تنشر (حريات) الجزء الثاني من تقرير امنستى انترناشيونال – منظمة العفو الدولية – حول استخدام النظام للاسلحة الكيميائية فى جبل مرة. وتنشر اليوم ما جمعته المنظمة في غرب جبل مرة ، حيث تحدثت المنظمة مع 6 ناجين من هجمات مزعومة للأسلحة الكيميائية في غرب جبل مرة، وقابلت بعض مقدمي الرعاية الذين عالجوا ضحايا هجمات الأسلحة الكيميائية المزعومة في جبل مرة. وكان اثنان من مقدمي الرعاية أيضا ناجين. كما استبينت المنظمة كذلك خمسة من أعضاء جيش تحرير السودان / فصيل عبد الواحد الذين نجوا من هجمات الأسلحة الكيميائية المزعومة في غرب جبل مرة. أدناه ترجمة (حريات) للفقرة الخاصة بإفادات مقدمي الرعاية للضحايا ، والضحايا من المدنيين، ومن جيش تحرير السودان/ عبد الواحد، في هجمات غرب جبل مرة.. الجدير بالذكر ان المنظمة أوردت الإفادات في أربعة قطاعات شملت كل من: غرب جبل مرة، شمال جبل مرة، جنوب جبل مرة ووسط جبل مرة. إفادات مقدمي الرعاية في غرب جبل مرة : أخبر جاموس منظمة العفو الدولية بأنه عالج أكثر من 60 شخصا من الأمراض التي يعتقد أنها ناجمة عن التعرض للاسلحة الكيماوية خلال الهجمات بين يناير وسبتمبر. فر جاموس من قريته بعد أن تم تدميرها على يد القوات الحكومية في يناير. وقال انه انتقل الى قرية أخرى لم تتأثر بهجوم بري. "هربت من قريتي … ركضت إلى الشرق، لأعلى الجبل … [منذ بدء الهجمات] عالجتُ الكثير من الناس … اليوم فقط [في 17 يونيو] حضر لي أربعة أشخاص جدد … حتى الآن لدي بعض الضحايا في بيتي … بعضهم لديهم جروح من الشظايا … وهناك حالات تسمم. والدواء لدينا لا يمكنه معالجة [حالات التسمم]. معظمهم كانوا يعانون وبعد ذلك يموتون … بشرتهم تصير داكنة وتتيبس… ويعانون من سعال شديد … والحكة المستمرة … وهي (السموم) تؤثر على عيونهم. إنها تسبب التهابات العيون. ولكن دواء التهاب العين لا يجدي … تصير العيون حمراء للغاية. ودائماً ما يتدفق سائل من العيون… بعضهم لديه التهابات في الأذن … في بعض الأحيان لديهم حمى لكنهم لا يعانون من الملاريا … ويقول الضحايا إن الدخان جعلهم فوراً يتقيأون ويشعرون بالغثيان". قابلت منظمة العفو الدولية جاموس مرة أخرى في يوليو لمتابعة المقابلة الأولى واستعراض الناس الذين اعتنى بهم مؤخراً: "[بول الشخص الذي أرعاه الآن] تغير لونه إلى الأحمر … انه ليس دماً ولكن اللون أحمر … خلال الشهر الماضي عالجت 15 شخصا تغير بولهم بتلك الطريقة… أيضا، أحيانا يتحول إلى مزيج من الأصفر / والبرتقالي … الناس يسعلون لدرجة عدم القدرة على التنفس … أنفاسهم حارة وغير طبيعية.. أنفاس بعض المرضى تصبح كريهة جداً. هم لا يذكرون ذلك ولكني لاحظت الرائحة السيئة.. لا يمكنني وصفها، لا أستطيع أن أجد شيئا مثلها في عالم الطبيعة، لا شيء رائحته سيئة لتلك الدرجة". قابلت منظمة العفو الدولية جاموس مرة أخرى في منتصف شهر أغسطس، وقال إنه حدث هجوم واحد فحسب [بالقرب من مكان عيشه] … وقال إنه كان يعالج العديد من الناجين من الهجوم ظهرت لديهم بثور بعد يومين من الهجوم. وتحولت البثور الآن إلى جروح. أعطى جاموس منظمة العفو الدولية قائمة ب27 شخصا لقوا حتفهم تحت رعايته بعد تعرضهم للأسلحة الكيميائية المشتبهة. كما أمدها بما يعتقده السبب المباشر لوفاتهم، وكان في الغالب الإسهال، والسعال، وقيء الدم، أو مزيج من الثلاثة. تضمنت حالات الوفاة رضيعاً بعمر خمسة أيام ولد بطفح جلدي يغطي كل جسده، ورضيع بعمر ثلاثة أيام كان يتقيأ دماً ثم توفي. وقال حسن لمنظمة العفو الدولية إنه عالج العديد من الناس من الأمراض التي يعتقد أنها ناجمة عن التعرض للأسلحة الكيميائية. ووصف حسن الأعراض الأكثر شيوعا، بما في ذلك العديد منها التي قال إنه لم يسبق أن رأى مثلها من قبل. "الشيء الرئيسي الذي يشكو منه الضحايا هو القصف بالسموم. ينبعث سم من بعض القنابل وليس كل القنابل. وهو يسبب التهابات رئوية.. ويسبب سعالاً شديداً. الضحايا يسعلون دائماً. كذلك يسبب التهابات في العيون. وتقيؤ وإسهالا.. وحينما تلمس الشظايا الجسد فإنها تسبب بثوراً … ولكن الدخان هو الذي يسبب المشاكل غالباً. إن الدخان يغير لون البشرة إلى الأبيض. وأحيانا يتعفن الجلد وأكون مجبراً على قطع الجزء المتعفن.. يسبب الدخان أيضا بثوراً على الجسم … وتنتفخ عيون الأطفال … ويخرج ماء أبيض من عيونهم … أحيانا يكون [الماء الأبيض] مثل الدموع ولكن في بعض الأحيان يختلف عن الدموع، يكون أكثر بياضاً … النساء الحوامل يجهضن [بعد التعرض للدخان]. لقد عالجت [كثيرات] … النساء [اللائي أجهضن] ينزفن كثيراً … المرضى كبار السن لديهم ألم في المفاصل، وبطريقة لم تكن معتادة من قبل". حادثت منظمة العفو الدولية حسن مرة أخرى وأعطى وصفاً إضافياً للأعراض: "هناك تغيرات في بول الضحايا. إنه يصبح أصفر / برتقالي ثم أحمر … في بعض الناس وجدته أحمر أصلاً حينما قابلتهم … يتغير لون البول على مدى أيام عديدة … ورائحة البول أحيانا عفنة، أحيانا مثل الصفراوية.. أحيانا عند إعطائهم دواء يعود [إلى لونه الأصلي] … رائحة أنفاسهم سيئة للغاية. تشبه رائحة اللحم المتعفن … [النفس] رائحته مختلفة من البول … عيون بعض الناس يتغير لونها إلى الأصفر، البعض يتغير إلى الأحمر/ البني … الجزء الأبيض من العيون يتغير إلى اللون الأحمر / البني … العيون ليست عادية … في بعض الأحيان تتحسن العيون، وأحيانا لا … ويرتفع ضغط الدم في كثير من الأحيان … تقريبا الجميع يعانون من الصداع الشديد، والذي لا يزيله الباراسيتامول … لقد رأيت تسعة أشخاص لديهم نوبات … كانوا يتشنجون كما لو أنه صرع. وتوفي اربعة منهم ". وقال حسن لمنظمة العفو الدولية أنه لاحظ شخصيا الأسلحة الكيميائية المزعومة عدة مرات. "[الدخان] له رائحة سيئة للغاية … [الدخان] يكون داكن السواد مباشرة بعد انفجاره ثم يتحول إلى اللون الأبيض. إنه يصير رماديا ومن ثم يصبح أبيض … وهذا يستغرق حوالي 20 دقيقة … رأيت ذلك في مناطق كتروم، كويلا، كودي وبوري … وبعض القنابل غيرت لون المياه". قدم جعفر الرعاية للعديد من الأطفال الذين تعرضوا للأسلحة الكيميائية المزعومة. توفي سبعة من الأطفال تحت رعايته في منتصف يونيو جراء أمراض يعتقد أنها بسبب التعرض للأسلحة الكيميائية. قال إن لون بشرتهم تغير وتيبست ومن ثم تجرحت. كما قال إنهم عانوا من إسهال حاد النوع ولا يستجيب للعلاج المعروف. وقال كذلك إنه عالج العديد من الأطفال الذين رفضوا تناول الطعام بعد تعرضهم للدخان. إفادات الضحايا من المدنيين في غرب جبل مرة : وَهَب رجل في خمسمينياته، أخبر منظمة العفو الدولية، أنه كان في قرية ترما في غرب جبل مرة في يونيو حينما أصيب خلال هجوم بالأسلحة الكيميائية. حيث سقطت قنبلة على بعد بضعة أمتار من المكان الذي كان يسير فيه. "أصبت في ساقي. أجزاء من القنبلة كأنها سكين كادت أن تقطع ساقي.. وعانيت كذلك من استنشاق الهواء المسموم الذي لا زلت أشم رائحته حتى الآن. مباشرة [بعد التفجير] تقيأت كثيرا … صارت بشرتي متيبسة وداكنة، كأنها أحرقت.. مثل هذا غطى بعض أجزاء الجسم، خاصة الجزء المصاب". طالب وهب بوقف المقابلة قبل انتهائها وقال: "إني أتألم لدرجة لا تمكنني من مواصلة الحديث"، وأمد وهب باسمي رجل وامرأة قتلا خلال نفس الهجوم. كانت كلثومة وهي في ثلاثينياتها في موطنها بقرية بورو إلى الجنوب من جلدو حينما هوجمت في يناير أو فبراير. قالت كلثومة بأنها رأت العديد من القنابل ينبعث منها دخان داكن تحول للأزرق. ومرض أطفالها بعد تعرضهم للدخان. "جاء مهاجمون على ظهور الخيل والجمال، وعلى الدراجات النارية … وكنت في القرية عندما جاؤوا وفتحوا عليها النار. ثم ركضت نحو الوادي ومررت بالمهاجمين فضربوني بالسوط … وأعادوني للقرية. ومن ثم ركضت للجبل. سقطت العديد من القنابل حول القرية وفي الجبل حيث كنا مختبئين. معظم أطفالي مرضى من دخان القنابل. لقد مرضوا في نفس يوم الهجوم. تقيأوا وكان لديهم إسهال، كانوا يسعلون كثيراً، صارت بشرتهم داكنة كأنها أحرقت.. [وبعد ستة أشهر] صاروا أفضل قليلا. لقد تناولوا بعض الأدوية." كانت هيجة وهي في عشرينياتها في قرية كورو عندما تعرضت للهجوم في يناير. وذكرت لمنظمة العفو الدولية كيف هربت من كورو ووصلت لقرية إلي فوتا حيث أصيبت بشظية ومرضت هي وطفلها من دخان القنبلة. "جاء المهاجمون براً … وجدوني في المجمّع. أطلقوا نار [بنادقهم] على القرية … كان هناك قصف … تركت بيتي حافية دون أخذ أي شيء معي… ركضنا حينما كانوا يطلقون النار ويقصفون. أصبت بجرحين من الشظايا … أطفالي [الخمسة] صغار … بعضهم لم يكن قادراً على المشي … عانيت في حملهم … هربنا من كورو إلى تيني [سوام].. طاردنا المهاجمون [من تيني سوام] إلى بارينقو … ومن ثم لإلي فوتا [جنوب شرق جلدو] .. أصبت في إلي فوتا بشظايا قنبلة وألقي الرضيع الذي كنت أحمله في ظهري بعيداً بقوة القنبلة.. [أخيراً] وصلنا [لهذه المدينة خارج جبل مرة]". أخبرت هيجة منظمة العفو الدولية أن دخان القنبلة التي سقطت بالقرب منها في إلي فوتا كان "أسود ومن ثم تحول للأزرق". وقالت إنها رأت الدخان مرات عديدة في قرى أخرى أثناء هروبها. وقالت هيجة إنها وابنتها لا تزالان تعانيان من آثار التعرض للدخان، بعد مرور أكثر من ستة أشهر. "عندما سقطت [القنبلة] كانت هناك بعض ألسنة اللهب ومن ثم دخان داكن … كان انفجاراً كبيراً … دخان كثيف. لا يمكنك رؤية شيء.. ويسبب قيئاً ودوخان فوراً. جلدي ليس طبيعياً. اخشوشن، ليس ناعماً كما كان.. بعد بضعة شهور فقدت وعيي.. صحوت في المستشفى وبعد [نحو أسبوع] أخرجتُ منها … لا زلت أعاني من نوبات صداع، حتى بعد تناولي للدواء. أشعر بألم في صدري … الرضيع لا يتعافى … إنه متورم … لديه تقرحات وجروح …بقية الأطفال كلهم بدأوا يتقيأون كذلك… وبعد بضعة أيام تحسنت حالة الأطفال الباقين. ولكن هذا الولد لم يتحسن. ويسبب (الدخان) التهابات في العيون كذلك. إنهم يقولون إنه سوف يتحسن إذا تناول حليب [الثدي] … لكنه لا يجدي." سلمة في ثلاثينياته وقد أخبر منظمة العفو الدولية أنه كان مختبئا في الغابة المحيطة بكتروم عندما سقطت قنبلة بالقرب منه. وقال إنه أصبح مريضا بعد ملامسته للغاز الذي انبعث من القنبلة. "القنابل المطلقة [من الطائرات] أفرزت بعض الغازات سيئة الرائحة تسببت في اسهالات للأطفال فكانوا يموتون.. القنابل سقطت أمامنا.. وفي لحظتها انبعثت تلك الرائحة الكريهة. حتى أنا تقيأت في حينها. رائحتها أسوأ من البيض الفاسد.. في لحظة انفجار القنبلة صار الدخان أزرق داكناً ثم تحول للبنفسجي ومن ثم تلاشى، ثم ابتدأنا نشم رائحته.. حدث هذا مراراً.. كنت على بعد نحو ربع كيلومتر.. ظهرت الرائحة بعد 15 دقيقة من القصف.. كان الجميع يتقيأون ويسعلون.. بدأ الناس يركضون بعيدا ولكن الحيوانات لم تركض … بعض الحمير ماتت من رائحة [الغاز] … غيرت الغازات لون جسدي للأبيض.. صار جلدي أبيض اللون.. إنه لم يتعاف تماما ولكنه [بعد أربعة أشهر] بدأ يعود لحالته … أصغر أطفالي كانت تسير قبل الهجوم. الآن تحبو فقط." خديجة، في سن المراهقة، كانت أيضاً في الغابة بالقرب من كورو عندما قصفت المنطقة. هي وطفلتها على حد سواء صارا مريضتين بعد تعرضهما للقنبلة. "طفلتي مريضة. مرضت من سم القصف … منذ القصف أشعر بألم في كليتي وفقدت شهيتي وأشعر دائماً بالإرهاق … رضيعتي – ذات العشرين شهراً – لديها طفح تحول إلى جروح … وتعاني الطفلة من سوء التغذية. ترفض تناول الطعام." زينب، في الثلاثينات من عمرها، وكانت في منزلها في قرية كرمي الصغيرة بالقرب من كادينقا حينما قُصفت، حيث جرحت وتعتقد أنها مرضت بسبب الدخان. "أصبت بالقنبلة في قريتي … حينما قصفت القرية أخذني والداي لوادي اسمه الو.. لقد جرحت [بالقنبلة]. الجرح في جنبتي. إنه لا يستجيب للعلاج. لم يلتئم. ولا يزال ينز منه سائل كالماء.. تغير بولي، صار أصفر، ثم بني/ أحمر، وهو الآن رمادي. عيناي تغيرتا ولا أستطيع الرؤية جيداً. عيناي صارتا بنيتان. وبدأت أفقد شعري. نفسي كريه الرائحة. جلدي صار رمادياً". زينب قالت كذلك إنها بينما كانت مختبئة بالقرب من وادي سقطت قنبلة في الوادي وصار لون المياه أحمر. إفادات أفراد جيش تحرير السودان / فصيل عبد الواحد: جبريل، من كبار قادة جيش تحرير السودان / فصيل عبد الواحد، قال لمنظمة العفو الدولية إنه "أثناء قتالنا تم قصفنا بصواريخ سامة.. فقد المقاتلون في تلك المنطقة وعيهم. أحضر زملاؤهم الملح واليمون لإيقاظهم". عبد الرحمن فرد في جيش تحرير السودان / فصيل عبد الواحد، في العشرينات من عمره، كان يعمل في مزرعته خارج قرية تندي بالقرب من كويلا في 8 أغسطس، عندما سقطت قذيفة في القرية فركض للقرية لمعرفة ما حدث. "الأطفال الذين كانوا بالجوار تضرروا من الدخان … كان الدخان أسود ثم صار بنفسجياً ثم أصفر … وأنا تأثرتُ (بالدخان) وابتدأت في السعال لدرجة بصقت دما أسود في نفس اليوم. وأشعر بألم حاد في عمودي الفقري مع كل سعال. الوضع يتحسن قليلا عندما يكون الجو بارداً. كانت هناك امرأة من المنطقة حدثت لطفلها جروح في كل جسمه بدون سبب".