كم وكم هي مُخجلة ومُخزية، تلكم الأخبار التي حملتها صحف أمس، حول نتائج تقرير لجنة تقصي الحقائق في وفاة ثلاثة مواطنين بمستشفى الخرطوم بحري، التي – الأخبار - إن دلت على شيء إنما تدل على أن أرواح الناس في بلادنا رخيصة لدرجة فقدانها لأدنى قيمة، هذا إذا كانت الوفيات بسبب خلل إداري مُتعلِّق بإدارة الأوكسجين داخل المستشفى أو خارجه. إن نتائج التحقيق التي تنفي تسبب نقص الأوكسجين في وفاة هؤلاء تفتقد المصداقية والشفافية، وكأن القائمين بالأمر نسوا أو تناسوا أن من بين أعضاء لجنة التحقيق أشخاص يخافون الله ولا تربطهم أدنى مصالح بمسئولي الصحة، فقد تفاجئوا بإضافة فقرة – على حدِّ قول المخلصين باللجنة- الذين أكدوا بما لا يدع مجالاً للشك إدخال عبارات لم تكن في المحضر الرسمي الذي وقع عليه أعضاء اللجنة وأعده رئيس اللجنة ومقررها ووقعا عليه، وسلمت للسيد الوزير الذي جمع الصحفيين ليفجر القنبلة. إنَّ ما حدث يعكس تماما ما يدور في أروقة وزارة الصحة، تلك الوزارة التي أنزل الله عليها غضبه، وابتالها بكذب مسئوليها. فتلك الواقعة لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة، فقد سبق أن ضحكوا على عقول المواطنين الذين تجرعوا المحاليل الفاسدة المعروفة بمحاليل كور الهندية، وعقار السودفان المشهور، وحقنوا بالكلوركوين الناقص الفعالية، وراح ضحية هذه الأحداث الكثيرون الذين يقطنون الأقاصي وما خفي أعظم. أما الأخطاء الطبية فحدث ولا حرج ولم نسمع بأي محاسبة أو إدانة لأي مسئول بل ذهبوا معززين إلى كراسي أخرى وكرم بعضهم على أعماله (الجليلة) وهي إزهاق أرواح راحت ضحية إهمال لا يعلم مداه إلا الله. إننا غير متفائلين البتة بأن ينصلح حال الصحة ومسئوليها، طالما أن الأمر وصل حد التزوير في تقارير رسمية خالفت ما ورد في دفتر الأحوال اليومية للمستشفى، وحتى لا يعتبر الأمر مجرد (هظار) كما قال مدير المستشفى، أيها الصحفيين لا تغلطوا في وزارة الصحة كما تغلطوا في اللغة العربية كما قال السيد الوزير.