نورالدين مدني الزواج بمن حضر والنهاية القسرية *(أكتب إليك عن تجربتي الفاشلة في الزواج الذي إنتظرته بفارغ الصبر لكنه انتهى نهاية غير سعيدة، عسى أن تسهم تجربتي هذه في إضاءة إجتماعية لبنات جنسي اللاتي ينتظرن اللحاق بقطار الزواج، خاصة من دخلن في مرحلة العد التنازلي نحو شبح "العنوسة".) *هكذا بدأت م.ع من كوستي رسالتها الإلكترونية التي قالت فيها، إنها مثلها مثل كل الشابات اللاتي يحلمن في بداية تفتح شبابهن بفارس أحلام بمواصفات خاصة، لكن ما إن تبدأ سنوات العمر في كر مسبحتها وتتجاوز الثلاثين حتى يدخلن في مرحلة القلق المتعجل على الزواج. *تمضي م.ع في رسالتها قائلة : تراجع سقف أحلامي، ولم اعد أحلم بفتى أحلام بمواصفات خاصة، ودخلت عملياً في حيز"الزواج بمن حضر"، خاصة بعد اقترابي من المرحلة التي يقولون فيها أن خصوبة الأنثى الإنجابية تضعف، ويضيع بعدها حلم عمري في أن أصبح أما. *اخيراً تقدم لي ابن عمي، كان متزوجاً ولديه ولد وبنت، طبعاً قبلت به دون أن تربطني به علاقة غير علاقة القرابة، ودخلت إلى عش الزوجية وكأنني ألتحق بوظيفة تستر حالي اجتماعياً، لكنني سرعان ما إكتشفت أنني إنتقلت من حالة القلق على الزواج إلى حالة كراهية الزواج. *لا أدري ماذا أقول - من حسن حظي أم لسوء حظي - أن هذا الانتقال الحاد في مشاعري جاء بعد أن بدأت حياة جديدة تتشكل في أحشائي، وكنت قد وصلت الى مرحلة لم أعد فيها أطيق نفسي من قسوة الزوج، ومن المشاكل التي ظلت تفتعلها زوجته الأولى، إلى أن انتهى زواجي منه بالطلاق. *لا أخفي عليك أنني الآن متنازعة بين حالتين فرحتي بحملي الذي دخل في شهره الخامس، وبين ندمي على زواجي الفاشل، رغم أنني بحمد الله مستقرة مادياً، وأعيش في أمن وأمان مع أمي وأخواتي في "بيتنا"، لكنني لا أنكر حزني على نفسي، وقلقي على مستقبل الطفل/ة بعيداً عن رعاية الأب. *إنتهت رسالة م.ع بعد أن أثارت أكثر من قضية إجتماعية موجودة بكثرة في مجتمعنا بسبب الظروف الاقتصادية وتداعياتها وسط الشباب من الجنسين، الأمر الذي يضطر فيها الشاب/ة إلى الزواج كأداء واجب وضرورة إجتماعية، بعد أن تصطدم الأحلام الوردية بالواقع الرمادي. *نقول هذا لنؤكد لبناتنا وأولادنا أنه مهما كانت الظروف فإنها لا تبرر لأي طرف الدخول في تجربة زوجية "على بياض"، خاصة عندما لا تكون هناك سابق معرفة، فهذا أدعى لدراسة حال الطرف الآخر من جميع الجوانب الأخلاقية والأسرية والاقتصادية، للاطمئنان على مستقبل الزواج قبل أن ينتهي بصورة قسرية.