الدعم السريع يعلن السيطرة على النهود    وزير التربية والتعليم بالشمالية يقدم التهنئة للطالبة اسراء اول الشهادة السودانية بمنطقة تنقاسي    سقطت مدينة النهود .. استباحتها مليشيات وعصابات التمرد    عقار: بعض العاملين مع الوزراء في بورتسودان اشتروا شقق في القاهرة وتركيا    عقوبة في نواكشوط… وصفعات في الداخل!    الهلال يواجه اسنيم في لقاء مؤجل    تكوين روابط محبي ومشجعي هلال كوستي بالخارج    عثمان ميرغني يكتب: هل رئيس الوزراء "كوز"؟    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    سلسلة تقارير .. جامعة ابن سينا .. حينما يتحول التعليم إلى سلعة للسمسرة    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    من رئاسة المحلية.. الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع يعلن تحرير النهود (فيديو)    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    إعلان نتيجة الشهادة السودانية الدفعة المؤجلة 2023 بنسبة نجاح عامة 69%    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وثائق امريكية عن عبود (19): مذكرتا المهدي والازهري إلى الفريق عبود
نشر في السوداني يوم 23 - 11 - 2013


مذكرتا المهدي والازهري إلى الفريق عبود
حقيقة ال"بروتوكول السري" الذي يسمح بهجرة مليون مصرى الى السودان
تغيير الحكومة صار لابد منه
قال المهدي انه المساعدات الامريكية لعبود زادت عداء الشيوعيين له، وزادت على نشر الشيوعية في السودان
هذه هي الحلقة رقم 19 في هذا الجزء من الوثائق الامريكية عن السودان. وهي كألآتي:
وثائق الديمقراطية الاولى، رئيس الوزراء اسماعيل الازهري (1954-1956). وكانت 25 حلقة.
وثائق الديمقراطية الاولى، رئيس الوزراء عبد الله خليل (1956-1958). وكانت 22 حلقة.
وثائق النظام العسكري الثاني بقيادة المشير جعفر نميري (1969-1975، اخر سنة كشفت وثائقها). وكانت 38 حلقة.
هذه وثائق النظام العسكري الاول بقيادة الفريق ابراهيم عبود (1958-1964). وستكون 25 حلقة تقريبا.
وبعدها، واخيرا، وثائق الديمقراطية الثانية، بداية بثورة اكتوبر (1964-1969). وستكون 25 حلقة تقريبا. ان شاء الله.
واشنطن: محمد علي صالح
----------------------------
مع اقتراب الذكرى الاولى لانقلاب الفريق عبود (17-11-1958) زادت المعارضة نشاطاتها، ومنشوراتها، وتحركاتها. وكان ابرز ذلك مذكرتين الى الفريق عبود: من الامام الصديق المهدي، امام الانصار، ومن اسماعيل الازهري، رئيس الحزب الوطني الاتحادي المنحل.
--------------------------
مذكرة المهدي:
5-11-1959
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
"... حصلت السفارة، عن طريق مصدر خاص، على نص خطاب السيد الصديق المهدي، زعيم طائفة الانصار، الى الفريق عبود، والذي ارسله يوم 21-10. ودعا فيه الى العودة الى حكومة مدنية، والى وضع دستور للسودان. وحسب معلوماتنا، كان المهدي عقد، خلال الايام الماضية، سلسلة اجتماعات مع اسماعيل الازهري، زعيم الحزب الوطني الاتحادي. وان الازهري وافق على تأييد المهدي، وعلى ارسال مذكرة مماثلة منه الى الفريق عبود. وان الازهري ارسلها فعلا يوم امس...
وحسب معلوماتنا، كان حزب الامة والحزب الوطني الاتحادي وحزب الشعب الديمقراطي والحزب الشيوعي وراء مذكرة يوم 10-9، وايضا مذكرة يوم 4-11، من اتحاد طلاب جامعة الخرطوم الى الفريق عبود...
لا تحوي مذكرة 10-9، ولا بيانات الحزب الشيوعي في ذلك الوقت، على طلب وقف المعونة الامريكية...
ويبدو ان هناك علاقات مباشرة بين كل هذه التطورات. لكننا لا نعرف اذا توجد علاقة مع ضباط داخل القوات المسلحة...
وحسب اراء سودانيين يعملون في السفارة، اغلاق جامعة الخرطوم، ومدارس اخرى، وارسال الطلاب الى الاقاليم سيكون سبب مزيد من المشاكل لنظام عبود، ليس فقط هنا في العاصمة، ولكن، ايضا، في تلك الاقاليم...
وسمعنا الاشاعات الأتية، لكننا لا نقدر على ان نؤكدها في الوقت الحاضر:
اولا: استقال وزير الخارجية احمد خير، ووزير التربية زيادة ارباب.
ثانيا: دعا الامام الصديق المهدي قادة الانصار من الاقاليم للحضور الى العاصمة.
ثالثا: يحس الفريق عبود بالضغوط، لكنه لم يحدد ردود الفعل. واذا قرر التخلي عن الحكومة، كيف يفعل ذلك بطريقة "قريسفول" (كريمة).
رابعا: ارسل حزب الشعب الديمقراطي (برعاية السيد علي الميرغني) مذكرة مماثلة إلى الفريق عبود.
خامسا: سيضرب اتحاد عمال السودان، وخاصة نقابة عمال السكة الحديد، يوم 17-11، الذكرى الاولى لانقلاب عبود..."
--------------------------
اضرابات:
5-11-1959
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
"... تستمر التطورات السريعة مع اقتراب الذكرى الاولى لانقلاب عبود...
ويوم 2-11، اضرب عدد من المهندسين والعمال في محطة السكة الحديد في الخرطوم بحري. واعلنت وزارة المواصلات فصل 238. وقال بيان حكومي: "يشير الغياب الجماعي عن العمل الى خطة مسبقة. وما دام هذا يؤذي المصلحة الوطنية ويعاقب عليه القانون، لن تتردد الحكومة في اتخاذ الاجراءات الادارية والجنائية المناسبة... "
حسب معلوماتنا، اعلن اضراب السكة الحديد في الخرطوم بحري بسبب اعتقال ثمانية من القادة كانوا يريدون تقديم مذكرة احتجاج الى الفريق عبود يوم 1-11...
وجاءت في المذكرة ثلاثة مطالب رئيسية:
اولا: اطلاق سراح قادة النقابة المعتقلين.
ثانيا: السماح للنقابات بالنشاط الحر.
ثالثا: عودة الجيش إلى الثكنات...
بالنسبة لاضراب طلاب جامعة الخرطوم، علمنا ان جميع اعضاء المجلس الاربعيني صوتوا للاضراب. وقرروا ارسال مذكرة ثانية الى الفريق عبود. وان من اسباب الاضراب: فصل النقابيين في الخرطوم بحري، واتفاقية ماء النيل بين مصر والسودان...
عارض الطلاب "مواد وظروف التوقيع على اتفاقية مياه النيل". وعارضوا اختيار الرئيس المصري جمال عبد الناصر "وسيطا" بين الوفدين السوداني والمصري في القاهرة. وعارضوا مواد تعويض اهالي حلفا. واشاروا الى وجود "بروتوكول سري"، وقالوا انه يسمح بهجرة مليون مصرى الى السودان...
حسب معلوماتنا، لم تسلم المذكرة الثانية. وفيها مطالب اخرى عن عودة الديمقراطية، واطلاق سراح المعتقلين السياسيين..."
------------------------------
اضرابات اخرى:
7-11-1959
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
"... تستمر الضغوط على الفريق عبود للعودة الى النظام الديمقراطي. وحسب معلوماتنا، اضرب اليوم طلاب المعهد الفني. وان طلاب المدارس الثانوية سيضربون غدا. وان اضرابا في كل السودان سيتم يوم 17، يوم الذكرى الاولى للانقلاب العسكري، بقيادة نقابة عمال السكة الحديد...
وصارت اتفاقية ماء النيل جزءا كبيرا في الحملة ضد الفريق عبود. وتكررت كثيرا اتهامات وجود "بروتوكول سري." وبند يسمح بهجرة مليون مصري الى السودان. رغم ان الحكومة نفت ذلك...
وعلمنا ان ميرغني حمزة، قائد جناح في حزب الشعب الديمقراطي (الختمي) قدم مذكرة الى الفريق عبود، مثل مذكرتي الامام الصديق المهدي، واسماعيل الازهري، زعيم الحزب الوطني الاتحادي...
وان كل المذكرات احتجت على اتفاقية ماء النيل مع مصر. وعلى عدم استشارة عبود لهم قبل التوقيع على الاتفاقية..."
----------------------------
نص مذكرة المهدي:
7-11-1959
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
"... هذا هو نص مذكرة 21-10 الى الفريق ابراهيم عبود من الامام الصديق المهدي:
بسم الله الرحمن الرحيم. والحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد
الى الفريق عبود واعضاء المجلس الاعلى للقوات المسلحة
السلام عليكم
اولا: جاءت الحكومة العسكرية مع اعلانها عن فشل النظام الديمقراطي في البلاد.
ثانيا: نحن على علم بمصاعب النظام الديمقراطي في وطننا. ونفذ صبرنا امام الحكومات الائتلافية التي شهدناها، والتي هددت استقرار ومستقبل الوطن.
ثالثا: عندما استولى الجيش على الحكم، ايده الامام الراحل السيد عبدالرحمن المهدي، وكل المواطنين، حتى يقدر الجيش على (ا): مواجهة المشاكل التي يعاني منها الوطن. (ب): وضع اساس قوي لاستقرار الوطن. (ج): الاعداد لنظام ديمقراطي يستفيد من اخطاء الماضي...
رابعا: بعد ان توفي الله الامام عبدالرحمن المهدي، وصرت أنا اماما، سرت على خطاه. وايدت النظام العسكري الحالي حتى يقدر على تحقيق الاهداف الثلاثة السابقة الذكر.
خامسا: أمنا، ونؤمن، بان اي حكومة عسكرية مكلفة بمهمة انتقالية تاريخية يجب ان تحقق ما كلفت به، وتترك الحكم، وتسمح للبلاد ان تحكم حكما عادلا: حكم التاييد والديمقراطية.
سادسا: بعد ان درست طريقة حكم الوطن، وتطور الاحداث خلال العشر شهور الماضية، وبعد ان فحصت اسباب تاييدنا للحكم العسكري، انا الان اقدم لكم المطالب الأتية، بكل تاكيد، ومتحملا مسئوليتي نحو مواطنيي ونحو وطني:
(ا): يجب ان ينتهي حكم الجيش للوطن. وان يشكر للخدمات التي قدمها. وان يحصر عمله في الدفاع عن الوطن. وان يتحاشي التدخل في الحكم.
(ب): يجب تكوين مجلس سيادة من خمسة اعضاء، واحد منهم يكون رئيسا، وليتولي رئاسة الدولة، ويشرف مؤقتا على الحكومة.
(ج): يجب تكوين مجلس وزراء مدني.
(د): يجب كتابة دستور للبلاد.
(ه): يجب انتخاب مجلس ليجيز الدستور، ويختار رئيس البلاد.
(و): يجب الا تزيد فترة الانتخابات عن فترة كتابة الدستور.
(ك): انا مستعد لشرح التفاصيل، وتوضيح النقاط اذا هي غير واضحة...
والله ولى التوفيق، والشكر لكم...
رأينا:
اولا: تشبه هذه الأراء ما كان قال لنا، في وقت سابق، السيد الصديق.
ثانيا: لا نشك في الشخص الذي يريده الصديق رئيسا لمجلس السيادة (هو نفسه).
ثالثا: في مجتمع الخرطوم، ليست سرا هذه المذكرة. ويتحدث عنها الناس. وزادت اشاعات ان تغيير الحكومة صار لابد منه..."
--------------------------------
مقابلة المهدي:
8-11-1959
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
"... اليوم، قابلت السيد الصديق المهدي في اصطبلات خيوله (؟). وبعد حديث ودي عام، سال اذا كنت سمعت عن المذكرة التي ارسلها الى الفريق عبود والمجلس الاعلى للقوات المسلحة...
وقلت له اننى سمعت بها، لكنى لم ارها، ولا اعرف تفاصيلها.
وقال انه، لفترة من الزمن، صار غير راض عن حكومة عبود، وذلك لانها فشلت في تنفيذ الوعود التي اعلنتها. وايضا، لان الحزب الشيوعي السوداني، الذي يعمل سرا، هو الحزب الوحيد الذي يعارض الحكومة علنا. وان شعبية الحزب الشيوعي تزيد كل يوم بسبب هذا. وان القادة السياسيين المسئولين تركوا المجال للشيوعيين...
وقال المهدي ان هذا الوضع جعله يكتب المذكرة. وانه، قبل ارسال المذكرة، تحدث مع اسماعيل الازهري، رئيس الحزب الوطني الاتحادي المنحل. وان الازهري وافق على ارسال مذكرة مماثلة الى الفريق عبود...
وقال المهدي انه يحس بالاسف لان مساعداتنا لحكومة عبود زادت عداء الشيوعيين له، وزادت على نشر الشيوعية في السودان...
وسألته اذا يعتقد بان كثيرا من السودانيين تحولوا نحو الشيوعية بسبب ذلك؟
وقال بان كثيرا من الذين يؤيدون الشيوعيين لا يهتمون بالعقيدة الشيوعية. لكنهم تحالفوا مع الشيوعيين لمعارضة الحكومة العسكرية...
وسألته اذا يعارض السودانيون مساعداتنا؟
وقال بان مساعداتنا (المعونة الامريكية) الى الفريق عبود هي، في رأي عامة السودانيين على الاقل، ليست إلا تاييدا لعبود. وان الذين يعارضون تعاوننا مع عبود هم نفس الذين يتحالفون مع الشيوعيين ضد عبود.
وقلت له اننا، طبعا، لا نريد تشجيع الشيوعية. واذا وجدنا دليلا بان مساعدتنا لحكومة عبود تشجع نشر الشيوعية في السودان، سنعمل، بالتاكيد، على تخفيضها. بل على وقفها.
وسالته اذا يوصينا بتخفيض كبير جدا في مساعدتنا للفريق عبود؟
وتردد قليلا، ثم قال ما معناه: "ليس الان. ربما في وقت لاحق".
وسالته عن موقف راعي طائفة الختمية، السيد علي الميرغني، وحزب الشعب الديمقراطي الذي يرعاه الميرغني، من حكومة الفريق عبود؟
وقال انه لا يعرف ان حزب الشعب الديمقراطي عارض، او سيعارض. وقال ما معناه ان الميرغني ربما لن يفعل اي شئ (بروببلي دو ناثنق)...
وسالت المهدي، اكثر من مرة، بطرق مباشرة وغير مباشرة، عن ماذا سيفعل اذا رفض عبود مذكرته؟
وهو، اكثر من مرة، تحاشى الاجابة.
وسالته عن رايه في اتفاقية تقسيم ماء النيل عن مصر؟
وقال انه لا يعرف تفاصيلها. وانه، لهذا، لا يقدر على ان يعلق عليها. لكنه قال ان التقارير الصحافية التي قرأها عن الاتفاقية لا تبدو مشجعة (تعارض الاتفاقية، ولا تشجعه هو على تاييد الاتفاقية)...
---------------------------
مذكرة الازهري:
9-11-1959
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
"... حصلنا على مذكرة اسماعيل الازهري، زعيم الحزب الوطني الاتحادي. وهذا هو نصها:
ام درمان، يوم 4-11-1959
الفريق ابراهيم عبود، رئيس المجلس الاعلى للقوات المسلحة. واعضاء المجلس الموقرين:
السلام عليكم.
عندما تولى الجيش حكم البلاد يوم 17 نوفمبر السابق، اعلنتم بان ذلك سينتهي خلال فترة معينة. وكان المفهوم هو بداية فترة انتقالية تمهد لوضع سياسي يسمح بالعودة الى الحياة الديمقراطية في البلاد. ويسمح بكتابة دستور، ورفع حالة الطوارئ.
ويوم 19-9، اصدرتم بيانا عن العودة الى الحياة الديمقراطية، وطلبتم اراء المواطنين حول هذا الموضوع.
الأن، بعد سنة لكم في الحكم، تظهر في الافق سحب الشكوك حول الوضع الحالي. وتشجع المواطنين على التساؤل حول المستقبل.
ولهذا، ارسل لكم هذه المذكرة، رغم عدم وجود اتصالات بيننا في الماضي.
وامل ان تكونوا مستعدين بهدف توحيد جهود الوطن في وقت يحتاج فيه الوطن الى جمع كلمة ابنائه الذين ناضلوا من اجل رفاهية الوطن، وقضوا كل حياتهم في خدمته، رغم الاختلافات.
ولا يمكن تحقيق وحدة الصف بدون عودة القوات المسلحة الى ثكناتها. والوصول الى اتفاقية بين الجماعات التي حكمت في الماضي وقادة الجيش لوضع خطة لتحقيق وضع مستقر ودائم.
وأنا مستعد للاشتراك في مناقشة هذا الموضوع. وادعو الله لهدايتنا لما فيه استقرار الوطن، وتقوية كلمته، ومحافظته على كرامته. والله الموفق الى سواء السبيل...
(تعليق: لا تبدو مذكرة الازهري في قوة مذكرة المهدي. وهي انشائية اكثر).
-----------------------------
الطاهر الفاضل المهدي:
11-11-1959
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
"... قابل امس روبرت اوكلي، السكرتير الثالث في السفارة، الطاهر الفاضل المهدي، ابن اخ والسكرتير الخاص للامام الصديق المهدي. وجاءت المقابلة بناء على طلب اوكلي للحديث حول برقية التاييد لاتفاقية ماء النيل مع مصر التي ارسلها الى اللواء طلعت فريد، رئيس وفد السودان في المفاوضات، السيد عبدالله الفاضل المهدي، ابن عم الامام الصديق عبدالرحمن المهدي.
لم يجب الطاهر مباشرة، وقال ان البرقية لها طابع شخصي، وبسبب الصداقة القديمة بين طلعت فريد وعبدالله الفاضل. وقال الطاهر انه اذا قصد عبدالله الفاضل تاييد النظام العسكري، كان ارسل البرقية الى الفريق عبود.
وابدى اوكلي استغرابة لارسال برقية التاييد، حتى اذا شخصية، وذلك لان الانصار يعارضون الاتفاقية، ويعارضون الحكم العسكري.
وافق الطاهر على ان ما حدث امر غريب. لكنه كرر بانها شخصية، ولا تعني تاييد الحكم العسكري.
وقال اوكلي ان اعداء الانصار يقولون ان الخلاف القديم بين ابنى العمين، الصديق وعبدالله، عاد وزاد.
وقال الطاهر ان اعداء الانصار نعم يستغلون هذه الاخبار، لكنه نفي وجود اختلاف بين الرجلين.
وساله اوكلي عن برقية عبدالله خليل، زعيم حزب الامة ورئيس الوزراء السابق، الى الفريق عبود مهنئا باتفاقية ماء النيل.
وقال الطاهر انه سعيد ان خليل فعل ذلك، وان ما فعل يدل على تاييد خليل للحكم العسكري. وان سيحسم الاختلافات بين قادة الانصار، ويساعد على امكانية تحالف بين الانصار والحزب الوطني الاتحادي.
ولاحظ اوكلي ان الطاهر كان، قبل انقلاب عبود، من دعاة تحالف بين حزبي الامة والاتحادي الديمقراطي. وان عبدالله خليل عارض التحالف معارضة قوية، حتى وقع الانقلاب...
وسأل اوكلي الطاهر عن برقية تاييد اتفاقية ماء النيل التي ارسلها السيد علي الميرغني، زعيم طائفة الختمية.
وقال الطاهر ان ذلك كان متوقعا (بسبب علاقة الميرغني القوية مع مصر).
واضاف الطاهر ان اتفاقية ماء النيل مع مصر جزء من مشكلة اكبر، هي مطامع المصريين في السودان. وان عبدالناصر تحدث عن تاييده لنظام عبود (مما يعنى معارضة عبدالناصر لجهود الاحزاب السودانية لانهاء نظام عبود). وقال الطاهر ان اتفاقية ماء النيل فيها مظالم كثيرة نحو السودان، وانها اتفاقية "سيئة"...
--------------------------------------
يحي المهدي:
11-11-1959
من: السفير، الخرطوم
الى: وزير الخارجية
"... بعد ان تحدث اوكلي مع الطاهر، انتقل الى الجانب الآخر من الشارع، وقابل يحيى المهدي، اخ الامام الصديق المهدي، ومدير دائرة المهدي. وهو اكثر عقلانية، وهدوءا، وربما ثقة، كمصدر للمعلومات. وهو زوج واحدة من بنات عبدالله الفاضل المهدي. ويعتقد ان يحيى المهدي اقرب الى عبدالله الفاضل من اخيه الامام الصديق، ومن محمد الخليفة شريف...
عن تاييد عبدالله الفاضل المهدي لاتفاقية ماء النيل، قال يحيى المهدي انه لا يفهمها، خاصة لان عبدالله الفاضل كان يعرف ان الامام الصديق ارسل مذكرة المطالبة بعودة الجيش الى الثكنات الى الفريق عبود. وقال يحيى المهدي ان برقية التاييد احرجت الانصار جدا..."
-------------------------------------
الاسبوع القادم: انقلاب على حامد ورفاقه، واعدامهم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.