* يصادف يوم غدٍ السبت الذكرى التاسعة لرحيل زعيم أمة الهلال البابا الطيب عبد الله، سنوات تسع تسربت من بين أيدينا، ونحن نجابه الشمس وفصولها الأربعة بعد أن غاب الظل عن الهلال والأهلة، وانطمر القمر تحت التراب، وفي مثل هكذا يوم كان الرجل الأمة يرسل تلويحة الوداع لكل تلك الجموع التي ظلت تهتف باسمه وتلك التي نصبته زعيماً لهذه الأمة العظيمة التي لم تعرف يوماً معنى الإنكسار ولم تحن هامتها أبداً، فكان الطيب عبد الله امتداد لهذا الشموخ، جبلاً لا تهزه ريح الأيام ولا تغيره السنون، فخلد البابا فينا ذكرى وبصمة وعمل، وبقي داخلنا مجداً ونقشاً لا تمحوه الأيام..!! * من يكتب عن الزعيم الطيب عبد الله؟؟ ومن ذا الذي يمسك أشعة الشمس في قبضته؟؟ بل من يسابق الرياح ليغرس الحقول قمحاً ووعداً وتمني، فلقد كان الزعيم فياضاً كنهر جامح، طلقاً مثل نسمات الصباح، بشوشاً مثل زهرات الربيع، مصادماً كسيل، ملاطفاً كغدير، وبين كل هذا كان حكيماً بما يكفي ليؤسس مملكته الخاصة وأسلوبه الخاص الذي جعله زعيماً لهذه الأمة العظيمة، وقائداً لهذا الشعب الكبير، شعب الهلال الذي لا يشبهه شيء..!! * وتلك داره العامرة التي لم تقفل أبوابها يوماً، وظلت على مر الأيام متكأً لكل الأهلة، كبيرهم وصغيرهم، قبلة يقصدها الجميع، وفي قمة حالات السلام، يكون زهو الابتسامة حاضراً هناك في تلك البراحات التي لم تضق يوماً بالحشود، وفي ذروة الاحتراب، تكون تلك الدار هي المنطقة الوسطى التي يتفق عليها الناس لإعادة المياه إلى مجاريها، ولو أن طوب الأرض والحوائط فيها تتكلم، لحكت الكثير من القصص التي كان فيها الهلال حاضراً، مثل حضور "ماما الدر" شقيقة الراحل بابتسامتها الوقورة، وبترحابها الفخيم، وبالحفاوة التي تقالد العيون، فلا غربة في دار زعيم الأمة، ولا باب يغلق، فهو بيت الجميع..!! * إنها فرصة لمعرفة لماذا كان البابا طيباً في حياته، وظل طيباً حتى بعد رحيله، إنها "حصة إضافية" ودرس خاص ليدرك الناس أن السيرة العطرة لا تجور عليها الأيام، وأن العمل الصادق، والبصمة الأمينة، لا تغسلها الأيام، ولا تفلح ضغوط الحياة ومساراتها في محوها من ذاكرة الناس، فقد كان الزعيم الطيب عبد الله عطراً، وكان فكراً، وكان أساساً، وشموخاً، وامتداداً يرهق الأبصار أن تدركه، ويعيي طالبيه، فهو القدوة التي ترسخت، وبات اكثر الناس طموحاً يتمنى أن يحاذى به فقط..!! * إنه ليس مقاماً لتعداد مآثر الزعيم، فمواقفه تحفظها كل الأجيال، وأقواله حجة كل محتج ووطن كل تائه، عميقة حتى انك تخشى السباحة في أبعادها، شامخة لدرجة أنك تبتعد فيها عن الجاذبية، بسيطة حتى إنك لتهضمها وتستسيغها ثم لتبني بك ومنك جندياً هلالياً، وذلك فن لا يشبه إلا ريشة البابا وفكره..!! * تسع سنوات على الرحيل المر، والأهلة يجتمعون اليوم، وفي كل مرة يتزودون بالمواقف، ويتفقون على الرجل الأمة، ويتدارسون موقفه، وهم جميعهم يدرك أن لو الزعيم موجوداً لما ترك فجوة خلاف، ولا صدراً غائراً بالضيق، ولا مساحة عتاب قاسٍ، فهو الرجل الذي كان يحرص على أن يضع رأسه على الوسادة مسامحاً ومتسامحاً، فهل نمنحه هذه الراحه في إغفاءته الأخيرة..!! * هو يوم الهلال، وأسرة الهلال، وحب الهلال، فلنجتمع في هذي الدار ونخرج بما يخدم الهلال..!! * ياتو زولاً ما بكاك..؟؟.. حين ضلك الوافي اتكا.. قشاش دموع حزن اليتيم.. لو فينا ساكت زول شكا.. هداي وقت نفقد رفيق.. * حادينا في هذي الطريق.. طيبنا للبردان غطا...!! * اللهم أنزل شآبيب رحمتك على عبدك الطيب عبد الله..!! * أقم صلاتك تستقم حياتك..!! * صلّ قبل أن يصلى عليك..!! * ولا شيء سوى اللون الأزرق..!!