اجتاحت قطاع الاتصالات في بلادنا في الآونة الأخيرة جملة من القضايا والمشكلات، بعضها يعود لمناخ عدم الاستقرار الاقتصادي في البلاد، وبعضها انفجر بسبب تنافس الشركات العاملة في القطاع، وبعضها ظهر بسبب ضعف الجهة المنظمة أو عدم اطلاق يدها في توجيه الشركات. الكتابة حول الموضوع في الصحف، وتناوله في وسائل إعلامية أخرى ينظر اليه الناشرون ومالكو الوسائل الاعلامية بعين الجزع والخوف الشديدين، لأن شركات الاتصالات، أو بعضها على الأقل، إعتادت على عقاب منتقديها بحجب الاعلان عنهم. وبما أن العائد من الاعلانات التجارية هو مصدر التمويل الأول لهذه الوسائل، فإنها تحجم عن النقد ولو كان موضوعياً. هذا أمر مؤسف ولكنه واقع على أي حال. لقد تلقيت تأكيداً من أحد مديري شركات الاتصالات بأنه لن يعاقب (السوداني) على ما يكتب في هذا العمود، وأنا متأكد أن هذا موقف المديرين التنفيذيين في الشركتين الاخريين، ولكني لا أضمن أنه موقف مسئولي الاعلام بهما، لذا الج في الموضوع بحذر شديد حتى لا أضر صحيفتي (السوداني). بعد هذه الرمية، كما يقول صديقنا دكتور البوني، أشير الى أن أهم القضايا في القطاع التي تفجرت مؤخراً كانت ثلاثة: أولها البيان الذي أصدرته احدي الشركات لمشتركيها وأشارت فيه الى أن شركة أخرى، لها سيطرة نسبية على سوق الاتصالات، قد أوقفت التعامل مع شرائحها. وتقول هذه الشركة أن هذا الفعل الضار بمشتركيها تم بالمخالفة لاتفاقية معقودة مع هذه الشركة المسيطرة. الشركة المسيطرة تقول أن القضية ليست بهذه البساطة، بل هي متعلقة بسلوك تجاري ضار تستخدم فيه عشرات الألوف من شرائح الشركة المصدرة للبيان، هذا السلوك التجاري الضار هو استخدام الاتصال الصوتي عن طريق الانترنت أو ما يعرف ب voice over ip وهو يسبب خسائر كبيرة للشركة، وللاقتصاد السوداني، لأن الاتصالات من الخارج تتم وكأنها من شبكة داخلية، وبالتالي لا يحدث تحويل لعملات أجنبية من الخارج للسودان، وهذا يفقد السودان ملايين الدولارات. لعل بعض القراء لاحظ أن أحد أقرباءه بالسعودية مثلاً يتصل عليه فيجد الرقم داخلي. هذه قضية خطيرة جداً على الهيئة العامة للاتصالات التحقيق فيها بكل جدية، وحماية الدولة وجمهور المشتركين والشركات من مثل هذا السلوك. القضية الثانية هي اتجاه مجموعة من الشباب والناشطين في الشبكات الاجتماعية للدعوة لمقاطعة شركات الاتصالات جميعها، لساعات محددة، احتجاجا على سياسات هذه الشركات، وأهمها سياسة الاستخدام العادل للانترنت، التي يرى الشباب أنها غير عادلة، ولهم عليها الكثير من الملاحظات. نفذ الناشطون الحملة الأولى للمقاطعة يوم الجمعة الماضي من الخامسة الى العاشرة مساء، ولم تتضح آثارها بعد. غير أن الاتجاه للمقاطعة نفسه جدير بالاهتمام من قبل الشركات وهيئة الاتصالات، وليتها تشجع منظمات المجتمع المدني العاملة في المجال مثل الجمعية السودانية لتقانة المعلومات، وجمعية الانترنت، والجمعية السودانية لحماية المستهلك، ومركز ثقافة المستهلك، على إقامة حوارات مع الشباب للوقوف على ملاحظاتهم ومقترحاتهم. القضية الثالثة هي تخوف المركز القومي للمعلومات، والجهات الحكومية الأخرى، من ضعف شبكات الاتصالات، وعدم قدرتها على مواكبة خطة الحكومة نحو تنفيذ الحكومة الالكترونية، والتحصيل عبر اورنيك 15 الالكتروني وغيره من التطبيقات. وفي هذه القضية أقول أن على الحكومة، وبالذات وزارة المالية، أن تستمع بجدية للصعوبات التي تواجهها شركات الاتصالات، مثل عدم السماح لها بتحويل أرباحها للخارج، وبالتالي عدم قدرتها على استجلاب تقنيات وعتاد من الخارج، لترقية واستدامة خدمات الاتصالات. والله الموفق. د/ عادل عبد العزيز الفكي هذا البريد الإلكتروني محمي من المتطفلين و برامج التطفل، تحتاج إلى تفعيل جافا سكريبت لتتمكن من مشاهدته