عدنان زاهر مشهد الموقف السياسى فى سودان اليوم " سريالى "،هنالك سلطة عاجزة فقدت القدرة على ادارة الدولة تماما،فساد و سرقة و نهب لموارد الدولة لم يشاهده عصر سياسى من قبل،فقر يخنق المواطنين و هجرة أشبه بالهروب الجماعى ( أبرزت دراسة أعدتها وزارة العمل و التنمية البشرية مغادرة 94 ألف شخص السودان عام 2012 ليلتحقوا بوظائف فى دولة أخرى مقارنة بعشرة آلاف عام 2008،و أن أكثر من 66 ألف سودانى غادروا البلاد عبر عقود خلال السته أشهر الماضية ) " حريات "….ألخ من الجانب الآخر رئيس وزراء الديمقراطية الثالثة الصادق المهدى لا زال يناور و يمارس هواياته القديمة فى محاولات مستمرة للسيطرة على مسار الثورة السودانية أو تعطيلها،الترابى يواصل تحليلاته الثعلبية الضبابية و مولانا "لابت " تحت عباءة المؤتمر الوطنى! فى اطار ذلك المشهد الدرامى الذى يبعث على السخرية و الغضب، نقرأ خبرا ورد فى صحيفة حريات منقولا من صحيفة " الحرة " بتاريخ 10-7-2013، ان على محمد عبدالحميد المشهور ب "كوشيب " و هو أحد قادة مليشيات " الجنجويد " فى دارفور و أحد المطلوبين من المحكمة الجنائية الدولية لارتكاب جرائم حرب و جرائم ضد الانسانية قد صرح بعد محاولة اغتيال نجا منها فى مدينة نيالا الاسبوع الماضى، (انه سيرد الصاع صاعين على محاولة اغتياله و " بدل اثنين،اثنين مليون " )! و هو بذلك يشير بانه سيقوم بمقتل اثنين مليون انتقاما لمقتل حرسه! كشيب يضيف قائلا حول طلبه بواسطة المحكمة الجنائية الدولية ( انها كلام شماسة )! اعتاد المرء بعد تجارب كثيرة، وهو يقرأ الصحف التى تتناول اخبار أهل السلطة، تصريحاتهم المهاترة،التحليلات " الهايفة " و الخطاب " الملولو " المخادع، على ضبط النفس و الاعصاب و على ان بعض منها لا يستحق عناء أو جهد التعليق أو الرد عليه.نورد مثال لتلك التصريحات " العجيبه " هو حديث معتمد الخرطوم المتذاكى قبل عدة ايام، بأن مشروع انارة العاصمة الذى ينوى تنفيذه سوف يقضى على الجريمة لأن حسب رأي الفيلسوف الاجتماعى ( ان الجريمة لا تكون فى النور ) !! " صحيفة آخر لحظة "….هسع بالله ده كلام شنو؟! كلام كوشيب لصحيفة الحرة شئُ آخر،وهو فى اعتقادى يستحق الرد عليه لأنه فى كلياته يمثل نموذج لأهل الأنقاذ و المتعاملين معهم.يمثل السلطة ذات الرأى الواحد المطلق الذى لا يعترف بالآخر و تنتهج العنف و القوة لتصفية المعارضين لها. يستحق الرد عليه لأنه صدر من شخص مطلوب بواسطة العدالة الدولية و لانه قيل و الحادبين على تأسيس عدالة دولية يحتفلون باليوم العالمى للعدالة و بتأسيس المحكمة الجنائية الدولية فى 17-7-1998 . التاريخ القريب جدا، يقول ان هتلر بعد جرحه فى الحرب العالمية الأولى الذى كان يحمل فيها رتبة جاويش ( لاحظ ليس عميدا )، قفز متعديا المراحل على سنابك الحزب النازى ليصبح اسوأ ديكتاتور شاهده العالم، تقف من خلفه الرأسمالية الالمانية ليشعل حربا يموت فيها أكثر من 30 مليون نسمة ( الاتحاد السوفيتى السابق نصيبه عشرين مليون نسمة )ّ! يقتل فى معسكرات الهلوكوست الآلاف و قبل موته منتحرا يقول ان الأمة الالمانية تقاسعت عن تحقيق احلامه و طموحاته ( أذا كان الشعب الالمانى عاجزا عن كسب الحرب فليذهب الى الجحيم، و على أى حال فأفضل و أكفأ الناس أصبحو فى عداد الموتى. و لو انه تعرض للهزيمة فسيقاتل من منزل الى منزل بحيث لا يبقى شيئا.و يجب على الشعب ان يموت ميتة بطولية و هذه ضرورة تاريخية ) مذكرات روميل الجزء السادس. السيرة الذاتية لكوشيب تقول ( انه من مواليد رهيد البردى و عمل فى القوات المسلحة أثناء فترة العمليات فى جنوب السودان و فى شتى بقاع السودان.أحيل الى المعاش برتبة مساعد ( صول بالقديم )! و تم التحاقه بالمليشات الشعبية التابعة للسلطة أى " الجنجويد " فى دارفور ). الحرب الدائرة فى دارفور حتى الآن و المشتعلة منذ عشر سنوات راح ضحيتها زهاء الاربعمائة الف نسمة ( رئيس الجمهورية البشير ينكر الرقم الأول و يقول من راحو ضحية هم عشرة ألف فقط )!!! أكثر من اثنين مليون شخص يعيشون فى معسكرات الاغاثة الدولية و آخرين تائهين فى الدول المجاورة و قد مزقت الحرب النسيج الاجتماعى.أهم ما – يميز – هذه الحرب من الحروب السابقة التى جرت فى السودان هو استخدام سلاح الاغتصاب و على نطاق واسع بغرض تغير العرق و الاذلال ، تلك جريمة يعاقب عليها القانون الدولى و هنالك سابقة صدرت من محكمة ضحايا الحرب فى روندا فى هذا الصدد.واحد من المشاركين فى تلك الفظاعات و أحد قوادها الأشاوس هو " الصول " كوشيب!! بالطبع نحن نقف ضد عمليات الاغتيال و التصفيات الفردية - بالرغم من أن من ابتدع هذه الأساليب فى العمل السياسى السودانى هى سلطة الانقاذ – لكن كلام كوشيب المنقول على لسانه فى صحيفة الحرة هو حديث غير مسئول،مستفز و غارق فى السذاجة ، السطحية و الجهل بالاضافة الى انه يعكس ضحالة عقلية أهل السلطة و المتحالفين معها.نقول ذلك القول لعدة اسباب أ- يفترض من المساعد كوشيب قبل الادلاء بمثل هذه الأقوال أنتظار نتائج ما تسفر عنه التحقيقات، الا اذا كان كوشيب لا يثق فى الأجهزة العدلية التى يعمل تحت نظامها! ب- ان حديثه يعبر عن نفس غير سوية و رغبة فى الانتقام ، التشفى و اراقة الدماء وهى أقوال سوف تأخذ عليه لاحقا اذا قام بأى عمل يشكل فعلا جنائيا. ج- حديثه العلنى عن رغبته فى قتل " مليونين " و هو مطلوب من قبل العدالة الدولية، يعكس مدى الغطرسة و العنجهية التى وصل اليها أفراد هذا النظام كما يعكس من جانب آخر الأستهانة و الاحتقار لمفهوم العدالة و الاجهزة المناط بها تنفيذها. أخيرا، نقول لكوشيب و اشباهه لقد مضى العهد الذى يفلت فيه مرتكبى الجرائم ضد شعوبهم من العقاب، الأمم أصبحت تطارد مرتكبى الجرائم فى حقها لمدة عشرات العقود ومن ثم القبض عليهم و معاقبتهم حتى لا تتكرر المآسى من جديد.هذا النظام مهما تشبث بالسلطة فهو الى زوال.