الاحداث المؤسفة التى وقعت فى ولاية شرق دارفوردارفور فى الاسبوع الثانى من مايو الجارى ممثلة فى الحرب المأسوية المتجددة بين قبيلتى الرزيقات والمعاليا تؤكد ان ما يحدث قد تجاوز كل الحدود المحتملة ليس فقط اسقاط مبدأ الاستقرار والامن الاجتماعى او التعايش فى اطار مجتمع متمدين وفى ظل مؤسسات القانون فالحرب بين المعاليا والرزيقات اغتالت المؤسسات الرسمية والشعبية المعنية بتحقق النظام وترتيب العلاقات بين الافراد والمجموعات والكيانات وفقا للتشريعات التى ترسم ملامح انتماء الافراد والجماعات لدولة تحمى المواطن وتصون العقد الاجتماعى بين مكونات الدولة الحديثة التى تؤطر حقوق الافراد والجماعات وواجباتها تجاه السلطة والمجتمع الحرب التى وقعت بين قبيلتى المعاليا والرزيقات الاسبوع الماضى فى ابوكارنكا لم تكن الاولى اذ ظل الاحتقان بين القبليتين لاكثر من خمسين عاما شهدت اسوأ الصدامات الدامية وهى حالة تنبئ عن ظاهرة نطلق عليها ظاهرة الاستبداد القبلى ..استبداد القبائل بمقاتليها وعتادها على مؤسسات الدولة الرسمية وخروجها على النظام والامن الاجتماعى ..استبداد القبائل بأخذها للقانون والاستنصار لنفسها بقرارها فى اعلان الحرب واستخدام القوة والفوضى الدامية كل ذلك يؤشرالى ازدراء اجهزة الانتصاف والعدالة الرسمية وموروثات فض النزاعات الاهلية .. الاستبداد القبلى بتحدى الاجهزة الامنية التى هى وحدها من تحمل وتستخدم السلاح فى شكل جماعى فى مواجهة التهديدات الخارجية ومهددات الامن القومى الداخلية لقد وقفت الدولة السودانية لما يقارب الخمسون عاما عاجزة عن ايجاد الحل الجذرى لاسباب النزاع بين القبيلتين وعجزت الدولة والمجتمع ان تضع حدا لحالات الخروج على القانون والنظام فأصبحنا (امة العجز) بتعبير الاستاذ اسحق احمد فضل الله ومنذ العام 1968 تاريخ اول حرب دامية بين القبيلتين وحتى حرب 2015 الجارى كانت تدخلات الدولة من خلال مؤتمرات الصلح المتعددة والتى خرجت بتوصيات وقرارات لم تجد الطريق الى التنفيذ بل شهدت الفترة تطورا فى تعميق الصراع وتنامى اليات الحرب القبلية والاستعداد لمعارك قادمة بين الطرفين من بينها ان العزم للتصدى للحيلولة دون مثل هذه الكارثة بين القبيلتين فى مستقبل الايام يتطلب مخاطبة جذور المشكلةالمعلومة لدى الجميع والاخذ بمناهج جديدة لمعالجة الاسباب الرئيسة المتعلقة بالارض والادارة الاهلية واخذ الطرفين بالتواضع للوقائع التاريخية التى تعتبر استحقاقات شرعية وقانونية واتحاذ الترتيبات الامنية والادارية لتنفيذ ما يتم التوصل اليه من قرارات وبنود تحقيق التعايش وتبادل المنافع بين المكونات القبلية فى المنطقة وفرض هيبة الدولة ومراجعة السياسات العامة التى عمقت البيلة فى المجتمع والاحتكام للقانون والعرف والموروثات فى منع الاعتداء وفض النزاع بالطرق السلمية وللتخفيف من غلواء القوة التسليحية للقبائل فثمة مبادئ مدروسة جاءت فى اتفاقيتى ابوجا والدوحة لنزع سلاح المليشيات القبلية وتقنين حمل السلاح خارج الاجهزة الرسمية الدستورية للحد من الصراعات القبلية فى كل ولايات دارفور ولله الحمد