سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أجندة كردفانية أمام طاولة مجلس الوزراء بالأبيض لم يعد الاتهام بالعنصرية والجهوية يرهبنا وهذه مطالب أهلنا
كردفان الأكثر التهابا في السودان ودليلنا هجليج وتلودي وأبيي وودبندة
[email protected] يلتئم غداً الخميس اجتماع تاريخي لمجلس الوزراء الاتحادي برئاسة المشير عمر حسن البشير وبحضور نائبه الأول علي عثمان محمد طه ونائبه الثاني ومساعديه ومستشاريه و وزرائه في مدينة الأبيض «أب قبة فحل الديوم» حاضرة محلية شيكان عاصمة عروس الرمال رئاسة ولاية شمال كردفان والمدينة المحورية لغرب السودان كله حاضنة قبة جدي وسيدي الشيخ إسماعيل الولي الكردفاني وسيدي الشيخ أبوصفية وهو اجتماع له خصوصية متميزة ليس لأهلنا في كردفان ولا لمجلس الوزراء فحسب ولكن خصوصيته للسودان كله وأهله، لما لهذه المدينة من خصوصية تاريخية وحاضرة وآتية بإذن الله تعالى. والكردفانية عندي واحدة من انتماءات عديدة تجمعني مع أكثر أهل السودان إن لم يكن كلهم واعتز دائماً أن انتماءاتي العديدة المتعددة لسودانيات كثيرة كلها أصيلة ومتأصلة فالولاية الشمالية بلد جدي الأمير النور عنقرة المولود في منطقة«أبكر» عاصمة البديرية الدهمشية في مملكة «الدفّار» نواحي الدبة ويتمدد في تلك المنطقة أصلاً ونسباً وأرضاً، بين «الغدار وسالي والدمبو وجرا» وغيرها، ورغم أصوله البديرية بنسبه الموصول إلى بدير بن دهمش تجمعه اللغة مع أهلنا الدناقلة، و«الشلوخ» مع أبناء عمومتنا الشايقية، فتارة ينسبه الناس إلى هؤلاء وتارة إلى أولئك وكله نسب أصيل نأخذ منه ونعتز به. ويمتد انتمائي إلى كل قبائل السودان عبر آعمامي وعماتي أشقاء أبي الاثنين بعد المائة من زوجات جدي اللاتي أنجب منهن وهن سبع وسبعون امرأة من جملة زوجاته الخمس عشرة فوق المائة من قبائل السودان كافة بلا استثناء، سوى قبيلتين نأى جدنا الأمير النور عنقرة عنهما لحسابات قدرها هو واستحسن كثيرون فيما بعد تقديراته. ورحلة جدنا النور عنقرة التي انطلقت من مسقط رأسه في الشمالية إلى حلفاية الملوك ومنها إلى مصر ثم حلفاية الملوك مرة ثانية ومنها إلى بحر الغزال مع الزبير ودرحمة ود منصور«الزبير باشا» ومنها إلى دارفور وكردفان وإلى مبايعته للإمام المهدي في الأبيض ثم رحلته معه إلى الخرطوم ثم إلى نهر النيل، والقلابات والقضارف والحبشة ثم عودته مستقراً في العاصمة الوطنية أمدرمان إلى أن اختاره الله إلى جواره في العام 1924م ومواراة جثمانه ثرى البقعة الطاهرة مبروكة الإله والدين في مقابر أحمد شرفي، هذه الرحلة الطويلة صنعت لنا انتماءات لمدن ومناطق عديدة في السودان إلى ديم النور في القضارف، وديم الزبير في بحر الغزال،وكبكابية في دارفور التي كانت مقراً لحكمه، وإلى فاشر السلطان وتحديداً حيث كان قصر«خير خنقه» الذي بني خصيصاً لعمتنا«النعمة» التي تزوجها السلطان علي دينار،إلى الانتماء للبقعة أمدرمان أم المدائن والتي تعتبر بيوتنا فيها من البيوت التاريخية الخالدة. ورغم اعتزازي بكل هذه الانتماءات التي تكاد تجمعني بكل أهل السودان وتسقط أي اتهام يمكن أن يصيبنا بجهوية أو عنصرية لكنني اليوم اقذف بها كلها جانباً واخرج متدثراً بثوب كردفان وحده لا ثوب معه ذلك أن اليوم هو يوم كردفان الكبرى، وهو يوم للسودان كله. وعند الحديث عن كردفان يسقط كل انتماء لأنه لا توجد منطقة صهرت الانتماءات السودانية مثل كردفان، والتاريخ يثبت لها ذلك وكذلك الحاضر. وكردفان وحدها التي ظل صوتها خافتاً، ولم يرتفع وحدث هذا بسبب الطبيعة الكردفانية أولاً ثم بما حاصره بها الآخرون من ادعاءات وافتراءات تجعل من كل نداء باسم المنطقة صوتاً جهوياً و عنصرياً ويصيب هذا الاتهام معها أيضا شقيقتها دارفور الكبرى. وهو اتهام حصر عندهما فقط ولم يعمم على غيرهما فأفعال كثيرة سبقتهم بها مناطق عديدة في السودان لم يثر حولها أحد شكوك أو ظنون، ولما يقول أهل غرب السودان بمثلها أو حتى بما يشبهه ولو من بعيد، فهي أقوال وأفعال عنصرية وجهوية وحوادث التاريخ الدالة على ذلك كثيرة، حتى أن كثيرين من ابنائنا في كردفان صاروا يدّعون القومية في غير مظانها ويضحون بحقوق أهلهم حتى لا يوصفوا بالعنصرية والجهوية ولقد وقع كثيرون من الدستوريين الكردفانيين في هذا الفخ ويستوي في ذلك السابقون وكثير من القائمين الآن من الذين صارت وظائفهم الدستورية وبالاً على أهل كردفان تُحسب عليهم ولا تأتيهم بخير، بل أن بعضهم لا خير فيهم حتى لأنفسهم وأهليهم الأقربين فصاروا خير مجسدين للقول «لاخير فيهم ولا كفاية شرهم». ولمثل هذا الحال المائل فإني أجرد هذا القلم اليوم للتحدث بلسان أهلي الكردفانيين الذين أزعم أني أعرفهم، وأعرف قضاياهم ولا أجد ما يحول دون الحديث بكل ما يجيش في صدورهم فلا خير نخشى ضياعه من هذا القول، ولا شراً نخاف أن يقع. ثم إنّا نثق في قيادة بلدنا التي نوجّه لها الخطاب ونخص الأعلين منهم رئيسنا المشير عمر البشير ونائبه الأول الأخ علي عثمان وهما فضلاً عن صدقهما وعزمهما وحرصهما على خدمة وطنهما وأهله في كل مكان. فلكردفان وأهلها في أنفسهم مكان خاص. فالرئيس البشير جاء من كردفان إلى القصر الجمهوري حاكماً في صحبة بعض أبنائها، ونائبه الأول علي عثمان لا زالت خالدة في ذهنه ذكريات أول محطة عمل في حياته قاضياً صغيراً في مدينة الابيض. وكردفان التي نعني هي كردفان الكبرى شمالاًِ وجنوباً وشرقاً وغرباً وهي سياسياً ولايتا شمال وجنوب كردفان. وكردفان بهذا المعنى وهذه الحدود، هي المنطقة الأكثر اشتعالاً في السودان وهي الأكثر تهيئاً للانفجار، ويكفي أن نشير إلى أن من بين مدن كردفان «ودبندة» التي شهدت أعنف المعارك مع حركة العدل والمساواة وهي المعركة التي صُرع فيها قائد الحركة الدكتور خليل إبراهيم، ومن مناطق كردفان مدينة هجليج النفطية التي تحتلها قوات الجيش الشعبي التابعة لدولة جنوب السودان. السودان، ومن مدن كردفان مدينة كاودا التي تتخذ منها حركة القوى المتمردة المدعومة من دولة الجنوب عاصمة لها، وهي لا تبعد كثيراً عن مدينة تلودي التي حررتها قواتنا المسلحة الباسلة قبل أيام قليلة. ومن مناطق كردفان المهمة منطقة أبيي التي تتحرش بها دولة الجنوب، وتزعم أنها تابعة لها وتحاول أن تساوم عليها، فتلك بعض المناطق والمدن الكردفانية الملتهبة والتي صارت محط أنظار كل أهل السودان وصار الاهتمام بها شأناً قومياً وطنياً ولذلك يصير أمر هذه المنطقة في السودان على رأس أولويات وأجندة مجلس الوزراء الذي يعقد في حاضرة كردفان الكبرى. لا نشك في أن الأمانة العامة لمجلس الوزراء قد أعدت أجندتها لهذا الاجتماع وهي لا بد أن تكون قد استوعبت قضايا المنطقة ولكن لا بأس أن نرفد هذا الاجتماع بما يفكر فيه أهل كردفان«الغبش» والمجاهدون أيضاً والصابرون والمرابطون ولا أدّعي أنني اتحدث بأسمائهم جميعاً لكنني ازعم أن درجة الوصل والتواصل بيني وبينهم تفوق كثيرين من الذين تحول الحواجز السلطوية والادعاءات القومية بينهم. وبعض ما أقول وصلني مباشرة من بعض أهل كردفان وأبدأ بما يمكن إثباته بشهوده الأحياء وبالذين لا يشك أحد في انتمائهم لكردفان وأحقيتهم في التحدث بأسماء أهلهم الذين هم منهم وفيهم وبهم . وأبدأ ذلك بما قاله لي أخي الشيخ المجاهد عبدالرسول النور وهو رجل لا يحتاج إلى توصيف أو تعريف وهو المعروف الذي لا يُعرّف . ولم أبدأ بقول الأخ الشيخ عبدالرسول النور لثقل كفته بين الناس فقط ولكن لأنه بدأ بالسقف الأعلى في المطالب وتحته تندرج أجندة عديدة ، فالشيخ عبدالرسول النور ينادي بتخصيص سلطة إقليمية لكردفان على نهج التي قامت في دارفور وأن يجري تقسيم آخر للإقليم ليصبح خمس ولايات والحد الأدنى لما قال به الأخ عبدالرسول النور هو ما التزمت به الحكومة ووعدت بتنفيذه وهو إعادة ولاية غرب كردفان لتأخذ نصيباً من ولايتي شمال وجنوب كردفان و هي مناطق المسيرية في الجنوب ومناطق حمر في الشمال وهذا هو الحد الأدنى الذي لا يعقل أن ينفض اجتماع الأبيض دون أن يخرج بقراره. ولعل قرار إعادة ولاية غرب كردفان يستوجب ثورة في الحكم والحكام في المنطقة لايختلف كثيراً عن الذي حدث في دارفور بعد إنشاء ولايتين جديدتين ومعلومة الظروف الاستثنائية التي تم فيها اختيار الحكام في الولايتين وهي ظروف خلفت بعض التوترات وخلقت انشقاقات وانقسامات تحتاج إلى معالجات شاملة وهذا لابد أن يحتاج إلى إعادة توظيف لأبناء كردفان الحاكمين للولايتين القائمتين والولاية أو الولايات التي تُنشأ . وبرغم أني امتلك تصوراً واضحاً لذلك ويوافقني عليه كثيرون ولكن الفكرة في أن يكون الولاة معبرين عن مواطنيهم وقادرين على تلبية احتياجاتهم لا سيما في التعامل مع المركز ويكون الممثلون للمنطقة في الحكم الاتحادي من الذين لاتغريهم مكاسب الحكم للتخلي عن قضايا أهليهم الذين صعدوا على أكتافهم فلا يلحقون بأدعياء القومية الزائفة. ولئن كان ما بدأنا به الأجندة هو ما يتعلق بالشأن السياسي ونظام الحكم الفدرالي فأن قضايا التنمية والخدمات تعتبر أهم أولويات أهل كردفان وحظهم منها ضعيف جداً، وأول ما نرجو القطع بتنفيذه ما وعد به الرئيس البشير في حملته الانتخابية ثم ما بشر به نائبه الأول علي عثمان محمد طه في زيارته الأخيرة إلى شمال كردفان. ومن وعود الرئيس القاطعة مشروع طريق الأبيض بارا أمدرمان وهو مشروع لا نرى ما قيل فيه كافياً بغير وعد واضح بتاريخ ابتداء العمل به. فقبل ذلك شهدنا توقيع عقد تنفيذه تم تبدل أمره، ثم وعد الرئيس الثاني بدراسة خيارات مياه الشرب للولاية وكان أهلها قد طلبوا إمدادهم بمياه شرب من النيل الأبيض، وقبل الرئيس الفكرة ولكن وجه بإخضاعها للدراسة حتى تتم المعالجة بالطريقة الأيسر، سواءً من مياه النيل الأبيض عبر الأنابيب أو من المياه الجوفية والمطلوب في هذا الاجتماع اتخاذ قرار واضح في هذا الشأن. وفي زيارة النائب الأول الأخيرة لولاية شمال كردفان وعد بأن يعمل على تحقيق الشعار القديم كردفان «الغرا أم خيراً جوة وبرة» واقترح لتحقيق هذا الشعار شراكة بين المجتمع والحكومة الولائية والحكومة الاتحادية . وهنا لا بد أن نعترف بأن حكومتنا الولائية ومجتمعنا الشعبي المحلي لم يقوما بالمطلوب منهما بالدرجة الكافية ولكنها فرصة لأن يتخذ مجلس الوزراء الاتحادي في مدينة الأبيض قرارات واضحة ونافذة وملزمة لتحقيق هذا الشعار حتى تعود كردفان كما كانت«غرة أم خيراً جوة و برة». ومن تراكمات عدم العدالة في توزيع مشروعات التنمة في السودان ولا أقول ضعف حظ كردفان في التنمية القومية والاستثمار الخارجي ولكن أقول انعدامها تماماً فلا يوجد في كردفان الكبرى كلها، ومعها كذلك ولايات دارفور الجارات الشقيقات مشروع تنموي قومي واحد، ولم يُوجه واحد من مئات المستثمرين العرب والأجانب الذين استجلبوا مليارات الدولارات للسودان لم يوجه واحد منهم للعمل غرب بحر أبيض، فانتظرت ولايتنا مثل«الكلمة الشاذة» بين الولايات ولقد حزنت جداً عندما علمت أن مشروع خور أبوحبل يحتاج فقط إلى 25 مليون دولار وأعيت الحيلة الجميع في بعث هذا المشروع الحيوي الهام الذي يخدم ملايين المواطنين المعوزين .أما بالنسبة للخدمات فنأخذ لها مثالاً الخدمات الصحية. ويكفي أن نشير إلى أن مستشفى الأبيض الذي يعتبر أكبر مستشفى غرب جبل الأولياء وحتى الطينة فإن أبلغ وصف له أنه مثل «الكومر» لا تنفع فيه «عمرة» ولا صيانة. ولما اقتنعت الحكومة بذلك، وفكرت في المستشفى البديل قيل إن سعته الاستيعابية ستكون مئتي سرير فقط، علماً بأن هذا«الكومر» يستوعب نحو ألف سرير بين أسرته القديمة والحديثة و«المزدوجة»، ولقد قال لي محدثي من الأبيض أنهم يفضلون الاحتفاظ ب«الكومر» بدل المستشفى«الركشة» والذي سيقام في مكان قصي في أطراف المدينة، فلو أن صحة الإنسان في كردفان تهم وزراءنا الكرام - ونحسب أنها تهمهم - فليتخذوا قراراً في شأن هذه المستشفى، ومادامت وزارة الصحة الاتحادية قد تخلت عن المستشفيات الاتحادية في العاصمة لصالح ولاية الخرطوم فلتتبنَّ إنشاء مستشفى الأبيض ليكون مستشفىً نموذجياً يخدم كل مرضى غرب السودان في ولايات كردفان ودارفور الكبرى، وقد يستوعب معهم بعض مرضى بحر أبيض الذين سيكون أقرب إليهم من مستشفيات ولاية الخرطوم.