*لا أدعي لنفسي دور الموجه، ولا أحب الحكم على أعمال الآخرين، لأنني أيضاً أخطئ وأصيب، لكن الواجب الوطني والأخلاقي يحتم علي الدفاع عن ما أرى أنه الصواب وأن أحميه، ما استطعت إلى ذلك سبيلا، وأطلب من الآخرين تصويبي إذا أخطأت، لأنه فوق كل ذي علم عليم. *أقول ذلك بمناسبة ما كتبه صديقي الباشمهندس عثمان ميرغني رئيس تحرير الزميلة "التيار" أمس الأول الاثنين عنوان "من ضيع السودان ؟..عشر مخاز سودانية، عن ما إعتبره سوءة "السودنة"، رغم علمه بأن السودنة كانت عملية لازمة لانتقال الحكم والعمل الإداري والتنفيذي للسودانيين عقب استقلال السودان. *من الطبيعي أن تحدث بعض الأخطاء وبعض نواحي القصور في هذه المرحلة الابتدائية من تسلم السودانيين السلطة في وطنهم، لكن ذلك لا يبرر الحكم على هذه العملية التأريخية الأهم في استقلال السودان بأنها كانت نهباً للتركة البريطانية !!. *هكذا وبكل بساطة يصف صديقي الباشمنهدس عثمان ميرغني عملية السودنة بأنها "أكبر عملية نهب لثروة إدارية ومؤسسية تحت أنياب طمع شخصي حزبي وشخصي في التركة التي تركها "الاستعمار" للحكومة الوطنية!!. *في فقرة أخرى يواصل عثمان ميرغني هجومه على السودنة قائلاً : بكل نهم شرعت لجان السودنة في إعداد كشوفات الوظائف التي كان يشغلها الأجانب من بريطانيين ومصريين وغيرهم، ويمضي قائلاً "اجتاحت السودنة المتعجلة وظائف الخدمة المدنية الحساسة كما تجتاح النار القصر الفخيم". *أعجب لصديقي الباشمهندس عثمان كيف اعتبر السودنة سوءة من السوءات العشر التي ضيعت السودان، وهو يعلم تماماً متى بدأت الخدمة المدنية تضعف وتتردى والمشروعات الاقتصادية الكبرى تتساقط، لكنه يريد القفز على الواقع ويلقي مسؤولية تردي الخدمة المدنية على أول إنجاز وطني في تأريخ السودان. *ثم كيف يعتبر عثمان ميرغني مؤسسات الحكم والإدارة تركة بريطانية، جاءت السودنة لتنهبها، وكأنه يريد أن يقول ليس من حق السودانيين حكم أنفسهم بأنفسهم ، وأنه كان على المستعمر أن يتريث ولا يسلمهم الحكم وإدارة شؤونهم الوطنية قبل أن ينضجوا ويشتد ساعدهم؟ *لم يكتف عثمان ميرغني بوصف السودنة بأنها سوءة من السوءات التي ضيعت السودان، بل اتهمها بأنها "جسرت الحد الفاصل بين الخدمة المدنية والملعب السياسي"، بالله عليك يا باشمهندس أي فترات الحكم الوطني جسرت الحد الفاصل بين الخدمة المدنية والملعب السياسي مثل ما يحدث في هذا الزمان الذي أنت فيه؟. * صديقي الباشمهندس عثمان ميرغني : ما لكم كيف تحكمون ؟.