لا أعرف الكتابة المنافقة والمتكلفة المغطاة بعبارات السجع الممجوج.. ولا يطاوعني قلمي على خط الحروف الملتوية .. ولا أحب الأحاديث المنمقة والفارغة والمنخورة .. وقد تعودت أن أمد قلمي وأشير بكيبوردي دون همز أوغمز أو لمز صوب " الفيل" .. وأضع سن قلمي في عينه وأطأ بحذائي على ظله .. وليس لدي أمنية في هذه الحياة سوى ان يأخذني المولى عزّ وجل أخذ عزيز مقتدر قبل أن ينكسر قلمي لأكتب به "عُرضحالات" الذل والإسترحام .. لذا توقفت عن الكتابة لحظة سماعي خبر إعتقال الأخ الصديق الأستاذ "وليد الحسين" المشرف العام على صحيفة (الراكوبة) الألكترونية .. وبالطبع هذا أسوأ انواع التضامن .. ولكني سلكته مكرهاً "لا بطل" .. وذلك إحتراماً لقرار أسرته الكريمة بعدم نشر وتصعيد موضوع إعتقاله.. وبرغم إختلافي مع قرار الأسرة السابق إلا انني أحترمته وإلتزمت به .. ولهذا السبب أخرست قلمي بيدي .. مما ضاعف من أوجاعي وآلامي .. فلا يوجد ما هو أمرّ من سجن الإنسان سوى سجن القلم المتضامن معه.. الآن وقد قررت الأسرة المحترمة إخراج الأمر إلى حيزّ العلن ..فانني أكاد أسمع نبضات قلمي وعودة الحياة إلى أوصاله .. وسيعود قريباً لمراقصة الأحرف نشوة وفرحاً لحظة إطلاق سراحه .. إلا ان هناك ثمة أسئلة ظلت تؤرقني مذ ساعة الإعتقال ، وهي : هل كتب الله علينا ان نصبح وقوداً مع الحجارة لكل نار ؟ ألا يكفي إحتراقنا بنار حروبنا الداخلية حتى نتلظى بنيران اليمن المشتعلة ؟ الدين الإسلامي يحدثنا انه قبل (1500) سنة أنزل الله الوحي على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وأمره بأن يقرأ ، قائلاً له : (إقرأ) .. فقرأ الرسول الأكرم (ص) وأدى الأمانة و بلغ الرسالة ونصح في الأمة وكشف الغمة.. ولكن بعد (1500) سنة من الأمر الالهي ورفع شعار (القراءة للجميع) .. هاهي البقعة التي إختارها الله لنزول الوحي وحمل شعار التنوير (اقرأ) ترفع شعار (لا تقرأ) .. بعد ان صارت مكاناً لمحاربة الكلمة وإعتقال أصحاب الأقلام والرأي والتعبير والضمير .. لا أخفي موقفي المُعلن ضد حرب اليمن .. لانني أكره الحروب ، كما غيري .. ومما زاد كراهيتي لحرب اليمن ، وبالتالي إنعكس ذلك الموقف على السعودية .. إستعانتها بمرتزقة "عمر البشير" بسمعتهم المتوحشة في القتل والحرق والإغتصابات .. مما يقدح في النوايا والزوايا التي إنطلقت منها الحرب .. وحتماً ستعلم "السعودية" – ولو بعد حين – ان نظام مجرم الحرب "عمر البشير" إذ دخل إلى "عاصفة الحزم" حباً في الريال والدولار والدينار .. فانه كسمسار : عاجلاً أم آجلاً سيثير العاصفة في وجوه أمراء المملكة متى ما وجد من يدفع له أكثر .. وان غدا لناظره قريب ! ليس لدي ما أقوله أكثر من بيان صحيفة "حريات" – المؤسسة التي أنتمي لها – كي أوجهه للسلطات السعودية ، وأقول لهم : ان ( النظام الاجرامى الحاكم فى السودان آيل حتماً للسقوط .. وتبقى العلاقة مع الشعب السودانى .. وان تسليم شخص الى أجهزة النظام الأمنية لمجرد آرائه التى يعبر عنها سلمياً جريرة لن يغفرها الشعب السودانى الى أبد الآبدين) .. ولصديقي "وليد" ، أقول : أكاد أن أرى زنزاتك المظلمة تشع نوراً من شعاع نورك الباهر .. فأنت كما طائر الفينيق تنتفض من رمادك وتشع في الظلام لتهب الناس الحياة والضياء والبهاء .. وأنت لم تشع النور في قلوبنا وحسب ، بل أشعت روح الحب والمودة والتضامن فيها .. فشكراً لك .. وسلام ، سلام عليك يوم تعود ويوم تُبعث حرا. [email protected]