عين مدعي المحكمة الجنائية الدولية الجديد، كريم أسد خان، المحامية المعروفة في مجال حقوق الإنسان، أمل كلوني، مستشارة خاصة للنزاع في دارفور. وسبق لكلوني أن تولت عدداً من القضايا في المحكمة التي تتخذ من لاهاي مقراً لها، حيث مثلت أربع ضحايا من دارفور في قضية أمام المحكمة الجنائية الدولية ضد علي كوشيب، المتهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية. وزوج أمل كلوني، هو نجم هوليود الشهير جورج كلوني، الذي قام بحملات قبل فترة طويلة من أجل حقوق الإنسان في منطقة دارفور. ومنذ إتهام الجنائية للرئيس المعزول عمر البشير في العام 2009م بارتكاب جرائم حرب في دارفور، ظلت المحكمة تستعين بعدد من النجوم والمشاهير لتسليط الضوء على القضية؛ الأمر الذي منحها بعداً إنسانياً لفت أنظار العالم، ولكن وبرغم تعاقب المدعين العامين بالمحكمة بدءاً بأوكامبو، ومروراً بفاتو بنسودا والآن كريم خان، إلا أن العدالة ظلت غائبة عن القضية، وما زال الضحايا وعائلاتهم ينتظرون إنصاف الجنائية والمجتمع الدولي لهم دون جدوى. وطوال مأساة استمرت لقرابة ال(20) عاماً حطت كثير من الوفود الغربية والمنظمات الأجنبية والأمريكية رحالها في دارفور، وخرجت التصريحات التي تداولتها وسائل الإعلام، وبرز نجم عدد من الشخصيات بعد زياراتهم للمنطقة الملتهبة، وتم تمرير عدد من الأجندة المعلنة والخفية، وظل إنسان دارفور يعاني الجوع والفقر والموت، وانعدام الأمن والنزوح دون أن يلتفت له أحد. أما المحكمة الجنائية الدولية فسارت في نهجها القانوني تصدر مذكرات التوقيف كلما أفل نجمها، وتبدأ في ملاحقة الشخصيات بلا أية نتائج ملموسة. وحتى علي كوشيب الذي سلم نفسه طواعية ستبدأ محاكمته في أبريل من العام القادم، وستمضي جلسات المحكمة في مسيرة تقاضي طويلة تستمر معها المعاناة على أرض الواقع، دون أن يقدم المجتمع الدولي والمنظمات الدولية الصوت العالي ذاته خططاً وحلولاً للأوضاع المتأزمة. بالمقابل تسارعت الخطى هنا عقب ثورة ديسمبر، واستلم النائب الأول لرئيس مجلس السيادة، الفريق أول محمد حمدان دقلو، ملف السلام في دارفور، فقاد جولات تفاوضية ماراثونية مع حركات الكفاح المسلح في جوبا عاصمة دولة جنوب السودان؛ حتى توجت باتفاق سلام السودان، لتبدأ بعدها مسيرة السلام والتنمية. وضعت اتفاقية جوبا لسلام السودان خلال عام واحد فقط حلولاً متكاملة لقضية دارفور بدءاً من تعويضات الضحايا، وإعادة النازحين واللاجئين إلى قراهم، وبسط الأمن والأمان والسلام المجتمعي، ليحس المواطنون لأول مرة ببشريات السلام الذي تقوم القوات المسلحة وقوات الدعم السريع بحمايته، وتنزيل بنوده على أرض الواقع، بالتعاون مع بقية القوات الأخرى؛ الأمر الذي وجد الإشادة من المسؤولين والمواطنين والمجتمع الدولي. إن قضية دارفور لا تحتاج للزخم الإعلامي، وتعيين النجوم وحشد المشاهير، بقدر ما تحتاج إلى عمل حقيقي في المنطقة، ومن يُرد أن يقدم عملاً فليقدمْه بعيداً عن الأجندة الخفية والظهور الإعلامي، خاصة وأن الضحايا وعائلاتهم لا زالوا يعانون في الخروج من حقبة مظلمة، كان عنوانها الحروب والتمزق والدمار.