السجل المدني يظل الوفاء للمواقف والأشخاص من أنبل القيم الإنسانية التي تمد الحياة بأواصر المودة والمشاعر النبيلة الراقية حتى لا تتحول إلى ميادين للصراع المادي الذي لا يعترف إلا بالكسب الذي يلهث الناس وراءه وفي سبيله وفي سبيل الحصول عليه تتحطم الكثير من القيم والأفكار العظيمة التي يستهدفها الإنسان, بهذا الفهم نقرأ معاً حفل تكريم الفنان القدير صلاح بن البادية بقاعة الصداقة ليلة 2/فبراير/2014م وسط حضور رسمي وشعبي, ونقرأ في هذا التكريم الذي صادف أهله جملة من البشريات أولاها مبادرة المجتمع في تكريم رموزه وقاماته السامقة من أصحاب العطاء والذين أسهموا بقدرٍ وافرٍ في تشكيل الذوق العام, وهنا تكون المبادرة دليل عافية وقدرة على التمييز بل اعتراف كامل من المجتمع على قدرة الفن في خلق روابط إنسانية ووجدانية وتجميع القلوب على قيمٍ جديدة تتعالى فوق التفكير الذاتي الأناني والجهوي, فالذين حضروا في قاعة الصداقة ليشهدوا التكريم جاءوا من كلّ فجٍ عميق ليس بينهم رابط إلا الالتفاف وعشق فن ابن البادية الأصيل. ثاني البشريات أن هذا الشعب السوداني الذوّاق للفن يُقدر ويعرف قيمة الفن الأصيل ويتفاعل معه في كل زمان ومكان وأبلغ دليل على ما نقول ذلك الحضور الكثيف الذي ضاقت به جنبات قاعة الصداقة يليق بفنان بقامة صلاح بن البادية الذي تغّني (بسال من شعرها الذهب) (الملك) وتأكيدٌ على موهبة هذا الفنان ابن البيئة الصوفية المعروفة والتي لاشكّ أمدته بهذه الروح الشفافة وهذا العطاء الذي لم يتأرجح من القمة طيلة مسيرته الفنية. وثالث البشريات أن المجتمع ظل يحترم كل المبدعين الحقيقيين الذين أفرزتهم حركة المجتمع ويرضى عنهم رضاءً تاماً وظل يمدهم بالتشجيع والمؤازرة المعنوية العالية ليزدادوا توهجاً وألقاً وعطاءً ولا ينسى دورهم في تلوين حياته بألوان الفرح ولوحات الجمال كما فعل ابن البادية خلال مسيرته الفنية الرائعة التي امتدت لسنواتٍ طويلة وما زالت. التحية للقائمين بأمر هذا التكريم على جهدهم وتفانيهم والتحية لجماهير الشعب السوداني التي توافدت على قاعة الصداقة مؤكدةً مكانة هذا الفنان في القلوب والتحية والأمنيات بدوام الصحة والعافية لفناننا الكبير صلاح بن البادية ولأهل أبو قرون.