بعد أن استعصمت بالبعد عن (البيوت السودانية).. أين تباع (الرومانسية) في السودان؟ الخرطوم: زينب بُدل توضأ بها حين كان القمر يولد من رحم المساء. تدثر بها حباً لباقي العمر واخذها بين اضلعه قلبا مادامت نهاية الوجود بين ظهر الغيب، حلم بها ارضاً وجعل منها سماء، هو يحاول طحن جمر الصبر على رحى الاقدار ويكتفي بالنظر من على مشارف البعد ويلتزم فكره برسم ملامح الحياة من خلال عينيها، يتلو لاجلها ترانيم السعادة كل مساء وغداة كل رواح، ينظر الى جزء من روحه يطوف في ارجاء المكان ولا يستطيع ان يضمه إليه، هو يعلم أنه لا يستطيع العيش بدونها ولكنه مستعد لإنهاء حياته بيديه شريطة ألا يتخلى عن غروره، ان للموت لسكرات وان للحب لغمرات. الآن كل واحد منهما ينازع خروج الروح من القلب على حدة والحب يصرخ من شدة الألم. دراسات عديدة والحديث عن الرومانسية ربما يطول، خصوصاً ان تلك الجزئية باتت من الجزيئيات المفقودة تماماً في السودان – بحسب عدد كبير من الازواج والزوجات- بينما اظهر استطلاع للرأي أن الرجال أكثر رومانسية من النساء حتى ولو من ناحية الألفاظ فحسب، بينما كشفت دراسة ألمانية استندت إلى هذا الاستطلاع أن 40% من الرجال يهمسون في آذان شريكات حياتهم بعبارة «أحبك» مرة واحدة على الأقل كل يوم، ولا تردد هذه العبارة سوى 32% من النساء ووفقا لنتائج الدراسة فإن الرومانسية تظهر بشكل واضح في المرحلة العمرية بين 30 - 39 عاماً حيث يحرص 47% ممن هم في هذه الفئة العمرية على التعبير عن مشاعرهم العاطفية لشريك الحياة كل يوم، ولكن هذه الرغبة في التعبير عن الحب بالكلمات الرومانسية تقل مع التقدم في العمر، اما في وطننا العربي فيؤكد الخبراء أن حواء اكثر رومانسية من الرجل فهي تهتم بالأشياء الصغيرة تنتظرها من الطرف الآخر كإرسال وردة أو كلمة حب، وتذكر المناسبات السعيدة كأعياد الميلاد والزواج لذا يتهم الرجل الشرقي بفقدانه للرومانسية. جرم كبير اما الرجل السوداني فقد تربى في مختلف الازمنة على ثقافة تختلف تماماً عن كل هذا، ويعتقد الكثيرون ان التربية ربما لعبت دوراً في فقدانه المستمر لرومانسيته، فالبعض يرى ان حرمان الطفل للعب مع الفتيات في صغره وتصوير ذلك الامر ك(جرم) كبير ربما ساهم في قتل كل وسائل التعبير العاطفية لديه، حتى في مرحلة الشباب لا يجوز له ان يحتك بالفتيات كثيراً الا في حدود الاسرة وما يستدعيه الواجب. جوانب أخرى آخرون يعتقدون بشكل مباشر ان طبيعة وتركيبة الرجل السوداني هي السبب، فالبعض منهم يظل طوال سنوات يمثل بالنسبة للمرأة الامر الناهي و(كلمته سيف على رأس جميع فتيات العائلة مهما كان عمره) ومهما بلغت طباعه فهو يجب ان يكون رجلاً في كل تصرفاته، وان تكون كلماته مطاعة وقوته نافذة ولا يجب ان تتأثر مهما كانت بالظروف المحيطة به، ولا مجال للضعف وتحديداً امام المرأة مهما كانت مكانتها (اخت – زوجة )، لذلك ظل طوال سنوات طويلة يمتنع ويتمنع عن التعبير عن مشاعره التى ظلت حبيسة جدران القلب طوال عقود من الزمان بحيث يعتقد ان خروجها الى العلن هو نوع من التراجع والضعف. تنشئة وضغوط علماء الاجتماع يرون ان طبيعة التنشئة التى تربى عليها الرجل السوداني من عادات وتقاليد وواجبات جعلت منه شخصية صلبة وقوية الى حد بعيد، لذلك يصعب عليه التعبير عما يدور بداخله سواء اكان عن طريق القول او الفعل، وربما يحدث التعبير احياناً بصورة عكسية ومختلفة تماماً عما هي في الحقيقة، وغير التنشئة الاجتماعية أضف الى ذلك الظروف الاقتصادية الصعبة التى جعلت من الرجل يدور في فلك معين من اجل القيام بدوره وتوفير الحياة الكريمة لأسرته، بينما يرى خبراء الطب النفسي ان افتقاد الرجل للرومانسية في عصرنا الحالي يعود الى ضغوطات الحياة وعصر السرعة الذي نحياه وسعيه الدائم في العمل لكي تحيا اسرته في مستوى اجتماعي جيد.