بقلم : سليم عثمان المجلس التشريعي في الولاية الشمالية أستيقظ مؤخرا من نومته العميقة منذ 2010 حيث أصدر السيد محمد عثمان تنقاسي- رئيس المجلس قرارا بتكوين غرفة متابعة لعمليات الموسم الزراعي الشتوي برئاسته وعضوية آخرين . وحُددت اختصاصات الغرفة في متابعة سير الموسم الزراعي الشتوي بالشمالية والتنسيق مع وزارة الزراعة في اجتماعات الغرفة والطواف على المشاريع الزراعية إضافة إلى التنسيق مع اتحاد مزارعي الشمالية والبنك الزراعي وشركة المدخلات الزراعية ووقاية النباتات وتوفير مدخلات الإنتاج الزراعي والسعي مع المزارعين وإدارات المشاريع الزراعية في إدخال الكهرباء للمشاريع الزراعية للاستفادة من التمويل الأصغر والتحويل البنكي والدعم الحكومي. لم يحرك هذا المجلس ساكنا في طول الولاية وعرضها لدرجة أن مواطني الولاية صاروا يسخرون منهم وأطلقوا عليهم عبارة ( نوامنا الكرام ) المجلس الموقر كأنه يخشى محاسبة المسؤولين، لا يستدعي الوزراء ورغم ذلك يصرفون رواتب ومخصصات. على أية حال نحمد للمجلس أنه استيقظ أخيرا وإن تستيقظ أخيرا خير من أن تكون نومته نومة أهل الكهف . كل المواسم الزراعية الشتوية في الولاية الشمالية فاشلة كما يقول المزارعون، وحدها الحكومة هي من تزين فشلها، هذا الموسم تتعهد حكومة الولاية بزراعة 200 الف فدان قمحا، من جملة 14 مليون فدان صالحة للزراعة، أيعقل هذا ولاية تعتبرها حكومة السودان منقذة للبلد ولدول العالم وسلة غذاء تزرع فقط هذا الرقم البائس من الأفدنة؟ لا تستفيد الولاية من مناخها البارد في زراعة محصول استراتيجي ذهب أصفر هو القمح، حكومة الولاية تدعي أنها لن تكتفي بزراعة 200 ألف فدان من القمح فحسب بل سوف تسعى لأن تكون إنتاجية الفدان الواحد 14 جوالا، كيف ذلك؟ لا أحد يعرف سوى سعادة وزير الزراعة لكننا سوف ننتظر لنرى هل تصدق حكومة الولاية في وعودها في ظل مشاكل لا تحصى تعترض الموسم أولها عدم كهربة مشاريع عديدة، ضعف التمويل للموسم من البنك الزراعي وبطء الإجراءات، ونشير إلى ان عدد سكان الولاية الشمالية حسب أخر إحصاء عام 2008م 800 ألف نسمة، علما بأن رقعة الولاية الشمالية تمثل نحو 18% من مساحة السودان، السواد الأعظم من مواطني الولاية يحترفون مهنة الزراعة ولكن بوسائل بدائية جدا، فلم تفلح حكومة الولاية في إدخال الميكنة الحديثة في كافة العمليات الزراعية وتفشل كل عام في توفير المحاريث والحاصدات الزراعية فضلا عن توفير الجازولين والأسمدة الكيماوية غيرها من المدخلات الزراعية. قلنا في مقال سابق إن حكومة الولاية الشمالية فشلت في تجميع الحيازات الصغيرة التى كان ينادي بها الراحل الزبير محمد صالح النائب الأول لرئيس الجمهورية. وحسب إحصاءات مصدرها ما يسمى بالنهضة في الولايات (يوجد بالولاية الشمالية عدد (21.499) مترة زراعية يعمل منها حالياً (19.375) مترة والباقي (2.124) مترة غير عاملة لعدم الحاجة الفعلية أو المقدرة الإدارية والمالية) ولا تنتج هذه المترات شيئا يستحق القيمة لأن معظمها لم تتم كهربتها وتعاني من مشاكل غلاء الجازولين وقطع الغيار وتكلفة استصلاح الأرض وغيرها من المشاكل، ويظل تدخل وزير الزراعة في حل مشكلات أراضي المترات والأراضي الزراعية عموما من المشاكل التى تعوق مسيرة النهضة الزراعية في الولاية. وقد أشرنا في مقال سابق إلى مشكلة أراضي الزورات المتكررة.. قرار بإيقاف منح المستحقين يعقبه قرار آخر بفك الإيقاف ثم الإيقاف وهكذا دواليك. وبحسب وزارة الزراعة في الولاية 1998(توجد بالولاية نحو "70" بئراً جوفية للأغراض الزراعية تتركز بمحافظتي دنقلا ومروي والعامل منها فقط نحو (32 بئرا) ولا أظن أن العدد ارتفع كثيرا، وتعزى النسبة العالية للآبار غير العاملة لعدة أسباب منها عدم قيام مشروع تعمير الخوى وتوقف البعض لأسباب فنية، مالية أو نزاع حول الملكية كما في مشروع تنكوصحاري. والولاية الشمالية تعد من أكثر ولايات البلاد التي تعج بمشاكل النزاع على الأرض، الحكومة تنازع المواطنين ولا خريطة واضحة تبين كيف تمنح حكومة الولاية الأراضي الزراعية للمستثمرين العرب، وحسب إحصاءات تخص وزارة الزراعة بالولاية أيضا (تقدر كميات المياه الجوفية المتاحة بالولاية ب750 مليار م3)(كما تقدر كميات المياه الجوفية المسحوبة لأغرض الري ب 802 مليون م3 / السنة يستغل منها 70% لري العروة الشتوية ) وتضم الولاية مجموعة ضخمة من الموارد الزراعية والمناخ الملائم والميزة النسبية والخدمات المساعدة لإنتاج العديد من المحاصيل الغذائية والبستانية بل وتتفرد بإنتاج بعض المحاصيل في مساحات واسعة دون ولايات السودان الأخرى مثل الفول المصري والتوابل (الشمار – التوم- الحلبة- الكسبرة) وبالرغم من ذلك يظل إنتاج الولاية من هذه المحاصيل والبقوليات دون تطلعات مواطني الولاية والسودان وللمرء أن يتخيل أن الولاية الشمالية التي تعد الولاية الثانية في إنتاج القمح تزرع 200 ألف فدان هذا الموسم و الجزيرة 500 ألف وبالكاد ربما تصل المساحة المزروعة هذا الموسم في كل السودان الى أقل من مليون فدان قمحا، وبالطبع لمشاكل جمة سيكون الإنتاج ضعيفا وبائسا،لأن الحكومة الاتحادية والحكومات الولائية لا تؤمن بحق أن القمح سلعة استراتيجية وربما ابتلعت الحكومة شعارها القديم ( نأكل مما نزرع) فصرنا نأكل من خلف البحار. لذلك أشك كثيرا في نجاح الموسم الشتوي في الولاية الشمالية وفي كل السودان لذات الأسباب المعروفة والمتكررة. قل للمليحة: كان مسكين الدارمي شابا وسيما محبا للغزل وكانت الفتيات يحببنه، ويعجبن بهويتمنينه وبعد مدة ..تنسك .. وترك هذا المسار .. وانقطع للعبادة، ،، وصادف أن جاء إلى المدينة التي هو فيها تاجر ببضاعته ليبيعها وكانت البضاعة خُمُرا .. بضم الخاء والميم / جمع خِمار، وليس خمرا مسكرا، فلم يبع منها خمارا واحدا فضاق صدره واغتم .. وجاءه من يشير عليه بحيلة ليبيعها فقال له إن أردت ألا يبقى عندك خمار واحد، وتبيعها كلها بالثمن الذي تريد فافعل ما أقوله لك اذهب إلى ذلك المقيم في المسجد (وأشار إلى مسكين) وأعرض عليه قصتك، واسأله أن يقول بيتين في الخُمر التي تبيع ! جاء التاجر إلى مسكين وشرح له قصته وسأله، أو تسوّله بيتين فاعتذر مسكين وقال لقد رغبت عن النساء وشأنهن، وتركت ما كنت عليه. وبعد اصرار التاجر وافق مسكين الدارمي وقال الأبيات الثلاثة التالية : قل للمليحة في الخمار الأسود...... ماذا فعلت بناسك متعبد قد كان شمر للصلاة ثيابه..........حتي وقفت له بباب المسجد ردي عليه صلاته وصيامه........لا تقتليه، بحق دين محمد كاتب وصحافي مقيم في الدوحة