اعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عن النتائج الرسمية للانتخابات الرئاسية في دورها الثاني التي جرت الأحد، واسفرت عن حصول الباجي قائد السبسي 1731529 صوتا بنسبة 55.68 بالمائة فيما حصل المنصف المرزوقي على 1378513 صوتا بنسبة 44.32 بالمائة. وتعهد الرئيس التونسي المنتخب الاثنين بان يكون "رئيسا لكل التونسيين" داعيا مواطنيه الى نسيان انقسامات فترة الحملة الانتخابية. وأقر المرزوقي رسميا بهزيمته، وهنأ منافسه قائدالسبسي بانتخابه رئيسا للبلاد في أول انتخابات رئاسية تونسية حرة. ويرى مراقبون أن فوز قائد السبسي المدعوم من قبل الأحزاب السياسية الوطنية الديمقراطية والليبرالية والعلمانية "انتصارا تاريخيا" للمشروع الوطني الحداثي الديمقراطي على مشروع الإخوان الذي يقوده بالوكالة منصف المرزوقي المدعوم من قبل حركة النهضة والجماعات السلفية. ونجح قائدالسبسي خلال الحملة الانتخابية في كسب تأييد قطاعات واسعة من الرأي العام حيث نحت لنفسه صورة "رجل الدولة القوي" الذي يدافع عن مكاسب التونسيين الاجتماعية والسياسية ضد أجندة حركة النهضة التي يرأسها راشد الغنوشي والتي تسعى لنسف تلك المكاسب والعودة بتونس إلى القرون الوسطى. وفي الوقت الذي انتهج المرزوقي خطابا يحرض على العنف والكراهية وإثارة النعرات الجهوية والقبلية انتهج قائد السبسي خطابا وطنيا يدعو إلى الوحدة الوطنية بين جميع التونسيين، مشددا على "الوفاق الوطني" من أجل انقاد تونس من الأزمة التي تعصف بها مند حوالي أربع سنوات. واستفاد قائدالسبسي من القواعد الانتخابية للأحزاب الوطنية والديمقراطية وأيضا اليسارية التي دعت قواعدها إلى قطع الطريق أمام المرزوقي "لما يمثله من خطر على مستقبل العملية الديمقراطية بعد أن أصبح صوت الإسلاميين المرتبطين بالتنظيم الدولي للإخوان" كما استفاد من خزان انتخابي شعبي غير منتمي للأحزاب بعد أن قاد حملة انتخابية ناجحة في الأحياء الشعبية وفي الجهات الداخلية المحرومة. ولا يخفي غالبية التونسيين "فرحتهم" بفوز قائد السبسي ، وهم يرون في هذا الفوز استعادة تونس لتجربتها الوطنية التي تأسست على مبدأ مدنية الدولة والولاء لها لا الولاء لجماعة دينية كما تأسست على قيم تضامن المجتمع ونبد العنف والسلم الأهلي بعيدا عن نزعات التعصب وتقسيمهم إلى "مؤمنين وكفار". وقاد قائدالسبسي معركة شرسة ضد الإسلاميين منذ أن أسس حزب حركة نداء تونس قبل عامين وألحق بها نكسة لم تكن تتوقعها لما فاز في الانتخابات البرلمانية التي جرت في أكتوبر الماضي بعد أن فاز بأغلبية مقاعد البرلمان.