دخلت المنطقة العربية مرحلة تاريخية جديدة إثر سقوط عدد من الأنظمة السلطوية بداية من تونس ثم مصر و ليبيا و اليمن. و انطلقت مسارات التحول في هذه البلدان في نفس الوقت تقريبا و تشابهت أحيانا، إلا أنها اختلفت و ذهبت في اتجاهات مختلفة بعد ذلك. و تميّز المسار الانتقالي بتونس عن غيره من المسارات التي عرفتها البلدان الأخرى. فكان الأقرب إلى النموذج الاسباني القائم على فكرة الاتفاق بين الفاعلين في المسار الانتقالي. و لعب المجتمع المدني دورا هاما في تحقيق هذا الاتفاق بين الفرقاء السياسيين و خصوصا الاتحاد العام التونسي للشغل الذي لعب دورا مهما منذ انطلاق الثورة و بداية المسار الانتقالي مرورا بالحور الوطني. و يقدم النموذج التونسي أيضا دليلا على إمكانية التوفيق بين المنهج البنيوي الذي يفسّر التحول الديمقراطي عبر توفر شروط هيكلية مسبقة ترتبط بالتنمية و الازدهار الاقتصادي و التحديث، من جهة، و بين المقاربة التي تعتمد على دراسة دور الفاعلين في الدمقرطة. لقد أصبحت دول الربيع العربي اليوم مخبرا جديدا لعلماء التحول الديمقراطي. و هي توفر مادة للبحث العلمي و الاكاديمي. و تطرح هذه المسارات إشكاليات عديدة تتعلق أساسا بالفاعلين سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي كالجيش و النخب و الاسلاميين و المجتمع المدني. و تتعلق أيضا بالتأثيرات الخارجية على هذه السياقات سواء على المستوى الاقليمي او الدولي و مدى تأثيرها على نجاح هذه التجارب أو فشلها. http://www.arab-reform.net/sites/default/files