كان يوم الاحد 14/7/2013الخامس من شهر المرحمة وفى خامس ايام الرحمة ..وفى الساعة الخامسة منه ..اسلمت الحاجة / فاطمة ادريس مسند الروح ..ومضت الى رحاب ربها مخلفة وراؤها سبعة ابناء ..ارضعتهم القناعة وغذتهم باليقين وفطمتهم على حب الوطن .. والذاكرة حبلى بعديد الصور وعميق العبر، وحياة قصيرة عاشتها بين الناس كما النسمة .. ففي ارقو المدينة المتمددة على خاصرة النيل ..فى هدوء لافت ..اقام شعبها حضارة فرعونية منذ سبعة الاف عام ، هى تشكيلتها منذ الست بربكم..وهذا الارث التاريخى يقف اليوم شاهدا على ان انسان هذه المنطقة هو ملح الارض .. وسادة كوكبنا فى ماضي تاريخ الامة وكذا الآتى ..كانت تحب الناس تعشق إكرام ضيوفها وان رق الحال ..كخصيصة عربية تحملها جيناتها ..لاتجامل فى قناعاتها وترسل اراؤها بجراة تجعل الاخر يقشعر ..وهذا مزاج نوبي قويم ..تصلى الخمس وتقوم الليل وتنادى السيد الحسن الادريسى ..وكرما منها ونحن معها فى رحلة المعالجة نكتشف ان ماكنا نكتبه عن مشاكل القطاع الصحى هو صورة مشوهة تشويها حقيقيا لما عليه واقع الحال ..واننا خونة لهذا الشعب وقضية صحته ..فلقد شاهدنا الالف مريض بتأوهاتهم وتقيحاتهم تحكي حكاية الالام والعوز والفاقة ..يلتمسون العلاج لدى ثلاثة من الاطباء حديثي التخرج ..تبدو عليهم الرغبة فى فعل شئ وتغتال حكومتهم كل الرغبات وهى تمارس تجفيف المستشفيات ..وتوقف المعينات وطبيعى ان يقرع باب غرفتك اهل مريض بحثا عن حقنة او تكملة روشتة دواء..فلم يبقى داخل المحفظة جنيه الحقنة ..والخيارت المتاحة امامهم : اما مذلة السؤال او الموت بإذلال..والمريض يئن ..والطبيب يئن..والامكانات تئن..والناس يموتون وسط الانين حتى اصبح السؤال عن كيف حالك داخل المستشفى ، كقفشات المحششين .. مدعاة للضحك الغبي .. فيكفى ان تجده حياً يئن..فهذه تستوجب الحمد.. وانه لقمة اللطف من صاحب الالطاف ليقول لحكام بلادنا :انهم عيالي واحبهم الى الله انفعهم لعياله..وحكومتنا قد حددت موقفها من عيال الله وممايرضي الله..والحديث يترى عن مجانية العلاج التى وئدت بليل ..لتتنصل الحكومة عن اهم مسئولياتها تجاه شعبها .. صحته .. فبينما جحافل الاطباء تشكو الفاقة والعطالة ، تعانى المستشفيات قلة الاطباء والاطباء صغارهم يريدون اكمال مطلوبات ماتحتاجه المنافي ..وكبارهم ينظرون لتفاصيل عقد يتيح لهم الانتقال الى رحاب الذين يموتون من التخمة..واول تهجير جماعى قسري لطبيباتنا واطباؤنا تمارسه حكومة مع شعبها ..وهى تقدم خبراتنا وعلماؤنا واطباؤنا لقمة سهلة الهضم للدول التى تشتري والحكومة كما تاجر نخاسة فى الزمن السودانى الثانى..فمايجري فى القطاع الصحى اسميناه مؤامرة وتنضاف اليه انه فضيحة..الذين آزرونى فى فقد والدتى اشعرونى واسرتى انها والدتهم ..وعلى امتداد العالم الرحيب اذ تصل التعازي من اشخاص لاتجمعنى واياهم سوى هذه الزاوية ليؤكدوا لنا بان الام هى قيمة يتشاركها الجميع وهذه القيمة ضرورية لتشحذ الحياة بقيم المحبة والخير والسلام .. لكم احبابي زملائى واصدقائى وصديقاتى : لقد خففتم المصاب الخاص وانى لداعيكم لمواجهة المصاب العام.. وانكم بحق قد مسحتم دمعة منى ..واننا لننتظر اليوم الذى نمسح فيه جميعا احزان وطن ودموع امة ..انهكها خطل الساسة ..وخيبة آل المطامع ..لااراكم الله مكروها فى عزيز لديكم..وسلام يا.. سلام يا.. عندما زرت كوستى هذا الاسبوع وساقتنى الذاكرة الى كوستى مراتع الصبا ..والى النقص المريع فى كل شئ ..والدمار الذى طال المدينة..صرخت ان هذه الحكومة تستحق ان تجلد 80جلدة يوميا ولا تقبل لها شهادة ابدا ..وسلام يا… جريدة الجريدة الاثنين 22/7/2013 [email protected]