أخلت الممثلة فائزة عميسب منزلها تحت القوة الجبرية التي نفذت أمرًا قضائياً بالإخلاء من البيت الذي تعود ملكيته لزوج «أم الدراما السودانية» بعد خلاف مع الورثة أشقاء الزوج الراحل . مشهد أول إلى هنا انتهي الخبر.. لكن الصورة أعمق فإذا كان الحدث في حد ذاته اعتياديا في بلد هذا ما يجده مبدعوه في العادة لابد أن تحتشد المشاهد بكثير من الأسي الخيالي والميلودراما الموجعة.. فعندما توقفت عربة الصحيفة أفرغنا إفواهنا من الهواء مشدوهين وغير مصدقين، فهاهي نجمة السودان الأولى تجلس على «سرير» في قلب الشارع.. ويدها على خدها وبكلمات مرتعشة مرتعبة لاتخلو من عدم تصديق تسأل إحدى الزميلات «دي فائزة عمسيب».. صمتنا جميعاً فالسيناريو هذه المرة أوجع من قدرتنا على المشاهدة ،وهاهي المبدعة السودانية العالمية تجسد مأساة هذا الوطن ووجعة أهله وهاهي «بت عمسيب» تؤدي دور سمنار باحترافية عالية وفق سيناريو أليم صاغته الأقدار، ولأنها تستحق «الأوسكار» كافأناها بطردها من المنزل. وهاهو القانون السوداني يخرج فائزة عمسيب من منزلها دون أن يهتم إلى أنها ضمن منظومة تسن قانون الحياة.. وهاهم أفراد شرطة السودان يأتون إليها مسلحين «الكلاشنكوف».. فماذا قالت.. لتنفيذ أمر القضاء.. هاهي المرأة السودانية ذات السبعين عاما تخرج بالسلاح من منزلها. الممثلة القديرة التي وجدنا جيرانها يتقاسمون معها «القعاد في الشارع» ويتخاطفون رد الجميل بتوزيع «عدة منزلها» والحفاظ عليها حتى لا تضيع. مشهد ثاني لم نستطع أن نكون إعلاميين لأن الحياد لديه حدود والإنسانية تحتم علينا إن نتأسى، فالصورة كانت لواقع يبكي وباختصار مبكي ومفيد.. فائزة عمسيب الآن في الشارع بلا مأوي.. باتت الليلة الماضية عند إحدى جاراتها تدعي «فوزية» وجارين آخرين «سعيد سليمان، إبراهيم بريمة» تقاسما «العفش» القابل للكسر وحملا أمانته. مشهد أخير اتحاد المهن التمثيلية يسد أذنيه بطينة الطناش وعجينة الخجل ،وهو لايكلف نفسه حتى عناء السؤال عن أحد أعضائه ورائدة من رائداته. كل المشاهد كانت تنادي «وامعتصماه».. ومعتصم الهم السوداني غائب مابين غياب معتمد كرري الجديد وانشغال وزارة الثقافة. وهاهي إحدى نساء السودان ترمى في الشارع العام «واللي ما يشتري يتفرج».. وهاهو الممثل السوداني يشاهد غداً.. يرى كيف سيكون مصيره في القريب القادم، وهاهو الفن السوداني والثقافة السودانية تنتحب.. وهاهو الفنان السوداني يساق الى الموت وهو ينظر. غادرنا نحن لنبيت في أسرتنا الدافئة ننعم بالراحة والأمن..وتركنا القديرة والمرأة الفنانة فائزة عمسيب «تبيت في الشارع»..!.