إذا كان هنالك خاسرون بسبب توقُّف شركات الطيران الأجنبي وتقليص رحلاتها، فلا شك أن من هؤلاء طالبي الخدمة (الجمهور)، وهذا ما أكدته الأستاذة "نُهى سعيد" التي تُكثر من السفر إلى عدد كبير من دول العالم بحُكم وظيفتها في إحدى المنظمات، "نهى" قالت ل(السوداني) يبدو أن بلدنا تمضي سريعاً في اتجاه (عُزلة) اختيارية، على الأقل في ما يخص حركة الناس عبر التنقُّل الدولي، فبعد أن تساقطت شركات الأجنبية من شاكلة لوفتهانزا الألمانية ودَّعت السودان بعد أكثر من نصف قرن من الخدمة وكان ذلك في خواتيم عام 2013م بسبب ارتفاع تكاليف التشغيل وتعقيدات العمل هنا والتي جعلت الشركة تعمل بالخسارة.. ثم تواصل تساقط شركات الطيران الأجنبية فمنها من غادرت بلا عودة ومنها من قلَّصت رحلاتها إلى أدنى حد من الرحلات، وشدَّدت "نهى" على أن المواطنين سيكون ضررهم أكبر، لأنَّ خروج الشركات وتقليص رحلات الأخرى يُضيِّق فرصة المنافسة، ما يجعل المواطن الذي ينوي السفر للعلاج أو الدراسة أو غيرهما من الأغراض المُلحَّة يكون أمام خيارات محدودة تصل إلى مرحلة الأمر الواقع وهنا الخطورة. القطرية (أونلاين) أما ما يدور في شركات الطيران فتوضِّح بعضه ل(السوداني) موظفة بالخطوط القطرية حين تؤكد توقف بيع التذاكر بمكاتب الشركة بالخرطوم إلى أجل غير مُسمى، مُضيفة بأنهُ يُمكن للزبائن الحجز (أونلاين) عبر موقع القطرية، لأن الخدمة أصبحت غير متاحة من الخرطوم، مشيرة إلى إمكانية الاستعانة بشخص مٌقيم بالدوحة للحجز ومن ثم إرسالها عبر التطبيقات المختلفة. وأكدت أن الحجز بالخرطوم توقف منذ الثامن والعشرين من يناير لا يوجد تاريخ رجعة، وكذلك تقلَّص عدد الرحلات اليومية إلى ثلاث رحلات فقط خلال الأسبوع وهي (الأحد، الثلاثاء، الخميس) بدلاً عن رحلة يومياً. وأشارت إالى أن كل تلك القرارات إدارية؛ مُتَّصلة بالأوضاع الاقتصادية التي تجري بالسودان منذ أكثر من عام. (رصُّوا الهِديمات عزَّلوا) ويقول محمد عز الدين صاحب وكالة سفر وسياحة ووكيل بيع بالخطوط الملكية الأردنية ل (السوداني) بأن الشركة أوقفت البيع بالوكالات وبمقرها تماماً، مُشيراً إلى أن السبب الرئيسي هو عدم سماح الجهات المختصة وبنك السودان بتحويل المبالغ التي يتم تحصيلها من الشركة وأصحاب الوكالات من حصص بيع التذاكر إلى الأردن بالدولار كما لا يسمح لهم بتغيير النظام (السيستم) للدفع بالعملات الأجنبية بالسوق الموازي لذلك فضلت الشركة إيقاف البيع وإغلاق مكاتبها بالبلاد، منوهاً إلى أن هذه الأيام الشركة وموظفوها يعملون على تسليم الحجوزات السابقة للزبائن وسوف يتم إغلاقها بصورة نهائية أواخر مارس الجاري لافتاً إلى ان البلاد تفقد خطاً رئيسياً يربطها مع عدة دول، وقال إن الموظفين بالشركة الآن يجهِّزون حالهم (لحزم حقائب السفر) والعودة إلى الأردن. سُلطة الطيران المدني تُوضح من جانبه أوضح الناطق الرسمي بسلطة الطيران المدني عبدالحافظ عبدالرحيم ل (السوداني) أسباب مشكلات شركات الطيران بالبلاد يرجع إلى تقليص شركة الخطوط الجوية القطرية رحلاتها الأسبوعية من الخرطومالدوحة من (7) رحلات إلى (3) رحلات، مُضيفاً أن الخطوط الأردنية علقت بيع التذاكر ونشاطها ولم تنسحب، مُشيراً إلى أن سبب تقليص الرحلات للقطرية هو بعد المسافة للرحلة التي تستغرق (7) ساعات بعد حصار قطر من السعودية والإمارات والبحرين، وأكد عبد الرحيم أن إيقاف شركة أو شركتين لا تتضرر منه البلاد بصورة كبيرة كما يُشاع بل ينصب في مصلحة الطيران المحلي، لافتاً لوجود (26) شركة نقل جوي توقفت منها واحدة وهي الأردنية التي تعتمد على (90%) من ركابها على المرضى لتلقي العلاج بالأردن في بداية الألفية الثالثة والذي تراجع في الفترة الأخيرة بإحجام المسافرين وتحولهم إلى دول أخرى كالهند، ومصر، وتُركيا، ، لافتاً إلى ارتفاع مُساهمة الشركات الوطنية في سوق الطيران السوداني بحوالي (22%) مقابل (78%) للشركات الأجنبية، وقلل الرجل من انسحاب الشركة الأردنية وتوقع دخول شركات طيران وطني لسد الفجوة قريباً، وقال هذه فرصة تشجيعية للشركات السودانية لتطوير نفسها. ونوه الرجل إلى أن عقد الاتفاقية للشركة الأردنية ما زال باقياً وساري المفعول، مُشيراً إلى أن عدد المُسافرين عبر مطار الخرطوم خلال كل عام يبلغ (3) ملايين مُسافر منهم (900) ألف تنقلهم شركة الخطوط الجوية السعودية، و(600) ألف تنقلهم شركة الخطوط الإماراتية أي نصف عدد المسافرين تنقلهم شركتان مُستمرتان وما تبقى من النصف الآخر تقتسمهُ (24) شركة طيران، لافتاً إلى ان بعض شركات الطيران تتلاعب في سعر البيع بالدولار وغير مُلتزمة بسعر البيع بالسوق الموازي بل تتعداهُ وربما يزيد سعر بيع التذكرة للدولار ما يعادل ال (90) جنيهاً وهذا يتضرر منهُ المسافر، وكشف أنهم طرحوا عليهم بعض التنازلات لضمان استمرارية الشركات منها منحهم (25%) من رسوم المطار بالعملة المحلية بدلاً عن العملة الأجنبية، والتزم بنك السودان بتحويل فائض الأرباح بالعملات الأجنبية لشركات الطيران، وقبول خدمات المناولة بالجنيه السوداني كما أن هنالك تسهيلات قدمتها سلطة الطيران لتلك الشركات، وقال عبدالرحيم إن السودان وقع على (69) اتفاقية نقل جوي مع (69) دولة حتى لا ينعزل عن أحد البلدان، مُبيناً أن الشركة الأردنية فقدت إحدى محطاتها بتعليق رحلاتها، نافياً عُزلة البلاد عن العالم بسبب توقف شركة أو تعليق أُخرى مؤكداً أنهم تلقوا عدداً من العروض من شركات لسد الثغرات في تلك البلدان. النقل بالبرلمان لكن يبدو أن رئيس لجنة النقل بالبرلمان محمد أحمد الشائب لا يتفق مع الناطق الرسمي بسلطة الطيران المدني، بدليل أن الشائب أكد ل (السوداني) وجود عدة مشكلات ظلت تحاصر قطاع الطيران بالسودان منها على سبيل المثال عدم ثبات سعر الصرف، وتراكم فوائض العملة والبيع بالعملة المحلية وتحويلها إلى العملات الأجنبية والذي بدوره ينعكس على استمرارية وثبات الرحلات، مُشيراً إلى أن شركات الطيران تربطها قوانين لكن سياسات بنك السودان ووزارة المالية لا تتماشى في بعض الأحيان مع تلك القوانين وخير شاهد الربكة التي تحدث الآن، ونوه الشائب إلى أن هنالك ضوابط لبيع التذاكر تلزم شركات الطيران بالبيع بسعر بنك السودان إلا أنها درجت تفرض أسعاراً تخالف سعر البنك والسوق الموازي وهذا يعد مخالفة للقوانين والرقابة على الشركات. وأردف الرجل أن شركات الطيران في السابق كانت تعتمد في التزود بالوقود لطائراتها على السودان نسبة لرخص سعره مقارنة ببلدانها، لكن بعد تحرير أسعار المواد البترولية بالسعر العالمي فقدت الشركات تلك المزايا ، وقال الشائب إنهم عازمون على معالجة الأمر وقد تم تكوين لجنة مشتركة من الشركات وسلطة الطيران المدني وعدد من الجهات لوضع حلول ناجعة.