كثافة منطقية لأسئلة يتقاذفها المحللون والمراقبون للشان السوداني، حيال مدى عمق التدخل الأجنبي في شؤونه، خصوصاً في الاستقطاب الحاد من المحاور، فضلاً عن تأثيرات الصراع الروسي بمحوره، والأمريكي بمحوره الآخر على السودان، وهو ما تزايد عقب زيارة نائب رئيس مجلس السيادة إلى روسيا. الخرطوم : علي ايوب أهمية السودان يتميز السودان بموقعه الجيوسياسي بين نظرائه من دول الإقليم؛ مما يجعل منه بؤرة وساحة للتسابق الدولي في الفوز بتطبيع العلاقات، وخلق بروتكول سياسي لنيل المطامع ونهب الثروات والتكالب الإقليمي، والدولي؛ نظراً لأهميته الاقتصادية، وتنوع موارده الطبيعة والمتجددة وثرواته المعدنية التي تضعه في مصاف أولى الدول الأفريقية من حيث إنتاج معدن الذهب المنتشر في بقاع السودان المختلفة والمساحات الخصبة الممتدة على امتداد نهر النيل والموقع السياحي المتميز الذي يمتلك مقومات سياحية من حيث تنوع البيئات الجغرافية والثقافية والتاريخية لحضارات إنسانية امتدت لقرون من الزمان تجعله قبلة لكل سياح العالم. صراع داخلي المتتبع للأحداث والصراعات الداخلية في دول العالم يجد أن الصراع حول السلطة أو الموارد أو الأرض يعجل من فرض واقع وصاية دولية، وتدخل أجنبي سافر في الشأن الداخلي للدول، حيال تدهور الأوضاع الداخلية تفرض حالة الوصاية التي تغلف بالمصالح ورعاية الأطراف المتشاكسة بفرض رؤيتها، وتسعى تلك الدول لمحاولة تقريب وجهات النظر المتباينة، وإيجاد الحلول للأزمات الداخلية بتمرير أجندتها الخفية، والوقوف مع طرف دون الآخر لتحقيق المآرب وفرض الهيمنة الداخلية بمساعدة متخذي القار السياسي. عقوبات اقتصادية ؟ ظل السودان تحت طائلة الضغط الدولي المفروض عليه ردحاً من الزمان عقب فرض العقوبات السياسية والاقتصادية على السودان في العام 1997م، والعزل من الأسرة الدولية الذي يقيد حركة التعامل الاقتصادي والدولي وضمه للدول الراعية للإرهاب في العالم منذ عهد البشير الذي أطيح بنظامه في 19/ أبريل 2019 بثورة شعبية شهد لها العالم أجمع بسلميتها وصمود شعبها لعبت الوساطة الدولية والإقليمية دور دبلوماسي وسياسي كبير جمع بين المكونين المدني والعسكري باتفاق في الرؤى وتقريب وجهات النظر والاختلاف الذي كان ماثلاً بينهما الذي أفض إلى اتفاق الوثيقة الدستورية في 17/ أغسطس 2019 رغبة داخلية ؟ يرى كثيرون أن الخطوة التي اتخذها رئيس الوزراء الأسبق، د. عبد الله حمدوك، كانت برغبته أن بعث رسالة للأمين العام للأمم المتحدة طلب فيها من مجلس الأمن إنشاء بعثة سياسية خاصة من الأممالمتحدة تحت الفصل السادس لدعم السلام في السودان ولدعم المرحلة الانتقالية لتقديم المبادرات لبناء السلام، وتحقيق الانتقال الديمقراطي، فيما رأى كثيرون أن هذه الخطوة تعتبر الأولى التي يطلب فيها تدخل البعثة في الشأن الداخلي، ويرى مراقبون أنها خلقت اهتزازاً في الثقة مع المكون العسكري، واعتُبرت تجاوزاً له كشريك في الحكم الانتقالي، وأن الأزمة في السودان يجب أن تحل داخلياً بجمع كل الأطراف السياسية والتوافق والتراضي لإنفاذ وإكمال المرحلة الانتقالية والتجهيز للانتخابات ووقف التدهور الاقتصادي والتضخم الذي تشهده البلاد. محاور خارجية ؟ يرى باحثون بهذا الشأن أن هنالك استقطاب حاد وتشرذماً قاد بعض التيارات السياسية للاستقواء بالمحاور الخارجية والتواصل الأحادي في سبيل إنجاح الملفات الداخلية، وتمرير بعض الأجندة ذات الآيدلوجيات التي تحقق الأجندة الحزبية الذي أدى إلى إضعاف الدولة السوادنية، وانشغال الحكومة وبحثها عن إيجاد حلول للأزمة والبعد عن توفير الخدمات والتنمية والاحتياجات الأساسية للمواطن. فيما رأت ممثلة الحزب الشيوعي السوداني، آمال الزين، في استضافة لها عبر قناة (سودانية 24)، أن ترس الشمال بقفله للطريق قد كشف نوايا ومصلحة النظام المصري في استمرارية وبقاء المكون العسكري، والنهب للموارد التي كانت تهرب بالمنافذ الرسمية. المحور الثلاثي العربي ؟ بحسب مراقبين يرون أن المحور العربي يحرص على بقاء العسكر في السلطة بالدعم الذي يوقف مد الثورات الشعبية، وإنهاء الإسلام السياسي في المنطقة والتوسط لتطبيع العلاقات مع إسرائيل. مصالح المحاور يذهب المحلل السياسي د.الحاج حمد في حديث ل(السوداني) إلى أن الإنقاذ أدخلت البلاد في صراعات المحاور، خاصة محور المخابرات الأمريكية والموساد، وأصبحت السياسة الكلية للبلاد لا تقدم المصالح الوطنية العليا على مصالح المحاور، فشاركت فيما يسمى الحرب على الإرهاب أو بتوفير مأوى للإرهابين. الوثيقة الدستورية وضعت استمرارية الهيمنة الاستخباراتية على القطاع الأمني، وهو لم يتغير سواء في اتفاقية نيفاشا أو سلام دارفور أو الوثيقة الدستورية أو سلام جوبا فتصبح الاستمرارية هي سيدة الموقف، ولكن يبدو أن الانتقال الآن فرضته ثورة الشباب بلاءاتهم الثلاث، وعلى الرغم من ذلك لا يزال تحالف الاستمرارية يحاول أن يحتفظ بالعسكر داخل المسار السياسي وما يطرحه البرهان حول تسليم السلطة لحكومة منتخبة أو متوافق عليها، ما هي إلا شروط تعجيزية، فلا يمكن أن يقيم انتخابات وهو قطع الطريق نحو الوثيقة الدستورية، وما قدمته له النخبة السياسية متمثلة في قوى الحرية والتغيير خسرها لأن الأخيرة تحت ضغط الشارع، واضطرت للسير في طريق اللاءات الثلاث، وإعطاء دفة القيادة للموساد الذي لايعرف سوى العنف، وأخرج التحالف الولاياتالمتحدة وفرنسا وبريطانيا من دائرة الفعل الإيجابي، ونخلص إلى أن توازن القوى الوطنية ابتعد تماماً عن صفقات الشراكة المطبوخة من الخارج . الاتجاه شرقاً وأفاد الخبير في التنمية والعلاقات الدولية، أحمد حسين، القيادي بحزب الأمة القومي، بأن النظام البائد انتهج سياسية المحاور المرتبطة بالآيديولوجيا بالسير في الاتجاه شرقاً لعدة أسباب وترميم علاقاته مع الغرب لنهاية عمر النظام التي أضرت بالبلاد . الحكومة الانتقالية اتجهت غرباً لأسباب مهمة منها رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وإعفاء الديون المترتبة على السودان، والعودة للمجتمع الدولي، بعد العزلة الطويلة، ليست هنالك توجهات واضحة للسياسية الخارجية للدولة. زيارة حميدتي إلى روسيا كانت في توقيت خطأ وفي مكان خطأ أيضاً، هنالك غياب إستراتيجية واضحة في العلاقات الخارجية والتوازن فيما بينها، دور البعثة الأممية التي تأسست بقرار مجلس الأمن 25/24 جاءت بطلب من السودان استبقها سجال وتخطيط للبعثة التي ظهرت بأربعة أهداف إستراتيجية دعم عملية الانتقال، ودعم السلام، وإكمال السلام، وحشد الموارد الاقتصادية، يجب على قوى الثورة الحية لملمة أطراف الشركاء وفق برنامج توافق سوداني يعبر عن الحد الأدنى للوصول لإكمال الفترة الانتقالية الوضع لا يستحمل بتدخلات خارجية كثيرة، ويمكن للبعثة المساهمة في صنع الحل، والمشاركة في تحقيق أهدافها مع قوى الثورة الحية.