مسيرات تابعة للجيش تستهدف محيط سلاح المدرعات    مصر: لا تخرجوا من المنزل إلا لضرورة    الملك سلمان يخضع لفحوصات طبية بسبب ارتفاع درجة الحرارة    واصل برنامجه الإعدادي بالمغرب.. منتخب الشباب يتدرب على فترتين وحماس كبير وسط اللاعبين    عصر اليوم بمدينة الملك فهد ..صقور الجديان وتنزانيا كلاكيت للمرة الثانية    الطيب علي فرح يكتب: *كيف خاضت المليشيا حربها اسفيرياً*    عبد الواحد، سافر إلى نيروبي عشان يصرف شيك من مليشيا حميدتي    المريخ يستانف تدريباته بعد راحة سلبية وتألق لافت للجدد    هنري يكشف عن توقعاته لسباق البريميرليج    تعادل سلبي بين الترجي والأهلي في ذهاب أبطال أفريقيا في تونس    باير ليفركوزن يكتب التاريخ ويصبح أول فريق يتوج بالدوري الألماني دون هزيمة    كباشي يكشف تفاصيل بشأن ورقة الحكومة للتفاوض    متغيرات جديدة تهدد ب"موجة كورونا صيفية"    تقرير مسرب ل "تقدم" يوجه بتطوير العلاقات مع البرهان وكباشي    مقتل مواطن بالجيلي أمام أسرته علي ايدي مليشيا الدعم السريع    تمبور يثمن دور جهاز المخابرات ويرحب بعودة صلاحياته    محمد وداعة يكتب: معركة الفاشر ..قاصمة ظهر المليشيا    مصر لم تتراجع عن الدعوى ضد إسرائيل في العدل الدولية    أمجد فريد الطيب يكتب: سيناريوهات إنهاء الحرب في السودان    يس علي يس يكتب: الاستقالات.. خدمة ونس..!!    عبد الفضيل الماظ (1924) ومحمد أحمد الريح في يوليو 1971: دايراك يوم لقا بدميك اتوشح    مطالبة بتشديد الرقابة على المكملات الغذائية    السودان..الكشف عن أسباب انقلاب عربة قائد كتيبة البراء    شاهد بالصورة والفيديو.. "المعاناة تولد الإبداع" بعد انقطاع الماء والكهرباء.. سوداني ينجح في استخراج مياه الشرب مستخدماً "العجلة" كموتور كهرباء    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء سودانية تخطف قلوب المتابعين وهي تستعرض جمالها ب(الكاكي) الخاص بالجيش وتعلن دعمها للقوات المسلحة ومتابعون: (التحية لأخوات نسيبة)    بالفيديو.. شاهد رد سوداني يعمل "راعي" في السعودية على أهل قريته عندما أرسلوا له يطلبون منه شراء حافلة "روزا" لهم    مدير الإدارة العامة للمرور يشيد بنافذتي المتمة والقضارف لضبطهما إجراءات ترخيص عدد (2) مركبة مسروقة    قيادي سابق ببنك السودان يطالب بصندوق تعويضي لمنهوبات المصارف    شاهد بالصورة.. (سالي عثمان) قصة إعلامية ومذيعة سودانية حسناء أهلها من (مروي الباسا) وولدت في الجزيرة ودرست بمصر    آفاق الهجوم الروسي الجديد    كيف يتم تهريب محاصيل الجزيرة من تمبول إلي أسواق محلية حلفا الجديدة ؟!    شبكة إجرامية متخصصة في تزوير المستندات والمكاتبات الرسمية الخاصة بوزارة التجارة الخارجية    إنشاء "مصفاة جديدة للذهب"... هل يغير من الوضع السياسي والاقتصادي في السودان؟    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني في الموازي ليوم الأربعاء    وسط توترات بشأن رفح.. مسؤول أميركي يعتزم إجراء محادثات بالسعودية وإسرائيل    "تسونامي" الذكاء الاصطناعي يضرب الوظائف حول العالم.. ما وضع المنطقة العربية؟    شاهد بالصورة.. حسناء السوشيال ميديا "لوشي" تنعي جوان الخطيب بعبارات مؤثرة: (حمودي دا حته من قلبي وياريت لو بتعرفوه زي ما أنا بعرفه ولا بتشوفوه بعيوني.. البعملو في السر مازي الظاهر ليكم)    حتي لا يصبح جوان الخطيبي قدوة    5 طرق للتخلص من "إدمان" الخلوي في السرير    انعقاد ورشة عمل لتأهيل القطاع الصناعي في السودان بالقاهرة    أسامه عبدالماجد: هدية الى جبريل و(القحاتة)    "المايونيز" وراء التسمم الجماعي بأحد مطاعم الرياض    محمد وداعة يكتب: ميثاق السودان ..الاقتصاد و معاش الناس    تأهب في السعودية بسبب مرض خطير    باحث مصري: قصة موسى والبحر خاطئة والنبي إدريس هو أوزوريس    بنقرة واحدة صار بإمكانك تحويل أي نص إلى فيديو.. تعرف إلى Vidu    الفيلم السوداني وداعا جوليا يفتتح مهرجان مالمو للسينما في السويد    كيف يُسهم الشخير في فقدان الأسنان؟    هنيدي ومحمد رمضان ويوسف الشريف في عزاء والدة كريم عبد العزيز    تنكُر يوقع هارباً في قبضة الشرطة بفلوريدا – صورة    معتصم اقرع: حرمة الموت وحقوق الجسد الحي    يس علي يس يكتب: السودان في قلب الإمارات..!!    يسرقان مجوهرات امرأة في وضح النهار بالتنويم المغناطيسي    بعد عام من تهجير السكان.. كيف تبدو الخرطوم؟!    العقاد والمسيح والحب    أمس حبيت راسك!    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بيان عمر لطفي في مجلس الأمن
نشر في السوداني يوم 06 - 02 - 2014

في الجزء الأول من «أبعاد الصراع المصري - الأثيوبي على قضيتي الفشقة وحلايب» التي نوقشت من خلال برنامج «حتى تكتمل الصورة» يوم الخميس 23 يناير 2014، ورد على لسان زميلنا الدكتور سلمان محمد أحمد سلمان ما يلي:
1- إن السودان كسب في عام 1958 الجانب القانوني في مسألة حلايب.
2- إن عمر لطفي مندوب مصر في الأمم المتحدة أعلن في مجلس الأمن في 21 فبراير 1958 ما يلي:
- أن مصر قررت الانسحاب من حلايب.
- أن مصر ستسمح للسودان بإجراء الانتخابات.
- أن مصر لن تجري الاستفتاء في حلايب.
- أن مصر ستسحب كتيبتها من حلايب.
3- أن الخطأ الكبير الذي ارتكبته حكومة عبدالله خليل - محجوب أنها لم تترجم هذا الانتصار في اتفاقية أو حتى مذكرة تفاهم ورجعت بالانتصار واكتفت به.
4- لو أنه (أي دكتور سلمان) كان المستشار القانوني لحكومة السودان في ذلك الوقت لطلب من السودان أن يجلس مع القاهرة ويدخل في اتفاق يرسم الحدود بين مصر والسودان ويوضح أراضي حلايب.
يؤسفني أن اختلف مع زميلي دكتور سلمان في كل ما تقدم، وأن أذكر الآتي:
1- إن السودان لم يحقق أي انتصار قانوني عندما طرحت مسألة حلايب في الفترة من 29 يناير إلى 21 فبراير 1958 حتى يُلام عبدالله خليل ومحمد أحمد محجوب (عليهما رحمة الله) على عدم تسجيله في اتفاقية أو مذكرة تفاهم.
2- إن مباحثات محمد أحمد محجوب مع جمال عبدالناصر في 18 و19 فبراير 1958 انتهت إلى فشل وصدر بذلك بيان مصري رسمي، وبسبب ذلك تقدم عبدالله خليل بشكوى إلى مجلس الأمن بخطابه المؤرخ 20 فبراير1958.
3- إن أياً من النقاط الأربع سالفة الذكر التي نسبها دكتور سلمان إلى عمر لطفي لم ترد صراحة أو ضمناً في البيان الذي أدلى به أمام مجلس الأمن في 21 فبراير 1958. ولا مجال للاستناد إليها للدفع بأن السودان حقق انتصاراً في مسألة حلايب في عام 1958 أو أن رئيس الوزراء عبدالله خليل ووزير خارجيته (القانوني والمحامي المرموق) محمد أحمد محجوب قد فرطا في هذا الانتصار وفات عليهما تسجيله في اتفاقية أو حتى مذكرة تفاهم.
لتفصيل ما تقدم نورد وبكثير من الإيجاز ما يلي:
تطورات النزاع
1- في أول فبراير 1958م وبينما كانت الحكومة الائتلافية منهمكة في الإعداد للانتخابات البرلمانية التي حدد لها يوم 27 فبراير 1958 وكان معظم الوزراء بمن فيهم وزير الخارجية يتابعون الحملة الانتخابية في أقاليم السودان المختلفة تلقت تلك الحكومة مذكرة من الحكومة المصرية بتاريخ 29 يناير 1958. ادعت هذه المذكرة أن إدخال المنطقة الواقعة شمالي وادي حلفا ومنطقة حلايب الواقعة على ساحل البحر الأحمر ضمن الدوائر الانتخابية السودانية يناقض اتفاقية 19 يناير 1899 ويشكل بذلك خرقاً للسيادة المصرية لأن هذه المناطق مصرية ولا يحق لحكومة السودان أن تشملها ضمن الدوائر الانتخابية.
وطالبت الحكومة المصرية بإلغاء الحدود التي أنشأتها قرارات نظارة الداخلية المصرية في مارس 1899 ويوليو / نوفمبر 1902م على اعتبار أنها كانت حدوداً إدارية والعودة إلى الحدود التي أنشأتها اتفاقية 19 يناير 1899 على أساس أنها تمثل الحدود السياسية بين مصر والسودان.
2- وقبل أن يلتئم شمل مجلس الوزراء السوداني لمناقشة المذكرة المصرية بعثت الحكومة المصرية بمذكرة أخرى بتاريخ 9 فبراير 1958م. وقد سلمها السفير المصري إلى رئيس وزراء السودان في 13 فبراير 1958. أعلنت الحكومة المصرية في هذه المذكرة أنه استناداً إلى حقوق سيادتها فقد قررت أن تتيح لسكان منطقتي وادي حلفا وحلايب فرصة الاشتراك في الاستفتاء على رئاسة الجمهورية بين الرئيسين جمال عبد الناصر وشكري القوتلي.
3- أخطر وزير الخارجية المصري السفير السوداني في القاهرة في 16 فبراير 1958م بأنه حتى يتسنى إجراء الاستفتاء فقد تم إرسال لجان انتخابية وقوات من حرس الحدود إلى المناطق التي تطالب بها مصر وأن هذه اللجان ستكون في هذه المناطق في التاريخ المحدد للاستفتاء وهو 21 فبراير 1958. وفي مذكرة بتاريخ 18 فبراير 1958 عبّرت الحكومة المصرية عن إصرارها على أن يشمل الاستفتاء المناطق المتنازع عليها وطلبت من الحكومة السودانية سحب الكتيبة الموجودة هناك إلى جنوب خط 22 درجة.
4- أعلن السفير المصري في الخرطوم في مؤتمر صحفي في 18 فبراير 1958 أن دخول لجان الاستفتاء إلى المناطق المتنازع عليها لا يعتبر تعدياً لأن تلك اللجان قد دخلت أرضاً مصرية كما وأن دخول قوات من حرس الحدود مع لجان الاستفتاء أمر طبيعي ولا يمكن أن يعتبر عملاً عسكرياً.
5- بالرغم من تسارع الأحداث فقد حاولت الحكومة السودانية بالمذكرات وعبر الهاتف وبإرسال وزير خارجيتها إلى القاهرة إقناع الحكومة المصرية بارجاء بحث مسألة الحدود إلى ما بعد الانتخابات السودانية.
6- تنفيذاً لقرار لمجلس الوزراء حاول عبدالله خليل في صباح 17 فبراير 1958 الاتصال هاتفياً بالرئيس جمال عبدالناصر ولكنه أبلغ بأن عبدالناصر في مكان غير معلوم وتلقى المحادثة نيابة عنه زكريا محيي الدين وزير الداخلية. نقل عبدالله خليل إلى زكريا محيي الدين رغبة حكومة السودان في أن ترجئ مصر ما اتخذت من إجراء في المناطق التي تطالب بها إلى ما بعد الانتخابات السودانية. وأكد له استعداد السودان للدخول في مفاوضات مع مصر بشأن هذا الموضوع بعد الانتخابات السودانية.
فشل مباحثات محجوب مع عبدالناصر
1- إزاء الاخفاق في الوصول إلى اتفاق بشأن التأجيل عبر القنوات الدبلوماسية، قرر السودان إيفاد وزير الخارجية محمد أحمد محجوب إلى القاهرة لينقل إلى عبدالناصر رغبة السودان في تأجيل بحث المطالب المصرية إلى ما بعد إجراء الانتخابات السودانية التي حُدد لها يوم 27 فبراير 1958.
2- اجتمع محجوب فور وصوله إلى القاهرة في 18 فبراير 1958 مع وزير الخارجية المصري بحضور بعض الوزراء المصريين. شرح محجوب وجهة النظر السودانية وأكد حسن نية حكومة السودان تجاه الحكومة المصرية.
3- في منتصف يوم 19 فبراير 1958 اجتمع محجوب يرافقه سفير السودان في القاهرة بجمال عبدالناصر. شرح محجوب لعبدالناصر الأحوال السائدة في السودان آنذاك. وأكد استعداد حكومة السودان للبدء في مباحثات حول النزاع بعد الانتخابات السودانية. وأبلغ محجوب عبدالناصر بأنه إذا وافقت حكومته على إجراء الانتخابات في المناطق المتنازع عليها، فإن حكومة السودان ستصدر تعهداً بأنها لن تستند إلى إجراء الانتخابات كبينة لتأييد مطالبة السودان بالسيادة على هذه المناطق. رفضت الحكومة المصرية ذلك واقترحت ألا تجرى أي انتخابات ليس في المناطق المتنازع عليها فحسب وانما في كل أجزاء دائرة وادي حلفا ودائرة البشاريين. رفض السودان هذا الاقتراح ورفض اقتراحاً مصرياً بأن تجرى الانتخابات السودانية والاستفتاء المصري بشرط أن توضع صناديق الاقتراع خارج المناطق المتنازع عليها.
4- أبلغ الجانب المصري محجوب بأن الحكومة المصرية لم تكن تتوقع أبداً أن يرفض السودان تسليم المناطق التي طالبت بها. وأشار الجانب المصري إلى أن السودان قد رد جمبيلا إلى الأثيوبيين بدون أي تردد. رفض محجوب المقارنة بين جمبيلا والمناطق المتنازع عليها وبسط حججاً لا نرى داعياً لا يرادها هنا.
5- فشلت مباحثات محجوب مع عبدالناصر. وبهذه المناسبة أصدرت الحكومة المصرية بياناً جاء فيه «دارت أخيراً اتصالات بين الحكومتين المصرية والسودانية عن طريق السيدين وزير خارجية السودان وسفير السودان في القاهرة، بشأن مناطق الحدود بين مصر والسودان، وحرصاً من الحكومة المصرية على أن يتفادى الجميع القيام بأي عمل يمس وجهة نظر أي من الحكومتين، أو يضر بغرض الوصول إلى حل ودي عن طريق مفاوضات تبدأ مباشرة عقب قيام الحكومة السودانية الجديدة، عرضت الحكومة المصرية على الحكومة السودانية ألا تجري الحكومتان أي استفتاء او انتخاب داخل هذه المناطق وذلك انتظاراً لتلك المفاوضات. وتأسف الحكومة المصرية أن الحكومة السودانية رفضت هذا العرض».
السودان يلجأ لمجلس الأمن
في يوم 20 فبراير 1958 أي عشية التاريخ المحدد للاستفتاء المصري وهو 21 فبراير 1958 حدث تطور خطير في الموقف. ففي ذلك التاريخ اخترقت باخرة مصرية وصندلان الحدود السودانية ولم ترضخ للأمر بالوقوف الذي أصدرته لها نقطة شرطة فرص السودانية وتم اعتراض الباخرة والصنادل في دبيره وحجزهما في وادي حلفا. وكان على متن الباخرة إثنان من ضباط الجيش المصري وضابط من المخابرات المصرية وآخرون بلغ عددهم 35 فرداً ويعتقد أن لجان الاستفتاء كانت من بين هؤلاء. بعد التفتيش وجد في الباخرة جهاز إرسال وأسلحة خفيفة ومعدات أخرى. وتبين أن الصنادل كانت محملة بكميات من السكر والأرز والأقمشة وبعض المعدات الأخرى. احتجز الضباط في فندق النيل بوادي حلفا واحتجز الجنود في معسكر للجيش. إذ كانت تعسكر في وادي حلفا قوات من الجيش السوداني بقيادة اليوزباشي (النقيب) الفاتح محمد بشير بشارة. وورد في الأنباء أنه عندما كان طاقم الباخرة في طريقه إلى نقطة الجمارك قابلتهم مظاهرة من بعض أهالي وادي حلفا وهي تهتف بحياة السودان المستقل.
إزاء كل هذه التطورات وغيرها ورفض مصر حتى يوم 20 فبراير 1958 اقتراح السودان بإرجاء بحث مسألة حلايب إلى ما بعد الانتخابات السودانية، قررت حكومة السودان التقدم بشكوى إلى مجلس الأمن. كانت الشكوى بتوقيع رئيس الوزراء عبدالله خليل ومؤرخة 20 فبراير 1958 ورفعها في نفس التاريخ إلى الأمين العام للأمم المتحدة داج همرشولد مندوب السودان الدائم في الأمم المتحدة يعقوب عثمان.
ذكر عبدالله خليل في صدر المذكرة أن الحكومة المصرية طالبت بتسليمها المناطق الشمالية الشرقية من السودان شمال خط عرض 22 درجة شمالاً والمنطقة الواقعة شمال مدينة حلفا والتي تشمل سرة ودبيرة وفرص. ثم أورد النقاط التالية:
1- في 9 فبراير 1958 تلقت حكومة السودان تقارير تفيد بأن القوات المصرية قد أُرسلت إلى الجزء الشمالي الشرقي من السودان شمال خط 22 درجة شمالاً. وقد أنكرت الحكومة المصرية تلك التقارير عندما استفسرتها حكومة السودان عن ذلك.
2- في 13 فبراير 1958 بعثت الحكومة المصرية مذكرة طالبت فيها بأن يشترك السكان السودانيون الذين يقيمون في هذا الإقليم السوداني في الاستفتاء المصري الذي سيعقد في 21 فبراير 1958. وفي مرات عديدة طلبت حكومة السودان من الحكومة المصرية أن تعطيها الوقت الكافي لدراسة هذه المسألة المعقدة والتي اختارت الحكومة المصرية أن تثيرها في وقت تنشغل فيه حكومة وشعب السودان في الانتخابات البرلمانية العامة التي ستجرى في 27 فبراير 1958.
3- في 16 فبراير 1958 أبلغت الحكومة المصرية حكومة السودان بأنها سترسل إلى الاقليم المنوه عنه لجان الاستفتاء تصحبها قوات من سلاح الحدود لإجراء الاستفتاء المصري. وقد طلبت حكومة السودان مرتين من الحكومة المصرية بأن تُعطي الوقت للتفاوض مع الحكومة المصرية.
4- في 18 فبراير 1958 أرسلت الحكومة المصرية مذكرة إلى حكومة السودان أصرت فيها على إدخال الاقليم المعني (أي اقليم حلايب) في الاستفتاء المصري وطلبت من السودان سحب الكتيبة السودانية الموجودة هناك. وهي الكتيبة التي ركزها السودان هناك لحفظ الأمن والنظام خلال الانتخابات البرلمانية. رفضت حكومة السودان الطلب المصري لأنه يشكل انتهاكاً لسيادة السودان. ومعلوم أن هذه الكتيبة كان يقودها القائمقام (العقيد) زين العابدين حسن الطيب وقد أُرسلت إلى منطقة حلايب منذ بداية النزاع.
5- ورغبة منه في التوصل إلى تسوية ودية للنزاع فقد أرسل السودان وزير خارجيته إلى مصر. ولكن لم يتم التوصل إلى تسوية. ومازالت التقارير ترد أنباء عن اختراقات ضخمة للحدود من قبل القوات المصرية ولا تزال الحكومة المصرية مصرة على إجراء الاستفتاء في إقليم حلايب السوداني.
6- في الفقرة الأخيرة ذكرت حكومة السودان أنها تنظر بقلق عميق إلى مسلك الحكومة المصرية غير الشرعي والذي يشكل انتهاكاً للسيادة السودانية. وبما أن السودان عازم على حماية أرضه، فإن هذا الوضع قد يؤدي إلى إخلال بالسلم، وإذا لم يسيطر عليه فلربما يتطور إلى نزاع مسلح. لذلك طلب السودان من الأمين العام للأمم المتحدة أن يدعو مجلس الأمن للانعقاد فوراً وأن يستخدم مساعيه الحميدة لإيقاف العدوان المصري الوشيك.
بيان عمر لطفي في مجلس الأمن
اجتمع مجلس الأمن في الساعة الثالثة من بعد ظهر يوم 21 فبراير 1958 برئاسة المندوب الروسي سوبوليف. وقبل أن نقدم عرضاً لبيان مندوب مصر عمر لطفي نذكر أنه في نفس تاريخ انعقاد مجلس الأمن أي 21 فبراير 1958اتخذت الحكومة المصرية إجراءين:
1- في 21 فبراير 1958 أصدرت الحكومة المصرية بياناً قالت فيه أنها قررت تأجيل تسوية مسألة الحدود إلى ما بعد الانتخابات السودانية. على أن تبدأ المفاوضات لتسوية كل المسائل التي لم يقرر فيها بعد اختيار الحكومة السودانية الجديدة.
2- في 21 فبراير 1958 دخلت قوات من حرس الحدود بقيادة القائمقام رؤوف الجوهري منطقة حلايب ورفعت العلم المصري في أبو رماد الواقعة شمال خط عرض 22 درجة شمالاً. وقد رفض الجوهري الاستجابة إلى طلب مفتش مركز سنكات مأمون حسن مصطفى وحكمدار شرطتها علي صديق بإنزال العلم المصري والانسحاب من المنطقة. ولكن الجوهري ظل هناك حتى يوم 25 فبراير.
نعود إلى بيان عمر لطفي في جلسة مجلس الأمن التي عقدت في 21 فبراير 1958. رقم هذه الجلسة هو 812 ومحضرها موجود باللغة الإنجليزية ضمن وثائق الأمم المتحدة. ويشغل بيان عمر لطفي الفقرات من 35 إلى 47 من المحضر. وقبل أن نستعرض البيان نذكّر القارئ بأن زميلنا دكتور سلمان قد قال في حديثه من خلال برنامج «حتى تكتمل الصورة» التلفزيوني إن عمر لطفي أعلن في مجلس الأمن في 21 فبراير 1958:
- أن مصر قررت الانسحاب من حلايب.
- أن مصر ستسمح للسودان باجراء الانتخابات.
- أن مصر لن تجري الاستفتاء في حلايب.
- أن مصر ستسحب كتيبتها من حلايب.
وكتب دكتور سلمان في مقال بسودانايل حول نفس الموضوع: «اجتمع مجلس الأمن في 21 فبراير 1958 ووقتها تراجعت مصر بناءً على بيان تلاه مندوبها السيد عمر لطفي عن قرارها بعقد الاستفتاء، وسمحت في نفس الوقت باجراء انتخابات في حلايب، كما أعلنت مصر سحب فرقتها العسكرية من المنطقة. عليه فقد قرر مجلس الأمن حفظ شكوى السودان والاجتماع لاحقاً بناء على طلب أي من الطرفين بموافقة المجلس».
لقد قرأت بيان عمر لطفي عدة مرات ولكن يؤسفني أن أقرر أنني لم أجد فيه ما تحدث عنه دكتور سلمان أو كتب. ففي الفقرتين 36 و37 من المحضر تحدث عمر لطفي عن علاقات الجوار والإخاء والصداقة التي تربط مصر والسودان. وأكد التزام مصر بمبادئ تقرير المصير للشعب السوداني وأنها قد طبقت ذلك عملياً في اتفاقية 12 فبراير 1953 المبرمة بين مصر والمملكة المتحدة. وأضاف أنه منذ إبرام تلك الاتفاقية وإعلان استقلال السودان تعين على الحكومة المصرية أن تسوي المسائل المختلفة العالقة مع السودان وقد فعلت ذلك دائماً بروح الصداقة والتصالح ووفقاً لمبادئ وأحكام ميثاق الأمم المتحدة. وبهذه الروح أبرمت مصر مع السودان مؤخراً اتفاقية نقدية.
ولكل الأسباب المتقدمة استنكر عمر لطفي في الفقرة 38 من البيان قرار السودان المتسرع بوضع المسألة أمام مجلس الأمن بعد أن رفض الاقتراحات المختلفة التي قدمتها له مصر لتسوية النزاع بروح ميثاق الأمم المتحدة وعلاقات الصداقة وحسن الجوار التي سادت دائماً بين البلدين، وقبل أن يستنفد وسائل التسوية السلمية الأخرى المشار إليها في الميثاق وبوجه خاص المادة 33 التي تنص ضمن أمور على اللجوء إلى الوكالات والتنظيمات الإقليمية والتي تشمل بوضوح جامعة الدول العربية.
في الفقرات من 39 إلى 41 نوه عمر لطفي إلى مسألتين تتعلقان بالإجراءات وصياغة الشكوى التي رفعها السودان، فقال أولاً: يشير كتاب ممثل السودان إلى حشد قوات عسكرية تتحرك نحو الحدود السودانية. ففي هذا الصدد ذكر لطفي أنه لا توجد قوات مسلحة في تلك المنطقة بل لمصر قوات من حرس الحدود لحفظ النظام والأمن. وعلى عكس ذلك فإن لمصر معلومات بأنه توجد قوات سودانية مسلحة في المنطقة المتنازع عليها وأن باخرة مصرية قد تم احتجازها. وثانياً: وبالنسبة لمسألة صياغة الشكوى أبدى عمر لطفي أسفه لاستخدام عبارة «عدوان» وعبارة «وشيك» وقال إن العدوان يعني هجوم مسلح وهو في هذه الحالة بعيد عن الحقيقة.
في الفقرة 42 قال عمر لطفي إن مصر مقتنعة بأنها محقة في النزاع وتستطيع أن تثبت بالحجة وبالوثائق صحة حقها في المنطقة المتنازع عليها، إلا أنها تفضل أن تتعامل مع السودان بتسامح وحسن نية وبروح التصالح بسبب علاقات حسن الجوار والإخاء. وذهب عمر لطفي إلى أنه ليس هناك ما يجنى اليوم من مناقشة المسألة القانونية التي نشأ عنها النزاع بين البلدين في مجلس الأمن، وأنه ليس هناك ما يدعو للإشارة إلى اتفاقية 1899 المبرمة بين مصر و بريطانيا بشأن إدارة السودان أو إلى القرارات الوزارية المصرية بشأن إدارة المنطقة التي تدعم القضية المصرية.
في الفقرة 45 قال عمر لطفي إنه يجد نفسه مرغماً ليبدي أن شكوى السودان لمصر في مجلس الأمن لا تحمل أي وزن حقيقي وأنها ربما تكون ناتجة عن اعتبارات داخلية تتصل بقرب اجراء انتخابات السودان.
في الفقرة 46 تلا عمر لطفي البيان الذي أصدرته الحكومة المصرية في 21 فبراير 1958 والذي جاء فيه: «حفاظاً على الروابط التي تجمع بين الشعبين المصري والسوداني، قررت الحكومة المصرية تأجيل تسوية مسألة الحدود إلى ما بعد الانتخابات السودانية. على أن تبدأ المفاوضات بتسوية كافة المسائل التي لم يتخذ بشأنها قرار بعد اختيار الحكومة السودانية الجديدة». وجاء فيه أيضاً: «أن الحكومة المصرية لم تستجب للاستفزازات التي حاولت أن تخلق انطباعاً بحدوث تدخل مسلح أو غزو للأراضي السودانية وذلك في الوقت الذي لا توجد فيه في الحدود الجنوبية أي قوات مصرية عدا دوريات حرس الحدود العادية. إن مصر لتعلن مرة أخرى أن القوات المسلحة المصرية لم تؤسس لتغزو السودان بل لتكون عوناً له ضد العدو المشترك».
في نهاية الجلسة لخص رئيس المجلس آراء أعضاء المجلس بقوله إن المجلس قد استمع إلى بيانات من ممثلي السودان ومصر وأخذ علماً بتأكيدات الممثل المصري بأن حكومته قررت تأجيل تسوية مسألة الحدود إلى ما بعد انتهاء الانتخابات السودانية. وأضاف أن الموضوع المقدم سيظل بالطبع أمام المجلس.
إن من حقنا ومن حق المشاهد والقارئ أن يسأل أين يكمن التراجع المصري في بيان عمر لطفي؟ وأين هي الإعلانات التي نسبها دكتور سلمان إلى بيان عمر لطفي وأسس عليها انتصاراً قانونياً سودانياً لا وجود له وأعاب على عبدالله خليل ومحمد أحمد محجوب عدم تسجيله في اتفاق أو في مذكرة تفاهم؟
وأخيراً ماكنت أود الخوض في نقاش علني حول هذا الموضوع مع زميلي دكتور سلمان لولا أن حديثه عبر منبر عام انطوى على اتهام جائر لرجلين من خيرة قيادات السودان التاريخية بالتفريط والتقصير في أمر يتعلق بالسيادة على الأراضي السودانية.
1


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.