تأكد بما لا يدع مجالا للشك أن وزارة المالية قد قررت فعلاً تحويل تمويل مشروع المطار الجديد لحل ضائقة الموازنة العامة ولم يكن ما تناقلته الصحف مجرد تكهنات. (طاقية زيد علي رأس عبيد) أصبحت هي السائدة في سياستنا الاقتصادية وفي طريقة تنفيذ مشروعات التنمية واستخدام القروض والتمويلات الخارجية.. وبالمناسبة فإن معظم الديون الخارجية التي هي على ظهر السودان وعلى اكتاف شعبه هي عبارة عن تمويلات منحت لمشروعات ذات جدوى إقتصادية إقتنعت جهات التمويل بالدخول لانشائها وضمنت لها سهولة الاسترداد لكن حكومتنا أو حتى نكون أمينين كل حكوماتنا السابقة وأظن أيضاً اللاحقة تحول هذه التمويلات إلى مشروعات (مقطوعة الرأس) ولا سند إقتصادي لها أو تستفيد من الأموال المتدفقة لمشروع ما في سد عجز الموازنة.. وإذا كنا نلتزم بقيام المشروعات التى استطاعت أن تقنع الممولين صدقوني لكانت البلد غير. مشروع مطار الخرطوم الجديد ولأننا كنا من المتابعين لخطوات البحث له عن تمويل من قبل وزارة المالية في عهد ما قبل علي محمود فنعتقد أن إتجاه مصادرة أمواله لصالح مشروعات أخرى هي كارثة بكل المقاييس، كارثة لان السيد وزير المالية الحالي قد لا يكون مدركاً للجولات والصولات التى قام بها فنيو وزارة المالية وكذلك القيادات الاقتصادية بالبلاد لاقناع جهات التمويل لهذا المشروع الحيوي.. وكارثة أيضاً لما صرف على مراحل المشروع من دراسات جدواه وحتى مراحله الحالية بما فيها التعويضات للمتضررين والكارثة الأكبر لهذا الإتجاه وهو عدم الصدقية مع مؤسسات التمويل التي تتعامل مع السودان في الوقت الحالي حيث أن حالة المقاطعة التى يعيشها مع مؤسسات التمويل الدولية أدت إلى محدودية الجهات التى يعتمد عليها السودان في المنح والقروض.. فكيف نختار بأنفسنا أن نفقد ما تبقى من مؤسسات عربية وإقليمية.. وكيف يوافق مجلس الوزراء والقطاع الاقتصادي على سلوك وزارة المالية فيما يخص تحويل تمويل مطار الخرطوم الجديد إلى جهات أخرى. الجهات التي وافقت على تمويل مطار الخرطوم الجديد هي ما تبقى لنا من مؤسسات تمثل مجموعة الصناديق العربية وكلنا يعلم إسهام الصناديق العربية في عدد من المشروعات المهمة والحيوية في البلاد وكلنا نعلم مدى المجهود الضخم والشاق الذي قام به من سبقوا السيد علي محمود في عودة علاقات السودان مع الصناديق العربية بعد حرب الخليج الثانية بين العراق والكويت.. ثم هناك البنك الإسلامي للتنمية أكبر شريك للبلاد في التنمية وكذلك الصين وتركيا، فكيف يلقى بكل ذلك في قاع البحر بجرة قلم.. والسؤال هنا هل يحق لوزارة المالية بل لنا في السودان أن يتم تحويل تمويلات وقروض منحت لمشروعات معينة إلى جهات أو مشروعات أخرى (معلومة وغير معلومة) وهل ستتم إستشارة هذه المؤسسات التي تحتاج إلى أخذ القرار من مجالس إداراتها أم أن الموضوع سيتم بقرار أحادي من قبل وزارة المالية وتظل القروض الميسرة التى منحت عالقة إلى(حين ميسرة) فتدخل برامج الجدولة غير المجدية، فيذهب وزير المالية عن الوزارة ليدفع الشعب ثمن الأخطاء كماهو الحال مع الديون السابقة التى تدفعها الأجيال الحالية صبراً ومعاناة.. اما إذا كانت وزارة المالية سترجع إلى أخذ الموافقة من مؤسسات التمويل فبالتأكيد لن يكون تحويل التمويل قرارا صائبا لأن ذلك سيأخذ وقتاً طويلاً وجولات عديدة حتي يقتنع أصحاب المال بجدوى هذا التمويل وبالتالي ستظل لدينا قروض مجموعة ولا نستطيع الإستفادة منها لو كانت وزارة المالية ستعتمد على أموال مطار الخرطوم الجديد لتمويل برنامجها الإسعافي للخروج من الأزمة الاقتصادية فلن يكون البرنامج للإسعاف بل (للإنعاش|)