مقدمة !…. علي مرمي مأئة حجر من وسط مدينة الفاشر , وفي فريق الثانوية البئيس , تجد مقر اقامة القائدة الميدانية مريم عبدالله ( ام جيش ) , من حركة التحرير والعدالة ! في وسط راكوبة ضخمة , تري ام جيش , جالسة علي عنقريب عالي ! وتري الشباب الدارفوري حافين من حولها , وهم جلوس القرفصاء , علي بروش ممددة , يحاكون اولاد الخلوة في حضرة الفكي ! وام جيش تحكي , وتحكي , وتحكي ! فهي شاعرة مبدعة , وفنانة ذات صوت رخيم , وحكامة متمرسة , ومقاتلة شرسة تقبقب القادة والفرسان … ام جيش كشكول من الابداعات والعبقريات ! تبدأ ام جيش في الحكي بعد صلاة العشاء ! وتستمر في الحكي قبل ان يفاجئها الصباح , فتسكت عن الكلام المباح ! اراك قد اتخذت لك مجلسأ , علي تبروقة سعفية , وبدأت تنصت , كما الاخرين , لكلمات وعظات ومدائح وترانيم ام جيش ! قالت : في يوم الاثنين الموافق 18 ابريل 2011 , اصدرت مجموعة من القيادات السياسية والعسكرية لحركة/ جيش التحرير والعدالة , بيانا للناس , عزلت فيه الدكتور التجاني السيسي من رئاسة حركة التحرير والعدالة ! ويستوجب اصدار هذا البيان في هذا الوقت العصيب , وفي هذا المفترق الخطير الذي تمر به زنقة دارفور , حزمة من الخواطر , نختزل بعضأ منها فيما يلي : اولا : ليس هناك مرجعية قانونية او دستورية او انتخابية تخول للموقعين علي البيان عزل الرئيس الدكتور التجاني السيسي من منصبه ! فلم يكن الموقعين علي البيان هم الجهة الحصرية التي عينت الدكتور السيسي في منصبه , حتي تقوم بعزله ! ثانيأ : يمكن للسادة الموقعين علي البيان مطلق الحرية في الانشقاق من حركة التحرير والعدالة , وتكوين جناح منفصل يتحدث باسمهم , كما فعل من قبل المناضل محجوب حسين ! وكما فعل من قبل المناضل مني اركوي مناوي , عندما انفصل عن حركة تحرير السودان , والمناضل احمد خريف عندما انفصل من حركة العدل والمساواة ! نعم … يمكن للسادة الموقعين علي البيان مطلق الحرية في الانشقاق , علي ان تستمر حركة التحرير والعدالة ( الام ) , تحت رئاسة الدكتور السيسي , والمناضل بحر ابو قرضة كامين عام , والمناضل احمد عبدالشافي كنائب للرئيس , والمناضلة عزة الرشيد كامينة للمرأة والطفل , وباقي امناء الامانات ,الذين لم يوقعوا علي البيان اعلاه , علي رئاسة اماناتهم المختلفة ! ثالثا : رئاسة الدكتور السيسي للحركة اعترف بها : المجتمع الدولي ! الوساطة العربية والدولية ! الاممالمتحدة ! الاتحاد الافريقي ! الجامعة العربية ! حكومة السودان , الطرف المفاوض في منبر الدوحة ! الدول المانحة لاغاثات دارفور , والداعمة لمنبر الدوحة ! قوي الاجماع الوطني , والجبهة الوطنية العريضة ! عليه , لا يمكن لمجموعة صغيرة من قادة الحركة عزل الدكتور السيسي , هكذا , وبمجرد اصدار بيان للناس ؟ رابعأ : مجموعة القيادات السياسية والعسكرية لحركة/ جيش التحرير والعدالة , التي وقعت علي البيان لا تتعدي في عدديتها نصف المائة ! في حين عددية مقاتلي وعناصر الحركة تقدر بعشرات المئات ! ولم يتكرم القادة الموقعين علي البيان بعقد مؤتمر عام للحركة , لمعرفة اراء مقاتلي وعناصر الحركة , كمؤتمر حسكنيتة الشهير ! خامسأ : الاسباب التي اوردتها المجموعة القيادية الموقعة علي البيان , لعزل الرئيس السيسي , اسباب هلامية , هوائية , لا تستند علي اي بينات أو ادلة دامغة ! ولم يات الرئيس السيسي باي عمل مخل للشرف , او مخل بالامانة السياسية او بالامانة المالية , مما يستوجب محاكمته , وادانته , قبل عزله ؟ سادسأ : الناس في شنو ؟ والحسانية في شنو ؟ في زمن رص الصفوف , في دارفور , وعموم بلاد السودان , للقيام بانتفاضة سلمية شاملة , تطيح بنظام الانقاذ , وتطيح في ذات الوقت , بزنقة دارفور ! في هذا الوقت العصيب , والمفترق التاريخي الخطير , تقوم المجموعة القيادية الموقعة علي البيان , بشق الصفوف , وافتعال المشاكل الشخصية الصغيرة , التي تازم , وتصب الزيت علي زنقة دارفور ! وتعطي ابالسة الانقاذ الذخيرة الحية لضرب حركات المقاومة الدارفورية الحاملة للسلاح ! سابعأ : التنسيق والعمل المشترك والاتحاد والوحدة والتضامن هي كلمات مفتاح طبلة دارفور ! وليس الاحتراب الغير مؤسس بين الاشقاء وزملاء الكفاح المشترك , في قضية من انبل القضايا ! البناء وليس الهدم هو شعار هذه المرحلة الحرجة في تاريخ دارفور ! ثامنا: قال تشرشل يوما : لا املك ان يكون لدي أكثر من عدو واحد , في وقت واحد ؟ العدو المشترك هو نظام الانقاذ ! دعنا نركز علي ازالة هذا العدو المشترك اولا ! وبعدها وفقط بعدها , يمكن ان نجلس لنتفاوض في امكانية ازاحة الرئيس السيسي من موقعه الحالي ! دعنا ننسي خلافتنا الصغيرة , في سبيل الاطاحة بالابالسة , الذين هم اضل سبيلا من الرئيس السيسي , الذي لم يقم بالابادات الجماعية في دارفور ؟ تاسعأ : تشرذم وتفتيت حركات دارفور الحاملة للسلاح , من داخلها , وبعوامل ذاتية تدميرية , سوف يفقدها المصداقية , داخل السودان , واقليميا , ودوليأ ؟ ويفقدها بالتالي الدعم العسكري , والتمويلي , والسياسي ؟ هل هذا ما يهدف اليه القادة الموقعين علي البيان ؟ عاشرأ : اللهم احمنا من شماتة الابالسة , الذين سفكوا دماء اكثر من 300 الف شهيد ! وشردوا اكثر من 4 مليون لاجئ ونازح ! وحرقوا اكثر من الفين قرية ! واغتصبوا الاف النساء والفتيات ! وسمموا الاف الابار ! وعاثوا في ديار فور فسادأ ! ختمت ام جيش حديثها قائلة : اقول قولي هذا , وأستغفر الله لي ولكم وللموقعين علي البيان ! وادعم باسم المناضلين والمحاربين وجماهير ديار فور , الرئيس الدكتور التجاني السيسي , رئيسأ حصريأ لحركة التحرير والعدالة ! ولا نامت اعين الجبناء ! هلل الجميع , وراء ام جيش : الله اكبر ! الله اكبر ! الله اكبر ! استطردت ام جيش قائلة : في المرة السابقة , ذكرنا أن حل محنة دارفور , يكمن في حل محنة عموم بلاد السودان ! عبر انتفاضة شعبية شاملة وسلمية , تعم كل بلاد السودان , بما في ذلك دارفور ! وللاسراع في تفجير الثورة السلمية الشاملة لعموم بلاد السودان , ( بما في ذلك دارفور ) , نستعرض الان ثلاثة ملفات , تحتوي علي محفزات ورافعات للثورة السلمية الشاملة , ولكن من منظور دارفوري حصري ! الملف الاول … الانترنيت ! من دروس وعبر ثورتي تونس ومصر ان زمن النظم الاستبدادية , كنظام الانقاذ , قد ولي ! وهل عهد النظم الديمقراطية المدنية ! ومن دروس ثورتي تونس ومصر , ان زمن المقاومة المسلحة , كحركات دارفور الحاملة للسلاح , قد اندثر ! واشرق ربيع المظاهرات والاعتصامات السلمية الغاندية ! ولكن اهم درس من دروس ثورتي تونس ومصر كان , بلا جدال , الدور المحوري والمفتاحي الذي لعبه الانترنيت في انجاح ثورتي تونس ومصر ! وفي تفجير الثورات في ليبيا واليمن وسوريا والبحرين وعمان ! هذه حقيقة لا ينكرها حتي مكابر ! وتحسرت ام جيش ان الانترنيت , للاسف , لا يلعب اي دور يذكر في زنقة دارفور ! قالت : لا اتحدث عن شعب دارفور , وخصوصأ هؤلاء واؤلئك من البؤساء في معسكرات الذل والهوان ! لانني اعرف ان اليات الانترنيت , من لاب توبات , وكهرباء , واشتراك التوصيل الانترنيتي , غير متوفرة , لمعظمهم ! وانما اتحدث عن قادة وزعماء دارفور , الذين يعتمد عليهم اهلهم في دارفور , في حلحلة زنقتهم ! التي طالت واستطالت , لاسباب عدة منها , انعدام عامل الانترنيت في معالجة زنقة دارفور ! قالت : الانترنيت اصبح وسيلة التواصل الرئيسية بين البشر المتحضرين ! حل الانترنيت مكان الفاكس , والتلفون , والرسائل البريدية , واللقاءات الجسدية , وجها لوجه ! يقول الرئيس اوباما انه لولا الانترنيت , لما وصل الي البيت الابيض ! ولا يزال الرئيس اوباما يرسل رسالة الكترونية , كل يوم سبت الي اكثر من 5 مليون ناخب امريكي , ينورهم فيها بما ينوي ان يفعل في مواضيع الساعة ! ويرد علي استفسارات واسئلة ناخبيه , عن طريق الانترنيت ! اوباما يمثل , بامتياز , رؤساء جيل الانترنيت ! قالت : لا يتعاطي معظم قادة دارفور ( حتي في المهاجر ؟ ) الانترنيت ! وتجده معدومأ في ثقافتهم ! يتواصلون صوتيأ عبر التلفون المحمول ! ولا يعتبرون الانترنيت وسيلة للتواصل الشخصي ! كما انهم غيرمعنيين بمتابعة الصحف العالمية والعربية عبر الانترنيت ! ويعتمدون حصريأ علي قناة الجزيرة التلفزيونية , لمن كان محظوظا منهم , وعلي الية من الفم الي الاذن لغيرهم من القادة العنقالة ! لا يتواصل قادة دارفور , عبر الانترنيت , مع اللوبيات المؤثرة في امريكا واروبا , لاستقطاب الدعم لحركاتهم الحاملة للسلاح , ولمنظماتهم المدنية ! مساكين بؤساء دارفور الذين يعتمدون علي قادتهم في استقطاب الدعم الدولي لقضيتهم النبيلة ! حيط مائلة ؟ واعجاز نخل خاوية ؟ بل نقارات صوتية , ولكنها فارغة ؟ يحلم قادة دارفور ان تمطر عليهم السماء سلاحأ , ومالا , ودعما لوجستيأ , واعلاميأ , وهم نيام ؟ نوم العوافي ؟ قالت : لا يتواصل قادة دارفور , عبر الانترنيت , مع قوي الاجماع الوطني , ولا مع الجبهة الوطنية العريضة , ولا مع قطاع الشمال في الحركة الشعبية , ولا مع منظمات المجتمع المدني الدارفوري والسوداني ! كان يمكن لهكذا تواصل انترنيتي , ان يغير الصورة النمطية السلبية لدي المواطن السوداني العادي في الخرطوم ودنقلا والقضارف , والتي نجح الابالسة في زرعها , في مخيلة السوداني العادي , بان زنقة دارفور سببها الغرابة الذين هاجموا امدرمان , وروعوا سكانها , وارادوا حكم دار بحر بالقوة والاكراه ؟ الغرابة الذين هاجموا مطار الفاشر , واحرقوا طائرات سلاح الجو السوداني , ونهبوا البنوك السودانية في الفاشر ! نعم … كان يمكن لهكذا تواصل انترنيتي ان يمسح هذه الصورة النمطية السلبية , ويحول زنقة دارفور الي زنقة سودانية ! ولكن ماذا تقول مع قادة دارفور العميين ؟ لا يتواصل قادة دارفور , عبر الانترنيت , حتي مع الملائكة المسومين , دعك من الملائكة المنزلين ؟ عدم تعاطي قادة دارفور مع الانترنيت , يجعل منهم اجسام بدون رأس ! يجعلهم منشغلين بانقساماتهم الصغيرة , واحترابهم الداخلي العبثي ! بأكثر من انشغالهم بزنقة دارفور ! وانقاذ سفينة دارفور الموشكة على الغرق ! قادة دارفور العميين محاربين الانترنيت … عديل كده ! وخاتينوا قرض مع الفيسبوك والتويتر ؟ في هذا المنعطف , اسمعك , يا هذا , تقاطع ام جيش , وتحكي كمثال , من بين مئات , تجربة الكاتب الفرنسي برنارد هنري ليفي , ( مفجر عجاجة ليبيا ) , كما اوردها في مدونته , في جريدة ليبراسيون الفرنسية ! حكي ليفي , في مدونته , تجربته المؤسفة مع قائدة دارفورية , ابان زيارته للقاهرة في شهر ديسمبر الماضي , وقبل اندلاع ثورة تونس ! اراد ليفي استجلاء موقف حركة العدل والمساواة من بعض القضايا , خصوصأ موقفها من الاسلام السياسي ؟ وفي مخيلة ليفي اتهام البعض في امريكا ( سوزان رايس مثلا ؟ ) لحركة العدل والمساواة بانها حركة ارهابية ؟ ارسل ليفي رسالة الكترونية مستعجلة للقائدة المعنية ! وعندما لم يتلق ردا , تلفن لمحمول القائدة , فوجده مقفولا ! ثم اعاد الاتصال التلفوني , فلم يرد احد , رغم رنين التلفون ! وفي المرة الثالثة , رد علي المكالمة رجل لا يفهم اللغة الانجليزية ! فقفل ليفي الملف , احباطأ وزهجأ , كما يدعي في مدونته ! واسمعك تحكي تجربة عنقالي انترنيتي , حاول التواصل , عبر الانترنيت , مع قادة دارفوريين مقيمين في جوبا ! فاكتشف انهم لا يفتحون صناديق رسائلهم الالكترونية , ولا يهتمون بالتواصل انترنيتيا ! ولا وجود للانترنيت في ثقافتهم ! فتركهم في جهلهم يعمهون ! تختم ام جيش هذا الملف قائلة : سبب اخر قاتل لاستطالة زنقة دارفور ! نواصل مع ام جيش في المقالة القادمة !