زعيم حزب الأمة القومي الصادق المهدي الزواج الثاني بات أشبه بالحرب الأهلية المذهب الحنفي أكثر إنصافاً للمرأة تراجعت عن الارتباط بأجنبية العناصر التي طالبتني بالتوبة (مخرِّفة) الختان جريمة عُظمى حوار: مزدلفة: رحاب: أسمهان: هانم الإمام الصادق المهدي قياديٌ له حضوره المؤثر في المشهد السياسي، كما له آراء ظلت تشكل محوراً لنقاشات مستفيضة، ووجهات نظر يتفق معها البعض حولها، بينما يخالفه البعض الآخر الرأي، ولكن كل ذلك بنسب وتناسب، وهو ما يذهب في اتجاه تأكيد أن الإمام الصادق المهدي مفكّر حصيف، وسياسي لمّاح، يمتلك قدرةً غير عادية في قراءة الواقع واستنتاج المتوقع. نساء (الخرطوم) حاصرن الإمام الصادق المهدي في حوار عميق، كان محوره قضايا المرأة من زوايا فقهية وأبعاد فلسفية ورؤى فكرية، أكد من خلالها المهدي أن مناصرته لقضايا المرأة تنبني على مفاهيم وقناعات ومدارسات لم تكن وليدة اللحظة أو أسيرة مزاج شخصي. حضرت مؤخراً تدشين رواية الكاتبة زينب السعيد تحت عنوان (البنفسج في حديقة البارود).. فكيف تنظر للأدب النسائي في السودان؟ المرأة السودانية تقدمت بصورة ملحوظة، فحينما كنا في جامعة الخرطوم كان عدد البنات (شامة) من قلة عددهن، والشاهد أن مجتمعنا بصفة عامة فيه ظاهرة الدونية للمرأة والقهر ولكن الآن وبعد أن وصلت درجة أعلى من التعليم أصبح لديها وزن أكبر فصارت نسبتهن أكبر في الصحافة، الشعر، الكتابة الأكاديمية، ككاتبات ومحللات وكروائيات وقاصات، وأعتقد أنه صار لديهن وجود في كل وجوه الأدب.. ونسبة الى أن الثقافة العامة وقانون الأحوال الشخصية والانطباعات العامة في المجتمع منحازة للرجل ومتحيزة ضد المرأة بشكل كبير جداً مع الأخذ في الاعتبار هذا التعليم الذي حدث للمرأة جعل النساء لديهن إحساس بالتهميش والظلم وبتن يعبرن عن هذا بوسائل عديدة (بالشعر والنثر والروايات وغيرها). لذلك أنا أعتقد أن هذه الرواية (البنفسج في حقل البارود) فيها واحدة من الصرخات النسوية ضد ما تعاني منه المرأة من دونية. ولكن النظرة الدونية للمرأة سمة في المجتمعات العربية والإسلامية عكس الحضارة الغربية؟ لو نظرنا لوضع المرأة في التوارة والإنجيل نجد أن فيه دونية كبيرة حتى إنها مطعونٌ في إنسانيتها وحقوقها، فكل مصادر الاضطهاد الحالية بثقافتنا الإسلامية تأتي من مصادر يهودية.. فالتوارة جاء فيها أن حواء هي التي أغرت آدم ليسمع حديث الشيطان وبالنسبة لنا كمسلمين هذا الحديث غير صحيح، الآية تقول (فعصى آدم ربه فغوى) وحتى عندما يكون هنالك تحميل مسؤولية فالقرآن يحمل المسؤولية للاثنين معاً (فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ) كذلك عندما تتحدث التوراة عن أن حواء خلقت من ضلع آدم، ورتَّب واضعو الأحاديث على ذلك بأن هذا الضلع أعوج وإذا جئت تقوِّمه انكسر ولذلك لابد من قبولها عوجاء وأيضاً هذا يختلف عن النص القرآني الذي يقول (والذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها) وحديث الرسول (النساء شقائق الرجال)، لذلك فمصادر دونية المرأة عبرية وجاءتنا عبر الثقافة الإسرائلية التي تسربت للدين الإسلامي. ولكن الدونية لا نجدها الآن في المجتمعات الغربية؟ الثقافة الغربية ومع أنها بدأت من هذه الخلفية إلا أنه حصل فيها تطور نتيجة للوعي والثقافة ونضال الحركات النسوية التي طالبت بحقوق حصولهن عليها عبر آليات ومعاهدات كثيرة وجاءت المعاهدة الخاصة بسيداو التي جاءت لإزالة كل وسائل الاضطهاد للمرأة والتمييز ضد المرأة.. أما بالنسبة لنا عندما نأخذ ثقافتنا الإسلامية نجد أن جزءاً من فقهائنا ركزوا على مفاهيم ذكورية تركز على اضطهاد المرأة وتقول أشياء تدل على هذه الدونية مثلاً دية المرأة إذا قتلت نصف دية الرجل وهذا اتجاه فقهي معروف والاتجاه الفقهي المضاد له (النفس بالنفس)، وهنالك من يركزون على أن (للذكر مثل حظ الانثيين)، وهذا النص صحيح موجود ولكن إذا أمسكنا كل المواريث نجد أن المرأة في حالات ترث مثل الرجل وفي أخرى ترث أكثر من الرجل، ولذلك لا يمكن أن يؤسس على عبارة للذكر مثل حظ الانثيين. ويعتبر تقييماً دونياً للمرأة، وهذا نتيجة الى أن الإسلام فيه اجتهاد جعل بعض المجتهدين يعملون على نظرة ذكورية في الفهم. إذاً ثقافتنا الإسلامية الموروثة فيها اجتهادين اجتهاد منصف للمرأة وآخر لدونية المرأة. ذكرت في إحدى فتواك “أنه من حق المرأة أن تحضر عقد قرانها” ما الحكمة من هذه الفتوى؟ المذهب الحنفي أكثر المذاهب إنصافاً للمرأة لأنه يعتبرها مالكة أمرها بحيث لا يستطيع وليها تزويجها رغم أنفها وهي صاحبة القرار ما دام لديها الحق في تملك المال والعقار، فبالتالي لابد أن يكون لها حق تملك إرادتها في نفسها، لذلك نحن الأنصار عند عقد القران لا نعقد مثل الآخرين عن طريق أن يقول الولي “أنا زوجتها” بل هي التي تقول “أنا وكلتُ فلان” لأنها صاحبة القرار ومن حقها تعقد لنفسها مباشرة أو توكل من يعقد لها.. المذهب المالكي فيه درجة عالية من مصادرة هذا الحق، ولذلك كثير من الناس في السودان عندما يعقدوا لمرأة يقولون “زوجت مجبرتي” يضعوها بهذا الشكل القبيح، مع أنه في الإسلام لا إكراه في الدين، وللأسف في السودان توجد نظرتين تقليديتين نظرة هي الغالبة تعتبر أن المرأة عورة، وحابلها الشيطان وهي أساس الرذيلة ولذلك هذه النظرة تضع المرأة في موقف ثقافي سوداني فيه إنكار لأي دور لها غير أنها إنسانة قاصرة، وأنا في رأيي أنهم استندوا على أحاديث (شاوروهم خالفوهم – ناقصات عقل ودين – ما أفلح قوم ولووا أمرهم امرأة) وأنا تصديت لكل هذه الأحاديث لكي أقول إن هذه الأحاديث غير صحيحة أولاً (شاوروهم وخالفوهم)، ونمسك بسلوك الرسول (ص) في السيرة شاور نساءه مشاورات محددة واستمع إليهن ونفذ مشورتهن، وقال الرسول (ص) (خذوا نصف دينكم من هذه الحميراء) في إشاره للسيدة عائشة، فكيف يأخذون نصف دينهم من واحدة ناقصة دين وعقل، وهذه الأحاديث تتناقض مع السيرة المحمدية ومع القرآن لأنه يقول (والمؤمنين والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر) فهنا توجد مساواة في الإيمانية (وإني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى). الى أي مدى يمارس الرجل السوداني الدونية على المرأة؟ للأسف يمارسها بدرجة عميقة، فمثلاً أذكر أن فقيهاً طلب مني أن أوصله الى منزله حينما كنا سوياً في “مشوار” وحينما وصلنا أمام داره طلب مني أنزله أمام “باب النسوان”، قال لي “نزلني عشان أدخل بباب النسوان الله يكرم السامعين”، فقلت له (ايه الإساءة في أنه باب النساء؟! فأمك امرأة وأختك وبنتك وزوجتك وأنت مصدر التأنيث) لجهة أنه في إطار الولادة ما بين البويضة والحيوان المنوي الذكورة والأنوثة مصدرها الرجل وليست المرأة لأن الرجل هو الذي حيواناته هي التي يمكن أن تكون حاملة (xx) أو (xy)، فالآن كثير من الرجال إذا كانت زوجاته تنجب إناثا يطلقها، ويسعى للزواج بامرأة سمع أنها (مذكار) وهي التي تلد ذكور. هذا الأمر يقودنا لمسألة تعدد الزوجات.. رؤيتك الشخصية للتعددية والنظرة السودانية.. خاصة وأن العديد من الزيجات باتت سراً؟ أنا رأيي الموضوع ليس موضوع إسلام لجهة أنه منح الرجل حق الزواج بأربع نساء، لكن في هذه المسأله شروط (العدل) في حالة عدم استطاعة الرجل العدل، في هذه الحالة الشبهات حول الموضوع، والآن ضُعف الإيمان لذلك أصبح الرجال يلعبون بهذا الموضوع مثلا “علي الطلاق إذا حصل كذا أنا أفعل كذا” وتجد أنه ليس هنالك ما يستدعي إدخال الطلاق، فالطلاق صيغة علاقة بينك وإنسان آخر فلماذا تحلف بالطلاق، أو يقول الرجل لزوجته “اذا ذهبت بيت أبوك أنت طالق”، هذا تعسف في استخدام الحق والآن أصبح موجوداً بصورة مزعجة جداً، فالرجال لديهم حق ولكنهم الآن يتصرفون وغالباً لضعف الإيمان وزيادة الاستهتار ساد هذا الموقف وهو اللعب بالنساء، فمثلاً يأتي رجل غير قادر على إعاشة أطفاله فيبيع منزله ليتزوج بأخرى أو يقول لزوجته – باعتبار أن هذا حقه – أريد الدخول في صفقة فأعطيني مجوهراتك فيذهب ليتزوج بها امرأة أخرى، فهذا تعسف في استخدام الحق، وأصبح سائداً بدرجة مزعجة، والنقطة الثانية في المستجدات، ففي أحكام الشريعة لابد من مراعاة الواقع، حيث لا تستطيع أن تضع أحكامك من فراغ مثلما قال ابن القيم (الفقيه يجب أن يعرف الواجب والواقع ويزاوج بينهما)، فالواقع الآن أصبح فيه هذا التعسف في استخدام الحق. في الماضي كانت المرأة تقليدياً تتوقع أن يتزوجوا فيها وليست لديها مشكلة في ذلك. خلافاً للوقت الراهن حيث أصبحت المرأة متعلمة، فتغيرت بذلك مسألة الزواج عليها بحيث أصبحت مرفوضة وبشدة، الشريعة فيها المعروف عرفاً كالمشروط شرطاً بمعنى أنه في السابق العُرف فيه قبول الزواج الثاني والثالث والآن تغير خصوصاً في الحضر.. فعدد كبير في جيلي تزوج واحدة فقط وذلك لأن العُرف أصبح هكذا، إذن المعروف عرفاً أصبح عاملا جديدا، والعامل الثالث مقاصد الشريعة في الزواج واضحة (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون). إذن من مقاصد الزواج المودة والرحمة والسكون لبعض، والزواج الثاني في الظروف الحالية أصبح إعلان حرب أهلية (هي تحاربك وأولادها وأهلها وأحياناً أهلك والثانية تصبح معتدى عليها) وتجد نفسك (أرنب بين كلبين) وفي شقاء شديد يلغي مسألة المودة والرحمة والسكينة. ما هو الحل؟ أنا قلت نعلم أن الشريعة فيها هذه الأحكام ولا يوجد حل، وإذا أراد الزوج الزواج من امرأة ثانية فلا يكون إلا بإذن الزوجة الأولى وموافقتها إذا لم توافق (حقك ضاع) لأنك ستجد نفسك أمام هذه الثلاث عقبات (التعسف في استخدام الحق، المعروف عرفاً والمشروط شرطاً وموضوع الحرب الأهلية). هل تزوجت زواجاً تقليدياً أم عن حب؟ تزوجت من السيدة حفية، وكان زواجاً عائلياً مثل كثير من السودانيين “زواج تقليدي”، وكانت لدي رغبة في الزواج من سارة ولكن الظروف حالت بيننا، وحين قررت الزواج بها لم تكن هنالك عقبة أمامي سوى موافقة حفية حتى أستطيع الزواج من سارة، ولذلك تحدثت الى حفية وحينما عرفت الظروف قدرتها ووافقت وذهبت بنفسها وخطبتها لي. هذا يُعني أن زواجك الثاني كان عن حب؟ أيوة.. وعلى أي حال كان بإذن من الزوجة الأولى. ولكن كثيراً من الرجال يستنكرون ذلك؟ نعم.. ويعتبرونه تدخلاً في حقهم، وخلاص هذا رأيهم ولكن أنا رأيي مختلف وعايشت الظروف التي قامت فيها الحروب الأهلية هذه.. مثلاً أنا أعرف شخصاً والده متزوج أربع ويسكنن في منزل واحد وذلك لأن التقليد كان مقبولا، فتزوج الابن الذي أصبح من جيل جديد بامرأة أخرى دون إذن من الأولى فقامت الحرب الأهلية من أول يوم تزوج فيه، ومباشرة رفع الراية البيضاء وطلق الزوجة الجديدة. والعديد من الروايات تؤكد رفض الجيل الجديد للزوجة الثانية، فالمرأة لم تعد التقليدية المستسلمة للظروف وأصبحت لديها قدرات تتحرك فيها وتكيد لزوجها، وأعرف قصة استطاعت الزوجة الزج بزوجها في السجن بسبب زواجه من أخرى وساومته على تطليق الأخرى مقابل إخراجه من السجن. هذا تأكيد الى أن كيدهن عظيم؟ لدي رأي في هذا، الكيد موجود في كل البشرية ولذلك يجب الا يُحصر في النساء.. أنا قلت في صورة يوسف صحيح عند النساء كيد ولكن كيد زوجة العزيز كان أخف من كيد إخوان يوسف، فهي سيدة أُعجبت بيوسف.. قيل إن ربنا خلق الجمال (10) أعشار (9) منها ليوسف وبقية رجال البشرية يتقاسمون الواحد المتبقي.. فمصيبة كهذه لا يستطعن الصبر عليها، فاستهواها يوسف وفعلت ما فعلته.. ومن ثم اعترفت في نفس الصورة، وبعدين عندما أتت النساء وقالوا فيها كلام وجاءهم يوسف اقتنعوا بأن يوسف هذا غير ممكن المقاومة من حيث الفتنة الجمالية، فإذن وفي إطار هذا الواقع فكيدها مخفف جداً بالقياس لأخوان يوسف. وبماذا تفسر الزواج سراً؟ المرأة أصبحت لا تستسلم بسهولة لمن يتزوج عليها، لذلك أصبح كثير من الرجال يتزوجون بطرق غير شرعية فيها الإخفاء، لكن الحقيقة أصبحت هنالك مشكلة أفتكر الحل أن يقال مثل الحديث الذي أقوله (بإذن من الزوجة الأولى)، ولأن الزوج في الغالب لا يجد الإذن، لذلك أصبحت مشكلة اجتماعية. بعد وفاة سارة لم تتزوج هل هذا يعني أنك (ما حبيت) تاني؟ يمكن القول أن هنالك مشكلتين، الأولى أنني مشغول جداً وأصرف جل وقتي لما أعمل فيه، وصحيح أنه في ذهني لا يمكن أن يحدث زواج إلا اذا كان حدث حب وليس لدي الوقت ولم أحصل على إذن، فإذن (ما حصل الحب ولا حصل الإذن)، إذن ما دامت المسألة كذلك يبقى الموضوع غير وارد. كل الطلاب السودانيين الذين درسوا بالخارج تزوجوا بأجنبيات ألم تفكر في الزواج من أجنبية؟ نعم فكرت.. في لندن كنا نصلي في المركز الثقافي (سني) وكان الإمام يقول لنا ما معناه أنه يؤيد زواج المتعة للذين في الغربة فهنالك من وافقه ومن خالفه.. ثانياً في زنتانيا عمل “زواج فريند” مثل “القيل فريند” بعقد والآن في المملكة أصبح هنالك زواج المسيار وهو زواج ناقص الملايلة والنفقة أي ناقص بعض أركان الزواج التقليدي. نحن في انجلترا دخلنا في مجتمع مختلط وحصلت لنا في البداية صدمة كبيرة جداً لأننا عندما يعيش الشخص في مجتمع فيه انفتاح كامل في العلاقات بين الرجال والنساء يتعرض لإمكانية أنه يتعرف ثم يفكر في الزواج، وفعلاً أنا كانت لدي محاولة زواج ولكن عدلت عنها لجهة أني رأيت المشاكل التي تنشأ بين الأزواج الأجانب، فالفارق الثقافي والاجتماعي كبير ونحن أصلاً نعاني مشكلة عدم ندية في التعامل بين ثقافتنا وثقافتهم، وعندما يتزوج واحدة لديها هذه الخلفية هذا يعقد مشكلة المودة والرحمة والسكينة الموجودة في الزواج، ولذلك عدلت عن الفكرة، الغريبة زواج السودانيين من أجنبيات، في الغالب فاشل بعكس زواج السودانيات من أجانب أنجح. وما هو السبب برأيك؟ السبب أنه كثير من الأجنبيات المتعلمات عندما يتزوجن سودانيين حتى المتعلم لا يمنحهن حقهن في كرامتهم والندية والمساواة، فحتى إن أراد ذلك فأهله لا يمنحوها ذلك ويقولون له (قستك علينا.. قوت عينا علينا.. الخ) المهم إذا هو عاملها بتكريم واحترام فأهله يحرضونه لأن نظرتهم لا زالت تقليدية، والزوج نفسه تكون لديه رواسب مفاهيم تقليدية، ولكن عندما تتزوج السودانية أجنبي يأتي بخلفية المساواة وحقوق الإنسان فيجدن أن كرامتهن تصان أكثر في هذه الزيجة ولذلك كثيراً جداً منهن استقرن، أنا عقدت حتى الآن على حوالي (20) سودانية تزوجن من سويسري وسويدي وأمريكي وإنجليزي وهولندي والعديد من الجنسيات الأخرى لم أدخل حتى اليوم في (وساطة لفض مشكلة بين الزوج والزوجة) ولكن العكس تدخلت لفض عدد من الأزواج لرجال سودانيين تزوجوا أجنبية.. فإذن انطباعي زواج السودانية من أجنبي أكثر استقراراً من زواج السوداني من أجنبية. هل لديك رأي في زواج الكتابي من مسلمة؟ سبق وأن دخلت في مجادلة مع مسيحي وقال لي لماذا أنتم المسلمين تسمحون لرجالكم أن يتزوجوا بمسيحيات ويهوديات ولا تسمحون للمسلمة أن يتزوجها كتابي؟! فقلت له ببساطة نحن ديننا يعترف بالمسيحية واليهودية ولذلك يحترم دينها وبما أنه هو لديه مركز معين في الأسرة فاحترامه لدينها لا يجعل هنالك مشكلة، وأنتم غير معترفين بالإسلام وكذلك اليهود ولذلك عندما يتزوج مسلمة فيكون ذلك دون أن يكون معترف بدينها، ولذلك يكون هذا مصدر اضطهاد، واذا اعترفتم بديننا زوجناكم ولكن لم نصل درجة للبت في هذه التفاصيل. في الفترة الأخيرة أطلقت فتاوى بشأن المرأة وقلت “يجوز لها تشييع الجثمان وشهادة عقد الزواج وأن النقاب ليس في الإسلام”.. هذه الفتاوى أثارت جدلاً وسط بعض علماء الدين وطالبك البعض بالتوبة؟ هذه عناصر (مخرفة) وتعيش في الماضي ولا يعرفون المجتمع، أنا قلت إذا المرأة مؤمنة ولديها حق الإيمان الكامل وتملك حق المواطنة الكاملة لا ينتقص منها شيء أن تحضر العقد لأنه يخصها، وفي مصر النساء يحضرن العقد، وكذلك في بلاد إسلامية أخرى كما يحضرن تشييع الجثمان، فالحقوق الإيمانية والإنسانية في السلام متساوية (والمؤمنين والمؤمنات بعضهم أولياء بعض) فإذا هذه تقاليد سودانية في رأيي متخلفة، وصحيح عندما يسمع بها الناس عند أول مرة تحدث لهم صدمة لأنهم معتادين على المرأة مقولة المرأة عورة ولها باب النسوان.. هم يريدون استمرار الدونية للمرأة وأنا أدعو للتغيير.. البعض رأى أن فتواك في صلاة المرأة غريبة؟ حول ما أُثير بشأن الصلاة في صف واحد أنا قرأت في القرآن (وقد نعلم المستقدمين منكم وقد نعلم المستأخرين)، أبو داؤد وابن ماجة وكثير من المفسرين قالوا السبب صف الرجال الأول هو الأفضل من الثاني والثالث وصف النساء المصطفات وراء الرجال أي الصف الأول هو الأسوأ بسبب أن بعض المسلمين عند الركوع ينظرون للخلف للنساء وعدوا أن هذا يقلل من فضل الصف الأخير وفصل الصف الأول للنساء بالرغم من أن الذنب ليس ذنبهن ولكن حملوه لهن، وقلت لا داعي لهذا الموضوع وعلى النساء الاصطفاف رأسياً بدلاً من أفقيا، وممكن يدخلون ببابين مختلفين ويمكن يكون هنالك حائط فاصل مثلما يحصل في الحرم المكي وقلت هذه أفضل طريقة نتجنب المستقدمين والمتأخرين وأي نوع من الذنب، فقامت القيامة. وقال (المخرفين) وفسروا بأني أريد أن يصلي الرجال الى جنب النساء ولكن الصحيح أنا قلت يبقى صفهن لوحده.. والآن هنالك مساجد النساء يصلون في بلكونة من فوق الرجال فقامت هذه العناصر المخرفة و(هاجت). وماذا بشأن النقاب؟ أنا قلت الإسلام ليس فيه نقاب لأن القرآن قال (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن) فإذن أنا أغض بصري من دهمة أم من بشر؟! والصحيح من شيء يُرى لأن المتنقبة تأتي كالدهمة المتحركة، وفي حديث الرسول (ص) قال للسيدة أسماء البنت عند البلوغ لا يجوز أن يظهر منها إلا وجهها وكفيها. المهم هذا هو الموقف الشرعي، إذا كان في القرآن أو في الحديث.. قلت إن هذا النقاب عادة وليست عبادة لأنه غير مسنود، وقلت إنه فيما يتعلق بكلمة حجاب ليست لديها دخل باللباس، لأن اللباس يجب أن يغطي نحرها وأن تلبس سادل، وهكذا ولا يوجد حديث عن أن الحجاب متعلق بالوجه، الآن كل الوثائق تقوم على أوراق ثبوتية أي ورقة ثبوتية فيها صورة وإلا ستحدث جرائم، ممكن جداً أن يكون التخفي وسيلة لخرق قانون، وأصبح معروف أن كثيراً جداً من الأشخاص الذين يرتكبون جرائم يتخفون حتى الرجال وعلينا سد الذرائع وهنا سد ذريعة الجرائم. كيف تنظر للمرأة المنقبة؟ إذا أمسكنا الفتيات السودانيات (تقيات، ومصليات ومواطنات جيدات)، و(99%) منهن غير منقبات، فهل هذا يعني أنهن يدخلن في الحرام؟! هذا أمر عجيب كيف لمجتمع يؤسس أحكامه على أن (99%) من النساء المستورات ويلبسن زياً محتشماً ولأنهن غير منقبات يصبحن فاسقات؟! هذه إهانة للمرأة ومطالبة لها بالمستحيل، ثم إذا كان أصلاً نحن في الإسلام سنؤسس هذه الأمور فقط على منظر الوجه فعلى الرجال أيضاً أن يتنقبوا لأنهم أيضاً بعض منهم مثل يوسف لزوجة العزيز، ومثل نصر بن سيار، فعمر بن الخطاب سمع واحدة تنشد هل من سبيل الى خمر فأشربها أم من سبيل الى نصر بن سيار، فسعى لإحضاره فوجده فعلاً شاب فتنة، شكله جميل جداً، وقال وجدت عنده (لمة) شعر طويل فحلق له شعره فأصبح أجمل من الأول فقام بنفيه. هنا لا يمكن أن يتم نفي كل الجميلين ولا كل الجميلات لازم يتنقبن. وهنالك دراسة قالت إن في كل خمسة ألف امرأة واحدة جميلة، فإذا كانت الفكرة كذا فليتنقب الرجال والنساء ونصبح دهماً متحركة. تحدثت بأن الزواج التقليدي أصبح غير ممكن فما هي المعالجات؟ نحن الآن بصدد عقد ورشة فالزواج التقليدي هذا لم يعد ممكناً، وقدرنا أن نسبة الذين يتزوجون من الشباب الآن تبلغ حوالي (25%) وأنا سمعت استغاثات كثيرة جداً في هذا الصدد تؤكد هذه الأزمة من ناحية الطرفين، وهنالك أبيات حلمنتيش في رأيي تعكس هذه الأزمة. نحن البايرات يا جماعة.. ول (الله) إيدينا بنرفع شعارنا عريس متواضع.. يا حي يا واهب أسمع ما همنا حفلة وشيلة.. بحاجة قليلة بنقنع فردَّ الرجال: شعارنا العالي بنرفع.. يا (جكس) العالم أسمع ح نقعد لما نعجّز.. لما الروسين تتصلع بس ما لنا ومال الشيلة.. والضغط البنزل ويطلع هذا الحديث دليل على هذه الأزمة.. المشكلة الثانية في الأزمة أن ثلث الذين يتزوجون يتم بينهم الطلاق، وجزء منه سببه إعسار، فنحن الآن نبحث عن صيغة للزواج تكون بدل المرافقة ويسمى (الزواج الميسر) بوجود عقد يخلو من النفقة والسكن وهذه الإجراءات المعقدة. ولكن هذا يضيع حق المرأة ولا يكون بديلا؟ صحيح لكن “يبقى بعض الشر أهون من بعض”، نحن لا نقول بديل زواج بل بديل (للرفقة) والمخادنة، ويستمر الزواج بشروطه المعروفة والآن نبحث في هذه لكي نرى في هيئة شؤون الأنصار صيغة للزواج الميسّر لنمكن الذين يعيشون حالة (مخادنة) الآن إيجاد أساس لتقنين هذه العلاقات. ولكن هذا قد يقود لمشكلة تفكك الأسرة مثلا؟ نحن الآن نريد بديلاً للمخادنة وليس للأسرة، والمهم يمكن الاتفاق متى ما أصبح لديهم منزلاً ودخلاً مناسباً أن يسكنوا، ولكن هذه هي فكرتنا على أية حال نحن نبحث فيها الآن ولم نصل إلى رأي. للختان أكثر من رأي فقهي وصحي وعرفي، كيف تراه؟ الختان جريمة كبرى وما يسمى خفاض هو(خفض) وعدوان على العضو التناسلي النسوي وفيه مشاكل كبيرة جداً، ولذلك أنا أعددت فيه دراسات وليس للختان أي أساس ديني، أساسه فرعوني ومن يمارسها أغلبهم في إفريقيا وأغلب المسلمين في العالم لا يمارسونها، وأنا تصديت وغيري أيضاً مثل الإمام الشوكاني وسيد سابق، وكثيراً من الأحاديث في هذا الموضوع غير صحيحة، ولذلك هنالك مصدرين في الشريعة (يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث). فتعليم الخبائث والنهي عن المنكر يدخل في هذا الموضوع، ثم إن الحديث لا ضرر ولا ضرار هذا الموضوع فيه ضرر وضرار، ضرر للمرأة وضرار للرجل، ولذلك يجب أن يمنع وليست كعادة سيئة ولكن كجريمة ضد العضو التناسلي الأنثوي. في زمن غير زمنا هذا اذا جاءتك واحدة من بناتك وقالت لك أنا بحب ماذا تفعل؟ أولاً بناتي في الغالب تزوجن عن حب (أم سلمة ومريم) وكانت الواحده تأتي وتقول لي (أنا يا أبوي حبيت فلان ده)، أنا أشوف إذا مناسب وأوافق. ما رأيك في الحساسية التي تتعامل بها كثيراً من الأسر مع مسألة الحب؟ صحيح، هذا طبعاً التقليد السوداني والرسول لديه حديث واضح في هذا الأمر (لا يُرى للمتحابين إلا الزواج). لكن هنالك من أهم أئمة الفقه الإسلامي ابن حزم وابن القيم ولهم كتب في المحبة بين الرجال والنساء (طوق الحمامة) لابن حزم و(روضة المحبين) فهنالك نوع من التعسف وسوء الفهم للحب كمسلمين رغم وجود (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا). فالتعارف طبيعي ومن ثم يمكن أن تنشأ المحبة، فالتعارف طبيعي ومن ثم يمكن أن تنشأ المحبة فقط. المهم أن نأخذ في الاعتبار بأنه يمكن للتعارف أن يؤدي الى الرذيلة ويمكن للفضيلة، ولا نقول كله يتجه للرذيلة، ويبقى كيف نؤسس لأخلاق حميدة من خلال التربية.
