شاهد بالصورة.. الفنانة مروة الدولية تعود لخطف الأضواء على السوشيال ميديا بلقطة رومانسية جديدة مع عريسها الضابط الشاب    شاهد بالصورة.. الفنانة مروة الدولية تعود لخطف الأضواء على السوشيال ميديا بلقطة رومانسية جديدة مع عريسها الضابط الشاب    شاهد بالفيديو.. "معتوه" سوداني يتسبب في انقلاب ركشة (توك توك) في الشارع العام بطريقة غريبة    شاهد.. تفاصيل القصة التي أثارت ضجة واسعة.. بمهر قيمته 3 مليار دفعوها مناصفة فيما بينهم.. ثلاثة من أفرد الدعم السريع يتزوجون فتاة حسناء بولاية الجزيرة ويعاشرونها بالتناوب تحت تهديد السلاح    بعد اتهام أطباء بوفاته.. تقرير طبي يفجر مفاجأة عن مارادونا    موظفة في "أمازون" تعثر على قطة في أحد الطرود    الحراك الطلابي الأمريكي    "غريم حميدتي".. هل يؤثر انحياز زعيم المحاميد للجيش على مسار حرب السودان؟    تعويضاً لرجل سبّته امرأة.. 2000 درهم    نهب أكثر من 45 الف جوال سماد بمشروع الجزيرة    معمل (استاك) يبدأ عمله بولاية الخرطوم بمستشفيات ام درمان    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الثلاثاء    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الثلاثاء    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الثلاثاء    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الثلاثاء    انتدابات الهلال لون رمادي    المريخ يواصل تدريباته وتجدد إصابة كردمان    أنشيلوتي: لا للانتقام.. وهذا رأيي في توخيل    بعد فضيحة وفيات لقاح أسترازينيكا الصادمة..الصحة المصرية تدخل على الخط بتصريحات رسمية    راشد عبد الرحيم: يا عابد الحرمين    بعد أزمة كلوب.. صلاح يصدم الأندية السعودية    الإمارات وأوكرانيا تنجزان مفاوضات اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة    القلق سيد الموقف..قطر تكشف موقفها تجاه السودان    الداخلية السودانية: سيذهب فريق مكون من المرور للنيجر لاستعادة هذه المسروقات    السودان..مساعد البرهان في غرف العمليات    تعلية خزان الرصيرص 2013م وإسقاط الإنقاذ 2019م وإخلاء وتهجير شعب الجزيرة 2024م    تدرب على فترتين..المريخ يرفع من نسق تحضيراته بمعسكر الإسماعيلية    إيران تحظر بث مسلسل "الحشاشين" المصري    شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تواصل دعمها للجيش وتحمس الجنود بأغنية جديدة (أمن يا جن) وجمهورها يشيد ويتغزل: (سيدة الغناء ومطربة الوطن الأولى بدون منازع)    يس علي يس يكتب: روابط الهلال.. بيضو وإنتو ساكتين..!!    تجارة المعاداة للسامية    سرقة أمتعة عضو في «الكونجرس»    تدمير دبابة "ميركافا" الإسرائيلية بتدريب لجيش مصر.. رسالة أم تهديد؟    حسين خوجلي يكتب: البرهان والعودة إلى الخرطوم    شاهد بالصورة.. بعد أن احتلت أغنية "وليد من الشكرية" المركز 35 ضمن أفضل 50 أغنية عربية.. بوادر خلاف بين الفنانة إيمان الشريف والشاعر أحمد كوستي بسبب تعمد الأخير تجاهل المطربة    قوة المرور السريع بقطاع دورديب بالتعاون مع أهالي المنطقة ترقع الحفرة بالطريق الرئيسي والتي تعتبر مهدداً للسلامة المرورية    السينما السودانية تسعى إلى لفت الأنظار للحرب المنسية    بيان جديد لشركة كهرباء السودان    أمس حبيت راسك!    دخول أول مركز لغسيل الكلي للخدمة بمحلية دلقو    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    الملك سلمان يغادر المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مقملة وتفلي في جاراتها!
نشر في حريات يوم 14 - 07 - 2013

توطئة: أزف التهاني والتبريكات بمناسبة حلول شهر رمضان المعظم لقراء صحيفة حريات الغراء ولإدارة تحريرها الصامدة القابضة على الجمر ولجموع الشعب السوداني الصابر على كل هذا البلاء والأذى سألين الله أن يرفع غضبه ومقته عنا وأعتذر إن كان عنوان المقال صادم.
مدخل: على الرغم من كثرة أخطاء جماعة الإخوان المسلمين المصرية إلا أنه يحمد لها أنها "حتى اليوم" لم ترتكب خطيئة الانقلابات العسكرية ولم تزج بشعبها في آتون حروب أهلية وحافظت على تراب مصر ولم تعمل على تقسيمه كما فعلت ربيبتها السودانية التي تتصدر اليوم سرادق البكاء على الشرعية والديمقراطية دون حياء و"يردح" شيوخها ومنسوبيها "ردح" من لا يخشى الفضح في مشهد "مقزز" مثير للدهشة والاستهزاء والمسخرة فبأي لسان مخادع كذوب تنطق وينطق منسوبيها؟ وتبعات جريمتهم النكراء ما زالت تنهش أحشاء الوطن وتكاد تذري بما تبقى منه.
(1)
يدور جدل عنيف في الساحة السياسية السودانية اليوم ما بين معارض ومؤيد على اثر انحياز الجيش المصري للحراك الجماهيري الذي حشدت له القوى الوطنية والعلمانية المصرية وأدى لإقصاء الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي من منصبه والذي ترى القوى المعارضة أنه قد فشل في تحقيق شعارات الثورة وخطى خطوات واسعة في اتجاه نسف أهدافها وتجير مكتسباتها لصالح جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي لها؛ بل واختطف كامل توجه الثورة وأسرها في نهج وسياسات مكتب إرشاد جماعة الإخوان الساعي لإقامة دولة "ثيوقراطية" خلافا للتعهدات السابقة التي قطعها السيد مرسي بإقامة دولة المواطنة المدنية الديمقراطية.
وقد ظهر توجه السيد مرسي وعزمه الأكيد على تنفيذ برنامج جماعته المخالف لشعارات وأهداف الثورة المصرية منذ بداية حكمه الذي لم يكمل العام وتجلى باكرا في الإعلان الدستوري الذي كرس في يده كافة السلطات ثم في حربه غير المبررة على السلطة القضائية والمحكمة الدستورية لحد محاصرتها – من قبل أنصاره - ومنع القضاة والمستشارين من دخولها لأداء مهامهم العدلية في سابقة خطيرة وغير مسبوقة وأردف ذلك بإهماله المتعمد لأطروحات قوى الثورة الأخرى بما في ذلك حلفائه من الأحزاب الإسلامية مثل حزب "النور" وزاد الطين بله بسعيه الحثيث لتمكين جماعة الإخوان المسلمين من مفاصل الدولة في محاولة عبثية "لأخونة" الدولة المصرية العريقة.
(2)
بهذه السياسات المربكة والشاذة التي شذت وفارقت الأطروحات التي أجمعت عليها فصائل الثورة كافة، وضع السيد مرسي القوى الثورية جميعها عدا مناصريه في وضع "اللا خيارات" سوى أن تثور لكرامتها وتمنع محاولة سرقت ثوراتها أو تتلاشى تاركة الجمل بما حمل لمكتب إرشاد جماعة "الإخوان" ليحدد مصير مصر ولا أظن أن هناك عاقلا يوضع في هذا الوضع المهين ولا يثور وقد كان، لتعود جماعة "المقطم" بعد ضياع الفرصة تهرول خلف الأحداث متهمة القوى الثورية التي تقطعت أنفاسها وهي تحاول إيجاد مخرج آمن من الأزمة السياسية بالخيانة والانقلاب على الشرعية الدستورية.
بدخول المجتمع المصري لهذه المرحلة الحرجة من الاستقطاب السياسي الحاد وبروز ممارسات غير ديمقراطية لحسم الصراع السياسي لحد استخدام الأسلحة النارية في القتل وقذف الصبية والأطفال المعارضين من فوق أسطح المباني كان لابد للجيش المصري من التدخل منحازا للقوى التي استطعت أن تحشد قرابة الثلاثين مليون مواطن في ليلة واحدة باعتبار أن هذا الحشد المهول تعبير صادق عن إرادة الشعب المصري الباحث عن استرداد ثورته المختطفة والسير بها قدما لاستكمال برنامج مرحلة الثورة الوطنية الديمقراطية وتحقيق أهدافها المنشودة.
(3)
تدخل الجيش الذي تحاور قائده من كافة أطياف الطيف السياسي من أحزاب وتنظيمات وقوى مدنية ودينية وأجمعت على صحة وضرورة الخطوة وعزل الرئيس المنتخب من منصبه وعين رئيس المحكمة الدستورية رئيسا مؤقتا للبلاد على رأس سلطة انتقالية لها مهام محددة أهمها تعديل الدستور الذي تم تعطيله والدعوة لانتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة ووضع برنامج عاجل للخروج من الأزمة الاقتصادية الشاملة وحالة الانهيار الاقتصادي الذي وصلت له مصر خلال عام من حكم الرئيس المعزول وجماعته.
وهنا ثارت ثائرة الإخوان المسلمين وتوعدت الساحة السياسية بالثبور وعظائم الأمور وشرعت في تحريك تنظيمها الخاص وحشد مناصريها من كافة المحافظات والزج بهم في ميدان "رابعة العدوية" صاحب هذه الخطوات اندلاع أعمال عنف في كثير من المحافظات أخطرها في محافظة "سينا" وامتد عنف الإخوان للأحياء السكنية وروع شعب مصر وهو يرى مشاهد تلفزيونية لأحد الملتحين يطارد صبية معارضين ويلحق بهم لسطح أحد العمارات السكنية التي حاول الصبية الاحتماء بها ليقوم الملتحي الذي يحمل علم تنظيم "القاعدة" بمساعدة "إخوانه في الله" بقذف الصبية بدم بارد من فوق سطح المبني لتدق أعناقهم، بلغ الهياج بجماعة الإخوان المسلمين ذروته وهي تحاصر مباني الحرس الجمهوري محاولة اقتحامه بغرض تحرير الرئيس المعزول لتقع مجزرة يروح ضحيتها قرابة الخمسين شخصا.
(4)
عند هذه النقطة فقدت جماعة الإخوان المسلمين تعاطف قطاع من الشعب ظل يناصرها باعتبار أن خطوة الجيش قد مست "الشرعية الدستورية" التي ظل الإخوان يتباكون عليها بدموع التماسيح ومن سخرية القدر أن ينضم لسرادق هذا البكاء "إخوان السودان" من جماعة نظام "الإنقاذ" الحاكم وجماعات إسلامية أخرى تنهل من المنهل العكر نفسه والتي تناست وأسقطت من ذاكرتها بلا حياء في ذروة انفعالها وانحيازها الأعمى أنها قد انقلبت عسكريا قبل ربع قرن على النظام الديمقراطي الشرعي في السودان وسرقة السلطة عنوة وما زالت تحكم وتتحكم بالحديد والنار.
هكذا حشرت تلك الجماعات المغيبة أنفها في الشأن المصري بلا واعز من ضمير تدافع عن أبشع ممارسات القتل والترويع التي يقوم بها إخوان مصر كما خرج أفرادها في تظاهرة هزيلة كانت مثار سخرية وتندر الشارع السوداني ولسان حاله يقول "مقملة وتفلي في جاراتها" ولا ادري من أين لتلك الجماعات الظلامية هذه المقدرة "الحربائية" على التلون؟ وكيف يصل بها سوء الظن بذاكرة الشعب السوداني إلي هذا الحد وهو ما يزال يصطلي بنار نهجها ومشاريعها الضلالية منذ ربع قرن ومن أين أتتها القناعة بأن شعب السودان "ببغاء" عقله في أذنيه.
(5)
من حق جماعة الإخوان المسلمين في مصر أن تغضب وتصر على أن الشرعية الدستورية في صفها وتصف خطوة الجيش بالانقلاب والانحياز فالخطوة مثيرة للجدل ولا تزال مثار نقاش حاد حتى وسط القوى الديمقراطية والعلمانية ولكن ليس من حق الجماعة أن تغلب لغة القوة على لغة الحوار ولا أن تمارس الديمقراطية بوسائل غير ديمقراطية ومهما كانت خطوة الجيش منحازة من وجهت نظرها تظل وسائل النضال السلمي الديمقراطي هي النهج الأصح لحسم الخلاف والعودة للشارع سلميا وهو الطريق الأسلم لاسترداد الحقوق ورفع الظلم متى ما حدث وفي ظل النظام الديمقراطي الذي تدعي أنها آمنت به تنتفي وسائل العنف كافة ويبقى الحوار سيد الموقف والفيصل دوما هو الشعب أما محاولة أخذ الحق بالذراع فتلك ممارسة لا تمت للديمقراطية بصلة وقد تضيع على جماعة الإخوان صفة الشرعية التي اكتسبتها بقيام الثورة وتعود بها لزمان الكهوف السرية.
من العبث وسوء التدبير أن تضيع "الجماعة" كل هذا الكسب الذي جعل منها لاعبا رئيسا على الساحة السياسية بسبب الجشع ومحاولة الاستفراد بالحكم بعد أن خطت خطوات مقدرة في الاتجاه الصحيح وقدمت مراجعات فكرية مهمة نقدت فيها تاريخ العنيف وارتضت خوض غمار السياسية وفق الشروط الديمقراطية المتعارف عليها ويجب عليها أن تحمد للقوى السياسية استيعابها وعدم إقصائها رغم المأخذ الكثيرة علي أساليبها الملتوية القائمة على الابتزاز والمتاجرة بالدين، فقد منحت الفرصة كاملة بعد الثورة المصرية وتولت رئاسة الدولة بعد أكثر من ثمانين عام من الإقصاء ولكن للأسف فشلت في إدارة البلاد وأساءت التصرف في الحكم وحاولت الهيمنة والانفراد بالسلطة وهذا خطأ شنيع عليها الاعتراف به والتعهد بعدم العودة إليه عوضا عن التباكي على الفرصة المهدرة ومحاولة الخروج عن أصول اللعبة الديمقراطية بإشاعة الفوضى والعنف وفرض الوجود بالقوة.
(6)
فلو استمرت جماعة الإخوان المسلمين في الدفاع عن شرعية رئيسها وواصلت حشد جماهيرها وأنصارها سلميا ولم تنجر لمستنقع رد الفعل العنيف لأحرجت الساحة السياسية المصرية ووضعت القوى الديمقراطية والعلمانية تحت ضغط شديد وربما استقطب قطاعات مقدرة لمناصرتها والانحياز إليها إلا أنها قد خرجت من اللعبة بخطاب الدم الغبي الذي نثرته هنا وهناك الشيء الذي أفقدها المنطق وأرعب الشارع المصري من ممارساتها واقنع جل الشعب المصري بصحة خطوة الجيش.
ستظل خطوة الجيش المصري تثير غبارا كثيفا في الساحة السياسية العربية والدولية وسيطول اللغط حول مدى شرعيتها وصحتها ولكن على المراقب والمحلل السياسي الحصيف عند تحليله للحدث أن لا يقتلعه من سياقه التاريخي ويستصحب بصدق مجاريات أحداث الثورة المصرية التي لم تستكمل بعد مسيرتها ولم تصل لغاياتها حتى الآن. ويظل لكل واقع خصوصيته التي تؤثر على مجرى الأحداث وتسم تجربته الثورية فالأحداث لا تتناسل من رحم بعضها البعض مهما تشابهت الظروف الموضوعية والذاتية يظل دائما لكل حدث تاريخي خصائصه وظروفه التي حتمت حدوثه في تلك اللحظة التاريخية بعينها، فانحياز الجيش السوداني لثورة أكتوبر 1964 حين تيقن أن تلك مشيئة الشعب ما كان له إلا أن يحدث فالمقدمات هي التي تحدد طبيعة النهايات وليس العكس ولا يمكن أن ندمغ تحرك الجيش حينها بالانقلاب لأنه قد جاء في سياق استكمال مسيرة الحراك الثوري وقس على ذلك أيضا انحيازه للجماهير الثائرة في "انتفاضة ابريل" عام 1985م.
(7)
والحقيقة التي يجب أن لا تغيب عن الأذهان عند النظر لخطوة الجيش المصري أن الجيوش مهما كانت درجة وطنيتها ومهنيتها لا تنحاز للشعوب الثائرة "مجانا" لأن المصالح الطبقية للجنرالات تتعارض مع مصالح الكتلة الجماهيرية الثائرة من الطبقات الفقيرة والمسحوقة والجيوش تظل أسيرة مصالح طبقة "البراجوزية الصغيرة" التي ينتمي إليها قادتها وهي حين تعلن انحيازه للجماهير تضمر في كثير من الأحيان حقيقة انحيازها لتلك المصالح الطبقية التي غالبا ما تكون في تلك اللحظة الثورية الحاسمة قد تناقضت ومصالح السلطة المنقلب عليها.
وفي واقع منطقتنا البائس الذي سمح للجيوش أن تلج سوح السياسة حتى غدت"رمانة الميزان" ومن أهم أطراف المعادلة السياسية يظل خطر تدخلها واختطافها لجهد الجماهير الثائرة قائما ومحدقا بكل حراك ثوري وهي خطيئة سمحت بها النخب السياسية وعليها أن تتحمل وزرها وعلى شعوب المنطقة أيضا أن تتحمل تبعات هذا الوزر كون أن وعيها لم يعينها في اللحظات التاريخية الفارقة من "قول لا" لتدخل الجيش في شؤون الحكم والسياسة.
وهنا تبدو المفارقة عبثية معقدة ومرهقة يحتاج فهمها للوعي كما يحتاج الخروج من متاهة حبائلها للصبر والتأني في إيجاد منطق هادي لإقناع الجنرالات للخروج بهدوء وسلام من الحياة السياسية وقوانين تجعل من هذا الخروج خروجا نهائيا بلا عودة ولن يتم هذا بين ليلة وضحاها وهو ليس بالأمر الهين بعدما تذوق العسكر "الثمرة المحرمة" وحسم هذه المعضلة يحتاج لرجال خلص ذو توجهات وطنية خالصة بعيد عن هؤلاء وأولئك الذين يمارسون السياسة اليوم بترف الظهور غير مخلصين المسعى لجوهر الأمر.
ويبقى الحلم حاضرا دون أن يستقرنا ونضل الطريق باليوم الذي تستطيع فيه الجماهير الثائرة أن تستكمل حراكها الثوري وتصل إلى أهدافها بعيدا عن تدخلات الجيوش التي عادة ما تكون خصما على رصيد هذه الثورة أو تلك والى أن يأتي هذا اليوم على السياسي الحصيف أن يتعامل مع الواقع كما هو ويحاول في نفس الوقت إيجاد معادلة تساعد على خلق واقع جديد أكثر إنسانية وعدلا دون حرق للمراحل أو القفز فوقها وهذا يتطلب جهدا وعرقا غزيرا مصاحب للحلم فالتاريخ لا تصنعه الأمنيات ولا الأحلام فقط.
** الديمقراطية قادمة وراشدة لا محال ولو كره المنافقون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.