يرى الشيخ أحمد التجاني أنه خاتم الأولياء وقال إن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبره بأنه خاتم الأولياء يقظة لا مناماً شفاهة منه. وقال الإمام محمد أحمد المهدي - رحمه الله تعالى- خاطبني سيد الوجود يقظة لا مناماً ... وجوز الصوفية والأنصار رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم يقظة واستدلوا بقوله صلى الله عليه وسلم (من رآني فقد رآني حقا فإن الشيطان لا يتمثل بي) ومن الذين يذهبون إلى هذا الرأي الإمام جلال الدين، عبد الرحمن، السيوطي الذي ألف رسالة تحت عنوان (تنوير الحلك في إمكان رؤية النبي والملك) ذكر فيها عددا من الأدلة والوقائع التي تثبت إمكانية رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم يقظة وقال في آخرها (فحصل من مجموع ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم حي بجسده وروحه، وأنه يتصرف ويسير حيث شاء في أقطار الأرض وهو بهيئته التي كان عليها قبل وفاته، وأنه لم يتبدل منه شيء وأنه مغيب عن الأبصار كما غيبت الملائكة مع كونهم أحياء بأجسادهم فإذا أراد الله رفع الحجاب عمن أراد إكرامه برؤيته على هيئته التي هو عليها ولا داعي إلى التخصص برؤيته المثال). _(أ. سلوى محمد إبراهيم ختم الولاية نقلا عن الحاوي للفتاوي ص 255) ولم يرو في رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم يقظة حديث صحيح ولا ضعيف، ولا مرفوع ولا موقوف ولا مرسل، وإنما جاءت الأحاديث التي رويت في رؤيته مناماً. وجعل ابن حجر رؤيته صلى الله عليه وسلم يقظة مستحيلة شرعاً لما يلزم عليها من المستحيل شرعاً، وقد جعل الإمام القرطبي رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم مستحيلة عقلاً، لأنها تستلزم أن يخرج من قبره، أي أن القائلين بها يقولون: إن فلان رآه في محل كذا، قال القرطبي: ويلزم ذلك من المحالات ما يدرك فساده بدلائل العقول، أي، لأنه إن رؤى في أماكن متعددة في آن واحد تعلقت نفسه الشريفة بأكثر من بدن، ولزم خلو قبره الشريف منه ... قال: وهي جهالات لا يلتزم بها من له مسكة من العقول وملتزم شيء من ذلك مختل مخبول .) وقد أوّل جمهور العلماء مسألة الرؤية في اليقظة بأن ذلك بشارة لمن رآه في المنام بالموت على الإسلام، ورؤيته في الجنة، أو بشارة لمن آمن به من معاصريه ورآه في المنام بالصحة ورؤيته في الدنيا يقظة قبل أن يموت، أو بشارة لمن رآه في المنام بأن الله يجعل رؤياه حقا، ويرى تأويلها ومضمونها صحيحا، وقالوا: إنه لا يقوم دليلا على ثبوت رؤيته في اليقظة لما تطرق إليه الإحتمال، والقاعدة الاصولية أن الدليل إذا تطرق إليه الاحتمال بطل به الاستدلال، وأما أقوال جماعة من المسلمين بثبوتها فلا تقوم دليلا لأنهم مقيدون بالكتاب والسنة، وكلامهم ما لم يوافق شيئا منها مردود عليهم. وقد حاول أبو حامد الغزالي، الصوفي، الأشعري، الشافعي (450 -507ه) تفسير الرؤية بصورة تختلف عن تفسير الذين قالوا إنها مستحيلة، قال الغزالي: (ليس معنى قوله صلى الله عليه وسلم رآني، أنه رأى جسمي وبدني، وإنما المراد أنه رأى مثالا صار ذلك المثال آلة تأدى بها المعنى الذي في نفسي إليه، وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: فسيراني في اليقظة ليس المراد أنه يرى جسمي وبدني ... قال الغزالي: (والآلة تارة تكون حقيقية، وتارة تكون خيالية، والنفس غير المثال المتخيل، فما رآه في الشكل ليس هو روح المصطفى ولا جسمه، بل هو مثال له على التحقيق، ومثال ذلك من يرى الله في المنام فإن ذاته منزهة عن الشكل والصورة، ولكن تنتهي تعريفاته إلى العبد بواسطة مثال محسوس من نور أو غيره، ويكون ذلك المثال حقا في كونه واسطة في التعريف، فيقول الرائي، رأيت في المنام لا يعني أنني رأيت ذات الله كما الشيخ يقول في حق غيره) وقال الشيخ الأستاذ الدكتور المبارك عبد الله – الذي كان مديرا للجامعة الإسلامية في بداية سبعينيات القرن الماضي- رحمه الله تعالى– في كتابه الذي طبع مرتين (في التصوف): وأنا استريح لما نقله الألوسي في هذه المشكلة الغيبية والخلاف عليها، عن إمام الحرمين من أنه قال: (والذي يغلب على الظن أن رؤيته صلى الله عليه وسلم بعد وفاته بالبصر ليس كالرؤية المتعارف عليها بين الناس من رؤية بعضهم لبعض، وإنما هي جمعية حالية وحالة برزخية وأمور وجد ... لا يدرك حقيقة إلا من باشره، ولشدة شبه تلك الرؤية بالرؤية البصرية المتعارف عليها يشتبه الأمر على كثير من الرائين فيظن أنه يرى رآه – صلى الله عليه وسلم– ببصرة الرؤية المتعارف عليها وليس كذلك، وربما يقال: إنها رؤية قلبية ولقوتها تشبه البصرية. ويشبه قول إمام الحرمين قول من قال من الصوفية: فمن يدعي في هذه الدار أنه *** رأى المصطفى حقا فقد فاه مشتطا ولكن بين النوم واليقظة التي *** تباشر هذه الرتبة مرتبة وسطى وأما رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم مناماً فهي محل وفاق، ولا يتمثل الشيطان به صلى الله عليه وسلم، وقد روى حديثها الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه ورواه غيرهما).