إن قاطرة التنمية هي التي تعمل على إزالة الغبن، وترسخ لبناء السلام الاجتماعي. ولا يمكن الحديث عن بناء السلام الاجتماعي دون التطرق لموضوع التنمية ومشروعات التنمية، فلا سلام اجتماعي دون القضاء على الفقر الشديد، وحل مشكلة العطالة، وأنه من الصعوبة بمكان أن تحرس السلام الاجتماعي، ولكنك يمكن أن تبني السلام الاجتماعي . فالتنمية تعمل على تقليص الفوارق الاقتصادية والاجتماعية بين أفراد المجتمع، مما يشيع التسامح الاجتماعي، فالفقر وعدم توفر فرص العمل يشكلان تهديداً للسلام الاجتماعي ويهيئان البيئة لاحتمال ظهور أعمال العنف وانتشار الجريمة، فلا يمكن بناء السلام الاجتماعي إلا إذا كسرت الحلقة المفرغة للفقر والحرمان النسبي . المشاركة الشعبية من أهم العوامل التي تؤدي لإنجاح عملية التنمية، فلا تنمية تتم بمعزل عن المشاركة الشعبية، ولا تنمية بدون تفاعل المواطنين مع مشروعاتها، فالتنمية بالإنسان ومن أجل الإنسان، ومعظم المشروعات التنموية التي لم تؤت ثمارها كانت بعيدة عن المشاركة الشعبية وبمعزل عن احتياجات المواطنين . يشكو كثير من الناس التهميش لأنهم يكونون بعيدين عن المشاركة في صنع القرار وربما يرى بعضهم أن المشروعات التنموية بعيدة عن احتياجاتهم ومتطلباتهم الفعلية . إن مشاركة المواطنين في عملية التنمية تحولهم إلى مساهمين بدلاً من أن يكونوا منتظرين على الرصيف، ويكون ذلك من خلال رفع قدراتهم، ومساعدتهم على تنمية أنفسهم والارتقاء بها . من الموضوعات المرتبطة بالتنمية موضوع الديمقراطية، فالديمقراطية تعمل على الاستقرار السياسي والاجتماعي بما توفره من حوار بناء وحرية تعبير وتقبل للآخر، فالاستقرار السياسي والاجتماعي يعملان على إنجاح عملية التنمية. الربط كذلك بين التنمية وحقوق الإنسان أعطى التنمية البعد الإنساني، فالتنمية محورها الإنسان تتم به ومن أجله . فالتنمية ليست أهدافا اقتصادية فحسب، بل لها أبعاد اجتماعية وأبعاد سياسية، وأبعاد ثقافية . تهتم الديمقراطية بمن يحكم، وتهتم حقوق الإنسان بكيف يحكم، وتهتم التنمية بالاثنين معاً . تحتاج التنمية كذلك إلى الإصلاح الإداري، لأن الإدارة الحديثة عنصر من عناصر التنمية، وذات تأثير مباشر في تحقيق الغايات التي تسعى لتحقيقها لكثير من الدول في الرفاهية والتنمية لشعوبها، وتوفير أسباب العيش الكريم لها والحياة الآمنة . نحن اليوم في عالم لا تكفي فيه الأماني والأحلام وحدها لدوران عملية التنمية .