* سافرت وابحرت كثيراً داخل وخارج السودان ولكن هذه السفرية تعتبر الأطول بعد سفرية العودة من بوخارست التي زرناها بعد زيارة لتركيا في الثمانينات حيث استغرقت الرحلة من بوخارست الى الخرطوم حوالي السبع ساعات. * رحلتي من الخرطوم الى سدني استغرقت يوماً كاملاً، عدد ساعات الطيران فيه ثماني عشرة ساعة منها أربع ساعات حتى ابو ظبي واربع عشرة ساعة من ابو ظبي الى سدني. * ليس هذا هو المهم في هذه الرحلة الإجازة ولكن المفاجأة هو ما نبهني اليه رجل الاعمال السوداني الاسترالي شاكر فحام عندما علم بأنني في طريقي الى استراليا من أن ساعتي الداخلية ستختل في الأيام الأولى بسبب فارق الزمن بين الخرطوم وسدني. * لأول مرة في تاريخ حياتي أصلي خمس صلوات من يومي الاحد والاثنين على متن الطائرة ولأول مرة تتداخل ساعات الوجبات بطريقة غير عادية بحيث لم نعد نعرف هل هذه الوجبة للإفطار أم الغداء أم العشاء. * الربكة الظاهرة التي عايشناها ونحن نقطع المحيط الهندي على متن الطائرة حدثت عندما شهدنا كيف أشرقت الارض بنور ربها بينما كانت الساعة السودانية تشير الى أن الخرطوم مازالت غارقة في ساعات الليل. * لن أتوقف عند محطات العفش السوداني (المبالغة) وحاجات أهل السودان التي يحشدون بها عفشهم الذي لا يخلو من محظورات كما في أستراليا التي سبق وان احتجزت عروساً في المطار لأنها وجدت في عنقها (رقية) من الكمون معلقة على رقبتها الى أن تمت مصادرة كميات من البخور بعد تفتيش كل الحاجات السودانية الجميلة التي نحرص على حملها لأنفسنا ولأهلنا في دول المهجر. * مشهد الشمس المشرقة ونحن نعبر المحيط الهندي والخرطوم مازالت با لليل اكتمل عند وصولنا الى سدني على مشارف المحيط الباسفيكي لنجد أن المساء قد بدأ يتمدد على هذه المدينة الجملية وكانت الخرطوم قد خرجت لتوها من منتصف نهار يوم الاثنين. * عندها فقط عرفت معنى الآية الكريمة التي تتحدث عن بعض مشاهد الإعجاز الإلهي وفي قوله سبحانه وتعالى (يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ).