الوضع الكارثي في مدينة الضعين، عاصمة ولاية شرق دارفور، هو مظهر من مظاهر أزمة أعمق من ذلك بكثير في دارفور اليوم، وهو إنعكاس لسياسة فرق تسد التي إتبعتها حكومة حزب المؤتمر الوطني. إذ كانت حكومة المؤتمر الوطني في وقت سابق تستخدم بعض الأفراد من القبائل العربية ضد إخوانهم وأخواتهم من القبائل غير العربية، والتي أسفرت عن الإبادة الجماعية المستمرة في دارفور ضد القبائل غير العربية. و مع مرور الوقت، فإن غالبية كبيرة من القبائل العربية في دارفور نأت بنفسها عن مخططات حكومة المؤتمر الوطني، حيث رأت بوضوح أن مصالحها تكمن في المصلحة المشتركة للتعايش وبناء مستقبل مشترك لجميع مواطني دارفور والسودان. وإنخرطت تلك القبائل في الحوار والمناقشات بينهم وبين جيرانهم من المجتمعات الأهلية والأحزاب السياسية حتى وصلت إلى نقطة تمرد ضد حكومة حزب المؤتمر الوطني. والمؤتمر الوطني وضع خطة جديدة لتقسيم القبائل العربية و لوضعها في رقاب بعضها البعض. و الآن، يفقد المئات من الناس حياتهم بفعل الصراع الإثني الداخلي بفضل خطة حزب المؤتمر الوطني الجديدة الرامية إلى تقسيم تلك القبائل. والكارثة الأخيرة ما زالت مستمرة في مدينة الضعين وضواحيها بين الرزيقات والمعاليا، وفي وقت سابق بين الرزيقات والمسيرية، وبين بني حسين والقبائل الأخرى في دارفور. تعمد المؤتمر الوطني إنشاء ولايات جديدة في دارفور على أساس عرقي مستهدفاً القبائل العربية وغير العربية، وتلقى المؤتمر الوطني إشارة واضحة مفادها أن القبائل العربية لم تعد مهتمة بحيله وألاعيبه وأنهم يبحثون عن طريقة جديدة للتعايش والمستقبل المشترك في دارفور بعيدا عن سياسة فرق تسد التي إنتهجها المؤتمر الوطني في دارفور. لذا، قرر المؤتمر الوطني تقسيم القبائل العربية أيضاً، واللعب بها ضد بعضها البعض. هذا الوضع الخطير يهدد كذلك النسيج الاجتماعي لدارفور والسودان. وعند قيام المؤتمر الوطني بذلك، فهو لا يهدد حاضر السودان الحالي ولكن يهدد مستقبله ايضا، وبل يهدد رأس المال الذي يمتلكه السودان عبر مئات السنين- النسيج الاجتماعي الذي يقوم على أساس الاعتراف المتبادل، والعيش المشترك والتسامح. هذه الخطة الجديدة من المؤتمر الوطني هي وصفة لإبادة جماعية جديدة في الوقت الذي لم تنته الإبادة الجماعية الجارية في دارفور. يجب أن تدان تلك الخطة، وهي تتطلب استجابة جماعية من الشعب السوداني وبنات وأبناء دارفور بصفة خاصة للرد على خطط المؤتمر الوطني المريضة. و يجب علينا إنتهاز هذه الفرصة لتشكيل تحالف بين غير العرب والعرب من دارفور لتحرير دارفور والسودان من نير الهيمنة ونظام الإبادة الجماعية لحزب المؤتمر الوطني. كما يتطلب هذا الوضع وجود استجابة واضحة من المجتمع الدولي والحكومات التي تشارك في عملية السلام في السودان، والاتحاد الأفريقي، وجامعة الدول العربية، والامم المتحدة وقوات (يوناميد) لفضح والضغط على المؤتمر الوطني لوقف السياسات الحالية، والتي تؤدي بوضوح إلى موجة جديدة من الإبادة الجماعية بين القبائل العربية، بل هي فرصة لتعلم الدروس الصحيحة من تجارب الماضي وبناء مستقبل جديد مشرق ومشترك. ياسر عرمان الأمين العام للحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال 13 أغسطس 2013.