كان من المفترض أن نكتب يوم الجمعة الماضية عن الذكرى ال 17 على رحيل الفنان الإنسان مصطفى سيد أحمد المقبول ، لكن شاءت الأقدار أن يرحل في نفس التاريخ أحد العباقرة في الساحة الفنية محمود عبدالعزيز ، ومصطفى ومحمود كلاهما قد رحل عن الدنيا بعد أن ترك بصمة في الغناء لن يمسحها الزمان من الذاكرة غير محدودة (القيقا بايت ). محمود عبدالعزيز من تلامذة الفنان الهادي الجبل وهو الآخر من تلامذة الفنان الصومالي أحمد ربشة لكن مصطفى سيد أحمد مدرسة قائمة بذاتها لها تلاميذ لكنهم لن يكونوا في قامة الأستاذ والكتوف لن تتلاحق بين مصطفى والمقلدين. الراحل مصطفى سيد أحمد صاحب المدرسة الرمزية التصويرية الواقعية ولأنه فنان نشأ نشأة الحواشات ثم مؤسسات التعليم معلماً فقد عاش وسط الكادحين من بني شعبه وعندما أصبح فناناً جعل هذه الشريحة متنفسه الغنائي. ومصطفى أكمل عبقرية الصوت بدراسة الموسيقى وهو رسام بارع ودرامي لا يشق له غبار مصطفي سيد أحمد قدم نماذج من الغناء لم يكن موجوداً في الساحة الفنية لأنه تصوير لواقع معاش وجاء ذلك من خلال شعراء مميزين أمثال حميد والقدال وأزهري وحافظ عباس ويحى فضل الله وهاشم صديق وغيرهم من المبدعين وهؤلاء الشعراء لم يصنعوا مصطفى كما يعتقد البعض لكنهم أضافوا أغنيات هي طلب مصطفى في تجربته الغنائية..ومصطفى أضاف لتلك القصائد الرمزية قوالب لحنية ما كان يمكن أن تكون لولا عبقرية مصطفى الغنائية وخامة الصوت قرار لكنه يستطيع الأداء في مناطق الجواب بكل سهولة صعوداً وهبوطاً حسب مجريات اللحن وعبقريته في تلحين أغنية الراحل حميد (عم عبدالرحيم ) لا يمكن أن يجود الزمان بمثلها وقد خلط فيها بين الموسيقى والدراما والإيقاعات المتنوعة ثم الشجن الذي لازم اللحن حسب متطلباته وهيكلة الأغنية ومساراتها اللحنية وموضوعاتها ( عم عبدالرحيم ما بخبر زعل وكل الناس هناك ما بتخبر زعل ..تزعل من منو وتزعل في شنو ..كل الناس أهل والماهم أهل جمعهم العمل ) وعبدالرحيم هو محمد أحمد السوداني الرجل البسيط..وعم عبدالرحيم تلاقفته المصائب من كل صوب وحدب والقطر هو المصيبة في السكة الطويلة المحفوفة بالصثعوبات ( السكة الحديد يا عم القطر ..عم عبدالرحيم قدامك قطر..وعم عبدالرحيم إتلافا القطر وسال الدم مطر ) كانت هذه عقرية حميد في حنجرة مصطفى سيد أحمد. الرمزية الواقعية كانت مسار تجربة مصطفى سيد أحمد وحتى المحبوبة التي ظهرت في إغنيات الحقيبة إمرأة عارية ومتبرجة..تحولت عند مصطفى الحبيبة للنيل والقمح وتراب الوطن والمطر وكلها مقومات الحياة ( يا بت يا نيل ..لو نامت قمحة على الأبيض وإنشرت زيك ما كان الكسرة جاتك من برة صفراء ومنكسرة ) ثم كانت لمصطفى تجربة ثرة مع الشاعر الفذ إبن المكنية أزهري محمد علي في أغنية وضاحة يا فجر المشارق..الصباح الباهي لونك..وضاحة يا فجر المشارق .. يا بنية من خبز الفنادك .. غابة الأبنوس عيونك.. وكانت التجربة الأخرى مع حميد في ( يا ضلنا الممدود على رمل المسافة وشاكي من طول الطريق ..وهي رمزية عالية تجسد الواقع ..قول للبنية الخايفة من نار الحروب تحرق بويتات الفريق..قول ليها الأمل بصبح رفيق) وتكاملت معها تجربة حافظ عباس ( نحن مع الطيور الما بتعرف ليها خرطة ولا في إيدها جواز سفر والرواكيب الصغيرة مع إمتداد الأمل عند مصطفى تبقى أكبر من مدن ولما باكر يا حليوة لما أولادنا السمر يبقو أفراحنا البنمسح بيها أحزان الزمن.. الرواكيب والعشش أصبحت مدن في كل أطراف الخرطوم..لكن الأولاد السمر ما زالوا متجازبين بين الرعاية الإجتماعية والخيران لا أماً تجفف الدموع لا أباً يطمئن..نواصل تجربة مصطفى سيد أحمد في ذكراه ال17 وقد توفي فجر يوم 17/ يناير 1996م بالدوحة القطرية ودفن الجثمان بمقابر ود سلفاب غرب الحصاحيصا في موكب مهيب. -- في لقاء الاشقاء سفير اليمن بالخرطوم يطالب برفع تأشيرة الدخول بين البلدين الخرطوم : رحاب ابراهيم تنشيطاً للعلاقات الثنائية بين شعبي السودان واليمن والبحث عن سبل تطويرها وتذليل ما يواجهها من صعوبات عقدت السفارة اليمنية بالخرطوم وجمعية الأخوة السودانية اليمنيه بقاعة سبأ بالحديقة الدوليه مساء امس الاول لقاءاً اختير له اسم لقاء الأشقاء . حيث أكد الاستاذ حسان محمد الروم السفير اليمني بالسودان ان العلاقات بين البلدين ليست وليدة اللحظة وأنما لها جذور تاريخيه عميقه فقد كان السودان إحدى المحطات المهمة التي هاجر إليها اليمنيون إما لنشر الإسلام وإما لتحقيق أهداف دنيويه المتمثله في التجارة والزراعه فاستقرط بها وأثرو فيها ، وأبان السفير ان اليمنيين وجدوا بأن السودان احدى المنابع الهامه في المنطقه للتنوير العلمي فسعو إليها ليرووّ عطشهم فتم إستقدام العديد من المدرسين الي اليمن فإستقبلهم الشعب بسعه صدر وفرحه شديده فتعاملو معهم وكأنهم افراد يمنيين من الدرجه من الاولى فلم يشعر السوداني بأنه مغترب عن وطنه ولقد تعمقت هذه العلاقه ببناء جسر لهذا التعاون اذ تم التوقيع علي العديد من الإتفاقيات والبرامج ولكن وجدت السفاره بأن هنالك بعض التعثرات في الاونه الأخيره والمتمثله في بعض النقاط أهمها التمسك بالقوانين والانظمه بغض النظر عن العرف الدبلوماسي المتمثل في المعامله بالمثل إضافة الي ضعف قنوات الأتصال والتواصل فلا تتلقى اجابات علي المراسلات وان تم فيتم ذلك في وقت متأخر ، واشار السيد السفير ايضاً الي ان التمسك بالبرنامج العلمي وتجاهل المعامله بالمثل من حيث وجود مرونه في تغيير التخصصات او تغيير الجامعات كما يتم فرض رسوم بالدولار وحتى إستخراج اية وثيقه في بعض الجامعات . واضاف ان من التعثرات ايضاً عدم وجود مرونه في الرسوم الدراسيه المحفزه للدارسين لنيل درجة الماجستير والدكتوراه ، وإرتفاع تكاليف التأشيرات والإقامه وكل ما له علاقه بالجوازات مقارنة بما يتم في اليمن . وطالب السفير اليمني حسان محمود بإبرام إتفاقيه قنصليه بين البلدين لتسهيل عملية السياحة والاستثمار والعلاج ، إضافة لإبرام إتفاقية صيد بين البلدين لان هذه الإتفاقيه ستحل مشاكل الصيادين اليمنيين والسودانيين وفق القوانين الساريه ، وطالب ايضاً برفع تأشيرة الدخول بين البلدين . هذا وقد شارك في اللقاء عدد من الرموز منهم الامين العام لمجلس الصداقه الشعبيه والباشمهندس تاج الدين المهدي الامين العام الاسبق لجهاز المغتربين ورئيس جمعية الاخوة السودانيه اليمنيه والاستاذ علي الحضرمي الملحق الإعلامي ورئيس الجاليه اليمنيه بالخرطوم . هذا وقد كان في تقديم فقرات اللقاء الاستاذ فقيري مدير الإعلام بجهاز تنظيم شئون السودانيين بالخارج الذي دائماً مايحمل في معيته معلومات كافيه ووافيه عن ضيوفه . -- قوس قُزح لكل قدر قيمته..!! د. عبد العظم أكول أحياناً نجد أنفسنا عاجزين عن وصف البعض لحسن شمائلهم وتقربهم زلفى المولى عز وجل.. وكأني أريد أن أقول وأذكركم بقول الزباء ( بيدي لا بيد عمرو) حين قال : لو كان يكسب منصباً ببلاغة ما نال مجداً فوق مجدك ناظم ولعلي أتمثل بقول الشاعر العربي هو يتحدث بلسان ( الهدهدة ) في رواية القبرة قائلا: جاءت سليمان يوم العرض هدهدة « أهدت إليه جراداً كان في فيها وإنشدت بلسان الحال قائلة: إن الهدايا على مقدار مهديها لو كان يهدي قدر قيمته.. لكنت تهدي لكل الدنيا وما فيها.. ذلك اننا وفي هذه الدنيا ( الزايلة) نتعرف على أناس كثر ونصادق كثر.. فقد قال لقمان الحكيم لابنه في هذا الإطار يا بني ليكن أول شئ تكسبه بعد الإيمان بالله ( أخاً صادقاً ) فإنما مثله كمثل « شجرة « إن جلست في ظلها ظلتك.. وإن أخدت منها أطعمتك.. وإن لم تنفعك لن تضرك ..!! لذلك يبحث الانسان عن الصديق الصالح لأن القرين بالمقارن يقتدي.. فالصديق الصالح يرشدك للعمل الصالح.. وتجده بالقرب منك في السراء والضراء.. ورب أخ لك لم تلك أمك.. وفي هذا الإطار أعتز بعلاقاتي الممتدة مع أشخاص أعزاء.. وكأنهم أكثر من أشقاء.. منهم صديقي ورفيق الدرب الأستاذ الطيب سعد الدين حسان مدير إعلام ولاية الخرطوم وزميل الدراسة بالجامعة الإسلامية ورفيق السكن والحياة.. وقد ظلت (اخوتنا ) مستمرة وستستمر إلى أن نلقي الله.. وهناك صديقي وتوأم الروح الشاعر المرهف والمطبوع الأستاذ مختار دفع الله وعلاقتي معه تجسدت في ثنائيتنا في الحياة والإبداع.. كما كتب بذلك الأستاذ الرائع مصطفى أبوالعزائم ( شقيقنا ) الأكبر عندما كنت مشغولاً بالإعداد للماجستير.. فكتب مقالاً مؤثراً بصحيفة الاسبوع عن علاقتي بمختار وتساءل هل صار مابين مختار وأكول كالذي صار بين القصر والمنشية؟ وهناك سعادة الفريق أول شرطة محمد نجيب الطيب هذا الانسان القائد هو شقيقي الأكبر وأكثر وجدته خير معين في السراء والضراء.. وأحمل له من الحب ما لا يوصف.. وهناك أخي الأكبر الباشمهندس السعيد عثمان محجوب الوزير المهم والمثقف.. وهو أخي الذي أفاخر به في كل مكان.. وهناك أخي الأستاذ عادل سيداحمد فهو شقيقي الذي لم تلده أمي.. وأذكر أن أبونا سيد احمد خليفة غشيته شآبيب الرحمة في قبره كان يقول لي إن عادل هو بمثابة شقيق لك.. ولا أنسى سعادة الوزير الانسان كمال عبد اللطيف فهو أكثر من شقيق وأعتز به ويظل في وجداني من أحب الناس إلى نفسي وهناك بقية..!