حصاد الشر.! شمائل النور هل اكتملت الصورة لتتضح الملامح النهائية لمشهد الحريق السوداني الكامل الذي نحن بصدده، مجزرة فظيعة وقعت بقرية برانكو، جريمة قتل جماعي راح ضحيتها أب واثنان من أبنائه لم تكن أسبابها نزاعا حول أرض أو مال.. التشدد الديني هو الدافع للجريمة، وقرية برانكو هذه لا تقع داخل المناطق التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" ..هي داخل ولاية الجزيرة القريبة من الخرطوم، لا تذهبوا على طريقة الجريمة دخيلة على المجتمع السوداني، طالما أن القتلة هم سودانيون ومن ذات القرية، لمن فاته الخبر، مجموعة متشددة تسلحت بالأسلحة البيضاء وهاجهمت حفل زواج بهذه القرية، اشتبكت وقتلت الأب وابنيه، ذلك طبعا بعد أن قدمت هذه المجموعة "النصح" بعدم إقامة هذا الحفل.. ببساطة القتل كان أهون لهؤلاء من قيام حفل زواج هم يرونه أسوأ مئات المرات من قتل الروح، وربما في قتل الروح أجر. المهم في نهاية الأمر أن الشرطة تمكنت من القبض عليهم. يبقى السؤال، إلى أين وصلنا وإلى أين نتجه، باختصار نحن نحصد بذرة شريرة غُرست منذ سنوات ويبدو أنها الآن آتت أكلها.. ما نحن عليه هو نتيجة أكثر من طبيعية للكراهية التي باتت خطابا منظماً لسنوات طويلة، وما نحن عليه هو نتيجة طبيعية لسنوات ظلت تؤسس لثقافة رفض الآخر وتجريمه بل وتكفيره وآخرها عدم السماح بدفنه داخل أرضه.. لا تظنوا أن هذا الخطاب المحب للكراهية مجرد كلام في الهواء،بل هو منهج ويجد بسهولة طريقه إلى البسطاء الذين يحسبون أنهم يحسنون صنعا. هذه الحادثة سبقتها حوادث ارتبطت بالتشدد كانت من بينها حادثة محاولة اغتيال أحد شيوخ الصوفية بمنطقة الصابونابي بسنار والذي نفذها أحد الذين تتلمذوا على يد ذات الشيخ الذي يُريد اغتياله، وحادثة خلية الدندر، لكن بالنظر إلى مجزرة برانكو، فخطورتها أنها تستهدف المجتمع العادي وتتلاعب بنسيجه إلى حيث التمزيق دون دوافع اختلاف في الفكرة حتى، بل دوافع الكراهية والوصاية الشاملة، ورغم أن القضية لم تتضح تفاصيلها بالكامل، إن كان هؤلاء القتلة ينتمون إلى تنظيم يعمل سراً أم هم مجرد هواة قتل، وهذا مهم، إلا أنها تحمل إشارة أخطر من خطيرة، ينبغي ألا تنتهي بقفل ملف القضية، خاصة وأن هناك من يتحدث عن تمدد المتشددين ببعض قرى الجزيرة.