لا نحاول البكاء عليه أو تخليد ذكراه الخالدة سلفاً وإنما نعكس بعض مقولات .. كبسولات إنسانية كانت في فترات مختلفة من مدار مشوار حياته الطويل ، وكان قد أدلى نيلسون مانديلا أيقونة النضال الوطني والكفاح ضد سياسات الفصل العنصري في جنوب أفريقيا بكثير من العبارات والأقوال المأثورة التي مازال التاريخ يذكرها.. نقدمها هنا على ملف صحافة الكاريكاتير كما نقول دائماً ..لعلها تكون معيناً لتغيير قادم . كان نيلسون مانديلا وخلال محاكمات ريفونيا عام 1964 التي كان يواجه خلالها عقوبة الإعدام بتهمة التخريب ضد نظام الفصل العنصري قال مانديلا: «لقد حاربت ضد هيمنة البيض وحاربت ضد هيمنة السود، وأثمن قيمة وجود مجتمع ديمقراطي حر يعيش فيه الجميع في تناغم وفي ظل فرص متساوية.. إنها قيمة أتمنى أن أعيش من أجلها وأن أحققها، ولكن إذا ما استدعت الضرورة، فإنني مستعد للموت من أجلها». وفي ما يتعلق بالسجن، قال مانديلا «إن الرجل الذي يسلب من رجل آخر حريته هو سجين للكراهية، وهو محبوس خلف قضبان التحامل وضيق الأفق». وقال أيضاً: «في بلادي، نحن نذهب إلى السجن أولاً ثم نصبح رؤساء». ومن أقواله «من الأشياء التي جعلتني أتوق للعودة للسجن مرة أخرى هو أنني لم تعد لدي فرصة كبيرة للقراءة والتفكير والتأمل الهادئ بعد إخلاء سبيلي». وعن الشجاعة قال مانديلا: «تعلمت أن الشجاعة ليست هي غياب الخوف، بل هي هزيمته، فالرجل الشجاع ليس الرجل الذي لا يشعر بالخوف، بل هو الرجل الذي يهزم هذا الخوف». وعن العنصرية، قال: «العنصرية هي محنة الضمير البشري». وخلال خطابه الافتتاحي عند توليه الرئاسة عام 1994، قال مانديلا: «لن يحدث أبداً أبداً أبداً مرة أخرى في هذه البلاد الجميلة أن يتم قمع طرف بواسطة طرف آخر». وفي ما يخص بناء الوطن، قال مانديلا: «في بعض الأحيان، تحتاج إلى جرافة، وفي أحيان أخرى، تحتاج إلى فرشاة لإزالة الغبار». وعن التفاوض مع الأعداء، قال مانديلا: «إذا كنت تريد أن تصنع السلام مع عدوك، فيتعين أن تعمل معه، وعندئذ سوف يصبح شريكك». وعن تعلم اللغات، قال مانديلا «إذا ما تحدثت مع رجل ما بلغة يفهمها، فإن الكلام يدخل عقله، أما إذا ما تحدثت إليه بلغته، فإن الكلام سوف يدخل قلبه». وأخيراً عن الحرية قال مانديلا «لقد سرت على الدرب الطويل للوصول إلى الحرية، وحاولت ألا أفقد حماسي، ولقد قمت ببعض الخطوات الخاطئة على طول الطريق، ولكنني اكتشف السر أنه بعد تسلق جبل عظيم، يجد المرء أن هناك جبال أخرى كثيرة ينبغي تسلقها». -- رجل التحولات الكبيرة NELSON MANDELA 1018 - 2013 في بلادي نحن نذهب الي السجن أولاً ثم نصبح رؤساء صحافة الكاريكاتير : وكالات لعلها المرة الأولى التي تقطع فيها محطة «البي بي سي» برامجها لتعلن نبأ رحيل رئيس جنوب أفريقيا السابق نلسون مانديلا في حين أن وفاة زعماء آخرين تُدرج عادة خلال النشرات الإخبارية ولثوان معدودة. تخال للوهلة الأولى أن بريطانيا تنعي أحد كبار عظمائها فيعلن رئيس حكومتها دافيد كاميرون أن «نوراً كبيراً خبا»، ويأمر بتنكيس الأعلام أمام مقر الحكومة، ثم يبدأ بث مباشر في التلفزة الرسمية لمواكبة الحدث فتظهر المذيعات بلباس الحداد والمذيعين يطلون بوجوه صارمة جادة عند الحديث عن رجل قضى على سياسة الفصل العنصري في بلاده مرة بالعنف وأخرى بمد الأذرع للشريك في الوطن لتوحيد الأمة بمواطنيها البيض والسود. إنها مفارقات عجيبة، لقد أثبت هذا المناضل الإفريقي الذي غير وجه بلاده وانتزع لغالبية سكانه السود حقوقهم أن التضحيات مهما غلت تأتي أُكلها في النهاية مهما طغى العالم وتنكر لحقوق الشعوب. لقد أجبر مانديلا بنضاله وثبات موقفه بريطانيا وحتى أميركا التي وضعته على لائحة إرهابها أن الحق لا بد أن ينتصر. للتذكير فقط في عام 1987 اعتبرت الراحلة مرغريت تاتشر التي كانت مؤيدة للأقلية العنصرية في جنوب أفريقيا أن» المجلس الوطني الأفريقي منظمة إرهابية نموذجية ومن يعتقد أنها ستقود حكومة جنوب افريقيا يعيش في عالم الخيال»! وذهب النائب البريطاني عن حزب المحافظين تيدي تايلور إلى أبعد من ذلك عندما قال «يجب قتل نلسون مانديلا»، فيما تساءل نائب محافظ آخر هو تيري ديليس «كم ستصبر رئيسة الحكومة على تلقي الركلات في وجهها من هذا الإرهابي الأسود» وذلك بعد رفض مانديلا مقابلتها في زيارة له إلى بريطانيا عام 1990! عموماً لا يفضّل المناضلون الموت على الفراش بعد رحلة مليئة بالمشقة. دائماً يسعون الى مجتمع يشبه أحلامهم وعالم على قياس سيرتهم الحافلة بالتضحيات. ذلك هو نيلسون مانديلا، رجل التحولات الكبيرة التي عصفت بشخصيته فانعكست على وطنه تغييراً نحو ديموقراطية كانت مفقودة في ظل سيطرة «العرق النقي». لعله نجا من الاستشهاد ليفارقنا بهدوء و لعلها المرة الأولى التي تقطع فيها محطة «البي بي سي» برامجها لتعلن نبأ رحيل رئيس جنوب أفريقيا السابق نلسون مانديلا في حين أن وفاة زعماء آخرين تُدرج عادة خلال النشرات الإخبارية ولثوان معدودة.