قالت سفارة جنوب السودان في الخرطوم يوم الأحد، إن خام النفط ينساب حالياً بشكل طبيعي دون توقف من مناطق الإنتاج إلى الأراضي السودانية، مؤكدة عدم تأثُّر عمليات الإنتاج بالأحداث الدائرة حالياً في بلادها. ويضخ جنوب السودان نفطه من آباره عبر خط أنابيب يمتلكه السودان وتجري عمليات التصدير عبر ميناء بشائر على البحر الأحمر مقابل رسوم متفق عليها بين البلدين. وكان مشار الذي يقود تمرداً على حكومة الرئيس سلفا كير ميارديت، قد هدد في وقت سابق بإيقاف تصدير النفط من ولاية الوحدة بعد سيطرة قواته عليها. واشترط مشار وضع عائدات النفط في البنك الدولي أو في حساب بعيداً عن الحكومة، في أول بادرة لدخول النفط في الصراع منذ تفجر القتال الدامي قبل أسبوع في العاصمة جوبا. واستولى مشار على أسلحة ومعدات كبيرة في بور عاصمة جونقلي التي سيطر عليها حليفه بيتر قديت. وتصاعدت السبت حدة المعارك بين قوات موالية لمشار وأخرى مساندة للرئيس سلفا كير ميارديت في بور. وكررت حكومة جنوب السودان، على موقعها الإلكتروني، أنها على استعداد للحوار مع مشار وجميع المتمردين «بدون شروط مسبقة» من أجل وقف أعمال العنف التي اندلعت منذ الأحد الماضي. وأعلن مشار، أن القوات الموالية له استولت على ولاية الوحدة النفطية، وتسيطر الآن على معظم أنحاء البلاد، واضعاً شروطاً جديدة لبدء الحوار مع رئيسه السابق. وقال مشار في تصريحات ل»بي بي سي»، ليل السبت، إنه يوافق على إجراء مفاوضات مع الحكومة إذا أفرجت عن السياسيين الذين أُعتقلوا أخيراً على أن يتم الحوار في بلد آخر مقترحاً إثيوبيا لاستضافته. الى ذلك دعا الرئيس الأمريكي باراك أوباما، قادة جنوب السودان إلى المساعدة في حماية الموظفين والمدنيين الأمريكيين على أراضي دولتهم، بينما أعلنت بريطانيا السبت أنها ستنظم رحلة «ثالثة وأخيرة» لإجلاء الرعايا البريطانيين من جنوب السودان. واندلعت مواجهات دامية في جوبا عاصمة جنوب السودان الأحد الماضي، إثر إعلان الحكومة إحباط محاولة انقلابية، لتتسع دائرة الاقتتال إلى عدة ولايات أخرى. وجاءت دعوة أوباما عقب إصابة أربعة عسكريين أمريكيين في هجوم على ثلاث طائرات أثناء مهمة لإجلاء أمريكيين السبت من جنوب السودان. وقال بيان للبيت الأبيض، إن الرئيس أوباما شدد على مسؤولية القادة في جنوب السودان في دعم جهود الولاياتالمتحدة لتأمين الرعايا الأمريكيين في كلٍّ من العاصمة جوبا ومدينة بور الخاضعة لسيطرة المتمردين في ولاية جونقلي. وحذر أوباما أيضاً أنه في حالة محاولة السيطرة على السلطة بالقوة في جنوب السودان فإن دعم الولاياتالمتحدة سيتوقف للدولة الوليدة. في سياق متصل، أعلنت وزارة الخارجية البريطانية السبت، أنها ستنظم رحلة «ثالثة وأخيرة» لإجلاء الرعايا البريطانيين من جنوب السودان، وتقلع الرحلة من عاصمة جنوب السودان جوبا إلى دبي بعد ظهر الإثنين المقبل. وكانت الطائرة الثانية التي أرسلتها لندن الجمعة قد أجلت 93 شخصاً، ويوم الخميس أجلت الطائرة الأولى التابعة لسلاح الجو أيضاً 182 شخصاً بينهم 53 مواطناً بريطانياً وحطت الطائرتان في يوغندا. من جانبه، دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى وقف فوري لأعمال العنف في جنوب السودان. وقال بان من الفيليبين حيث يختتم زيارة استمرت يومين «أطلب من جميع القادة السياسيين والعسكريين والمليشيات وضع حدٍّ لأعمال العنف ضد المدنيين». وطالب الأمين العام للمنظمة الدولية رئيس جنوب السودان سلفاكير ونائبه السابق رياك مشار، إلى «إيجاد مخرج سياسي لهذه الأزمة». وأسفرت المعارك الدائرة منذ 15 ديسمبر الحالي عن سقوط 500 قتيل على الأقل في جوبا وحدها، ونزوح الآلاف في جميع أنحاء البلاد، حسب حصيلة جزئية. وقال سفير جنوب السودان في الخرطوم ميان دوت في مؤتمر صحافي الأحد، إن الإنتاج حتى تاريخ اليوم هو «250» ألف برميل. وأوضح دوت أن الإنتاج الأكبر يأتي من مناطق في شرقي البلاد لم يمتد إليها القتال حتى الآن. وذكر أن حقول منطقة ثارجات هي الأكبر إنتاجاً إذ تنتج 170 ألف برميل يومياً، وولاية الوحدة هي الأقل ب80 ألف برميل يومياً. وأكد السفير عودة الأوضاع إلى طبيعتها في العاصمة جوبا، وقال إن الأوضاع الآن مستقرة في كافة ولايات الجنوب باستثناء ولاية جونقلي وعاصمة ولاية الوحدة مدينة بانتيو. وتوقع دوت أن تشهد الساعات المقبلة سيطرة الحكومة على ولاية جونقلي التي أقر بأنها الآن تحت سيطرة قوات مشار. وبرر انتشار القوات الأمريكية واليوغندية والكينية في العاصمة جوبا بحماية رعايا ومصالح تلك الدول، واعتبر الأمر طبيعياً. وقال دوت إن ما تم هو انقلاب سياسي وليس قبلي، مشيراً إلى وجود خمسة من قبيلة الدينكا ضمن المعتقلين السياسيين الأحد عشر، واثنين فقط من قبيلة النوير. وقال دوت إنه لا توجد توقعات محددة بشأن نتائج المفاوضات المقترح أن تبدأ بين الحكومة ومشار. وعاد مرة أخرى ليشدد على أن الصراع الدائر هو صراع سياسي بين قيادات داخل منظومة الحزب الحاكم «الحركة الشعبية».وأكد أن من يقرر الحل هي قيادات الحركة داخل المكتب السياسي أو مجلس التحرير، مشيراً إلى أن كل الخيارات مطروحة لأعضاء تلك المؤسسات بالحزب لتقرر بشأنها. ودعا إلى عدم الانسياق وراء ما اعتبرها شائعات وأخبار مغلوطة وغير صحيحة عن ما يجري، حتى لا يتأثر المواطنين في معيشتهم، قائلاً إن الصراع يدور في مناطق محدودة. وبرأ دوت السودان من الأحداث الجارية حالياً بالجنوب، وقال إن أي حديث عن وجود صلة للخرطوم بالصراع الدائر، حديث غير سليم ومجافٍ للحقيقة. وعبَّر السفير عن شكر بلاده لحكومة السودان، وقال إن السودان حكومة وشعباً جسَّدا موقفاً إيجابياً تجاه الصراع.