بعد مرور 24 عاماً على استيلائه على السلطة أعلنت لجنة اقرارات الذمة أنها فحصت إقرار ذمة المشير عمر البشير وعدد من قيادات نظامه في خطوة مثيرة للسخرية، وتكشف الاستخفاف بالعقول . وقالت لجنة فحص إقرارات الذمة بالسودان انها فحصت في اجتماعها الدوري برئاسة وزير العدل؛ محمد بشارة دوسة إقرار عمر البشير ، ثم فحصت إقرارات الذمة لعدد من المسؤولين في مقدمتهم رئيس البرلمان وعدد من الوزراء. وذكرت وكالة ( سونا) أن اللجنة فحصت في اجتماعها الدوري الحادي عشر لسنة 2013م، برئاسة رئيس القضاء؛ محمد أحمد أبوسن، إقرار وزير العدل -بعد أن تنحى الوزير عن رئاسة اللجنة مؤقتاً بسبب فحص إقراره- وقد عاودت اللجنة الانعقاد بعد ذلك. كما فحصت إقرارات الذمة لكل من رئيس المجلس الوطني أحمد إبراهيم الطاهر، وعدد من الوزراء وذلك وفقاً لأحكام قانون مكافحة الثراء الحرام والمشبوه لسنة 1989م، المادة العاشرة الفقرة الثالثة. إلا أن اللجنة المعنية بالنزاهة المالية والطهارة لم تشعر بالخجل من ممارستها عملية تدليس واضحة، تكشف حجم الاستحفاف بالعقول ، لأنها لم تحدد لنا ممتلكات البشير قبل استيلائه على السلطة قبل 24 عاماً، لكنها أرادت أن تبدا خطوات مثيرة للسخرية بفحص ممتلكات البشير بعد كل تلك الفترة التي اتسمت بأكثر فترات السودان فساداً ، وتأتي أسرة البشير على رأس قائمة أثرياء الإنقاذ، بالاستفادة من سيطرتها على مقاليد الحكم، ويذكر أن السودان ظل يحتل المركز الرابع في تقرير منظمة الشفافية العالمية عن مستويات الفساد في العالم ، ويجيئ ترتيب السودان في المركز رقم (173) كرابع دولة عالمياً في الفساد بعد افغانستان وكوريا الشمالية والصومال التي تذيلت القائمة .وشمل مؤشر الفساد لهذا العام 176 دولة عبر العالم. ومن اجل تحديد تصنيفها السنوي تستند منظمة الشفافية الدولية غير الحكومية الى معطيات تجمعها (13) مؤسسة دولية بينها البنك الدولي والبنوك الآسيوية والافريقية للتنمية والمنتدى الاقتصادي العالمي.ويتدرج مؤشر المنظمة من نقطة واحدة الى عشر نقاط. والواحد معناه شديد الفساد والعشرة تعني انعدام الفساد. وضم المؤشر هذا العام دولة وكلما زاد الرقم الذي يشير الى ترتيب الدولة في القائمة كانت أكثر فسادا. والفساد في الانقاذ فساد مؤسسي وشامل يرتبط بكونها سلطة أقلية ، تحكم بمصادرة الديمقراطية وحقوق الانسان ، وتحطم بالتالي النظم والآليات والمؤسسات الكفيلة بمكافحة الفساد ، كحرية التعبير ، واستقلال القضاء ، وحيدة اجهزة الدولة ، ورقابة البرلمان المنتخب انتخاباً حراً ونزيهاً . كما يرتبط بآيدولوجيتها التي ترى في الدولة غنيمة ، علاقتها بها وبمقدراتها بل وبمواطنيها علاقة ( امتلاك) وليس علاقة خدمة . وبكونها ترى في نفسها بدءاً جديداً للتاريخ ، فتستهين بالتجربة الانسانية وحكمتها المتراكمة ، بما في ذلك الاسس التي طورتها لمكافحة الفساد . ويجد فساد الانقاذ الحماية من رئيس النظام الذى يشكل مع اسرته اهم مراكز الفساد ، كما يتغطى بالشعارات الاسلامية ، ولذا خلاف ارتباطه بالمؤسسات ذات الصبغة الاسلامية كالاوقاف والزكاة والحج والعمرة ، فانه كذلك فاق فساد جميع الانظمة في تاريخ السودان الحديث ، وذلك ما تؤكده تقارير منظمة الشفافية العالمية – السودان رقم (173)من(176) بحسب تقرير 2012 ، كما تؤكد شهادات اسلاميين مختلفين. وحين تنعدم الديمقراطية ، لفترة طويلة ، كما الحال في ظل الانقاذ ، يسود أناس بعقلية العصابات ، ويتحول الفساد الى منظومة تعيد صياغة الافراد على صورتها ، فتحول حتى الابرار الى فجار ، واما أدعياء (الملائكية) فانهم يتحولون الى ما أسوأ من الشياطين !.