السفير السعودي لدى السودان يعلن خطة المملكة لإعادة إعمار ستة مستشفيات في السودان    مليشيا الدعم السريع تكرر هجومها صباح اليوم على مدينة النهود    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    شاهد بالفيديو.. رئيس مجلس السيادة: (بعض الوزراء الواحد فيهم بفتكر الوزارة حقته جاب خاله وإبن أخته وحبوبته ومنحهم وظائف)    شاهد بالصور والفيديو.. على أنغام الفنانة توتة عذاب.. عروس الوسط الفني المطربة آسيا بنة تخطف الأضواء في "جرتق" زواجها    المجد لثورة ديسمبر الخالدة وللساتك    بالصورة.. ممثلة سودانية حسناء تدعم "البرهان" وثير غضب "القحاتة": (المجد للبندقية تاني لا لساتك لا تتريس لا كلام فاضي)    المجد للثورة لا للبندقية: حين يفضح البرهان نفسه ويتعرّى المشروع الدموي    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    الناطق الرسمي للقوات المسلحة : الإمارات تحاول الآن ذر الرماد في العيون وتختلق التُّهم الباطلة    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    قرار بتعيين وزراء في السودان    د.ابراهيم الصديق على يكتب: *القبض على قوش بالامارات: حيلة قصيرة…    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    باريس سان جيرمان يُسقط آرسنال بهدف في لندن    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    صلاح.. أعظم هداف أجنبي في تاريخ الدوري الإنجليزي    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    المريخ يخلد ذكري الراحل الاسطورة حامد بربمة    ألا تبا، لوجهي الغريب؟!    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    ارتفاع التضخم في السودان    بلاش معجون ولا ثلج.. تعملي إيه لو جلدك اتعرض لحروق الزيت فى المطبخ    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أُعدم ستة منهم مؤخراً (النيقرز).. عوالم تحت الأرض
نشر في السوداني يوم 22 - 12 - 2013


(النيقرز).. عوالم تحت الأرض
(...) هذه قصة الزعيم (ون زيرو) مؤسس النيقرز في السودان
+++
حكمت المحكمة على (6) منهم بالإعدام شنقاً حتى الموت
++
(السوداني) تدخل منزل الزعيم سيتريو الذي دخل الإجرام بسبب (شاكوش)
تقرير: هاجر سليمان
عندما تنام الخرطوم في سباتها العميق، يخرجون من كل فج عميق؛ فالمدينة تلفظهم نهاراً، ولكنهم يحتلونها ليلاً، فارضين سلطتهم على عدد من الشوارع والأزقة، معلنين عن جمهورية الإجرام المستلهمة من أفلام العنف الأمريكية؛ لذلك أُطلق عليهم (النيقرز) بكل عنصرية هذا اللفظ، إلا أنهم يتقبلونه ويحبون أن يُنادون به، يتنادون بأسماء مشفرة وإشارات بالأيدي توضح إلى أي عصابة تنتمي، وعلى الرغم من أنهم لا يجدون اللغة الإنجليزية، ولكن يستخدمون عبارات إنجليزية، يبدو أنهم تعلموها من الأفلام؛ فهم لا حدود لهم، أغلبهم من الشباب ويمكنهم أن يفعلوا أي شيء من السرقة والتهديد وحتى القتل. (السوداني) نزلت لعالمهم تحت الأرض، لتخرج بهذه القصة.
قتل وعشاء
كانت الساعة تشير إلى التاسعة مساءً، حينما أغلق ذلك الشاب متجره وتوجه قاصداً منزله بمنطقة دار السلام بسوق ليبيا. استقلّ المواصلات العامة، وعند وصوله هبط منها ليسير متوجهاً إلى منزله، وفجأة برز له أشخاص غرباء، لحق به شابان استوقفاه ولحق بهما آخرون طالبوه بأن يسلمهم ما لديه من أموال وموبايل، وقبل أن يجيبهم سدد له أحدهم طعنة من سكين كان يحملها ليسقط أرضاً، قاموا بتفتيشه فعثروا على موبايله ومبلغ (120) جنيهاً، عبارة عن إيراد المحل، نهبوه ولاذوا بالفرار تاركين المجني عليه غارقاً في دمائه، تناولوا وجبة عشاء دسمة بالمبلغ، وقاموا ببيع الهاتف لبائعة شاي بالمحطة تم القبض عليها وأرشدت إلى الشخص الذي باعها الموبايل، ليتم ضبطهم وأقروا بارتكابهم الجريمة وقدموا للعدالة، التي قالت كلمتها وتم تنفيذ العقوبة، ويعد الحكم الذي أصدرته محكمة أمبدة بإعدام المدانين ليس الأول من نوعه، بل سبقه حكم محكمة جنايات بحري التي أصدرت قرارها بإعدام (6) من العصابات المتفلتة قتلت نظامياً، بعد أن نهبته وسددت له طعنة وأطلقت عليه النار من بندقية كلاشنكوف. وتعتبر العصابات المتفلتة من الظواهر التي أصبحت تشكل مهدداً أمنياً كبيراً، وكانت الشرطة في تقريرها الجنائي السنوي للعام 2012م، قد ألقت القبض على (20118) من عصابات النيقروز دونت في مواجهتهم (629) بلاغاً، وتمت إدانة (812) متهماً، وذلك عقب حملات شنتها لمحاربة تلك الظواهر التي تفشت وتزايدت وانتشرت بكافة أرجاء العاصمة.
حرب السواطير
تلك العصابات نفذت عشرات الجرائم في الفترة الأخيرة، آخرها الاعتداء على متجر بإحدى ضواحي بحري، حيث تمكن المواطنون من القبض على ثلاثة منهم ضبطوا بحوزتهم سواطير، وهنالك حادثة الاعتداء على سائق أمجاد بالسواطير بأحد شوارع بحري في الثامنة والنصف مساءً، مما اضطره للاستنجاد بشرطة النجدة، وغيرها من الحوادث التي تنتشر بأمبدات وكرري وشرق النيل وجبل أولياء وكافة أنحاء العاصمة القومية.
يرى عدد من قادة العمل الشرطي أن الظاهرة تتطلب تضافر جهود كافة الجهات ذات الصلة، لحسم تلك الظواهر، وأن أهم تلك الجهات السلطات التشريعية والقانونية، والتي عليها أن تفرد مواد قانونية تشدد العقوبات على مرتكبي مثل تلك الجرائم، ويرون أن إفراد مادة في القانون للتفلت وتشديد العقوبات من شأنه أن يحدّ من الظاهرة، خاصة أن مرتكبيها الآن هم مقلدوا العصابات الأصل، وهم أبناء عوائل وأسر، وبتقديمهم للمحاكمات كثيراً ما يتم إطلاق سراحهم دون إدانة أو محاكمتهم بعقوبات بسيطة وغير رادعة.
ليسوا نيقرز
رفض بشدة الخبير الجنائي اللواء (م) عطا عبد الحميد الجاك إطلاق لفظ (نيقرز) على العصابات المتفلتة، التي طفت على السطح في الآونة الأخيرة، وأضاف أن النيقرز مجموعات منظمة ومتقاربة فكرياً، جاءت من دولة شقيقة، بعد أن طالبت تلك المجموعات بحق اللجوء السياسي، وحينما لم يتم منحهم حق اللجوء أبعدوا إلى البلاد، فكانوا يرتدون زياً موحداً ويستخدمون فقط السواطير ولا يستخدمون الأسلحة النارية، والتي نسمع بها الآن، ويهاجمون أماكن التجمعات الأسرية، موضحاً أن عصابات النيقرز عبارة عن تنظيمات دولية وإقليمية؛ أما ما يوجدون الآن ليسوا نيقرز، ولكنهم مجرمون عاديون. وقال عطا إن العصابات المتفلتة المنتشرة الآن ليست لديها وسائل موحدة ولا تجمعهم أفكار ولا يتزيون بزي موحد، هدفهم النهب فقط، وأكد أنه يجب التوسع في الانتشار الشرطي ونشر الدوريات ودعمها بالإمكانيات والآليات للقضاء على تلك الظواهر.
أصول الظاهرة
ظاهرة عصابات النيقرز بدأت في القاهرة لتجمعات لسودانيين هناك، والذين نشطوا في تشكيل العصابات الإجرامية التي تقوم بتنفيذ اعتداءات على المواطنين دون أهداف مبررة، فكانوا يتناولون الخمور ويمارسون الدعارة وينطلقون ك(بلطجية) في القاهرة، ليتم إجلاؤهم من مصر إلى السودان، حيث نفذوا عدة غارات بلا أهداف واضحة ضد العامة من المواطنين بالحدائق العامة، فكانوا يرتدون زياً موحداً ويتحركون بعربة واحدة، يقومون باستئجارها بغرض تنفيذ غارات في الحدائق العامة والاعتداء على المواطنين ضرباً بالسواطير دون نهب أو سرقة ويولّون الأدبار. وقد نشطت الشرطة وقامت بتقديمهم للعدالة، وأوقفت جميع شبكاتهم، وفور الانفصال تم إبعاد مجموعات منهم وانتهت الظاهرة بذلك، ولكن بين الفينة والأخرى كانت تظهر حوادث اعتداء، فكان الجميع يطلقون لفظة (نيقرز) على تلك المجموعات المتفلتة، والتي هي في الأساس هدفها النهب والسلب، وإنهم استصحبوا أدوات عصابات النيقرز الحقيقية، والتي أصبح لا وجود لها من أدوات سواطير وعصي غليظة، بغرض إحداث أبلغ الإصابات والنهب تقليداً منهم لتلك المجموعات.
مصاصو الدماء
العصابات المتفلتة التي تنتشر الآن وتقوم بالاعتداء على الأحياء الطرفية والمواطنين أغلبها دوافعها اقتصادية لأن الفقر لا يعطي أفرادها خياراً سوى السرقة والنهب ويقضون كل نهارهم مخدرين بعد تناول الخمر والمخدرات، ليحل الليل لتبدأ مرحلة صيدهم وشبههم البعض بمصاصي الدماء، بسطاء نهاراً وعصابات متفلتة تحمل السواطير وتغض الطرف حتى عن معارفها ليلاً.
(السوداني) تقتحم عالم عصابات النيقرز وتتحصل على إفادات زعماء تلك المجموعات الإجرامية، التي ظلت تبث الرعب وسط المواطنين، فعلى الرغم من أن أولئك الذين يطلق عليهم اسم عصابات النيقرز أو العصابات المتفلتة، أناس عاديون في أعمار صغيرة؛ إلا أنهم يمتازون بالشراسة وحمل الأسلحة البيضاء والعنف غير المبرر والميول الإجرامية.
الزعيم ون زيرو
(ون.. زيرو) اسم لأخطر زعماء عصابات النيقرز، ويعتبر من أول مؤسسي تلك المجموعات الإجرامية في السودان، وهو من أبناء جنوب السودان. قبل عدة أعوام كان في القاهرة بجمهورية مصر، حيث شكل عصابات إجرامية، وهنالك تم إبعاده إلى السودان ليقوم بتشكيل عصابات (النيقرز)، والتي تفرعت منها مجموعات (اللوست بويز) وغيرها من عصابات النيقرز، وتم القبض عليه ومحاكمته وغادر إلى جنوب السودان، إلا أن بعض المعلومات تؤكد أنه شوهد يتجول بمنطقة (كوبر) بالخرطوم بحري.
ويصنف "ون زيرو" بأنه أخطر زعماء تلك العصابات حسب تقارير الشرطة، ويواجه تهماً في أكثر من (10) بلاغات، اعتبرته الشرطة مسجلاً خطراً، وهو قائد إحدى تلك المجموعات، ويتميز بالسرعة في القفز والجري ومقدرات عالية في العنف والقوة، واتضح لنا فيما بعد أنه كان يعمل بالقوات المسلحة (سلاح المظلات)، واكتسب كل تلك الفنون من التدريب العسكري قبل أن يترك العمل.
تتبع تلك العصابات صعب وخطر، والطريق إليهم قد يؤدي إلى الموت، وهذا ما كان، إذ سارت العربة إلى أن أوصلتني إلى خارج مدينة الحاج يوسف، وسارت عبر دروب طويلة وممرات متعرجة إلى أن وصلت إلى منطقة دار السلام مربع (5) جنوب، وعند نهاية طريق الإسفلت كانت هنالك (رواكيب) متراصة عند نهاية الإسفلت يتسرب ضوء الشمس إليها عبر فتحات الجوالات التي صنعت منها، وتتبعثر بداخلها كراسي هنا وهناك، بينما كانت بداخل كل واحدة منها تقبع بائعة شاي يتجمع حولها طالبو أكواب القهوة والشاي. تجاوزنا تلك الرواكيب وعبر طريق ترابي سلكناه إلى أن دلفنا إلى حيث ميدان خالٍ سوى من بعض المارة الذين كانوا ينظرون للعربة بحذر واستغراب وبعضهم بدهشة.
قصة الزعيم
عند نهاية الميدان كان هنالك منزل (البوص)، أي الزعيم (ستيريو). كان عبارة عن منزل واسع من الداخل، ولكن كانت هنالك غرفة تقع خارج المنزل ويحيطها سور صغير، طرقنا بوابة المنزل ليحضر شاب بسؤاله قال إن شقيقه خرج إلى جهة غير معروفة، بدليل أن غرفته مغلقة؛ ليبدأ مشوار بحثنا وعدنا أدراجنا إلى حيث رواكيب بائعات الشاي حسبما دلنا عليه بعض من شاهدوه، وهنالك كانت مجموعة من الصبية يجلسون حول شاب ضعيف البنية متوسط الطول عيناه عسلية، انتفض واقفاً حينما علم أننا نريده، وسار وهو يعرج في مشيته، وكأنه يعاني إصابة في قدمه، إلى أن وصلنا وألقى التحية بهدوء وجلس بجوارنا داخل العربة، وتبسم إلى أن بانت نواجذه، كاسراً حاجز الرعب بدواخلنا وقال: (يا أختى دايرة مني شنو؟ أدخلي في الموضوع طوالي) ليبدأ حوارنا بمواجهته بأنه من أخطر زعماء عصابات النيقرز، ولكنه امتعض واحتج وثارت ثائرته وقال: أنا لست نيقرز ولا علاقة لي بهم. وعاد ليهدأ مرة أخرى ويقول لنا: (إنتو لمن تقولوا نحن عصابات نيقرز بتدخلونا في حسابات تانية مع الحكومة)، وأضاف: (كدة أي جريمة تقع ونحن أبرياء بتلبسونا طاقيتها ونحن ما عندنا بيها علاقة، وفي ناس غيرنا بيعملوا زي عملنا). هدأنا من روعه وعاودنا سؤاله: إذن من أنتم؟ فأجاب بابتسام: (نحن أصدقاء... بنحب المرح والجو الحلو بس) واسترسل ليبدأ روايته قائلاً: "أنا أقيم مع أسرتي ووالدتي وبقية أفراد عائلتي". وأضاف: "أنا كنت أعمل بالقوات النظامية وكنت عسكرياً ولكنني تركت الجيش بناء على رغبة أمي التي ربطت رضاها عني بترك العمل في القوات المسلحة ورضا أمي فوق كل اعتبار".
السبب (دبيسة)
قال (ستيريو): في العام 2003م كنت أدرس بمرحلة الأساس، وكان من المفترض أن أجلس لامتحان الصف الثامن، ولكنني امتنعت وتركت الدراسة، ووقتها قدت مجموعة من الأطفال في سني في الحي، وشكلنا مجموعة للمرح. كنا نميل للخروج في رحلات وحضور مناسبات الأفراح بغرض خلق أجواء من المرح، ووقتها وقعت في شرك قصة حب عنيف مع إحدى الفتيات، وهذه العلاقة هي التي كانت السبب الذي قادني لهذا الطريق المظلم، بدأت قصة حب عنيف هو الأول في حياتي مع إحدى الفتيات من دولة الجنوب. وأضاف: غادرت مع الذين غادروا إلى دولتها، تلك الفتاة كنا نطلق عليها اسم (دبيسة) ولاحقاً أنجبت لي مولوداً ذكراً، ولكنه توفي بعد مدة و(كل زول فينا فرتق)، تلك الفتاة خانتني مع شاب بمربع (4) آنذاك، وهو حي مجاور، وعندما علمت بذلك ثارت ثائرتي، فجمعت أصدقائي وذهبنا إلى ذلك الحي، حيث بدأت المواجهة والاشتباكات بيننا وبين شباب فريق (4).
اشتبكنا مع شباب الحي الآخر، وكانت تلك أول مشكلة افتعلناها في 2003م، وبعدها سافرت عدة سفريات بعد أن عملت بالقوات المسلحة، ولكن عند حضوري اكتشفت أن عصابات فريق (4) لا زالت تذكر المشكلة، وتنوي الثأر منا، فتمسكت بمجموعتي وظلت بين الفينة والأخرى يعتدون علينا ونعتدي، عليهم فكانوا يتعمدون الاعتداء علينا في حال وجدونا فرادى بالسواطير ونهبنا، فكنا نرد لهم الغارة، ولا زالت النزاعات والمشكلات بيننا قائمة. وقال: (إذا هسي جو وشافوني بيتلموا على ويضربوني بالسواطير وينهبوني)، وأضاف: "ومنذ ذلك الوقت أطلق علينا اسم عصابات النيقرز رغم أنه لا علاقة لنا بالاسم، وأكد أن أول مجموعة شكلها كانت في 2004م وأن عناصرها أصدقاؤه فقط.
ملابس مميزة
نفى (ستيريو) أن تكون لديهم علامات أو ملابس مميزة ولا حتى (راندوك)، أي بمعنى لغة خاصة، ولا حتى حلاقات رأس خاصة، وقال إن أي فرد من عناصر مجموعته يرتدي ملابس كما يحلو له، وقال: "لا نحمل سواطير إلا عندما نذهب إلى غارة أو لحماية أنفسنا فقط". وقال: (نحن لا ننهب أحداً، ولكن المشكلات بيننا كمجموعات فقط)، على الرغم من أنه ورفاقه الذين (كبوا الزوغة) أول ما جئنا إليهم ظناً منهم أننا حكومة كانوا جميعهم يرتدون بنطلون الجينز السستم، وأنه بعدها سافر لبورتسودان.
واصل الشاب حديثه قائلاً إنه وعقب عودته من بورتسودان بعشرين يوماً، وبينما كان خارج المنزل صباحاً، حضرت الشرطة للإمساك به في بعض البلاغات، ادعى أنه لم يرتكبها، وفي تلك الأثناء قام بإخراج سكين كان يحملها حسب إفاداته، وحاول الاعتداء عليهم، ولكنه رأى المسدس فآثر الركض فأصيب برصاصة على قدمه، بينما كان يقفز بين حوائط المنازل تسببت في كسر قدمه، ومكث لتلقي العلاج بمستشفى الشرطة، وأجريت له عملية جراحية، وأخرج من المستشفى، وعلى الرغم من أن قدمه لم تعد كما في السابق، إلا أن الإصابة أقعدته عن العمل وظل عاطلاً، وأقر (الزعيم) بأنه حوكم بالسجن لمدة سنتين في بلاغ نهب وأذى، وادعى أنه لم يرتكبه ولا يعرف الشاكي فيه ولا الشهود.
الغريب في الأمر أنه كانت تبدو على جسد (ستريو) إصابات متفرقة، إحداها ضربة بساطور على ناصية رأسه، وأخرى على يديه، وآثار حروق وجراح متعددة؛ وبسؤاله عن أسباب تلك الإصابات أجاب بأنه تعرض لضربة ساطور من قبل زعيم عصابات فريق (4)، الذي كان من أخطر زعماء العصابات بتلك المنطقة، وفرّ عقب ارتكابه الجريمة إلى دولته، إذ أنه ينتمي لدولة جنوب السودان.
الوداع الأخير
كان هاتف (ستريو) الأبيض اللون يرن بين الفينة والأخرى، إلى أن اتصلت به إحداهن، ولم يكد يتعرف عليها، إلا حينما عرفت نفسها به فعدل جلسته وتركها على الخط واستدار ناحيتنا: (أي سؤال آخر؟) سألناه عن أسباب حمله السواطير، فقال: أنا لا أحمل سواطير، لا أنا ولا مجموعتي، وهبط من العربة ليواصل حديثه الشيق مع محدثته عبر الهاتف، ولكن وبينما كان يستعد للهبوط انكشف جزء من جسده ليظهر ساطور كبير كان يخفيه بين جسده وبنطلون الجينز، الذي كان يرتديه على طريقة ال(سستم)، بينما كان الساطور مخفياً بسبب الفانيلا التي كان يرتديها. ودعنا وغادرنا عائداً إلى حيث مجموعته التي كانت تجلس بتلك الراكوبة، ولكنه فوجئ بأن جميعهم غادروا الراكوبة بمجرد توقف عربتنا ظناً منهم أننا (المباحث).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.