أبولولو.. أعوذ بالله    روح معنوية عالية في المران الختامي للفريق قبل مواجهة الأهلي ود الحداد في الدوري التأهيلي    الرميلة تتعادل امام الشعبية وتنازل المنتخب الرديف    رابطة الدوري الرواندي تسمح بمشاركة (8) محترفين    منى أبو زيد تكتب: قراءة في مواقف وفرص المفاوضات في السودان    الصليب الأحمر بعد حادثة السودان:"نشعر بالذعر"    لدينا بدائل نتمنى ألا نضطر لاستخدامها في السودان..رسائل تحذيرية لمستشار ترامب    الإمارات دولة محتضنة وراعية وداعمة للإرهاب...الفاشر لن تكون المحطة الأخيرة من الإنتهاكات    جثث النساء تناثرت في الطرقات...أكثر من مليون نازح (ناجي) من الفاشر نحو المجهول    عملية دقيقة تقود السلطات في السودان للقبض على متّهمة خطيرة    السلطات الصحية في الخرطوم تزفّ خبر حزين    حسين خوجلي يكتب: الفاشر والسياب جدلية الجسد والوطن    شاهد بالفيديو.. اعتدى عليه أثناء تصوير مقطع بالفاشر.. الناشط بالدعم السريع "شيخ بدران" يهرب ويجري من "جمل" غاضب والجمهور ينفجر بالضحكات: (تخاف من جمل طيب لو جاتك مسيرة تعمل شنو؟)    شاهد بالصورة والفيديو.. من داخل الطائرة.. "بقال" يغادر تشاد في طريقه إلى تركيا ويؤكد اقتراب عودته للخرطوم وبورتسودان    "جاء الوقت الذي أضع فيه عائلتي في المقام الأول".. فنانة سودانية معروفة تفاجئ جمهورها وتعلن إعتزالها الفن وتقرر الهجرة لفرنسا بصورة نهائية    الخارجية تبلغ مدير مكتب برنامج الغذاء العالمي ومديرة قسم العمليات بالسودان بانهما غير مرغوب فيهما    محمود الخطيب يكشف أسباب أداء الأهلي في كأس العالم للأندية ويؤكد: "ريبيرو مرحلة وانتهت"    إليسا تحتفل بعيد ميلادها في لبنان بحضور نجوم الفن    نقل 218 جثمان من مواقع متفرقة بقشلاق الشرطة بمنطقة ابو سعد جنوبي امدرمان وإعادة دفنها وفقاً للإجراءات القانونية    4.5 مليون فرنك مكافأة لكل نادٍ رواندي بسبب مشاركة الأندية السودانية في الدوري    وزير الصحة يوجه بتفعيل غرفة طوارئ دارفور بصورة عاجلة    القوات المسلحة تحث المجتمع الدولي ووسائل الإعلام على توثيق جرائم مليشيا آل دقلو في الفاشر    وزير الداخلية يشيد بقوات مكافحة التهريب بقوات الجمارك لضبطها عدد 586 كيلو جرام من مخدر الأيس    مسؤول أممي: التدّخل في شؤون السودان يقوّض آفاق السلام    انقلب السحر على الساحر.. لامين جمال يعيش كابوسا في البرنابيو    تفاصيل استشهاد المراسل الحربي آسيا الخليفة.. لجأت لمبنى مفوضية العون الإنساني بعد أن اشتد بهم الخناق والمليشيا طالبت بتسليمها لكن زملائها رفضوا ودافعوا عن شرفها حتى استشهدوا جميعا    الدوري الممتاز 7 يناير بدون استثناء    سيطرة عربية.. الفرق المتأهلة إلى مجموعات دوري أبطال إفريقيا    ترامب: أحب إيقاف الحروب    الإدارة العامة للمباحث الجنائية المركزية تربط جميع مكاتبها داخل السودان بشبكة الألياف الضوئية لتسهيل إستخراج الفيش    تطوّرات بشأن"مدينة الإنتاج الحيواني" في السودان    ستيلا قايتانو.. تجربة قصصية تعيد تركيب الحرب في السودان    الديوان الملكي: وفاة الأميرة نوف بنت سعود بن عبدالعزيز    أمين تجار محاصيل القضارف : طالبنا الدولة بضرورة التدخل لمعالجة "كساد" الذرة    الجنيه السوداني يتعثر مع تضرر صادرات الذهب بفعل حظر طيران الإمارات    والي النيل الأبيض يدشن كهرباء مشروع الفاشوشية الزراعي بمحلية قلي    شاهد بالفيديو.. الفنانة عشة الجبل توجه رسالة للفنانين والفنانات وتصفهم بالمنافقين والمنافقات: (كلام سيادتو ياسر العطا صاح وما قصده حاجة.. نانسي عجاج كاهنة كبيرة والبسمع لفدوى الأبنوسية تاني ما يسمع فنان)    متى تسمح لطفلك بالحصول على جهاز ذكي؟ خبير أميركي يجيب    السودان يعلن عن اتّفاق مع روسيا    تركيا.. اكتشاف خبز عمره 1300 عام منقوش عليه صورة يسوع وهو يزرع الحبوب    علي الخضر يكتب: نظرة الى اتفاق الصخيرات .. لماذا تسعى الإمارات لتخريب مبادرة الرباعية ؟    معلومات مهمّة لمسؤول سكك حديد السودان    ترامب: نهاية حماس ستكون وحشية إن لم تفعل الصواب    إيران تلغي "اتفاق القاهرة" مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية    (مبروك النجاح لرونق كريمة الاعلامي الراحل دأود)    بدء عمليات حصاد السمسم بالقضارف وسط تفاؤل كبير من المزارعين    ترامب يتوعد: سنقضي على حماس إن انتهكت اتفاق غزة    القضارف.. توجيه رئاسي بفك صادر الذرة    المباحث الجنائية المركزية بولاية نهر النيل تنهي مغامرات شبكة إجرامية متخصصة في تزوير الأختام والمستندات الرسمية    شرطة ولاية نهر النيل تضبط عدد( 74) جوال نحاس بعطبرة وتوقف المتورطين    حسين خوجلي يكتب: التنقيب عن المدهشات في أزمنة الرتابة    هكذا جرت أكاذيب رئيس الوزراء!    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    الاقصاء: آفة العقل السياسي السوداني    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحرب السودانية.. كشف المستور والحنكشة السياسية!
نشر في الصيحة يوم 01 - 09 - 2025


رشا عوض
كشفت هذه الحرب الكوز المستتر والغواصات الامنية في الاحزاب ومنظمات المجتمع المدني ولجان المقاومة، وكشفت التصنيعات الاستخباراتية المتنكرة في أزياء ثورية أو نسوية أو اعلامية أو مدونين في وسائل التواصل الاجتماعي، كشفت شبكات الاختراق في كل مفاصل المجتمع الفنية والرياضية والاجتماعية والاقتصادية!
"ما يجي زول ناطي" يقول لي كل من يختلف معكم ليس بالضرورة كوز أو امنجي أو غواصة !!
طبعاً ليس كل من يختلف في الرأي تطاله مثل هذه التصنيفات، فنحن دعاة ديمقراطية والديمقراطية باختصار هي شرعة الاختلاف!
لكن تلك الاتهامات تكون مشروعة في حق من يتبنى المواقف الآتية:
أولاً: الاستماتة في تبرئة الكيزان من اشعال الحرب وانكار دورهم في هذه المأساة، يمكن أن نتغالط في من أطلق الطلقة الأولى، ولكن هل الحرب اشتعلت من الطلقة الأولى فقط؟ أم من معطيات كثيرة وكبيرة على رأسها واقع تعدد الجيوش وفساد المؤسسة العسكرية الرسمية كلها بجيشها وامنها، والاصرار على السلاح كرافعة للسلطة في ظل وجود مؤسسة عسكرية متعددة الأجنحة المتنافسة على السلطة ووجود حركات مسلحة وكتائب ظل كيزانية، ومعارضة الانتقال الديمقراطي، هل يوجد شخص نزيه ينكر دور الكيزان المحوري والذي يفوق دور أي طرف آخر في كل ذلك؟ هذا في حال تجاهلنا لحقيقة أن الكيزان هم المستفيد الأكبر بل الوحيد من هذه الحرب وقد هددوا بها تصريحاً لا تلميحاً في فيديوهات موثقة.
ثانياً: الذي يبذل قصارى جهده في غسيل الكيزان من أي علاقة بالحرب رغم انخراطهم فيها عسكرياً وسياسياً واعلامياً وظهورهم البائن كأولياء أمر الحرب، ويزجر الاخرين عن فضح دورهم فيها ويمتعض من مجرد ذكرهم في سياق مناقشة المسؤولية عن الحرب!! وفي ذات الوقت يستميت في تجريم القوى المدنية المعارضة للكيزان ويستميت في تحميلها مسؤولية الحرب بحجة أن فشلها هو سبب الحرب!!
إن القوى السياسية السودانية بكل أحزابها وتحالفاتها لها عيوب بنيوية، ولها أخطاء بعضها استراتيجي وبعضها تكتيكي، والاختلاف معها مشروع ونقدها المستمر واجب، لكن غسيل الكيزان من دم الحرب وتلطيخه في ثياب مدنيين عزل دعاة سلام "دا شغل غواصات" أو كيزان مستترين أو على أحسن الفروض ناس أغبياء وسذج!
ثالثاً: الذي يغالط في البداهات من أجل خدمة السردية الكيزانية للحرب، مثلاً المغالطة في بداهة أن الحرب في حد ذاتها هي سبب معاناة المواطنين المدنيين وأن هناك ملايين خرجوا من ديارهم ليس لأن الد.عم السريع طردهم بل بسبب انعدام الماء والكهرباء والرعب الذي تثيره الاشتباكات العسكرية إذ يدخل الرصاص والقذائف المدفعية داخل بيوت الناس فضلا عن رعب الانفجارات، وحتى الذين هم في ولايات لم تصلها الحرب غادروا البلاد فراراً من الازمات الاقتصادية وانهيار الخدمات والتخوف من وصول الحرب في أي لحظة، ولذلك يجب الوقوف ضد الحرب من حيث هي لأنها بيئة خصبة للانتهاكات وسبب لقتل وتشريد المواطنين (عذراً لذكر هذه البداهات ولكن هناك من يغالط فيها)، يأتي الشخص المغالط ويقول إن المشكلة الوحيدة والأولى والأخيرة هي انتهاكات الدعم السريع ولذلك يجب استمرار الحرب الى حين القضاء عليهم! طبعا استمرار الحرب هو خيار الكوز المستفيد منها والراغب في العودة إلى السلطة بواسطتها! وليس خيار المواطن العادي المتضرر من الانتهاكات! لان استمرار الحرب يعني بالضرورة استمرار الانتهاكات وتفاقمها سواء انتهاكات الد.عم السريع او انتهاكات الجيش أو كتائب الكيزان، المغالط بالوكالة يزعم أن المنتهك الوحيد هو الد.عم السريع ولكنه يغض الطرف تماماً عن قصف الطيران للمواطنيين بالبراميل المتفجرة، وعن ذبح سكان الكنابي بل وذبح قيادات الاحزاب السياسية كما حدث لرئيس حزب الأمة في ام روابة، وعن اعتقال وتعذيب المواطنين بالشبهة وعن سرقة الاغاثة وبيعها في الاسواق! الشخص النزيه مثلما يدين ما ارتكبه الد.عم السريع من قتل واغتصاب ونهب لممتلكات المواطنين وتعذيب بالشبهة وقتل للاسرى يجب ان يدين بذات القدر انتهاكات الجيش وكتائب الكيزان وقواتهم الامنية.
والشخص النزيه لا يمكن أن يغالط في أن أول خطوة نحو لجم كل هذا التوحش هي ايقاف الحرب! خصوصاً ان استمرارها وان قضى على الد.عم السريع تماما- وهذا غير واقعي لأن الراجح لو استمرت الحرب طويلاً هو تقسيم جديد للسودان بفصل دارفور وأجزاء من كردفان- فان القضاء على الد.عم السريع حتى لو تحقق فلن يقضي على واقع " التمليش " في السودان! إذ أن الجيش يخوض هذه الحرب معتمداً على عدد متزايد من المليشيات (درع السودان والمشتركة ومليشيات البراء بن مالك والبرق الخاطف والبنيان المرصوص وهيئة العمليات التابعة للامن ومليشيات شرق السودان الأربعة والمليشيات قيد التكوين والتدريب في ارتريا وهي غير معلومة العدد ولا الأهداف)! وتعدد المليشيات المتنافسة على السلطة والموارد لا يعني سوى حروب متناسلة في طريقها إلينا!! فلماذا لا نتجه كمتضررين من الحرب نحو ايقافها على أساس مشروع سياسي يجفف منابع التمليش ومنابع الانتهاكات عبر إعادة بناء المؤسسة العسكرية على أسس جديدة فنصل بارادتنا الوطنية إلى معادلة للعيش المشترك بسلام في ظل جيش قومي مهني واحد يحمينا ولا يضعنا بين خيارين: يحكمنا او يقتلنا إن رفضنا حكمه !!
لن تكتمل الصورة حول تفسير ردود الأفعال السودانية تجاه هذه الحرب بدون الغوص عميقاً في ترسبات صراع (البحر والغرب) في الذاكرة الجمعية ومناقشة التحيزات الثقافية المسبقة للعقل الجمعي في شمال ووسط السودان ضد الغرب، وهي تحيزات ذات أبعاد مركبة من اكثرها تأثيرا في الواقع المعاصر "صراعات الدولة المهدية".
الحديث تفصيلاً حول ذلك يطول، ولكن لو تساءلنا عن سبب نجاح استشراء خطاب الكراهية الشعبوي ضد "الحواضن الاجتماعية " لقوات الد.عم السريع والتواطؤ بالصمت واحيانا التأييد السافر لاستهداف مناطقها بالطيران والسلاح الكيماوي، لن نجد سبباً لذلك سوى التحيزات المسبقة عميقة الجذور ضد الغرب! صحيح قوات الد.عم السريع ارتكبت انتهاكات، ولكن هل هذه أول مرة يشهد فيها السودان حربا ًوانتهاكات؟ السودان على مر تاريخه كان مهداً للحروب والانتهاكات الأكثر بشاعة من انتهاكات حرب الخامس عشر من ابريل 2023، حروب جنوب السودان ودارفور وجبال النوبة حصدت أعداداً من القتلى والجرحى والمشردين والمعذبين وشهدت صنوفاً من الانتهاكات تفوق بشكل حاسم ما تعرض له سكان الخرطوم والجزيرة وسنار خلال هذه الحرب! فلماذا لم تتساوى نبرة الغضب والاحتجاج ودرجة الحساسية ضد الانتهاكات تجاه كل الحروب على حد سواء؟ لماذا لم يتواطأ عقل "الشمال السياسي" – وهنا لا بد أن أوضح منعاً لأي لبس أن المقصود بالشمال السياسي هو عقلية ومنهجية تفكير الدولة المركزية ومشروعها الاستعلائي، وهو مشروع يعارضه بعض المنتمين اثنياً وجهوياً للشمال ويستميت في الدفاع عنه لأسباب ايدولوجية أو مصلحية بعض الدارفوريين والنوبة والجنوبيين- لماذا لم يتواطأ هذا العقل على اشهار الكرت الأحمر في وجه الجيش بسبب القتل والاغتصاب واحراق القرى وصناعة المليشيات خصيصاً لتفعل ذلك تحت رعايته وبمشاركته في الجنوب ودارفور وجبال النوبة وحتى في قلب الخرطوم أطلق الرصاص على رؤوس وصدور المتظاهرين العزل؟ ولكن هذا العقل يشهر الكرت الأحمر الآن في وجه " الد.عم السريع" بسبب الانتهاكات؟ وينسى أو يتناسى المؤسسة الأم التي خرج الد.عم السريع نفسه من رحمها أو بمعنى ادق من رحم عجزها عن محاربة الحركات المسلحة التي تمردت على الدولة في دارفور! والان تصطف ذات الحركات مع ذات الجيش في حرب " كرامة الكيزان" !!
لن نعبر إلى وطن معافى ومتعايش سلمياً إلا بمناقشة جريئة لكل هذه المفارقات بعيداً عن تبسيطات "الحنكشة السياسية" المنتشرة هذه الأيام ومن تجلياتها رفع حاجب الدهشة تجاه ما حدث في هذه الحرب وكأنه حدث في بلادنا للمرة الأولى بفعل كائنات غريبة هبطت من الفضاء الخارجي أو انبعثت من أوكار الجن في باطن الأرض! الصور البشعة التي رأيناها هذه المرة في نمرة اثنين والمنشية والرياض والصافية هي الصور المعتادة لعشرات السنين في مناطق أخرى من السودان! لأننا غفلنا أو تغافلنا عن ما كان يحدث هناك بل كان بعضنا ينكره انتقل الينا هنا في العاصمة وحواضر المركز!! فهل نتمادى في الغفلة بعد أن رأينا وفي عقر دارنا نتائج فساد المنظومة الأمنية والعسكرية المسيطرة على بلادنا؟ أما آن الآوان ان نبحث بجدية عن مكامن الأزمة أم نظل أسرى التحيزات المسبقة؟.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.