الدولة ستفرض عبر القوات الأمنية المشتركة لحفظ السلام في الفترة القادمة.