خطوة مثيرة لمصابي ميليشيا الدعم السريع    مجلس إدارة جديد لنادي الرابطة كوستي    سمير العركي يكتب: رسالة خبيثة من إسرائيل إلى تركيا    عناوين الصحف الرياضية السودانية الصادرة اليوم الأثنين 16 يونيو 2025    برمجة دوري ربك بعد الفصل في الشكاوي    شاهد بالفيديو.. الجامعة الأوروبية بجورجيا تختار الفنانة هدي عربي لتمثل السودان في حفل جماهيري ضخم للجاليات العربية    شاهد بالصورة والفيديو.. وسط ضحكات المتابعين.. ناشط سوداني يوثق فشل نقل تجربة "الشربوت" السوداني للمواطن المصري    شاهد بالفيديو.. الجامعة الأوروبية بجورجيا تختار الفنانة هدي عربي لتمثل السودان في حفل جماهيري ضخم للجاليات العربية    شاهد بالفيديو.. كشف عن معاناته وطلب المساعدة.. شاب سوداني بالقاهرة يعيش في الشارع بعد أن قامت زوجته بطرده من المنزل وحظر رقم هاتفه بسبب عدم مقدرته على دفع إيجار الشقة    شاهد بالصورة.. السلطانة هدى عربي تخطف الأضواء بإطلالة مميزة مع والدتها    شاهد بالفيديو.. كشف عن معاناته وطلب المساعدة.. شاب سوداني بالقاهرة يعيش في الشارع بعد أن قامت زوجته بطرده من المنزل وحظر رقم هاتفه بسبب عدم مقدرته على دفع إيجار الشقة    رباعية نظيفة .. باريس يهين أتلتيكو مدريد في مونديال الأندية    بالصورة.."أتمنى لها حياة سعيدة".. الفنان مأمون سوار الدهب يفاجئ الجميع ويعلن إنفصاله رسمياً عن زوجته الحسناء ويكشف الحقائق كاملة: (زي ما كل الناس عارفه الطلاق ما بقع على"الحامل")    "مصر وسوريا".. إدارة ترامب تدرس إضافة 36 دولة إلى قائمة حظر السفر بينها دول عربية    رئيس مجلس السيادة يلتقي السفير الفلسطيني بمناسبة إنتهاء فترة عمله بالسودان    المدير العام للشركة السودانية للموارد المعدنية يؤكد أهمية مضاعفة الإنتاج    توجيه عاجل لرئيس الوزراء السوداني    على طريقة البليهي.. "مشادة قوية" بين ياسر إبراهيم وميسي    المباحث الجنائية المركزية بولايةنهر النيل تنجح في فك طلاسم بلاغ قتيل حي الطراوة    من حق إيران وأي دولة أخري أن تحصل علي قنبلة نووية    وصول 335 من المبعدين لدنقلا جراء أحداث منطقة المثلث الحدودية    كيف أدخلت إسرائيل المسيرات إلى قلب إيران؟    ترامب يبلغ نتنياهو باحتمال انضمام أمريكا إلى العملية العسكرية ضد إيران    أول دولة عربية تقرر إجلاء رعاياها من إيران    الجهاز الفني للمريخ يضع برنامجا خاصا للنخبة    خلال ساعات.. مهمة منتظرة لمدرب المريخ    مدرب المريخ يصل الي القاهرة    السودان..خطوة جديدة بشأن السفر    تنفيذ حكم إعدام في السعودية يثير جدلاً واسعًا    3 آلاف و820 شخصا"..حريق في مبنى بدبي والسلطات توضّح    ضربة إيرانية مباشرة في ريشون ليتسيون تثير صدمة في إسرائيل    معركة جديدة بين ليفربول وبايرن بسبب صلاح    بالصور.. زوجة الميرغني تقضي إجازتها الصيفية مع ابنتها وسط الحيوانات    معلومات جديدة عن الناجي الوحيد من طائرة الهند المنكوبة.. مكان مقعده ينقذه من الموت    بعد حالات تسمّم مخيفة..إغلاق مطعم مصري شهير وتوقيف مالكه    رئيس مجلس الوزراء يؤكد أهمية الكهرباء في نهضة وإعادة اعمار البلاد    رئيس مجلس الوزراء يؤكد أهمية الكهرباء في نهضة وإعادة اعمار البلاد    إنهاء معاناة حي شهير في أمدرمان    وزارة الصحة وبالتعاون مع صحة الخرطوم تعلن تنفيذ حملة الاستجابة لوباء الكوليرا    فجرًا.. السلطات في السودان تلقيّ القبض على34 متّهمًا بينهم نظاميين    شاهد بالفيديو.. الفنانة إنصاف مدني تثير ضجة غير مسبوقة: (ميادة قمر الدين تملك جنبات وصلب وشطرنج دايرة ليها راجل بس) والجمهور: (شكلك كترتي من الشربوت)    رئيس مجلس الوزراء يقدم تهاني عيد الاضحي المبارك لشرطة ولاية البحر الاحمر    وفاة حاجة من ولاية البحر الأحمر بمكة    اكتشاف مثير في صحراء بالسودان    تفاصيل اللحظات الأخيرة لأستاذ جامعي سعودي قتله عامل توصيل مصري    رؤيا الحكيم غير ملزمة للجيش والشعب السوداني    مسؤول سوداني يطلق دعوة للتجار بشأن الأضحية    محمد دفع الله.. (صُورة) تَتَحَدّث كُلّ اللُّغات    في سابقة تعد الأولى من نوعها.. دولة عربية تلغي شعيرة ذبح الأضاحي هذا العام لهذا السبب (….) وتحذيرات للسودانيين المقيمين فيها    شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)    تراجع وفيات الكوليرا في الخرطوم    أثار محمد هاشم الحكيم عاصفة لم يكن بحاجة إلي آثارها الإرتدادية علي مصداقيته الكلامية والوجدانية    وزير المالية السوداني: المسيرات التي تضرب الكهرباء ومستودعات الوقود "إماراتية"    "الحرابة ولا حلو" لهاني عابدين.. نداء السلام والأمل في وجه التحديات    "عشبة الخلود".. ما سرّ النبتة القادمة من جبال وغابات آسيا؟    علامات خفية لنقص المغنيسيوم.. لا تتجاهلها    ما هي محظورات الحج للنساء؟    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



على طريق الانعتاق من الهيمنة المصرية (14 – 20)
نشر في الصيحة يوم 20 - 03 - 2025


د. النور حمد
"لن يستطيع أحدٌ أنْ يركبَ على ظهرِك، ما لَمْ تَكُنْ مُنحنياً"
مارتن لوثر كينج
الإسلامويون والجيش ودولتهم الموازية
من العوامل التي هيأت الفرص لكي تصبح موارد السودان الخام نهبًا للجيش ولمنتسبي الحركة الإسلاموية، وما يحيط بهم ممن يوالونهم من التجار، إنشاؤهم الدولة الموازية، التي استقلت بنفسها عن الدولة الأم في السودان. وأصبحت تعيش في داخلها كما تعيش الدودة الشريطية في أمعاء الإنسان. فكما سبق أن أشرنا، خلقت ما تسمى "الحركة الإسلامية" في السودان لنفسها دولةً موازيةً تدير اقتصادًا موازيًا يتحرك خارج الأطر المؤسسية المعروفة لأي دولة. فأصبحت هناك دولةٌ موازيةٌ فاحشة الثراء غارقةٌ في الفساد حتى أذنيها، وهناك الدولة الأم التي تعيش حالة من الفقر المدقع ومن انهيار مطرد للخدمات كالكهرباء والمياه والاتصال والأمن والتعليم والصحة والنظافة العامة، وغير ذلك. أهل الدولة الموازية هم التنظيم الحاكم والقوى الأمنية التي تحرسه من قوات مسلحة ورديفاتها من المليشيات الخاصة بالحركة الإسلامية ومن أجهزة الأمن المختلفة ومن الشرطة، ومن أصحاب المصالح من الرأسماليين الطفيليين الذين يتحلَّقون حول كل نظامٍ للحكم، أيًّا كان، كما سلفت الإشارة.
شرع الدكتور حسن الترابي منذ تدبيره الانقلاب على النظام الديمقراطي في السودان في تمكين أتباعه من كل مفاصل الدولة. وأتبع ذلك بتحويل الأملاك العامة للدولة إلى أملاك لتنظيمه الحاكم ولمنظومة الحكم القائمة. وبعد ابعاده الترابي في عام 1999، ركز الرئيس المخلوع عمر البشير، على حماية نفسه بالجيش والأجهزة الأمنية لكي يأمن على نفسه من أي انقلابٍ تقوم به المجموعة التي ذهبت مع الدكتور حسن الترابي. تطورت الأمور منذ نهاية العشرية الأولى لنظام البشير ليصبح الجيش والأجهزة الأمنية، بمرور السنوات، دولةً كاملةً مستقلةً، تدير اقتصادًا ضخمًا موازيًا، يجري خارج إطار الدولة وأجهزتها التي تقع عليها مهمة رقابة المال العام. وهي دولة تكسب مليارات الدولارات لكنها لا تصرف إلا على نفسها، فقط. وكما ذكر رئيس وزراء الفترة الانتقالية، عبد الله حمدوك، فإن حوالي 80% من شركات القوات المسلحة والقوات النظامية تعمل خارج ولاية وزارة المالية على المال العام.
في عام 1993 أنشأ النظام الإخواني في السودان ما تسمى منظومة الصناعات الدفاعية، التي ضمَّت، ضمن ما ضمَّت، مجمع اليرموك للصناعات العسكرية، ومجمع جياد الصناعي الضخم في منطقة الباقير جنوبي الخرطوم. كما ضمَّت مجمع ساريا الصناعي في العاصمة الخرطوم، الذي جرى إنشاؤه في عام 1997. وكغيرها من الجيوش العربية التي سيطرت على مختلف البلدان، اتجهت القوات المسلحة السودانية إلى السيطرة على الاقتصاد ووضعه تحت قبضتها، بل، وقامت بإدارته خارج إطار الدولة. تعدت أنشطة الجيش الصناعات الدفاعية وأخذت تنشئ العديد من الشركات التجارية التي انخرطت في مختلف الأنشطة الاقتصادية. وقد أوردت صحيفة الراكوبة في 8 سبتمبر 2011، أن موسى كرامة المدير الأسبق لشركة الصمغ العربي، الذي كان جزءًا من المنظومة الحاكمة، قال: إن بنية الإقتصاد السوداني تم حرفها تماماً لتصب في صالح الموالين للحكومة من جيش وشرطة وقوى أمن بجعلهم يهيمنون على الشركات شبه الخاصة. وذكر كرامة، أيضًا، أن النظام يمنح ما أسماه "الشركات الرمادية"، العقود بصورةٍ غير شفافة. وقال إن 413 شركة شبه حكومية تسيطر على الاقتصاد السوداني. وأن هذه الشركات ترفض الخضوع للتدقيق والمراجعة. (راجع: صحيفة الراكوبة على الرابط: https://shorturl.at/gDGsQ). كما أورد الصادق على حسن المحامي الذي تجمعه صلة قرابة بموسى كرامة، في تقرير له نشرته مجلة الديمقراطي في أول يونيو 2021، أن موسى كرامة قال له: لديَّ وصية أريدك أن تنقلها لجماعتكم في الحكومة (يقصد حكومة الفترة الانتقالية): هنالك أشياء بالضرورة أن يسمعوها متعلقة بالذهب والتعدين وحصائل الصادر والشركات والأفراد الذين ينهبون ثروات البلاد. وكذلك، التهريب الذي لا يزال مستمرًا من خلال شبكةٍ متكاملةٍ تضم نظاميين يعملون بموانئ السودان الجوية والبحرية والبرية، وشبكات خارجية. إلى جانب ذلك هناك قضايا الصمغ العربي والتهريب المستمر وإختلال ميزان الصادر والوارد بسبب السياسات الخاطئة. (راجع: صحيفة الديمقراطي على الرابط: https://shorturl.at/QzL7t).
عبر البرهان استباحت مصر موارد السودان
ورث البرهان هذه البنية الاقتصادية المختلة من نظام سلفه الرئيس المخلوع عمر البشير، فقام بحراستها بل وبالتوسع فيها وتقويتها. سيطر الجيش وجهاز الأمن على تجارة السلع الضرورية. وإلى جانب سهولة جني المال من التجارة في السلع الضرورية الأكثر استهلاكًا، فإن السيطرة على هذا المجال كان لها منذ فترة حكم الرئيس عمر البشير، هدفٌ آخر، وهو استخدامها في خنق أي نظامٍ يعقب نظامهم؛ سواءً أتي بثورةٍ شعبيةٍ أو بانقلابٍ عسكري. وهذا ما حدث بالفعل لحكومة الفترة الانتقالية التي قادها الدكتور عبد الله حمدوك. فقد خلقت قوى النظام القديم لحكومة حمدوك ضوائق معيشية بالغة الشدة، كما سبق أن ذكرنا. وهذه الشركات بالإضافة إلى سيطرتها على السلع الضرورية؛ كدقيق الخبز والوقود، فإنها تسيطر أيضًا على وسائل نقل وتوزيع هذه السلع. وعلى سبيل المثال فيما يتعلق باحتكار شركات الجيش تصدير اللحوم، أوردت صحيفة الراكوبة الإلكترونية في 14 مارس 2021، أن وزير التجارة والتموين في الفترة الانتقالية، على جدو، أعلن عن ابرام اتفاق مع نظيره المصري علي فتح تصدير الماشية للشركات السودانية دون احتكار لأي جهة. شريطة أن تقوم الشركات المصدرة بتحويل حصائل الصادر لبنك السودان مشيرًا الى إيقاف الشركات التى لا تلتزم بتحويل عائد الصادر. (راجع: موقع الشروق على الرابط: https://shorturl.at/0YwgX). ويدل هذا على أن عوائد الصادر في الفترة السابقة التي كانت فيها شركات الجيش تحتكر تصدير الماشية إلى مصر، لم تكن تعود إلى الخزينة العامة. وقد كانت شركة الاتجاهات المتعددة، التي تتبع للجيش، هي التي تحتكر تصدير الماشية الحية واللحوم الي مصر، وفق اتفاقٍ خاصٍّ، قبل الإطاحة بالرئيس عمر البشير. وواضحٌ أن ما تضمنه حديث وزير التجارة والتموين في حكومة حمدوك التي أطاح بها الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، أنه عمد إلى تنبيه الجانب المصري إلى أن شركات الجيش لم تكن تدفع عوائد الصادر لوزارة المالية، وإنما كانت تحتفظ بكل ما تحصل عليه من التصدير إلى مصر، لنفسها.
سوريون يهربون الفحم السوداني
لقد سبق أن ذكرت أن درجة الاستباحة التي جرت لموارد السودان، منذ أن صعد الفريق البرهان إلى قمة السلطة، لم تحدث منذ أن ظهر السودان إلى الوجود. والسبب في ذلك أن البرهان قايض مصر أن تحمي وجوده في السلطة نظير فتح الباب لها لنهب موارد السودان. وهو لم يأت بجديدٍ في فاجعة نهب موارد السودان التي وصلت حدًّا لا يُصدق. فهي قد بدأت في فترة حكم سلفه المخلوع عمر البشير، لكنه زاد عليها ووسعها كثيرا. وعلى سبيل المثال، جرى الكشف عن أن الفحم المستخرج من حطب الطلح السوداني، المعروف بجودته العالية، يجري إنتاجه وتهريبه بواسطة بعض السوريين. وفي تقديري، غالبًا ما يكون هؤلاء السوريون من جماعة الإخوان المسلمين الذي فتح لهم نظام عمر البشير فرص الاستيطان في السودان، وقام بمنحهم جوازات سفر سودانية. هذا التصدير غير القانوني للفحم السوداني جرى الكشف عنه في الفترة الانتقالية التي ترأس وزارتها عبد الله حمدوك. فقد أوردت صحيفة الجريدة في 17/9/2019 أن رئيس الهيئة الفرعية لعمال رئاسة الهيئة النقابية القومية للغابات معتصم محمد كشف عن تورّط سوريين في تهريب فحم الطلح الذي تمّ إيقافه بقرارٍ رسمي منذ العام 2013. لكن، رغم ذلك، ظهر أن هناك سوريين لا يزالون يعملون في تصدير فحم الطلح للخارج. وقال إن تلك المخالفات أدّت إلى فقدان البلاد 17 مليار دولارا من عائدات الفحم بسبب تصديره بطرقٍ غير قانونية، وأن هذا النشاط تسبّب في زيادة معدلات التصحّر.(راجع: موقع أخبار السودان، على الرابط: https://shorturl.at/Jj2Y5).
مصر تصدِّر الفحم السوداني!
يمكن أن يستورد بلدٌ ما موادًا أوليةً من بلدٍ آخر ثم يضع عليها من خلال التصنيع قيمة مضافةً ويقوم بتصديرها. لكن سلعة كالفحم هي في الأصل سلعة جاهزة للتصدير، ويمكن لبلد المنشأ وهو السودان، أن يقوم بتغليفها وتصديرها مباشرةً، والحصول في مقابلها على عملات صعبة، بدلًا عن بيعها للمصريين بالجنيه السوداني لتقوم مصر بتصديرها وتكسب من ورائها عملةً حرة. لدهشتي، أثناء بحثي في شبكة الإنترنت عثرت على موقع هيئة تنمية الصادرات المصرية الذي يُرمز إليه بالإنجليزية ب EDA. ورد في هذا الموقع أن شركة مرجان للفحم النباتي تملك مصانع وشركات لإنتاج وتصدير فحم الطلح السوداني من السودان إلي كافة الدول العربية والدول الأوروبية، وأن في وسع الشركة التوصيل إلي أي ميناء حول العالم. وتقول الشركة في الترويج لبضاعتها هذه: "فحم الطلح السوداني معروف بجودته العالية ومنافسته لجميع أنواع الفحم النباتي حول العالم". (راجع: موقع هيئة تنمية الصادرات المصرية EDA على الرابط: https://shorturl.at/cpOCq). ( الخط تحت الجملة من وضعي).
أيضًا، وعلى سبيل المثال لا الحصر، أوردت صحيفة التغيير الإلكترونية في 11 مارس 2023، أن هناك تزايدًا في عمليات التهريب للسلع السودانية لمصر، خاصةً عقب افتتاح معبر أرقين. وأن كميات من الذهب السوداني المُهرَّب يجرى ضبطها في المعبر من قبل الجانبين المصري والسوداني. كما أوردت أن أعداد الماشية التي تصدر بطريقةٍ كبيرة جدًا ويوجد بها إناث بأعدادٍ قليلة، ويبدو أن السبب في ذلك أن الإناث يجري تهريبها عبر البر بالطرق البديلة، وتقوم به عصاباتٌ متخصصةٌ تضم سودانيين ومصريين. كما أوردت الصحيفة أن كميات من السمسم يجري تصديرها بطريقة رسمية وأن عدد الشاحنات التي تذهب يوميًّا إلى مصر، وعلى متنها أبقار حوالي (11) شاحنة في اليوم، وتحمل الشاحنة حوالي (150) رأساً. وقد ذكر عضو القوى الثورية المسماة "تروس الشمال" التي كانت تحجز الشاحنات المصرية الخارجة من السودان، عبد الوهاب سعيد للصحيفة: أنهم اكتشفوا كميات من الشاحنات تحمل إناث الإبل والضأن والأبقار إلى جانب لحوم ذبيح وأطنان من اللحوم المجمدة ليست عليها أختام أو ديباجات. وقال إن هذا الأمر يفتح الباب للمصريين لتغيير اسم بلد المنشأ والإنتاج. أيضا أوردت صحيفة التغيير الإلكترونية في 19 يناير 2022، أن مدير إدارة الهندسة الزراعية بمشروع الجزيرة، المهندس محمد عبد الله الجدع، وصف ما يحدث في قطاع القطن بالفوضى، وكشف عن تهريب القطن ببذوره دون حلج، إلى خارج السودان بواسطة أجانب. هذا النهب الواسع للثروات ليس وقفًا على هذه السلع التي ذكرناها، فهذه مجرد نماذج. فهناك سلعٌ سودانيةٌ كثيرةٌ عُرف السودان بإنتاجها يجري تهريبها بكمياتٍ ضخمة، كالصمغ العربي، وبذور التبلدي "القونقوليس"، والكركدي، وحب البطيخ، والفول السوداني وغيرها.
مصر تصدر زيت السمسم السوداني
أما بخصوص الزيوت والكركديه وبعض السلع السودانية الأخرى، فقد أكد رئيس شعبة مصدري الحبوب الزيتية، محمد عباس، وجود فسادٍ وعملٍ ممنهجٍ يجري في صادر الحبوب الزيتية. وقد أدى ذلك إلى ارتفاع أسعار الفول السوداني والحبوب الزيتية الأخرى. وشنَّ هجوماً عنيفاً على بنك السودان المركزي وجهاتٍ أخرى، لم يسمها، قائلاً إنها تعمل على عرقلة صادر الحبوب الزيتية عن طريق منع الدفع المقدم باعتبارها تحويلات غير حقيقية. وأوضح أنهم ظلوا يشتكون لمدة عامين من الفوضى والتلاعب في صادر الحبوب الزيتية عبر فورمة (دي أي)، وعدَّها تهريباً مقنناً. وأوضح عباس أن وزارة التجارة تصدر سنوياً إلى مصر 135 ألف طن سمسم بما قيمته 140 مليون دولار ، عدَّها تهريباً مقنناً. وأشار إلى أن مصر تأخذ سنوياً كركدي وسنمكة وسمسماً بما قيمته أكثر من 300 مليون دولارا. وأوضح أنهم طالبوا مراراً باعتماد قرار الدفع المقدم، إلا أنه قوبل بالرفض. وشدد على ضرورة اعتماد الدفع المقدم خاصة مع دول الجوار. (راجع: صحيفة مداميك، على الرابط: https://shorturl.at/LJvP1).
وقد نقلت نفس هذا الخبر صحيفة الراكوبة التي نسبت إلى محمد عباس قوله، إن ما بين 40 إلى50 عربة شاحنة تخرج الى مصر يوميًا. وشدد على ضرورة اعتماد الدفع المقدم خاصة مع دول الجوار، ونوه إلى أن السودان يفقد سنويا من 200 إلى 250 مليون دولارا تذهب إلى مصر، الأمر الذي عده تخريبًا للاقتصاد السوداني. وأضاف أن الحكومة لا تقبل الدفع المقدم لأن هذا هو ما تريده. وقال إن مصر تصدِّر إلى الخارج سنويًّا 100 طنًّا من زيت السمسم المجلوبة حبوبه من السودان. كما أشار إلى تصدير آلاف الأطنان من السمسم في العام السابق للصين ومصر، من غير غربلة. (راجع: صحيفة الراكوبة، على الرابط: https://shorturl.at/2fR6l).
مصر على وشك الإطباق على السودان
من يتابع مواقع التواصل الاجتماعي هذه الأيام لابد أن يلحظ انشغالاً مصريًا يبلغ حد الهوس بالسودان. في هذه المواقع تجد من يحتفلون بالغناء السوداني الذي لم تستسغه ذائقتهم في يوم من الأيام. كما تجد إشاداتٍ بأخلاق السودانيين وكرمهم واهتمامًا بالعادات الاجتماعية السودانية، وغير هذا من أساليب جهاز المخابرات المصرية التي تتسم بالمدح وبالاسترضاء الفج حينا، وبمحاولات الاستغفال الفجة، حينا آخر. وهذا أمرٌ نبَّه إليه الأستاذ محمود محمد طه المصريين قبل أكثر من ثمانين عامًا، حين خاطب في عام 1952 قائد الانقلاب على النظام الملكي في مصر اللواء محمد نجيب بهذه العبارة: "فإن السودانيين قومٌ يؤذيهم أن يطمع طامعٌ فيما يحمون، كما يؤذيهم أن يبالغ في العطف عليهم العاطفون". ولا يأخذني شكٌّ أبدًا أن بعض ما غصَّت به وسائط التواصل الاجتماعي المصرية مؤخرًا، يجري وفقًا لحملاتٍ منظمةٍ يقف وراءها جهاز المخابرات المصري، الذي شعر أن لحظة الإطباق على السودان، من جديدٍ قد أزفت. ومن يُرد أن يعرف كيف تخطط مصر للإطباق النهائي على السودان، في فترة وجود البرهان في السلطة، ولماذا هي حريصة كل الحرص على وجوده فيها، عليه مشاهدة الفيديو الذي أعده وبثه الصحفي المصري محمد عاصي، الذي يصف نفسه بأنه "صحفي إقتصاد". (شاهد: فيديو محمد عاصي على تطبيق يوتيوب على الرابط: https://shorturl.at/PYRcU). وقد قام السودانيون بنشر هذا الفيديو بكثافةٍ على مواقع التواصل الاجتماعي في الأسبوعين الأخيرين. وإلى جانب ذلك، هناك سياسيون واقتصاديون يتحدثون عن ضرورة الذهاب إلى السودان وشراء الأراضي فيه واستخدام مياهه لصالح مصر، ومن أمثلة ذلك د. محمود عمارة. وسوف أعود في حلقة أو حلقتين عقب نهاية هذه السلسلة لأسلط الضوء بتفصيلٍ أكثر على فيديو محمد عاصي، وربما على حديث محمود عمارة. لكن، ما ورد في فيديو محمد عاصي، على وجه الخصوص، يحتاج إلى إفراد مناقشةٍ خاصةٍ له. فأخطار الهيمنة فيه تتعدى السودان لتصل إلى كل الجوار المصري؛ القريب منه والبعيد. هذا الفيديو يكشف عن توسُّعٍ خديويِّ جديدٍ ناعم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.