من أنينِ الوقتِ يرزحُ تحتَ شوكةِ الأعصابِ أمضي إلى لانهاياتِ الطريقْ أُغادرُ المقهى.. تُراقبني الأحزانُ عن كثَبٍ ضجيجُ العرباتِ يتبعُني وأنفاسُ من عبروا سنيني تُلاحقُني.. وتلسعُني وتذروني رماداً تخلّفَ من حريقي.. آهِ من هذا الحريقْ..! لستُ أدري هل سأنهضُ من جديدْ.. وفنجاني بيدِ العرَّافِ يهتزُّ مرتعشاً .. تُربكهُ نظرةُ العرَّافِ والصمتُ العميقْ.. هل تبقى ما يُقالْ..! سأُفلتُ الآن من هذي الشوارعِ مثلما قالها العرافُ وحدي هل ستنتظر الحبيبةُ أوبتي.. ورفاقي عند زاويةِ الحي العتيقْ ؟! لا أظنُّ.. ولم يبقَ من شيءٍ يُقالْ وفي قعرِ فنجاني ضبابٌ يُقاطعهُ ضباب.. خرائطُ المنفى تُشابهُ صورةَ الوطنِ بكلِّ تفاصيلِ منفاي..! وكلُّ شيءٍ قد توارى خلف هذي الخطوطِ المبهمات.. ذكرياتي.. والأزقةُ.. والحبيبةُ.. والرفاقْ ! لم يبقَ من أحدٍ سواي.. مثلما قالها العرَّافُ وحدي ها هنا في هذا الخرابْ أُلغي المسافة بين ارتحالي والإيابْ أفكُّ قيدَ الشعرِ من شجنٍ يلازمهُ الحنينُ إلى لا شيءٍ يستدعي الجنينْ والحنينُ أغنيةٌ تُشاكسُ القاموسَ في صوتِ المُغنينْ تُزيفُ وَحشةَ العشاقِ في ليلِ الغيابْ سأُفلِتُ الآنَ من هذي الأغاني والأناشيدِ السرابْ سأُفلِتُ الآنَ رُغمَ أنفِ الوقتِ يرزحُ في الأنينْ ويُتلفُ ما تبقى تحتَ شوكةِ الأعصابِ من أعصابْ عبدالمنعم الكتيابي أمدرمان أكتوبر 2014