حذر خبراء من أن إقصاء اللغة العربية في الجنوب بعد الانفصال يمكن أن يلقي بظلال قاتمة على علاقة الدولة الجديدة بالعالم العربي، مؤكدين أن الدعوة الرسمية للتخلص منها في المدارس سيكون أكبر معوق للطلاب العائدين من الشمال. وأورد تقرير بالجزيرة نت أن وزراء حكومة الجنوب بالشمال بدأوا مساعٍ حثيثة لركل اللغة العربية واستبدالها بالإنجليزية الخالصة، حيث أمر وزير التربية والتعليم حسين مايكل ميلي بالتخلص من المناهج التي تستخدم اللغة العربية في جميع مدارس الجنوب. وتمثل اللغة العربية القاسم المشترك لقبائل الجنوب ذات الازدواج اللغوي فهي لغة التواصل والتفاهم، فهناك المجموعة الاستوائية التي أطلقت على لغتها (عربي جوبا)، ومجموعة (واو) أطلقت (عربي واو)، وهي لغة عربية خليط باللهجات المحلية. مشكلات لاحقة ويرى المراقبون أن التحول من اللغة العربية إلى أخرى يعتبر تحدياً فهناك أكثر من مليون ونصف المليون طالب في مختلف المراحل الدراسية تلقوا تعليمهم باللغة العربية في الشمال، عادوا إلى الجنوب عقب الانفصال، إضافة إلى المساحة الواسعة التي تحتلها العربية كلغة تخاطب يومي بين سكان الجنوب. وذكر رئيس مجمع اللغة العربية علي أحمد محمد بابكر أن العربية هي لغة التخاطب والتعليم في الجنوب لفترة طويلة، وتعتبر الرابط بين قبائله كافة، والصلة في علاقته مع دولة الشمال التي تجمعها بالجنوب مصالح مشتركة في الحاضر والمستقبل. ولفت بابكر أن دولة الجنوب تسعى لعلاقات مع جميع الدول العربية و"ليس من الصواب إلغاء العربية من مناهجها التعليمية"، ويضيف "هناك آلاف الطلاب درسوا في جامعات الشمال". خطأ فادح وأضاف أن دول عديدة غير عربية تحرص على تدريس العربية من أجل التواصل مع الدول الناطقة بها. واللغات عموماً وسيلة تواصل، ومن الخطأ قطع هذه الوسيلة. وتابع رئيس مجمع اللغة العربية: "أهل الجنوب لا يريدون القطيعة مع الشمال، وفي ظننا هناك ارتباط ثقافي واجتماعي واقتصادي وسيلته اللغة العربية". أما وزير الشؤون الدينية السابق وأحد أبناء الجنوب عبد الله دينق نيال قال إن العربية سوف تستمر كلغة تخاطب وتفاهم في مجتمع الجنوب لعقود طويلة، وقد تقصى لكنها ستظل في وجدان الناس. وأوضح أن من مصلحة حكومة الجنوب أن تظل اللغة العربية بالجنوب من أجل التواصل مع العالم العربي لفوائد اقتصادية وسياسية وليس من المصلحة محاربة اللغات لأنها ظواهر إنسانية وليست سياسية." وكيل جامعة بحر الغزال الفاتح الأمين يري أن الانتقال المباشر للتدريس باللغة الإنجليزية دون التدرج فيه استحالة وصعوبة وتحديات كبيرة لأن اللغة العربية سبقت كافة اللغات تاريخياً وإنسانياً في جنوب السودان " لغة شائعة ومن جهته قال أستاذ التاريخ الحديث بجامعة أم درمان الإسلامية عطا محمد أحمد إن حاكم إقليم كردفان السابق "نيوبولد" البريطاني الجنسية ذكر بأن لغة التدريس ترتبط باللغة الشائعة في المجتمع، وقارن بين اللغتين العربية والإنجليزية التي كانت سائدة في التدريس بالسودان شمالاً وجنوباً من حيث فائدتها لمجتمعات التداخل اللغوي في السودان. وأردف عطا: "الإنجليزية تعتبر لغة عالمية لكنها في واقع الأمر عديمة الفائدة حيث يصعب فهمها، وما يسمى (عربي جوبا) تمدد بشكل واسع على نطاق الجنوب وتتفاهم به معظم الإثنيات الجنوبية مما يستوجب تبني اللغة العربية في التعليم. ويرى وكيل جامعة بحر الغزال الفاتح الأمين أن الانتقال المباشر للتدريس باللغة الإنجليزية دون التدرج فيه استحالة وصعوبة وتحديات كبيرة لأن اللغة العربية سبقت كافة اللغات تاريخياً وإنسانياً في جنوب السودان.