شاهد بالصورة.. الفنانة هبة جبرة تعود للظهور بإطلالة جديدة وتلمح: (يا الكنت قايلاك صحبتي طلعتي اكبر وجعة لي)    شاهد بالصور.. مذيعة سودانية تشبه نفسها بالأميرة الحسناء ريم بنت الوليد بن طلال وتقول: (تاني ماف زول يهزر معاي هي أميرة وأنا ...)    بالصور.. خطوبة مديرة مكتب قناني العربية والحدث لينا يعقوب من "وجيه" النيل الأزرق بعد أيام من إثارتها جدل الرئيس "البشير" ونجوم المجتمع يعلقون: (تحسهم يشبهوا بعض)    شاهد بالصورة.. الفنانة هبة جبرة تعود للظهور بإطلالة جديدة وتلمح: (يا الكنت قايلاك صحبتي طلعتي اكبر وجعة لي)    شاهد بالصور.. مذيعة سودانية تشبه نفسها بالأميرة الحسناء ريم بنت الوليد بن طلال وتقول: (تاني ماف زول يهزر معاي هي أميرة وأنا ...)    شاهد بالصورة.. (السفيه شتم الباشا) القيادية بالحرية والتغيير حنان حسن تدعم زميلها "سلك" بعد تصريحات "كيكل" المثيرة    بالصور.. خطوبة مديرة مكتب قناني العربية والحدث لينا يعقوب من "وجيه" النيل الأزرق بعد أيام من إثارتها جدل الرئيس "البشير" ونجوم المجتمع يعلقون: (تحسهم يشبهوا بعض)    صندوق النقد: السودان يواجه انهياراً نقدياً شاملاً وانكماشاً مزدوجاً    إذاعة الضعين تعود للبث بعد توقف عامين    عاجل.."حماس" تسلم ردها النهائي بشأن خطة ترامب    المريخ يختتم إعداده للقاء الكنغولي ويظهر بالأصفر الكامل    وزير الصحة يشارك في تدشين الإطار الإقليمي للقضاء على التهاب السحايا بحلول عام 2030    الإمتداد يكتسح التسجيلات بحلفا    الدفاع المدني يدشن حملة مكافحة نواقل الأمراض وإصحاح البيئة بمحلية جبل اولياء    خبر صادم..مقتل حكم قومي شهير في السودان    عثمان ميرغني يكتب: فيضانات السودان وسؤال «سد النهضة»!    تكوين لجنة المسابقات باتحاد كرة القدم السوداني    التربية والتعليم في الخرطوم تصدر قرارًا مثيرًا    اعتقال جديد في السودان    كواسي أبياه يستدعي خماسي المريخ    رحلة جبريل إبراهيم من الفشل إلى التحايل والتحليل    هل يكون الموسم الحالي الأسوأ في مسيرة صلاح مع ليفربول؟    حادث مرورى لوفد الشباب والرياضة    كيف تم تحديد التكلفة التي ذكر رئيس الوزراء أنها تبلغ 100 مليار دولار؟    جابر يؤكد دعم الحكومة للقطاع الصناعي لإحداث التنمية الاقتصادية المنشودة    انهيار الجسر الطائر بجامعة الخرطوم إثر اصطدام شاحنة    مباراة المريخ ولوبوبو غير متلفزة    عملية أمنية محكمة في السودان تسفر عن ضبطية خطيرة    شاهد بالفيديو.. الفنان شريف الفحيل يعود للهجوم على المطرب محمد بشير والناشطة ماما كوكي: (حمادة صوته نسائي وشبيه بصوت ندى القلعة و"ماما كاكا" خرابة بيوت وتريد أن تصيبني بالجنون)    ترامب يوقع أمرا يعتبر فيه أي هجوم على أراضي قطر تهديدا لأمن الولايات المتحدة    20 بص من المريخ لجمهور الأحمر بينغازي    كامل إدريس .. زيارتي الي السعودية ناجحة وقدمنا مشروعات استثمارية بقيمة 100 مليار دولار أمريكي    أسرة الفنان الراحل محمود عبد العزيز تصدر بياناً ترد فيه على تصريحات "ريحان سيكة" التي تسببت في غضب الآلاف: (لا يمت لنا بصلة ولا يمثل جمهور الحوت بأي شكل من الأشكال)    شاهد بالفيديو.. عروس سودانية تشكو: (راجلي كان مبسوط و"ينطط" في الصالة ليلة الفرح وعندما ذهبنا للشقة طلع "تمبرلي" و "عوير")    السودان..محكمة تفصل في البلاغ"2926″    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    الإعلامية السودانية "لنا مهدي" تشارك ب"كورونامايسين" في معرض الرياض الدولي للكتاب    "يوتيوب" يدفع لترامب 24.5 مليون دولار    الاقصاء: آفة العقل السياسي السوداني    بمكالمة من واشنطن.. نتنياهو يعرب عن أسفه لانتهاك سيادة قطر    بريطانيا تتجه لتشديد شروط منح الإقامة الدائمة للمهاجرين    منشور غامض لترامب بشأن "إنجازات عظيمة" في الشرق الأوسط    القبض على 3 أصحاب مخابز استولوا على أموال الدعم    ضبط شخص بالإسكندرية ينصب على المواطنين بزعم قدرته على العلاج الروحاني    والي نهر النيل يطلع على ترتيبات دخول خمسة آلاف فدان للموسم الشتوي في محلية البحيرة    الطاهر ساتي يكتب: حمى الصراع ..(2)    الرواية... الفن والدور السياسي    تلاعب أوكراني بملف القمح.. وعود علنية بتوسيع تصديره لأفريقيا.. وقرارات سريّة بإيقاف التصدير    بعد تسجيل حالات..السلطات الصحية في الشمالية تطلق صافرة الإنذار    حسين خوجلي يكتب: بعد جرح الدوحة أليس من حقنا أن نتسائل أين اليمين العربي؟    مياه الخرطوم تطلق حملة"الفاتورة"    بورتسودان.. حملات وقائية ومنعية لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة وضبط المركبات غير المقننة    لجنة أمن ولاية الخرطوم: ضبطيات تتعلق بالسرقات وتوقيف أعداد كبيرة من المتعاونين    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نيالا، المتنبى، وبنات خشم القربة:
نشر في الصيحة يوم 14 - 08 - 2025


هل تزحفُ حكومةُ تأسيس نحو إنفصالٍ جديد؟
عبد الحفيظ مريود
فى موقف "الجَبَّالة"، بسوق المَلَجَة، نجلسُ، آدم مريود، شقيقى الأصغر، وأنا. نطلبُ شاياً جبليّاً، بعد القهوة. الفواكه مختلفٌ ألوانُها، تملأُ السّوق. تنزلُ وارداتُ جبل مرّة إلى نيالا، يوميّاً. البرتقالُ، المانجو، التفّاح، الموز، وكلّ شيئ، تقريباً. فى الدّكان المجاور لدكّان بائعة الشّاى، فى الشّارع الضّيّق العاجّ بالحركة وبأصوات الرّجال والنّساء، تعرضُ سيّدةٌ خمسينيّة بضاعتها: أكواماً من البطاطا، البصل، الزنجبيل الأخضر، وغيرها. تجلسُ على براندة الدكّان. تبدو مرِحةً، ساخرةً، ومجالدة. يلمّحُ آدم مريود إلى أنّها إحدى شخصيّات إبراهيم إسحق، فى مجموعة القصص "فجوة فى حوش كلتوم". يلّعق بأنَّه – إبراهيم إسحق – يرحمه الله – لو قُدِّرَ له أنْ يعيش فى نيالا، هذه الأيّام، لكتبَ روايات عجيبة.
شايف كيف؟
موقفُ "الجبَّالة" هو موقفٌ للفور، بامتياز. والفور شعبٌ عميق. قصرُ القّامة هى أبرزُ ميزاته، السّوادُ الفاحم، الإنبساط، والثّقة بالنّفس. لا تكادُ تجدُ فوراويّاً دنيئاً. ربّما تعودُ عزّتهم إلى كونهم أصحابُ ملكٍ راسخ. فجميعُ أهل دارفور وكردفان يدينون للفور، على مدى قرون. ليس ثمّة صكّ ملكيّة لحواكير القبائل لا يزيّنه ختمُ سلطانٍ من سلاطين الفور.
أتعرّفُ على المدينة الجديدة. مسقط رأسى. مثلما تحاول التعرّف على زوجة، حبيبة سابقة، بعد انفصالكما، وزواجها من رجلٍ آخر، طلاقها، بعد سنين عدداً. ثمّة أشياء جديدة. عادات، ملامح، طريقة حديث، أفكار، تعليقات. ثمّة ما لا يجبُ أنْ تتجاهله، فيما تستعيدانِ العلاقة. تكونُ مخطئاً – كلّيّةً – إذا اعتقدتَ أنّها ذات الشّخص. لم تعدْ هىَ هىَ، إلّا فى بعض الجوانب.
المدينةُ علاقات. أهلى هم ذاتهم، إلّا قليلاً. لكنَّ نيالا بالنّسبة إلىّ – وأنا عابرٌ طّوال عمرى – هى الأصدقاء. لكنَّ جزءً من تفكيرى ينصبُّ حول : لماذا نعطى الماضى أكبر من حجمه؟ لماذا نصرُّ على استعادة نساءٍ مضينَ بعيداً؟ هل يتعذَّرُ العيشُ فى نيالا، لأنّكَ تفتقدُ فيها الأصدقاء : منصور الصّويّم، ناصر السيّد النّور، د.على كِنّينْ، عماد كِرّة، وآخرين؟ حالةُ التشبّث بالماضى، بالأشخاص، الأماكن، المعارف هى حالةٌ سكونيّة غير خلّاقة. مثل سجنٍ كبير، إرّادىّ تضعُ نفسكَ فيه، ولا تجدُ منه فكاكاً. "مسجون وقيدَكْ فيك"، كما غنّتْ "عقدُ الجلاد".
شايف كيف؟
أخوضُ نقاشاتٍ مع مثقفين وسياسيين أتعرّفُ عليهم، فى مواقع مختلفةٍ من المدينة. بالنّسبة لى، فإنَّ ثمّة تحدّيّاً جديداً قديماً ينبغى التركيز عليه، إذا كنّا بصدد الإنقلاب الكبير. وهو مساءلة البنية العميقة للدّولة الاستعماريّة، بدلاً عن استنزاف الجهد والطاقة فى كشط الأنظمة السطحيّة التى تزيّنتْ بها. وتكمنُ البنيةُ العميقة فى كردفان ودارفور فى علاقات الأرض، وما يترتّبُ عليها مكاسب سياسيّة واجتماعيّة. صحيح هى أقدم من الاستعمار، لكنّها كانت حاسمة فى طرائق حكمه، وورثها عنها نُخبُ الدّولة الوطنيّة. ثمّة صعود ونهوض فى الأوزان السياسيّة والاجتماعيّة تبعاً لنّظام الحواكير. الفور – مثلاً – أكبرُ المتضررين من ذلك. فى سياق تأسيس دولة المواطنة وسيادة القانون، سيترتّب على المنظّرين الجُدد إعادة النّظر فى تراتبيّات قبائل كثيرة منها الفور، السّلامات، المساليت، الماهريّة.
ينبّهنى آدم مريود إلى ضرورة إعادة قراءة محمود ممدانى (دارفور منقذون ومنقذون)، خاصّة الفصل الخامس : خريطة استعماريّة للعرق والقبيلة: صناعة المستوطنين والسكّان الأصليين. ذلك أنَّ ممدانى يكتشف أنَّ السّودانيين وقعوا ضحايا لتلاعبات سير هارولد مكمايكل فى تأسيس معارفهم. ولم يكنْ مكمايكل مجرّد إدارىّ عابر. كان واضعَ الميراث النّظرى الذى سيحوم حوله أكاديميّون وسياسيّون، مغمضى الأعين.
شايف كيف؟
المرأة السّتينيّة جوار سِّت الشّاى، فى موقف الجَبّالة، تفاكهُ بائعة الشّاى. تسألُها عن شخصٍ ما. تقول لها (قريبك داك منْ يوم شرّطو ليهو جلّابيتو داك ولا جا تانى..أنا دايرة منو 12 الف، توا إلّا تكفينى ليهم). وهى تضحك. بائعة الشّاى تردُّ عليها، مستنكرة ( هو زاتو ولا قريبى..لقيتو فى سوق دا)..(هأآآى..قال إنتى قريبتو..وزول يدخل أمبيناتكو مافى..تكفينى بس). تضحكان. بعد بُرهة صمتٍ تعودُ المرأة الستينيّة (هو دقو وشرّطو ليو جلابيتو في شان قال زروا مع مرة راجل)..لا تعيرها بائعةُ الشاى اهتماما. تستطرد (هو الدّقو داك ترا راجل المرة زاااتو).
شايف كيف؟
فقرُ خيال البلابسة ينشرُ أخباراً عظيمة. نسور الجو يدمّرون طائرة إماراتيّة بمطار نيالا، وعلى متنها 40 مهندساً كولومبيّاً. نسور الجوّ ينفّذون غاراتٍ جويّة على مواقع حسّاسة فى نيالا. يا للهول. فى نيالا هذه؟ كلام عجيب.
أقلعُ – والمأخوذ حياءً كالمأخوذ عصباً – حسب الفقه – من د. علاء الدّين نُقُد كتاب السفير الجنوب إفريقىّ عن صومالى لاند An Africn Struggle for nationhood and international recognition وذلك بعد ملاواة، ووعود بأنّه سيحصلُ لى على نسخة. لا يهمّنى ذلك. النّسخة الجديدة "خلّيها لنفسك..أنا بشيل دى غايتو".
من الواضح أنَّ هناك شغلاً جدّياً، جهود دؤوبة من قبل سلطة بورتسودان وكيزان علي كرتي، لتصوير حكومة تأسيس على انّها إنفصاليّة. يروقُ لهم أنْ تسعى لفصل دارفور. حفاظاً على "بيضة الإسلام" كما كان الطيّب مصطفى يبرّر لفصل جنوب السّودان. لكنْ، كما كتبتُ سابقاً، فإنَّ الإنفصال حلم بعيد المنال، ترفٌ ليس مقدّراً للبلابسة أنْ ينعموا به. لم تقمْ حركة في دارفور طارحة الإنفصال، قطّ.
لم تشهد حربُ الخامس عشر من أبريل 2023م ذروتها، بعدُ. ما زلنا في بداياتها.
كما لم تَخضْ حكومة تأسيس حربها على بورتسودان، بعدُ.
لم يدخل طيرانها المقاتل، ولا أسلحتها النّوعيّة.
أليس مبكّراً، والحالُ هذه، الصّعود إلى ترف الإنفصال؟
أظنُّ أنَّ ذلك مبكّر جدّاً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.