قبل عام من الآن نشرت صحيفة الرأي العام خبرا على الصفحة الأخيرة عن موضوع طال انتظارنا له، ويتحدث الخبر المنسوب لوزير الثقافة بولاية الخرطوم د.محمد عوض البارودي، عن قيام مدينة إعلامية ضخمة بولاية الخرطوم "مدينة إنتاج إعلامي" حددت لها منطقة شرق النيل وتقع في 100000متر مربع وتستوعب "استوديوهات للبث التلفزيوني والاذاعي والتصوير السينمائي وفندق خمس نجوم ومواقع سياحية للأسر" وذلك بتكلفة تبلغ 800 مليون دولار. والمشروع عبارة عن شراكة مع إمارة الفجيرة بدولة الإمارات العربية المتحدة ! قلنا في ذلك الوقت إن هذه الخطوة يجب أن تجد الدعم من جميع العاملين في الوسط الفني لأنها تعتبر البداية الحقيقية لنهضة الفنون في السودان، ولا بد من المضي قدما في هذا المشروع حتى يكتمل، خاصة وأنه لا يكلف الدولة شيئا غير توفير الأرض حسب صيغة الاتفاق، كما أن حماس الشيخ حمد بن محمد الشرقي شيخ إمارة الفجيرة، يشكل أحد أبرز عوامل نجاح هذا المشروع خاصة وأن الشيخ" أبدى استعداده الفوري للبدء في المشروع الذي يعده بوابا للدخول الى افريقيا ونموذجا للمدن الإعلامية المثالية في العالم ". لكن بعد مرور وقت طويل من هذا الخبر لم يصدر أي شيء عن البدء في هذا المشروع الأمر الذي يجعلنا نتساءل عن حقيقة الأمر ويتمثل القلق والخوف أن يكون الموضوع "شالو الهوا" وأصبح في ذمة التاريخ مع العديد من الأمنيات التي ذبلت وشيعت الى دار الفناء والمؤسف في الأمر أن بناء هذه المدينة لا يكلف شيئا، وفي تقديري الخاص أن العديد من المشاريع الضخمة يمكن أن تتم عن طريق الشراكات والاستفادة من البروتوكولات الموقعة بين بلادنا والعديد من الدول ذات الخبرة والإمكانات، وفي هذا الاتجاه يمكن لولايات السودان المختلفة أن تبذل جهدها في إنشاء البنيات التحتية بها حتى لا يتركز كل شيء في العاصمة، وإذا وجدت الإرادة والهمة فإن كل شيء يمكن أن ينجز بسهولة ويسر. والمطلوب الآن من مختلف الاتحادات الإبداعية أن تدعم قيام هذه المدينة وفق شروط واضحة تحدد الاستفادة منها بأقصى درجة مع وضع عامل الزمن في الاعتبار حتى لا تصبح مثل المدينة الرياضية التي صارت مباحة تستقطعها الجهات وتتسابق لتقطيع أوصالها بعد أن فشل القائمون عليها في إنجازها لمدة تجاوزت العشر سنوات، ويجب أن يكون مشروع مدينة الإعلام بداية جادة وحقيقية للاهتمام بالفنون ووضعها في الدرجة التي تستحقها من الاهتمام. ولدولة الإمارات تجارب ناجحة في بناء المدن الإعلامية وأشهرها على الإطلاق مدينة دبي للإنتاج الإعلامي والتي "استطاعت أن تجعل من دبي مركزا هاما للإعلام في الشرق الأوسط وذلك بسبب وجود بعض كبريات الشركات الإعلامية والإعلانية العربية والعالمية داخل المدينة. " لم تهتز قناعتي يوما بأن السودان مؤهل تماما للتفرد في كافة مجالات الإبداع، لأنه يتميز بتنوع مذهل وطبيعة ساحرة وإنسان قادر على العطاء والإبداع في أسوأ الظروف ، وما يحتاجه مبدعو بلادي هو توفير البنيات التحتية التي تجعلهم يواكبون ما يحدث في العالم ولعل مدينة الانتاج الإعلامي المتوقع قيامها ،هي الأساس في ذلك. لكن متى يصبح الحلم واقعا؟