عرض قدمه بوتين لترامب.. "إنهاء حرب أوكرانيا مقابل هذا الطلب"    ميسي يسجل هاتريك ويتوج ب"الحذاء الذهبي"    جواز السفر لم يعد حلما.. أميركيون يتخلون عن جنسيتهم    وزير سوداني يكشف عن خسائر كبيرة للميليشيا    الطاهر ساتي يكتب: من يرُيد سلاماً..!!    السودان..انتحار موظف أجنبي وفرض سيّاج من السرية حول الحادثة    التوقف الدولي وغرف الإنعاش    أخطَاء دُيوف هَل تَحدث في السِّر؟    المسابقات تعاقب التحرير وتعتبره خاسراً أمام النيل وتوقف لاعبه لمدة عام    شاهد بالصور والفيديو.. بعد توقف دام لأكثر من عامين.. مطار الخرطوم يعود رسمياً للعمل ويستقبل أول طائرات ركاب    شاهد بالفيديو.. عرسان الموسم "أحمد ولينا" يتشاركان الرقص على أنغام فنانة "دلوكة"    شاهد بالفيديو.. عرسان الموسم "أحمد ولينا" يتشاركان الرقص على أنغام فنانة "دلوكة"    بالصورة.. الفنانة رؤى محمد نعيم تفاجئ الجميع وتلمح لإعتزال الفن (ربنا يسخر لى أي عمل أو شغل غير الوسط الفنى قولوا آمين)    شاهد بالفيديو.. بعد ظهورهما في الحفل الضجة.. الفنانة ندى القلعة تتحدث عن الفنان محمد بشير: (حمودي دا ولدي والله) والأخير يرد: (في احترام الكبير وفي أصول) وساخرون: (شريف الفحيل ما بنوم الليلة)    شاهد بالفيديو.. بعد ظهورهما في الحفل الضجة.. الفنانة ندى القلعة تتحدث عن الفنان محمد بشير: (حمودي دا ولدي والله) والأخير يرد: (في احترام الكبير وفي أصول) وساخرون: (شريف الفحيل ما بنوم الليلة)    بالصورة.. الفنانة رؤى محمد نعيم تفاجئ الجميع وتلمح لإعتزال الفن (ربنا يسخر لى أي عمل أو شغل غير الوسط الفنى قولوا آمين)    المريخ والهلال يطلبان المشاركة في الدوري الرواندي    وزارة الثقافة والإعلام والسياحة توضح أسباب غياب بيانات الناطق الرسمي    رحيل ليونيل ميسي فجّر أزمة "ركلات حرة" في برشلونة    فينيسيوس يقتحم قائمة الأغنياء خلف رونالدو وميسي    يامال وراء تراجع برشلونة عن ضم جوهرة البرازيل.. واللاعب يرد عمليا    حكومة الجزيرة تدعم مركز القلب بمدني بمولد كهربائي 550 KV    الوجه المظلم للأدوات الرقمية في العمل    وزير الخارجية المصري: ننسق مع السعودية لإنهاء الحرب في السودان بسرعة    الرئيس التركي: الصراع في السودان"يؤلمنا بشدّة"    الذهب السوداني.. لوبيات تتحكم وسلطة خانعة    القبض على الفنانة عشة الجبل    محافظ بنك السودان المركزي تلتقي مديري عموم المصارف وتؤكد على الإصلاح المؤسسي واستقرار النظام المصرفي    إيقاف جميع التعاملات النقدية في ولاية سودانية    تطوّرات مثيرة في جوبا بشأن"رياك مشار"    ولاية الجزيرة تُصدر قرارًا بإيقاف التعاملات النقدية وتفعيل التحصيل والسداد الإلكتروني    هل يصل الذهب إلى 100 ألف دولار؟    "الصمت الرقمي".. ماذا يقول علماء النفس عن التصفح دون تفاعل؟    محل اتهام!!    شريف الفحيل: تهديد جمال فرفور سبب مغادرتي السودان وتقديمي اللجوء في كندا    رحيل علي «كايرو».. نهاية حكاية فنان أثار الجدل وكسب القلوب    السودان يدعو العرب لدعم إعادة تعافي القطاع الزراعي في الاجتماع الوزاري المشترك الثالث بالقاهرة    بنك الخرطوم يعيد تشغيل فرع الكلاكلة: إيذانًا بعودة الحياة الاقتصادية    وفاة صحفي سوداني    لجنة أمن ولاية نهر النيل: القبض على مطلق النار بمستشفى عطبرة والحادثة عرضية    شاهد بالفيديو.. الفنانة هبة جبرة تهاجم الناشطة "ماما كوكي": (تسببتي في طلاقي وخربتي بيتي..ما تعمليني موضوع وتلوكيني لبانة وشريف الفحيل دفعتي)    الفنان علي كايرو يكتب رسالة مؤثرة من سرير المرض: (اتعلمت الدرس وراجعت نفسي وقررت أكون سبب في الخير مش في الأذى وشكراً الشعب السوداني العظيم) والجمهور: (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء)    قوات الطوف المشترك شرق النيل تدك اوكار الجريمة بدائرة الإختصاص وتوقف (56) أجنبي وعدد من المتهمين    هكذا جرت أكاذيب رئيس الوزراء!    احبط تهريب أخطر شحنة مخدرات    جريمة اغتصاب "طفلة" تهز "الأبيض"    دراسة تربط مياه العبوات البلاستيكية بزيادة خطر السرطان    والي البحر الأحمر ووزير الصحة يتفقدان مستشفى إيلا لعلاج أمراض القلب والقسطرة    شكوك حول استخدام مواد كيميائية في هجوم بمسيّرات على مناطق مدنية بالفاشر    وزير الصحة يشارك في تدشين الإطار الإقليمي للقضاء على التهاب السحايا بحلول عام 2030    حادث مرورى لوفد الشباب والرياضة    عملية أمنية محكمة في السودان تسفر عن ضبطية خطيرة    السودان..محكمة تفصل في البلاغ"2926″    السجائر الإلكترونية قد تزيد خطر الإصابة بالسكري    الاقصاء: آفة العقل السياسي السوداني    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    جنازة الخوف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(الولي) ديفيد ..
نشر في حريات يوم 04 - 05 - 2016

من المعلوم أن الشخص نقي السريرة تكون افعاله وأخلاقه من نفس الطينة الطيبة، وأن النفس السوية يتحتم عليها أن تعيش في أمن وطمأنينة فقد أوجب عليها صاحبها أن يمهد ويوسع لها سبل الخلق والإبداع كقبوله الآخر ليكسب نفسه ولا يخسر الحياة. وأن يدخل لها كل سعادة مقدور عليها وما أكثرها.
قال لي أنه من من مدينة صغيرة تقع غرب مدينة اوكلاند بشمال كالفورنيا نشأ وترعرع فيها. وعندما بلغ سن التجنيد التحق بالجيش الأمريكي في منتصف الستينات تقريبا والحرب في فيتنام في قمة سعارها .سألته هل كنت تريد أن تذهب الى فيتنام وتحارب؟ قال لي لم يطل بي المقام في الجيش فقد سرحوني بعد سنتين ..ثم استطرد
I am not goanna kill nobody!!?
فقلت له ربما كان هذا هو السبب في تسريحك مبكرا!!..هزَّ كتفه وهو غير مبال ولبس السكون وجهه؛ ولم يقل شيئا.
قبل سنوات خلت عرّف الصديق أزهري بلول مجتمع السودانيين بمونتري برجل أمريكي يعمل في مجال ميكانيكا السيارات ، ومنذ ذلك الوقت أصبح ديفيد-وهذا هو اسمه- يسجل حضورا، خاصة في عطلات نهاية الاسبوع لاصلاح سيارات السودانيين. وتجد بعض السودانيين يسألون بعضهم البعض ، هل قابلت ديفيد أو هل سياتي ديفيد هذا الاسبوع؟ وبعضهم لسان حاله يلهج"ياخي من هاو لي لاو شوفوا لي بالله ديفيد ده" !!؟ أو"بالله شوفو لينا ديفيد ده كان من السما أو من تحت الواطة"!!؟. ديفيد ميكانيكي أمريكي في أواخر الستينات تقريبا من عمره يسكن مدينة ساليناس القريبة من مونتري يعيش حياة زهد وتقشف ظاهرة في حاله ومقاله . وهو لا يعمل أيام الأحد لأنه يذهب الى الكنيسة فهو متدين من دون تعصب. سألته هل سمعت بالسودان؟؟فقال لي نعم وسمعت أن هناك مشاكل وإضطرابات فيه!! ثم صمت. لم يسترسل معي في الحديث؛ لم يسألني عن تفاصيل أو كنه هذه المصاعب والإضطرابات. وكنت قد أعددت عدتي للاستجابة على تساؤلاته ولكن صمته الثقيل قطّع عليّ حماسي.
نحيل الجسد وأقرب للهزال ، يتحدث بصوت خفيض أقرب منه للهمس وخطواته وئيدة، تملؤها الثقة والطمأنينة كأنه ملكٌ زاهدٌ في عرش فخيم. يسكن في مقطورة شاحنة"ترلة" في ساحة بيت امرأة عجوز يعتني بها ويرعاها رعاية الابن البار بوالدته الرؤوم، بيد أن ليس هناك صلة قرابة بينهما !!. أعرفه منذ أكثر من عقد من الزمان . سمعت عنه الكثيرمن المعارف والأصدقاء وفكرت في أن أكتب عنه من قبل، فالذي سمعته عنه لهو جدير بأن يسجّل ويدون. قابلته من قبل في لقاء عابر ولم يسعفني الوقت للحديث معه ولكن هذا اللقاء العابر شجعني أكثر للكتابة عنه. أخبرته بأنني بصدد كتابة موضوع عنه إذا لم يكن لديه اعتراض. أجابني بأن لا شيئ يمنع ذلك. في أمريكا وأوروبا يتعرض الكثيرون لأنواع مختلفة من العنصرية وخاصة الأجانب. للسودانين نصيب مقدر من هذه التفرقة بحكم أنهم حديثي عهد بالهجرة والاغتراب باعداد كبيرة!..
في مجال تصليح السيارات هناك العديد من القصص والروايات تستحق أن تدون. لو نظرت إليها نظرة ثاقبة تجد كثيراً من مثيلاتها حدثت في السودان ، وما زالت تحدث لا سيما للاجانب. ليس هناك حصانة ، فغائبوا الضمير كثر وفي كل مكان وزمان…
يتميز ديفيد بالصدق والأمانة ومساعدة الناس بصور خلاقة، قلما تجد مثيلا لها؛ فهو يخبرك بنوع عطل سيارتك وأن قطعة الغيار الجديدة تكلفك كذا والمستعملة أقل تكلفة، ثم يذهب معك إلي مكانها ثم أخيرا يصلح لك سيارتك ويأخذ منك أقل ما يكلفك لوجبة الإفطار….في بعض الأحيان يخبرك بعد الكشف على سيارتك بأن ليس بها عيب ، خذ سيارتك وأمش!!!؟.وهو عادة ما يتمتم بهذه العبارة الجبارة! وأنت غير مصدق، فتسأله مرة أخرى هل أنت تعني ما تقول . فيرد عليك ، بكلمته الأثيرة، " تماماً". ثم يدير ظهره لك ويتركك وأنت سابح في بحور الشك والريبة!!. طبعا مرات يعجز عن تشخيص سيارتك، فيخبرك بأخذها لورشة الشركة أو لورشة عالية التقنية، "ليشوف الكمبيونتر شغلو"!!. هو يمتهن الميكانيكية ليس كعمل خيري فقط، بل هو كاتب أيضاً فله كتاب مطبوع عن اللاهوت..
آخر مرة قابلته في بيت صديقي يسن الطاهر -وهو صفيه- وأمام جراجه فقد كان هناك عطل في سيارتي ..كنت قد حضرت قبله وبعد مدة وجيزة وصل ديفيد بسيارته الصغيرة الحمراء وبها كل أدوات عمله ثم بدأ وهو يرتدي الابرول بفحص السيارة وأنا أراقب سيارتي (العيانة) بكل لوعة وحنين، وهي بين يدي ديفيد. بعد وقت وجيز أخبرني بأن سيارتي في حالة جيدة ولا تحتاج لشيئ!!!؟. لم أصدق نفسي في بادئ الأمر، فكررت له السؤال مرة أخرى فأجابني بنفس مقولته المشهورة وبدون التفاته منه… قلت له كم تريد؟!. قال لي وهو ينظر الى الأرض لا شيئ!!!. قلت له : لا!!.كيف؟؟ فقال لي: طيب، أعطيني عشر دولارات!!؟؟
عشر دولارات "ايه يا عمي"؟؟؟سررتها في نفسي .وشارفت أن تطفر دمعة من عيني..يا الله على الدنيا!!. لقد شغل ديفيد الكثيرين من الناس عن هويته وكنهه. ماذا يريد هذا الرجل؟ وماهو هدفه ومسعاه؟ ولماذا يعيش هذه الحياة الوعرة؟!!! هل هو رسول، أو ملاك أو ولي؟!! أوهو هارب من شيئ ما؟!!! كما يردد بعض المتشائمين!!؟. ولكن الذي نعرفه وكفى، هو أن الخيرين هم أوتاد الأرض؛ أينما حلو امتلأت الحياة بهم، اشراقا وبهاءً وحيوية. فطوبى لهم وطوبى للولي ديفيد. قدس الله سره، أياً كان.
مونتري- كلفورنيا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.