كمال كرار الزمان صباح الثلاثاء 11 مارس 2014 ، الساعة السادسة والنصف صباحاً والمكان شارع الجامعة من النفق وحتي داخلية ترهاقا . المشهد : عربات البوليس المدرعة ، والجنود بخوذات العمليات والأسلحة والهراوات. الهدف العسكري : مخاطبة طلابية عن قضايا الوضع الراهن بدارفور والسودان. داخل الجامعة طلاب عزل ، ليس لهم إلا سلاح الكلمة للتعبير عن رأيهم فيما يدور في بلادنا. وداخل الجامعة إدارة تأبي عودة إتحاد الطلاب بكل الحجج الممكنة. وداخل الجامعة مجلس عمداء علي رأسه الطير ، يعرف كيف يصيغ بيانات إغلاق الجامعة. وداخل الجامعة ساحات وقاعات شهدت مولد ثورات شعبية علي مر تاريخ السودان الحديث . الزمان بعد ظهر نفس اليوم والمشهد إطلاق الرصاص والبمبان لتفريق المخاطبة الطلابية ، وتعقب الطلاب وضربهم بما يعرف باستخدام القوة . ولأن الرصاص لم يطلق في الهواء ، بل بهدف القتل ، فقد استشهد علي وأصيب العشرات بجراح خطيرة ، وسد العسكر المنافذ علي الإسعاف للمزيد من الخسائر في الأرواح . وكالعادة نفي بيان رسمي أي مسؤولية عن إطلاق الرصاص وقتل الطالب . وكالعادة دون مجلس العمداء بلاغاً ضد مجهول وأغلق الجامعة إلي أجل غير مسمي . وهكذا أضيف شهيد جديد لقائمة الشهداء الطويلة في مسيرة النضال ضد السلطة الفاشية . وهكذا تروي شجرة الحرية بالدماء الزكية ، وتحلق فوق بلادنا أبيات أبو القاسم الشابي ( وللحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة يدق ) وهكذا يقدم طلاب بلادي الدرس الشافي للإنقاذ ، فهم فئة إجتماعية عصية علي التركيع. وهكذا يقدم طلاب بلادي الدرس الشافي لمن يريدون أن يحاوروا النظام باسم المبادرات والتسويات. بين الشعب والنظام دماء قانية ، لا تمحوها مقولة عفا الله عما سلف ، ولا بضعة كراسي وزارية وحسابات بنكية . وبين الشعب والنظام ما صنع الحداد ، ولا يغير الثعبان جلده إلا للبحث عن فريسة جديدة. ليس لدي النظم الشمولية غير القوة المسلحة للبقاء في السلطة ضد رغبة الغالبية ، لكنها في لحظات الحسم تنحاز للناس أو تهرب من الميدان . وليس لدي الشعوب الثائرة غير إيمانها بقضيتها ومواصلة المقاومة وبذل التضحيات وشعارها إما العيش بكرامة أو الموت مرفوعي الهامة . إليك يا علي في عليائك تحياتي ولأسرتك المكلومة مواساتي . . ولكل شهداء الحركة الطلابية بلا استثناء. كسرنا حواجز أزلنا موانع صفنا واحد وعامل وطالب وزارع وصانع .. الزمان صباح الأربعاء 12 مارس ، الجماهير تشيع شهيدها والهتافات تملأ الفضاء ، شباباً ورجالاً ونساء ، والعسكر أمام بوابات الجامعة دونما حياء.