تنقشع حالة الهم والغم والاحباط، وتعود روح البهجة والسرور وتنفتح أبواب الامل بأن السودان ما زال بخير عندما تخرج من زحام العاصمة القومية الخرطوم ورهقها، الى رحاب الولايات الفسيحة وانسانها المعطاء وارضها البكر الخصبة، وطبيعة المشاهد غير المزيفة، وتتسع الرئة لاستنشاق هواء التفاؤل، عندما تجد في الولايات مشاريع تنبض بالحياة، وتقهر المستحيل، وتبرز شامخة غير آبهة بما جرى من تحطيم المعنويات، وتواتر الاخبار عن سوء الحال في البلاد. انني احسست بكل ذلك وانا أخرج من الخرطوم في رفقة وزير الزراعة والري د.عبد الحليم اسماعيل المتعافي يوم الاربعاء الماضي الى ولايتي سنار والنيل الازرق، والاخيرة ولاية حرب، ورغماً عن ذلك فقد وجدت ارتياحاً نفسياًَ من غم الخرطوم، كيف لا يكون ذلك الاحساس وانا اطلع على مشاهد على شاكلة الماء والخضرة والزهور والحبور، والانسان الشهم، وفي ذلك لم اكن مخالفاً لطبيعة بني البشر السوية، وقيل في الأثر (ثلاث يذهبن الحزن، الماء، والخضرة، والوجه الحسن) . وفوق ذلك (والعهدة هنا على ما رأيته بالعين المجردة، وما سمعته باذنيْ رأسي من اهل الشأن) النجاح الكبير الذي حققته العروة الشتوية لمحصول زهرة الشمس هذا العام، بعد أن اصابها الفشل العام الماضي بسبب التقاوى (الضاربة) بحسب شكاوى المزارعين، وأن هذا الموسم كسر قاعدة الفشل تلك، كما أن مشروع اقدي الذي يتبع للمنظمة العربية للانماء الزراعي، وفرت فيه تجربة وتقنية زراعية ناجحة لزراعة القطن المطري، وبانتاجية عالية، الى الدرجة التي لم تستطع ادارة المشروع توفير عمالة للقيطه، رغم انها تملك ثماني حاصدات آلية كأول مشروع سوداني يمتلك حاصدات قطن ... فكل الذي رأيناه يمثل نجاحا في نجاح، وهذا ليس حكماً نهائياً فربما يكون هناك فشل في (حتة) لا يعلمها المختصون. ولكن الذي يزعجني بحق هو النهايات التي تنتهي بها مثل هذه الاعمال العظيمة، والعبرة دائماً بالنهايات، حيث انني لا اتوقع اطلاقاً مع حاجة البلاد لأي مورد لدفع عملية الانتاج ودعم موارد الدولة بعد أن فقدنا النفط، أن يجد محصول القطن ذاك الاهمال الذي أخر من عملية حصاده، خاصة وأن سعره العالمي مرتفع جداً، وانني حقيقة شعرت بأن هناك عاملا خفيا يحرك ذاك الاهمال، الذي (يدوس النعمة بالأرجل)، وهو ما فهمته من قراءتي للموقف والاجابات التي وزعها المشرفون بالمشروع والعمال... وستظل وزارة الزراعة مسئولة عن المعالجة، واعتقد أن الزيارة هدفها هذا، وما شهدنا الا بما علمنا. لاطات (280 جنيه) وادنى سعر (180 جنيه) وارتفع سعر التلفزيون ماركة ال جى 21 بوصة من (580-590