أحد قادة المؤتمر الوطني بعد وقوع انقلاب الإنقاذ بشهر قال لي بالحرف الواحد «إن جامعة الخرطوم التي أطلقتم عليها جامعة الصمود والنضال والكفاح وجامعة أكتوبر 21 سوف نجعلها لكم خالية من النضال الوطني وخاوية من الانتفاضات سنكسرها لكم» قال لي ذلك قبل ربع قرن من الزمان فإذا بحديثه يذهب هباء لا معنى له فظلت جامعة الخرطوم رغم الأحداث المؤسفة التي تهب عواصفها عليها من وقت لآخر ظلت هذه الجامعة العتيقة لسان حالها يردد ما كتبه الشاعر الوطني محمد المكي إبراهيم- رد الله غربته- سيظل حال صوتها يردد بشموخ «: سنعلم التأريخ ما معنى الصمود ما البطولة» عندما جعل النظام العسكري بقيادة الفريق إبراهيم عبود جعلوا في يوم انطلاق شرارة ثورة 21 أكتوبر عام 1964م في يوم الأربعاء جعلوا من الجامعة في ذلك اليوم التأريخي من تأريخ السودان جعلوا من ساحة العلم والثقافة ميدان لمعركة حربية بالأربعاء الرائعة نصبوا لروح الموت فوق الجامعة ولكن يوم الأربعاء قصم ظهر النظام العسكري وأودعه مذبلة التأريخ هكذا ظلت جامعة الخرطوم قلعة للصمود ومنارة للعلم ما تقاعست أبداً هذه الجامعة العريقة عن أداء واجبها الوطني فاحتضنت ساحتها الملاحم تلو الملاحم الوطنية حتى يومنا هذا فإن كانت هناك بعض الجهات السياسية المحسوبة على المؤتمر الوطني تهدد وتتوعد أنصار القوى السياسية الأخرى التي تختلف معهم فكرياً وسياسياً وأيدلوجيا وترفع «الجنازير» وما شابه ذلك من أسلحة بيضاء ظلت تهدد الحياة الدراسية في الجامعة لوقت طويل تتحدث هذه الجهات السياسية مع خصومها السياسيين بلغة العنف السياسي لا بالمنطق ولا بالحجة بل بالسنان والعناد والهيسترية العقائدية هكذا هو حالهم لا يعرفون غير لغة العنف وما كانت جامعة الخرطوم في يوم من الأيام مسرحاً للعنف إلا بعد أن أطلت علينا ما يسمى بجماعة الأخوان المسلمين وجبهة الميثاق الإسلامي بعد اندلاع ثورة أكتوبر عام 1964 أطلت على الساحة السياسية وجوه غريبة في أطوارها ونشأتها وفي تعاملها مع بقية القوى السياسية الأخرى فاتخذت هذه الوجوه- اتخذت العنف وسيلة للمخاطبة والمنازلة فأدخلوا هذه اللغة الدخيلة على مجتمع الجامعة لتحل الجنازير والأسلحة البيضاء مكان المنطق والحجة والبراهين لتصبح الجامعة مسرحاً للعنف الطلابي هذا النبت الشيطاني الذي يسمى عنف الطلاب الدموي، أن الطلاب بجامعة الخرطوم طالبوا بتجفيف مسجد الجامعة من الأسلحة فالمساجد لله وليست للسلاح والمساجد للركع السجود لا لقعقعة السلاح فاتقوا الله يا هؤلاء يا من تحركون الطلاب من خلف الكواليس ليثيروا الفتن والمشاكل ولزعزعة استقرار الجامعة التي كانت في عهدها الذهبي تعيش استقراراً وهدوء كاملا بلا مشاكل وبلا متاعب وبلا عنف فكل هذه الأشياء التي جرت وتجري على أرض الجامعة هي أشياء دخيلة على كل الجامعات والمعاهد والمدارس، فالأحداث المؤسفة التي جرت مؤخراً بجامعة الخرطوم هي خير دليل على أن الذين يقفون خلف الطلاب ويدفعون بهم نحو ممارسة العنف الدموي ضد زملائهم من القوى السياسية الأخرى خير دليل على أن بعض الجهات السياسية المعروفة لدى الجميع تقف وراء كل المشاكل والأحداث المؤسفة التي تتفجر من وقت لآخر بجامعة الخرطوم كما أن حرق معدات الجامعة العلمية هو كارثة ووصمة عار على جبين الطلاب أنفسهم يحرقون معداتهم العلمية بأياديهم يا للخزي ويا للعار فلمصلحة من يتم حرق أجهزة العلم يا جهلاء السياسة يا من تقفون وراء هذه الأحداث الطلابية التي جرت بجامعة الخرطوم ليحصد الطلاب الخراب والدمار بدلاً من ثمار العلم والثقافة، إن بعض الجهات السياسية جعلت من جامعة الخرطوم عرضة للمزايدات والمناورات السياسية مما جعل الجامعة تتعرض من وقت لآخر لهزات عنف طلابي مما يعيق استمرار الدراسة بالجامعة فتضطر الإدارة لإغلاقها وقد يحدث الإغلاق والطلاب على أبواب الامتحانات فهذا فيه ضرر للطلاب وأولياء أمورهم... إن الذي يحدث بجامعة الخرطوم من أحداث مؤسفة لن يتوقف مسلسله الدموي ما لم ترفع بعض القوى السياسية أياديها عن الجامعة ثم ظاهرة انتهاك الحرم الجامعي ظاهرة دخيلة على الحياة الجامعية كما عدم استقلال الجامعة دفع بالعنف الطلابي ليكون سيد الموقف بدلا من أن يصبح استقلال الجامعة سيد الموقف، يظل العنف الطلابي الدموي هو الكل في الكل وهذه كارثة على التعليم عامة فيجب تجفيف الجامعة من هذا العنف الطلابي مع استقلال الجامعة استقلالاً كاملاً وشاملاً على أن يتم انتخاب منصب مدير الجامعة بدلاً من التعيين من قبل الدولة. ولنا عودة