والي ولاية الخرطوم يقف على إنجاز الطوف المشترك لضبطه متعاونين مع المليشيا ومعتادي إجرام    "منطقة حرة ورخصة ذهبية" في رأس الحكمة.. في صالح الإمارات أم مصر؟    بايدن يعين"ليز جراندي" مبعوثة للشؤون الإنسانية في الشرق الأوسط    شركة توزيع الكهرباء في السودان تصدر بيانا    مصادر: البرهان قد يزور مصر قريباً    تصريحات جديدة لمسؤول سوداني بشأن النفط    برشلونة: تشافي سيواصل تدريب الفريق بعد تراجعه عن قرار الرحيل    إيفرتون يصعق ليفربول بثنائية    إقصاء الزعيم!    لطرد التابعة والعين.. جزائريون يُعلقون تمائم التفيفرة والحلتيت    حدثت في فيلم كوميدي عام 2004، بايدن كتبوا له "وقفة" ليصمت فقرأها ضمن خطابه – فيديو    تشكيل وزاري جديد في السودان ومشاورات لاختيار رئيس وزراء مدني    الحلم الذي لم يكتمل مع الزعيم؟!    الجيش يقصف مواقع الدعم في جبرة واللاجئين تدعو إلى وضع حد فوري لأعمال العنف العبثية    أحلام تدعو بالشفاء العاجل لخادم الحرمين الشريفين    السيسي: قصة كفاح المصريين من أجل سيناء ملحمة بطولة وفداء وتضحية    دخول الجنّة: بالعمل أم برحمة الله؟    السودان..رصد 3″ طائرات درون" في مروي    دبابيس ودالشريف    البيت الأبيض: يجب على الصين السماح ببيع تطبيق تيك توك    في أول تقسيمة رئيسية للمريخ..الأصفر يكسب الأحمر برعاية وتألق لافت لنجوم الشباب    كواسي إبياه سيعيد لكرتنا السودانيةهيبتها المفقودة،،    فيديو.. مشاهد ملتقطة "بطائرة درون" توضح آثار الدمار والخراب بمنطقة أم درمان القديمة    وزير الخارجية المكلف يتسلم اوراق اعتماد سفير اوكرانيا لدى السودان    خادم الحرمين الشريفين يدخل المستشفى    عملية عسكرية ومقتل 30 عنصرًا من"الشباب" في"غلمدغ"    جريمة مروّعة تهزّ السودانيين والمصريين    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب سوداني يترك عمله في عمان ويعود للسودان ليقاتل مع الجيش في معركة الكرامة.. وثق رحلته من مسقط حتى عطبرة ليصل أم درمان ويحمل السلاح ويطمئن المواطنين    شاهد بالصورة والفيديو.. "دعامي" يظهر في أحضان حسناء عربية ويطالبها بالدعاء بأن ينصر الله "الجاهزية" على "الجيش" وساخرون: (دي بتكمل قروشك يا مسكين)    شاهد بالصورة والفيديو.. إعلامية مصرية حسناء تشارك في حفل سوداني بالقاهرة وتردد مع الفنانة إيلاف عبد العزيز أغنيتها الترند "مقادير" بصوت عذب وجميل    إثر انقلاب مركب مهاجرين قبالة جيبوتي .. 21 قتيلاً و23 مفقوداً    تطعيم مليون رأس من الماشية بالنيل الأبيض    العين إلى نهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال السعودي    عن ظاهرة الترامبية    مدير شرطة ولاية نهرالنيل يشيد بمجهودات العاملين بالهيئة السودانية للمواصفات والمقاييس    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خيارات الإخوان في الشارع بين ضيق الأفق وفشل الخصم
نشر في حريات يوم 05 - 08 - 2014


منير أديب
جماعة الإخوان المسلمين ليس لديها إستراتيجية واضحة للخروج من الأزمة السياسية؛ ولكنها فقط تعتمد على عدد من التكهنات التي ترتبط بخصمها السياسي، وربما يعود ذلك لعدة أسباب يأتي في مقدمتها، إما هروب قياداتها للخارج بقطر وتركيا ولندن وغيرها من البلدان والعواصم العربية والأوروبية، وهو ما أضعف من فاعلية التنظيم الذي امتد عمره لأكثر من خمسة وثمانين عاماً منذ نشأته في نهاية العشرينات من القرن الماضي، وإما لسجن أغلب هذه القيادات المتهمة في قضايا أو التي مازال ينظر لموقفها القانوني على خلفية قضايا وجهتها إليها النيابة العامة، وبالتالي أصيب التنظيم بحالة من الترهل عندما أصبحت القيادة في يد أبناء الجيل الثالث من الجماعة الذين يمرون بالعقد الثالث من العمر، وهؤلاء، يفتقدون خبرة الماضي في تعامل الجماعة مع الأنظمة المتعاقبة منذ النشأة الأولى، كما لم يكن لهم دور حقيقي في قيادة التنظيم قبل الأحداث، وإنما كانوا الهامش من إدارة التنظيم لصالح القبضة الحديدية للتنظيم التي يعود إليه كل القرارات والتكليفات التنظيمية، وهم المسيطرين فعلياً على مقاليد الجماعة منذ تولى المرشد الخامس للإخوان مصطفى مشهور مقاليد الأمور للجماعة، والذي أعاد الصقور لقيادة التنظيم وهو كان أحد أعضاء التنظيم الخاص بعد أن تولى عمر التلمساني مرشد ثالثاً للجماعة وكان يمثل مدرسة مختلفة، حتى أصبح للحرس القديم دوراً في قيادة الجماعة في كافة مراحلها المختلفة حتى هذه اللحظة.
وهذا ما عبر عنه د. إبراهيم الزعفراني، عضو مجلس شورى جماعة الإخوان المستقيل[1]، من أن الجماعة يوجد بها تيارين رئيسيين التيار المحافظ والتيار الإصلاحي، ولكن لا توجد شفافية داخل التنظيم تسمح بعمل الإصلاحيين مما جعل التيار المحافظ يسيطر على مقاليد الأمور[2]
تاهت تصورات الإخوان للوضع السياسي أمام إصرارهم على الصدام بعدما أخذوا تصويتاً بالإجماع داخل مؤسسات الجماعة ممثلة في مجلس الشورى العام ومكتب الإرشاد على الصدام مع السلطة السياسية القائمة بهدف تحقيق مطالبها، وبالتالي أصبحت عودتهم عن هذا الصدام صعبة بل ومستحيلة، خاصة وأنهم تورطوا في تحريض أغلب أعضائهم على مدار 44 يوماً بضرورة مواجهة ما أسموه انقلاب على سلطة الرئيس محمد مرسي، وبالتالي استمروا في تصعيدهم، بل جعلوا هذا الصدام في تصعيد متزايد رغم التكلفة التي دفعوها من دماء أبنائهم ومن حرية قياداتهم، والتي قد تصل لغلق كل مؤسسات الجماعة السياسية مثل حزب الحرية والعدالة التابع لهم، بعد غلق مكتب الإرشاد بالمقطم والسيطرة على المؤسسات الاقتصادية للتنظيم.
مشكلة التنظيم أنه لا يسير عبر مؤسسات تعتمد مبدأ الشورى وإن كان ذلك موجوداً ولكن على الأقل هناك متحكمون داخل مكتب الإرشاد لا يستمعون لوجهة النظر الأخرى، ويأخذ المرشد العام ونائبه محمود عزت قرارات تخالف ما تم الاتفاق عليه في مجلس شورى الجماعة[3]؛ وكان ذلك ظاهراً في بيان الجماعة الذي فوجئ الجميع بخروجه يتبرأ جمعة أمين ومحمود عزت، من مظاهرات المحلة الكبرى في 2008، ولم يكن محل اتفاق وإنما كان مخالفاً لاتفاق مجلس شورى الجماعة الذي وضع الخطوط العامة للجماعة والتي انحرف عنها مكتب الإرشاد؛ الغريب ليس في خروج بعض قيادات مكتب الإرشاد عن الخطوط المرسومة وإنما في عدم اعتراض باقي قيادات المكتب على هذه المخالفة اللائحية.
جزء من عدم تصورات للإخوان إزاء التعامل مع المستقبل الذي بدا مجهولاً بعد انتهاء عاماً كاملاً على عزل الرئيس محمد مرسي من السلطة في منتصف عام 2013، أن القيادة الحقيقية مازالت في يد أفراد قليلين من التنظيم، هم الذين مازالوا يقودون الدفة حتى وهم داخل السجون، رغم مخالفة ذلك شرعاً، من منطلقات عدم جواز قيادة الأسير، نظراً للعبء النفسي والشعوري الذي يدفعه إلى اتخاذ مواقف وقرارات ليست في الصالح، العام وهو ما حدث مع جماعة الإخوان المسلمين في أزمتها الأخيرة.
وفي مقدمة هؤلاء الذين يقودون داخل السجون نائب المرشد العام للإخوان، م. خيرت الشاطر؛ فرغم أن د. محمد علي بشر، عضو مكتب الإرشاد ووزير التنمية المحلية الأسبق، هو من يدير تصعيد الإخوان في الشارع، ويدخل بين الوقت والاخر في حوارات هامشية مع السلطة، إلا أن يده مازالت مغلولة ولا يستطيع أن يأخذ قراراً واحداً يخص التنظيم الذي ترك واحداً وحيداً في قيادته، وسبق وطلب من خيرت الشاطر من خلال رسالة شفوية نقلتها عزه توفيق، زوجة الشاطر أثناء زيارته داخل السجن تفويضه في اتخاذ ما يرى أنه صحيحاً من قرارات تخص ملف المصالحة مع الدولة والاندماج في الحياة السياسية، إلا أن الرد كان واضحاً أن أي تفاوض لا يكون إلا من خلال مرشد الجماعة ونائبة وقيادات مكتب الإرشاد بعد أن يخرجوا من السجن[4].
«خيرت» برسالته أغلق أي أمل للجماعة في صناعة واقعها السياسي، وبالتالي تحولت الجماعة لمجرد رد فعل فقط دون أن تشارك في صناعة المستقبل، وأصبحت مجرد مستقبله لتحركات السلطة تجاهها بناءً على تصور الرئيس عبد الفتاح السيسي، والذي أعلنه أثناء ترشحه للرئاسة، بضرورة اختفاء الإخوان من الحياة السياسية على الأقل في فترة حكمة القادمة[5]، وأصبح «بشر» حبيس تصعيد قيادات الجماعة داخل السجون دون وجود سقف للحوار أو المصالحة أو حتى المراوغة إزاء خصمين أحدهما وضع شروطاً تعجيزية للمصالحة، مثل عودة الرئيس المعزول للسلطة مرة ثانية، كبداية لإنهاء الخلاف السياسي والآخر، رفض وجود الجماعة التنظيمي، واشتراط أن يكون التفاوض فقط على عمل التنظيم سياسياً من خلال حزب الحرية والعدالة فقط، بعد أن تعلن الجماعة حل مؤسساتها التنظيمية، وهو ما رفضته الجماعة بطبيعة الحال، وبقى كل فريق على وجهة نظره دون أن يكون هناك تحريك في الموقف من قبل الإخوان، بل عندما كانت تدخل الجماعة في جولة تفاوضية جديدة تجد نفسها خسرت ما كان قد عرض عليها، فتضطر لرفض الشروط التفاوضية وكان ذلك واضحاً قبل وفض اعتصام رابعة العدوية.
الإخوان يظنون أن معركتهم مع السلطة مقدسة وأنهم سوف ينتصرون في نهايتها، فهم يتخيلون أنهم يدافعون عن عدد من القيم، وهذه القيم سوف تنتصر في نهاية المطاف حتى ولو كان بعد حين، وأن سيطرة «الباطل» وانتفاشه في الوقت الحاضر لا يعبر عن انتهاء المعركة؛ ولذلك فهم يبحثون عن وقود للمعركة حتى يصلون لنهاية المعركة التي يعتقدون أنها سوف تكون لصالحهم، فتارة يكون هذا الوقود دماء أبنائهم وأنصارهم في مشاهد تبدو مأساويه يظنون معها أنها قد تؤثر على الرأي العام المصري، فيفاجئون بالعكس وانتقادات قطاعات واسعة من الناس للجماعة بأنها صنعت محرقة لأعضائها، وحملوها مسؤولية الدماء التي سالت على الأرض، ويحملونها مسؤولية ما قد يحدث لبقية التنظيم إذا استمر موقفها على ما هو عليه.
خيارات الإخوان السياسية
الإخوان يستخدمون في معركتهم الشعور بالمظلوميه وتصدير فكرة الاضطهاد التي كانوا يحصدون من خلالها على تعاطف الشعب المصري بخاصة أيام المحن التي مروا بها خلال المراحل التاريخية المتعاقبة، وكان يظهر ذلك بشكل جلي أثناء الانتخابات البرلمانية؛ فكلما تعرض الإخوان للسجن والاعتقال كلما كان لذلك تأثير كبير على نجاح مرشحهم بعد تعاطف أهالي الدائرة الإنتخابيه معه.
اعتاد الإخوان الظهور في صورة الضحية أمام الرأي العام العالمي والمصري، وهذا ربما يفسر أسباب إصرار الجماعة التظاهر في مناسبات تاريخية وميادين رئيسية، وظروف يدركون معها أنهم سوف يصطدمون مع السلطة وربما يكلفهم ذلك حياة أتباعهم، فنجدهم مثلاً يصرون على التظاهر بميدان رمسيس[6] ومحاولة الاعتصام فيه، بعدما تم فض اعتصامهما بميداني رابعة العدويه والنهضة، فرغم أنهم خرجوا تواً من اعتصام راح ضحيته حسب تقديرات وزارة الصحة 578 قتيلاً بينما ذكرت الجماعة أن القتلى وصلوا لحوالي 2200 قتيلاً، إلا أنهم أصروا خوض معارك أخرى كلفتهم مزيداً من الدماء، وهم يدركون أنهم في الموقف الأضعف، وهو ما أثار سخط بعض القيادات التي رأت أن تصعيد الإخوان غير مبرر من ناحية وغير مدروس من ناحية أخرى.
فشل الإخوان في محاولة استدرار عطف الناس رغم ما حدث لهم في كل الاعتصامات السابقة واللاحقة والتظاهرات التي تخللتها، وتسويقهم لمشاهد قتل السناء والأطفال حتى بقت هذه المشاهد خالدة في أذهان أعضائهم فقط، بينما اعتبرها الرأي العام في مصر وغيره دليلاً عن غياب تصور حقيقي للجماعة في إدارة المعركة السياسية، وهو ما أدى إلى انصراف قطاع كبير من أعضاء الجماعة عن تنفيذ التكليفات التنظيمية بخصوص الخروج في فعاليات التنظيم فيما بعد، فبدت الأعداد التي تخرج للتظاهر هزيلة مقارنة بالأعداد التي كانت تخرج بعد عزل محمد مرسي من السلطة مباشرة.
لعبت الجماعة في إدارة معركتها السياسي، على وتر فشل خصمها السياسي في إدارة هذه المعركة، وفشله كذلك في إدارة شؤون الدولة؛ فعاشوا على أمل أن يحقق هذا الفشل نتيحه حقيقية بعودتهم للحياة السياسية أو يعودوا للسلطة مرة ثانية خلفاً للنظام الحالي، على اعتبار اعتقادهم أن السلطة قد خُطفت منهم، وسقوط هذا النظام يجعل محمد مرسي يتولاها مرة ثانية وسط تنصيب شعبي كبير في اليوم التالي ويعود إلى أخذ قراراته بشأن تولي إدارة شؤون البلاد، وكل رؤاهم التي طرحوها تشترط عودة «مرسي» للسلطة ولو بشكل شرفي أو إجراءه حواراً مع القوى السياسية أو دعوته لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة[7]
ولعل محمد على بشر، يفتقد هذه الرؤية وحاول المشاركة في صناعة المستقبل بناءً على رؤيته الخاصة للمستجدات المتعاقبة، ولكنه فشل أولاً في إقناع الإخوان بإدارة المعركة من خلاله أو الدخول في أي تفاوض مع السلطة وبالتالي أصبح مجرد متلقي للأوامر والتكليفات ويقتصر دوره على مجرد الرد على استفسارات الصحفيين هنا أو هناك حتى أنه أصبح مقلاً فيها دون أن يكون فاعلاً في الحياة السياسية، كما أصبح مقلاً في لقاءاته مع السياسيين سواء من كانوا جزءً من السلطة أو من يتدخلون للوساطة ومحاولة حل الأزمة، حتى بدأ يشعر بأنه لا طائل من ورائه وأنه رهين قرارات غيره، لأنه غير مخول له أخذ قرارات ولا التعامل مع بما يراه صحيحاً مع الأزمة السياسية التي أحكم الإخوان الخناق فيها على أنفسهم.
تركت الجماعة القيادة لشباب الإخوان على أرض الواقع وهم من يمثلون الجيل الثالث وأغلب أعمارهم في العقد الثالث أيضاً من العمر سواء في قيادة التنظيم أو مستوى العمل في الشُعب والأحياء والمكاتب الإدارية والقطاعات، أو على مستوى العمل السياسي فهم من يقودون التظاهرات في الشوارع والميادين؛ والإخوان كانوا مرغمين على ذلك بعد سجن قطاع عريض من هؤلاء المسئولين وهرب بقيتهم للخارج واختفاء المتبقين، وهو ما دفع التنظيم لإجراء انتخابات داخلية صورية لاختيار قيادات شابه جديدة لإدارة العمل السياسي والتنظيمي للجماعة خلال الفترة القادمة بعد هروب عدد كبير من الإخوان للخارج والقبض على جزء أخرى واختفاء البقية الثالثة خشية القبض عليهم.
ولا شك أن تولي القيادات الشابة لشؤون التنظيم أثر بشكل كبير على فاعلية العمل وساعد على إحداث حالة من التخبط لا تحسد الجماعة عليها إذا قارناها بوجودهم على رأس السلطة قبل بشهور، وأوعز بعض السياسيين وصولهم للسلطة بقوة تنظيمهم وتخطيطهم الإداري، وهما كانا سبباً رئيسياً في نجاح التنظيم رغم ما تعرض له خلال الثلاثين عاماً الأخيرة، ولكن على كل الأحوال فشل الإخوان في إدارة معركتهم الداخلية والخارجية ومازالوا أمام رهان أنهم قد ينتصرون في النهاية لأنهم أصحاب قضية عادلة.
يقوم الإخوان بعد تولى الرئيس عبد الفتاح السيسي للسلطة بعد أنفاسه أكثر من مرة في اليوم الواحد؛ فهم يعتقدون أن سقوطه لن يكون إلا من خلال إدارته للحكم، فكما أن معارضيهم نجحوا خلال عاماً من إسقاط الإخوان، فإنهم قد ينجحون في إسقاطه أيضاً خلال عام؛ تصور الجماعة السياسي جاء بسبب ضيق الأفق وعدم إعطاء القيادات الموجودة على الساحة أي مساحة للمناورة أو أخذ القرار، والتي تم تجريدها من المسؤولية، فكما أن السلطة تركتها لاحتمال التفاوض معها يوماً ما، فإن الجماعة تركتها لنفس الاحتمال دون أن تستخدمها الجماعة والسلطة معاً وأصبحت منزوعة القرارات والتأثير في نفس الوقت.
حاولت الجماعة أن تلعب على سياسات داخلية وخارجية توقعت أنها قد تلهب الشارع وتجعله يتعاطف معها وبالتالي يستطيعون أن يلتحموا بهذا الشارع في ساعة الصفر، حتى تخرج الثورة الثالثة التي تعيد لهم وضعيتهم السابقة في الحكم، بدأ ذلك بتحديهم لقانون التظاهر ومحاولة تصدير فكرة أن هذا القانون بإقراره يعيد إنتاج النظام السابق وأنه يتعارض مع فكرة الثورة التي كسرت أي قيود تفرضها السلطة التنفيذية على حرية الرأي والتعبير، وهي ما فشلت فيه، خاصة وأن هناك قطاعات عريضة من الشارع تعتقد أن من حق السلطة مواجهة من يصرون على التظاهر في الشارع محاولين إسقاط الدولة في ظل ظروف سياسية واقتصادية قد تؤدي لكارثة، وبالتالي وجد الإخوان أنفسهم وحيدين في الشارع مع بعض الاشتراكيين واليساريين وبعض النشطاء الذين أعلنوا تمردهم على القانون وغاب المصريون عن المشهد، وفشل الإخوان في أن يتحدوا مع بقية التنظيمات السياسية للأخرى على اعتبار أن كل منهما لديه قناعة بضرورة التظاهر ضد قانون التظاهر[8]
حاولت الجماعة أن تلعب على وتر آخر قبل أن تستغل قرارات رفع الدعم عن السلع الغذائية والمحروقات؛ ظناً منها أن السيسي اغتر ببعض شعبيته وأخذ القرار، فإذا بهم يفاجئون بأن حجم معارضته لا يساوي ما بنوه في اعتقادهم، فخاب رجائهم في إسقاطه، رغم أن قرار رفع الدعم لم يستطيع الرؤساء السابقون أن يأخذوا قراراً بشأنه خشية المواجهة الشعبية وخشية تكرار انتفاضة الخبز في عام 1979والتي أطلق عليها الرئيس محمد أنور السادات آنذاك بانتفاضة الحرامية وكادت أن تودي بحكمة.
رد فعل المصريين على رفع الدعم لم يكن متوقعاً وكان مفاجئاً للجماعة كما أن رد فعلهم في 30 يونيه كان متوقعاً للإخوان الذين ظنوا أنهم مؤيدون من الله والناس لإقامة العدل في الأرض، ولذلك كانت فاجعتهم اكبر من أي تصور في الناس، أولاً الذين كانوا يعولون عليهم كثيراً؛ وتغيرت نبرة الإخوان التي كانت دائماً تستشهد بالناس إلى سبهم عبر عبارات من عينة عبيد البياده وناكري الجميل والجهلاء وغيرها من التعبيرات التي تدل على مدى الفجيعة التي أصابت التنظيم الذي كان يدعي أنه لديه قرون استشعار دفعت إلى وجود علاقة حميمة بينه وبين الشعب المصري.
حاول الإخوان الالتفاف حول الشعب المصري ودغدغة مشاعره، وتدليك الجزء العاطفي بداخله واستنصاره أمام سلطة تارة صورتها أنها تحارب المشروع الإسلامي وتارة وصفتها بأنها ضد الإسلام ذاته وعقد صفقات في ذلك مع الكنسية المصرية للقضاء على هوية الشعب والمجتمع؛ ورغم أن ذات الشعارات التي كانوا يرفعونها كانت تؤتي أُكلها مع الشعب في وقت من الأوقات، إلا أنهم أعطوهم ظهرها كالعادة دون أن يشاركهم في الدعوة التي أطلقوها لإسقاط الدولة بمؤسساتها، وفي مقدمة ذلك المؤسسات الأمنية وفي مقدمة هذه المؤسسات القوات المسلحة والداخلية.
على غير ما تتوقع الجماعة أحرزت السلطة الحالية تقدماً ملحوظاً، وإن لم يكن ملموساً حتى هذه اللحظة، من خلال التدخل لإيجاد حلول لأزمة سد النهضة التي وقف محمد مرسي عاجزاً عن حلها، بل أظهر صورة سيئة للشعب المصري وللنخبة السياسية عندما تم تسريب لقاء للسياسيين مع الرئيس يطرحون من خلالها مبادرات تعبر عن سذاجة قائلها والسلطة التي جمعتهم على طاولة للنقاش العلني دون أن يعرفوا ذلك واكتشفوا في نهاية اللقاء أنه مذاع على الهواء مباشرة.
اضطرت الرئاسة لأن تقدم اعتذارها فيما بعد عن "الحرج غير المقصود" الذي خلفه بث تفاصيل اللقاء الذي حضره قادة أحزاب وممثلون عن القوى السياسية المصرية حول أزمة سد النهضة الذي تعتزم إثيوبيا إنشائه على نهر النيل، وتحريض هذه القيادات على استخدام القوة العسكرية، حيث فوجئوا بان العالم أجمعه يتابعهم أثناء اللقاء[9].
التقدم الملحوظ في سد النهضة جاء في إطار التشاور على إيجاد حلولاً لا تضر بالأمن القومي المصري، فنجحت الدبلوماسية في تقريب وجهات النظر كتمهيد لإبرام اتفاق في المستقبل، كما نجحت مصر في الضغط على القائمين على دعم السد بهدف سحب الاستثمارات المالية التي تقوم على بناء السد، وعلى كل الأحوال نجحت السلطة الحالية في أن تثبت للرأي العام أنها على مستوى التحدي وأنها قادرة على مواجهته بعكس «مرسي» الذي كان يمثل عبئاً على المشكلة وزادها سخونة واشتعالاً.
حاولت الجماعة استغلال الأحداث المتصاعدة في غزه وضربها من قبل القوات الإسرائيلية، وترجمت الموقف المصري سواء من المبادرة التي طرحت بوقف إطلاق النار على خلفية قتل ثلاثة من المستوطنين الإسرائيليين، بأنه موقف ضعيف ويعبر عن تبنى الرؤية الإسرائيلية دون أن يدركوا أن «مرسي» لم يقدم شيئاً للقضية الفلسطينية كما كان يرفع من شعارات وأن مبادرة 2014 التي رفعها «السيسي» لم تختلف كثيراً عن المبادرة التي طرحها عام 2012 عندما كان على رأس السلطة؛ غير أن «الإخوان» أرادوا أن يستغلوا الموقف لصالحهم وظهر ذلك من رفض حركة المقاومة الإسلامية حماس للمبادرة بهدف إحراج الموقف الرسمي المصري وهو ما دفع بعض القيادات الإسرائيلية التي قالت إننا أكثر ما نحتاج إلى مرسي في السلطة الآن، لأنه الوحيد القادر على الضغط على حماس من أجل القبول بمبادرة وقف إطلاق النار.
خيارات جماعة الإخوان المسلمين بدت ضيقة وغاب عنها وجود تصورات حقيقية لإدارة المرحلة القادمة، خاصة بعد مرور أكثر من عام على عزل محمد مرسي من السلطة، غير أنهم يعتمدون على تهييج الشارع من خلال تظاهرات هنا أو هناك لا يتعدى تعداد أغلبها ستين متظاهراً أغلبهم متظاهرين متجولين؛ هم من يمكن أن نطلق عليهم النخبة داخل الجماعة الذين لا يأبهون بأي مواجهة مع الشرطة، ويخرجون للتظاهر يومياً في منطقة ويخرجون في اليوم التالي للتظاهر في منطقة ثانية، ويتكرر الأمر في اليوم الثالث حتى تعطي الجماعة شعوراً بأن المظاهرات في كل مكان وأن الشارع منتفض.
حدد المركز الإقليمي للدراسات الإستراتيجية بالقاهرة فى دراسة أصدرها، اليوم، خريطة التحالفات الإسلامية المتحملة في انتخابات مجلس النواب القادم، مشيرا إلى عدد من العوامل التي تدفع الأحزاب الإسلامية للمشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة.
هناك مؤشرات قوية حول اشتراك بعض الأحزاب الإسلامية في الانتخابات البرلمانية القادمة، خاصة وأن البرلمان القادم هو ما سوف يحدد مصير الأحزاب السياسية القائمة على أساس ديني.
فتقسم الدوائر الإنتخابيه الكبير أغراهم بالمشاركة، فضلاً على عدم توحد القوى المدنية على الأقل حتى هذه اللحظة، دفع أحزاباً إسلامية لإعلان موقفها ووضع احتمالات أكبر لمشاركة حزب الحرية والعدالة في هذه الانتخابات أو دعم أحزاب إسلاميه أعلنت عزمها خوض الانتخابات بشكل خفي
قوي هذا الاحتمال بالمشاركة في الانتخابات البرلمانية بعد دعوة عبود الزمر، عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية، لهذه الأحزاب خوض الانتخابات البرلمانية وضرورة قبولها الدية في قتلاهم وإنهاء حالة الاحتقان في الشارع المصري.
ورجح المركز الإقليمي للدراسات في دراسة له بعنوان "المعركة الأخيرة: شكل التحالفات الإسلامية المحتملة في انتخابات مجلس النواب المقبل"،: أن تخوض أحزاب البناء والتنمية، والعمل، والفضيلة، والإصلاح، والتوحيد العربي، والوسط، والحزب الإسلامي، انتخابات 2014 كما سبق وخاضت انتخابات 2011 في تحالف واحد على أن ينضم حزب الحرية والعدالة لنفس التحالف، سوف يضم التحالف الجديد ضمن قوائمه مرشحين غير معروفين من حزب الحرية والعدالة، وقد يتشكل هذا التحالف بين حزبي مصر القوية بقيادة الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح القيادي الإخوانى السابق، الذي أعلن خوض حزبه الانتخابات البرلمانية المقبلة باعتبارها فرصة للتواصل مع الشعب، وتوصيل الأفكار والبرامج، والمشاركة في الوعي المجتمعي المطلوب، وحزب الوطن السلفي الذي صرح أمينه العام الدكتور يسرى حماد بأن الهيئة العليا للحزب قررت خوض الانتخابات البرلمانية، مبررًا بأن المقاطعة لن تجدي نفعًا، منبهاً أن هذا التحالف سيكون الأخطر في مواجهة القوى والأحزاب المدنية التي دعمت خارطة الطريق، فضلاً تحالف القوى الصوفية، وهذا التحالف من المحتمل أن يتشكل من الأحزاب الصوفية الثلاثة، وهى: حزب التحرير المصري، وحزب النصر الصوفي، وحزب نهضة مصر[10]
الشارع المصري خذل تنظيم الإخوان وكذلك كل الحركات الإسلامية التي وقفت صفاً مع الجماعة في خندق واحد بهدف مواجهة الدولة، وكان انحياز الناس للدولة الوطنية والمؤسسات، وباتت الجماعة أمام خيارات كلها أصعب من بعض وتدل على ضيق في الأفق، كما أنها تعتمد على الخصم أكثر مما تعتمد على نفسها في إنهاء المعركة، وهذا إن دل فإنما يدل على أنها أصبحت مفلسة ورهانها ليس مرتبطاً بما قد تحرزه وإنما مرتبط بأداء خصمها السياسي والذي تزداد شعبيته يوماً بعد الأخر حتى وإن بدت هناك ملاحظات على أداءه السياسي بعكس ما أحدثه «مرسي» خلال فترة حكمة والتي تدنت شعبيته في اليوم التالي لتوليه السلطة مباشرة بعدما دخل في صدام مستمر ودائم مع الأحزاب والقوى السياسية، فضلاً عن مؤسسات الدولة مثل القضاء والإعلام، ولم يتورع في أن يدخل نفس الصدام مع المؤسسات الأمنية مثل القوات المسلحة والداخلية والصدام الأكبر مع الشارع الذي كان يستفزه في اليوم والليلة الواحدة أكثر من سبعين مرة كما شاهد الجميع مستعل بتنظيمه والجماعات والتيارات الجهادية التي أصدر عفواً رئاسياً عن أغلب قياداتها، وبالتالي حدث اتفاق مصلحة في مقابل ذلك هاجم كافة القوى السياسية وعاداها ووصفها بالعمالة، وأنها من تدير مؤامرة، وكان ذلك يتكرر كثيراً في خطبة دون أن يكشف عن مؤامرة واحده ودون أن يكشف على أبعادها أو يصرح بتفاصيل تؤكد ما ذهب إليه، حتى أصبح في عداء مع الجميع ومازال بتنظيمه الذي يسير على نفس المنوال، أو ربما سار «مرسي» على منواله عندما كان في السلطة وليس العكس.
حاول الإخوان استغلال الظروف المصاحبة لتطبيق خارطة المستقبل سواء في الاستفتاء على الدستور أو في الانتخابات الرئاسية أو ما يتوقع حدوثه إزاء إجراء الانتخابات البرلمانية، ولعل فشل الجماعة في تشويه هذه الاستحقاقات وإظهار أن مجرد تمثيلية على الشعب المصري وأن نسب المشاركة متدنية بما يؤكد ما ذهبوا إليه بأن ما حدث كان اغتصاب للسلطة مبيت بليل؛ إلا أن الشعب المصري لم يتأثر كثيراً بما قيل في هذا الإطار معتبراً أن ما حدث كان بمثابة إنجاز حقيقي ينتشل البلاد من شبح السقوط بعد تدهور الأوضاع الاقتصادية والأمنية والاجتماعية، وبالتالي خرجت قطاعات كبيرة من الشعب للتصويت على استحقاقين بينما يستعدون للاستحقاق الثالث واكتفت الجماعة بالخروج في الشارع أملاً في عودة «مرسي» للسلطة مرة ثانية رغم تولي رئيسيين للسلطة بعدة.
استغلت الجماعة مناسبات كثيرة خلال عام من وجودهم في السلطة حتى يلتحموا مع الشارع وعندما فشلوا في ذلك حاولوا مع القوى السياسية ومازالوا يقفون في منطقة وسط، عين ترمق هذه القوى وتحاول أن تغازلها دون أي استجابة ولو بحركة بسيطة من عينها اليمنى، وعين أخرى ترمق الشارع من عينها اليسرى، فتارة تكون جامدة في مواجهته وتارة تخرج منها الرغبة الحميميه بهدف تدارك أخطاء الماضي وعودة العلاقة معه مرة أخرى.
من ضمن ما استخدمته الجماعة من مناسبات عديدة بهدف تهيج الشارع ومحاولة الالتحام معه ذكرى الإعلان الدستوري الذي أصدره «مرسي» في 22 نوفمبر عام 2012، وذكرى انتصار أكتوبر، كمحاولة لاستفزاز فكرة الجهاد لدى أتباعها لمواجهة النظام السياسي، والذكرى الأولى لمظاهرات 30 يونيه والتي كانت فاصله في إنهاء حكمة وذكرى عزله في 3 يوليو 2013، فضلاُ عن ذكرى فض اعتصام رابعة العدوية والنهضة في 14 أغسطس، والحرس الجمهوري والمنصة، وغيرها من الذكريات التي لم يكن أي تأثير في تقوية موقف الجماعة في مجابهة السلطة السياسية غير أنها تزداد ضعفاً على ضعفها؛ وهذا إن دل فإنما يدل على عدم وجود رؤية أو استراتيجيه أو سيناريوهات للإخوان في إدارة المرحلة القادمة حتى أصبحت مجرد رد فعل.
وربما يكون هذا الشعور سببه تمسك قيادات الإخوان في السجون بإدارة أي ملفات لها علاقة بالأزمة الحالية، وهو ما ضيق الخناق على قيادة التنظيم وجعل أمامها كافة الخيارات منعدمة بخاصة من يديرون دفة التنظيم سواء في الداخل أو الخارج، وأكد في ذات الوقت أن رهان الجماعة فقط على مجرد قيم اجتماعية، وأن نجاحهم في تحقيق هذه القيم مرتبط في الأساسي بفشل الخصم السياسي دون أن تكون لديهم بدائل وقد تناسوا أنهم كفروا بهذه القيم التي يحاولون استدعائها عندما كان محمد مرسي في السلطة مثل التوحد مع الشعب والعمل في إطار التعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه.
لو أن الإخوان استمروا في تصورهم المحدود سوف تنتهي ظاهرتهم تماماً من الوجود على الأقل سياسياً أو تصبح محدودة للغاية مقارنة بأحلامهم في العودة للسيطرة مرة أخرى؛ بعدما تسربت أنباء عن تذمر عدد كبير من أعضاء الجماعة من كافة الأجيال والأعمار والمراحل التنظيمية بسبب أداء القيادات التي تصر على التصعيد ويحملونهم في نفس الوقت مسؤولية الدماء التي سالت خلال عام العزل، وهذا ربما يفسر ضعف فاعليات الإخوان وتظاهراتهم بعد انصراف أعداد كبيرة من حولهم؛ وبالتالي أصبحت مصر تقف بين تصوريين أحدهما مدروس وتراهن عليه السلطة الحالية وهو حدوث انشقاق طولي داخل تنظيم الإخوان بسبب إصرار قيادات الجماعة على السير في اتجاه واحد، وتصور آخر لقيادات الإخوان ولكنه غير مدروس ويرتبط بسقوط الدولة والنظام في حال فشله أو أراد الله إذا ظلوا متمسكين بما أسموه قيم العدالة والحرية والعدل.
كشفت الأزمة السياسية الأخيرة عن ضيق أفق التنظيم السياسي، وأعطى إجابة واضحة عن عمل الجماعة لعقود طويلة ولكنها تفشل في النهاية عن جني الثمار، وأنها تفتقد للمرونة في إدارة أي صراع سواء بداخلها أو خارجها، كما أنها لديها أفق محدود ظهر في إدارة الدولة وحتى خروجها من السلطة؛ فالذي يعتمد على فشل خصمه في حسم المعركة لصالحه لا شك أنه سوف يفشل لغياب أي رؤية أو إستراتيجية لديه للتحرك خطوة للإمام فضلاً عن التحرك نحو مستقبل أوسع وأرحب.
المصادر
[1] قدم استقالته من الجماعة في 2/4/2011 بعد أن قضى داخل الجماعة 45 عاماً بسبب عدم وجود ما أسماه تغييراً حقيقياً داخل التنظيم الذي انتمى عليه وأنه لم يبت في كل الشكاوى التي تقدم بها خلال عام كامل؛ كان إبراهيم الزعفراني قد اعترض على الطريقة التي أجريت من خلالها انتخابات مكتب الإرشاد، كما أعلن اعتراضه على اللائحة الداخلية للجماعة، وهو ما لم تبت الجماعة فيه.
[2] حوار د. إبراهيم الزعفراني على موقع Onislam، يمكن مراجعته على شبكة الإنترنت على الرابط،
[3] تصريحات نائب المرشد العام السابق، محمد حبيب، موقع البوابه نيوز، نقلاً عن برنامج، 30/25 والذي يقدمه الإعلامي إبراهيم عيسى، على قناة أون تي في، متوافر على الرابط، الرابط
[4] موقع البوابة نيوز على شبكة الإنترنت، الرابط
[5] موقع روزا ليوسف على شبكة الإنترنت، الرابط
[6] تم فض اعتصام رابعة العدوية يوم 14 أغسطس 2013، فيما دعت الجماعة لما سمته بمليونية الغضب يوم 16 أغسطس بميدان رمسيس وراح ضحيته العشرات في مواجهات مع أجهزة الأمن.
[7] تصريحات المتحدث باسم حزب الحرية والعدالة، حمزة زوبع، لقناة الجزيرة القطرية، نقلتها صحيفة الأمة، يمكن متابعتها على الرابط، الرابط
[8] تقرير مصر تتظاهر ضد قانون التظاهر، بجريدة الشرق الأوسط، متوافر على الرابط، الرابط
[9] موقع ال bbc عربي على الإنترنت، على الرابط،
[10] كراسة حالة مصر، المركز الإقليمي للدراسات الإستراتيجية، دراسة بعنوان، شكل التحالفات الإسلامية المحتملة في انتخابات مجلس النواب المقبل، يوليو 2014


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.